الثلاثاء، يناير 11، 2011

(( من وعيّ القرآن .... اقرأ )) - 9 - حميد الشاكر

المنظورالمعرفي اللميّ .... :- اقرأ .




***********************



عند أهل الفلسفة للمعرفة طريقان او منظوران :

الاول : يُسمى بالطريق الأنّي ، وهو طريق يعتمد الاستقراء من الجزئيات الى الكلّيات في الوصول الى النتائج .

الثاني : يُسمى الطريق اللمّي ، وهو طريق يعتمد المسير من كليات المقدمات الى جزئيات النتائج !!.

وبعبارة قرآنية ثانية : الطريق الانّي او طريق الاستقراء كما عند المناطقة هو تلك العملية القرآنية المتكررة دائما التي تجعل من المخلوق مقدمة ودليلا واستدلالا لوجود الخالق الحق وحكمته وقدرته ومن الاثر طريق استدلال على وجود المؤثر كقوله سبحانه : (سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق) باعتبار الايات المخلوقات الواقعيات طرق استدلال او مقدمات جزئية الى اثبات وجود الله الكامل المطلق الغيرمرئي وحكمته ومطلق قدرته وكذا :(فلينظر الانسان مما خلق خلق من ماء دافق ..) .

أما الطريق اللمّي ، او طريق القياس والاستنباط عند المناطقة ، فهو ايضا تلك العملية القرآنية لاستحصال المعرفة ولكن من طريقها الكلّي الى طريقها الجزئي والمقيد كقوله سبحانه ((اولم يكف بربك أنه على كل شيئ شهيد )) باعتبار ان الله سبحانه هو الدليل وهو المقدمة الكلية والشهيد على من دونه من نتائج جزئية وليس العكس !!.

او كقوله سبحانه :(( ألم ترى الى ربك كيف مدّ الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا )) فهنا على حسب طريقة القران في الاثر والمؤثر يجعل الشمس ووجودها دليلا على وجود الظلّ وليس الظلّ وشعورنا به هو الدليل على وجود الشمس !!.

فهي عملية لاتختلف عن استدلالنا بان هناك وجود نار عندما نرى دخانا ، وليس رؤيتنا لدخان دليلا على وجود النار !!.

وهكذا الطريق اللمي في المعرفة الاسلامية تفترض طريقا اخر لتحصيل المعرفة وهو طريق معرفة الله سبحانه اولا ومن خلال معرفة الله نتعرف على خلقه ، ولهذا ورد في الدعاء :(( بك عرفتك وانت دللتني عليك )) !.

في الحقيقة تفلسف كثيرا بعض العلماء في معرفة طريق المعرفة اللمّية الاسلامية التي تبدأ من الكلي المطلق او الله سبحانه وتعالى وحتى النزول الى معرفة الجزئيات وخلق الله سبحانه في الله جلّت قدرته ، وشرّق البعض في فهم هذا الطريق وغرّب الاخر بحيث جعله فقط طريق الانبياء والرسل والمعصومين عليهم السلام جميعا ، وفي النادر ما ادخل بعض العلماء الخواص من العلماء ليتمكنوا من سلوك طريق المعرفة اللمّية ، التي هي تبدأ من الكلّي المطلق سبحانه وتعالى الى الجزئي المقيّد من مخلوقاته لنعرف مخلوقات الله سبحانه بالله جلّت قدرته ، ولانعرف الله من خلال مخلوقاته ، واياته الكبرى والصغرى ولذالك حسب مايعتقدون انه طريق خواص الخواص وخلّص الخلّص الذين يعرفون بالله كنه مخلوقاته !!.

والواقع اذا ما اعدنا صياغة المعادلة بين ان يسلك الفرد المسلم الطريق الأنّي لمعرفة الله سبحانه من خلال خلقه او ان يسلك الطريق اللمّي لمعرفة مخلوقات الله من خلال الله سبحانه وتعالى بشكله المنطقي والعقلي الاسلامي ، فاننا سنجد انفسنا لسنا بحاجة الى تفلسف وتفرّع عميق في القضية بل ولسنا بحاجة الى متاهة تقسيم طرق المعرفة الاسلامية بالتحديدلتمزيق العقل الاسلامي بعدة طرق من التفكير تشتت وحدة مسير المعرفة لديه مفادها :

الاول : في كون الفرد المسلم بحاجة الى سلوك طريق إنّي جزئي محدود ياخذه بجولة على الماديات من مخلوقات الله سبحانه وتعالى ومن ثم ليصعد به درجة درجة من مقدمات جزئية الى نتائج عمومية وكاملة ليوصله الى الله سبحانه !.

الثاني : في كون الفرد المسلم بحاجة الى البداية من مطلق يراه بعيدا جدا وهوالله سبحانه وتعالى ثم السقوط به الى جزئيات وماديات خلقية وافاق كونية وانفسية يرتبك كثيرا في ماهية وكيفية الربط بينها وبين المقدمات الكلية !!.

وعدم الحاجة هذه من وجهة نظرنا تقف خلفها عدة اسباب ورؤى نجد ان علماء المعرفة الاسلامية سقطت من ادراكاتهم حلقة مهمة وغاية في الخطورة لمعرفة طريق الانسان المسلم في اكتساب معرفته ، ومن خلال اي منظور ؟!.

نعم لو تأملنا ودققنا بماطرحه علماء الاسلام الاكابرفي موضوعة طرق المعرفة الانّية واللمّية في هذا المضمارلادركنا ان هناك على الحقيقة ومن خلال الطرح القرآني نفسه طريقا واحدا يختص بسبيل المعرفة الاسلامية للانسان المسلم ، الا وهو الطريق اللمّي لهذه المعرفة ، وهو الطريق النازل من الله سبحانه الكلّي الى المخلوق الجزئي والمحدود اما الطريق الانّي فهو طريق معرفي بالتأكيد لكن وحسب ترتيب او المنظور القرآني هو طريق غير المؤمنين بالله وليس هو طريق اهل الله والمؤمنين به ابتداءا !!.

بمعنى آخر إن علمائنا الاكابر عندما ارادوا تتبع سير الفكر الانساني في القرآن الكريم ، وما يطرحه القرآن من طرق وجدوا امامهم طريقين :

الاول : وهوالطريق المسلط عليه الضوء بكثافة في الخطاب القرآني وهو طريق الصعود من الايات الافاقية والانفسية ودعوة القران للنظر الى الجزئيات والمخلوقات للتدليل على عظمة الله سبحانه وقدرته وحكمته وضرورة عودة الانسان الى الله !.

الثاني : وهو الطريق الكلّي الذي يشير له القرآن بنعومة وفي ايات معدودة على اساس انه طريق المؤمنين فحسب !!.

فاعتقدعلمائنا الابرارإن كلا الطريقين لهما نفس الوزن والقيمة في المعرفة الاسلامية مادام ورودهما مكثفافي الخطاب القراني العظيم بينما الحق كان على اصحاب فن الطرق المعرفية التمييزومن ثم التنبيه على ان الطريق اللمّي هو طريق المؤمنين في الخطاب القرآني بينما يكون الطريق الانّي هو طريق غير المؤمنين بهذا المضمار ما يعني ان طريق وسبيل المعرفة الاسلامية الحقة هي طريق واحدة لاغير بينما تكون طريق معرفة غير المؤمنين حتما مادية وصاعدة من الجزئي الى الكلّي الله سبحانه وتعالى لكونها غير متصلة بالله ابتداءا !.

أما كيف تكون معرفة الفرد المسلم مختصة بالطريق اللمّي فحسب ، وما الطريق الاخر الا طريق اهل المادة والابتعاد عن الله سبحانه وتعالى حتى ان كان واردا على لسان الانبياء عليهم السلام كما في ابراهيم (( قال هذا ربي هذا اعظم )) وارتقاءه من الجزئي الى الكلّي على سبيل التعليم لاهل الضلال ؟.

فربما هذا هو السؤال الذي صَعُب على الفلاسفة المسلمين الاجابة عليه باسلوب سهل وبسيط وغير معقد !!.

في العادة وكما اشرنا آنفا ان اهل الفن في اساليب التفكير عندما لاحظوا دقة مسار الطريق اللمّي المعرفي ، وانه طريق يحتم على الفرد النزول من الكلّي الى الجزئي في المعرفة استصعبوه على ان يكون طريق العامة من الناس لدقة هذا المسلك فذهبوا الى القول انه طريق الخلّص من عباد الله سبحانه المفكرين فحسب باعتبار تعقيده في الفكر ووعورة مسلكه في التفكير ولهذا قالوا بخصوصية هذا الطريق وانه طريق المخلصين والمصطفين فقط ، ليتركوا من ثم الطريق الاخر وهو الطريق الانّي لباقي الناس من الذين يحاولون الوصول الى الله بالطرق الجزئية والمادية المنسوبة لاهل الضلال في القرآن الكريم !!.

والحقيقة ان منشأ هذا الاتجاه المعقد عندالفلاسفة الاسلاميين منطلق من كونهم نظروا الى الموضوعة برمتهاحسب صناعتهم الفلسفية بالتحديد فقاسوا صعوبة وسهولة اساليب وطرق التفكيرفوجدوا ان طريق المعرفة اللمّية هو الاصعب حسب هذا الفن الفلسفي فقرروا انه يصلح ان يكون طريق المفكرين والفلاسفة والخواص فحسب ،بينما دفعوا العقل الاسلامي العام كله ليرتع في محاضر طرق تفكير واساليب معرفة الغير مؤمنين اصلا بقدرة الله وعظمته ليختصوا من جانبهم بالطريق الاسهل والمادي حسب القياس الفلسفي !!.

لكنّ الواقع الذي غفل عنه اهل الفلسفة ان الاسلام والقرآن والشريعة ورسالة السماء الاسلامية كلها عندما اتت جاءت لترفع الانسان المسلم والمؤمن بصورة عامة من اساليب التفكير المادية ، والارتقاء به الى اساليب المعرفة الالهية التي تعتمد على رؤية ومنظورالسماء لجميع الاشياء ولم تأتي هذه الرسالة لتبقي اولتعمق اساليب التفكيرالمادية عند المسلمين لها والمؤمنين بها كما يدعي ويرى اهل الفلسفة !!.

بمعنى اخر: انه وإن كان الخطاب القرآني محاججافي كثيرمن موارده النصّية القرانية والاسلامية مع غيرالمؤمنين والمسلمين باسلوب اهل المادة والالحاد والشك والضلال في السيرمعهم من الجزئي في المعرفة الى الكلّي كطريق للمعرفة لكن هذا لايلغي فكرة ان للمؤمنين اساليب وطرق تفكير مختلفة تماما وانها طرق تفكير ينبغي ان تكون هي الوحيدة المختصة بعامة المؤمنين والمسلمين لها الا وهي طرق النزول بالمعرفة من كلياتها الى جزئياتها لتتحدد الرؤية ويتضح المنظور !!.

وبهذا رسم الاسلام طرق معرفته للمؤمنين به من خلال منظور سهل وبسيط ومتداول بينهم وجزء من وجودهم الاسلامي الا وهو المنظور القرآني لاغير !!.

ان الفلاسفة والمفكرين ذهبوا بعيدا عندما رأوا في طريق المعرفة اللمّية انها الطريق التي يحتاج فيها الفرد المسلم الى قفزة نوعية في ادراكه ليتمكن من الوصول اولا الى الله سبحانه ،ثم بعد ذالك النزول بالمعرفة الالهية للتعرف على الاشياء الجزئية في هذا العالم والكون من حولناكمسلمين جميعابينما كان على اؤلئك الفلاسفة والمفكرين ان يدركوا ان رسالةالسماء اختصرت على جميع افراد الاسلام الطريق الصاعد الى الله سبحانه لتضع المنظور الالهي بين ايديهم بكتاب مقروء ووحي منزّل وكتاب وضع امام موائد عقولهم يمثل المنظور الالهي العظيم لجميع الاشياء العالمية من حولنا !!.

وصحيح ان سبب تخلف المسلمين وضياعهم عن الاتصال ببارئهم ، وعدم التعرف عليه ومن ثم التعرف على رؤيته سبحانه للعالم والكون والانسان ، هو اتخاذهم لهذا القرآن عضين وهجرهم لميثاق ربهم الذي بين ايديهم ، لكن هذا لايدفعنا الى تعقيد مسائل ومصادر المعرفة عند المسلمين وتقسيمهما الى كلّي وجزئي ، وانما يحتم علينا اعادة المسلمين الى قرآنهم ودعوتهم الى الالتفات لكتاب بارئهم سبحانه الذي فيه حياتهم الفكرية واصول واساليب معرفتهم النظرية والعلمية !.

ولعلّ هذه الحلقة (القرآنية المقروءة)هي ما افتقدها العقل الفلسفي الاسلامي في تقسيم المعرفة الى طريقين واعتبار ان اصعب الطريقين هو الطريق الصاعد الى الكلّي الله سبحانه وتعالى والنازل منه على جميع الجزئيات ، فلو كان اهل الفلسفة واضعي في حسابهم دائرة (القرآن) ككتاب انزله الله سبحانه ليختصر المسافة بينه وبين الانسان المسلم ومن ثم ليقرر له الله سبحانه ان هذا الكتاب هو المنظور الالهي للاشياء من حوله ، لما كان هناك تعقيد في رؤية الفلاسفة لموضوعة المعرفة او تقسيمها الى قسمين ، فعلى المنظور القرآني يكفي للفرد المسلم ان يجلس بين يدي الكتاب العزيز القرآن الكريم ليقرأ حروفه وكلماته وهو على يقين انه يتكلم مع الله سبحانه باعتبار القرآن كلمات الله ووحيه وما انزله من علمه ورؤيته اللاهوتية للاشياء في هذا الكون ، وبهذا يكون الفرد المسلم ومن خلال قراءته للقرآن ، هو في نفس الوقت سالكا لطريق المعرفة الكلّية التي تهبط من الكلّي الله سبحانه وتعالى الى جزئيات العالم وادواته لتضع لها من خلال منظورها الكلّي جميع صورها وحقائقها في هذا الوجود !!.

إن القرآن كتاب الله الكريم هو النافذة الالهية العظيمة التي انزلها الله لعباده المسلمين ودعاهم لقراءته بقوله (اقرأ) ليروا من خلالها عالما مختلفا في منظوره عن جميع العوالم ، التي تنظّر لها منافذ الانسان المحدودة والمقيدة والمادية ، وما قولنا في المعرفة اللمّية انها المعرفة التي تسلك طريق الكلّي المطلق ولتنزل به لمعرفة المادي والمحدود والجزئي الا كقولنا إن القرآن هو الرؤية الالهية الكلية التي من خلالها يطلّ الانسان على العالم من خلال الرؤية الالهية الكليّة والمطلقة !!.

ونعم الفرد المسلم في سيره الفكري من خلال القرآن هو يعرف الله بالله سبحانه ، وهو يعرف الرسول بالله جلّت قدرته ، وكذا هو يعرف الامام والوصي لرسول الله من خلال الله وهو يعرف العالم والحياة والانسان والكون....ايضا من خلال الله سبحانه الذي انزل كتابا مقروئا موحى به الى الرسول الاعظم محمد ص ليكون للناس نورا وهاديا ومرشدا ومبشرا ونذيرا !!.

أما من يريد ان يعرف الله باياته وافاقه ومادياته ومخلوقاته ...فكل هذا طريق اخر ومنظور مختلف ورؤية غاية في البعد عن الحقائق والواقعيات ، بل انها تصلح وحسب المادية للانسان ان تكون خطابا الزاميا لنمط تفكيره المنحرف الذي يريد ان يصل لله سبحانه من خلال ماديات عاجزة ومفتقرة تماما لعكس حقيقة الحقائق المطلقة ، اما المسلم فمنظوره في الله ومن الله والى الله على طول الطريق وبوحدة متماسكة في الرؤيا والاهداف والغايات والوسائل !!.

نعم للعلم منظوره ، وللفلسفة منظورها ، وللاقتصاد منظوره ، وكذا للفن منظوره ....الخ ، لكنّ منظور القرآن شيئ مختلف تماما ، انه منظور يختلف في معطياته عن معطيات الاخرين الفكرية ، ويختلف في وجهة السير له عن اقرانه ، ويختلف انه نافذة تطلّ بالانسان من الاعلى الى الادني ، بعكس باقي النوافذ المادية التي ترى من ثقب جزئي لعالم كليّ وشامل !!.

فمثلا عندما نظر العلم ( دارون) للانسان ، وحاول معرفة كنه وجوده واصول انباته وجذورمسيرته ، فلم يستطع الا ان ينظر للانسان على اساس انه مادة عضوية متطورة نشأت من خلية مكروبية لتصعد في سلم التطورالى وصولها الى قرد هجين !!.

وعندما نظر الاقتصاد ( ماركس ) للانسان فلم يستطع الا تصنيفه كله بما فيه فكره ومشاعره وغايته واهدافه وحركته وروحه واخلاقه الا على اساس انه قطعة متحركة ، ومعلقة في وسائل الانتاج الاقتصادية ، وكلما تطورت وتغيرت وتحركت وسائل الانتاج الاقتصادية تحرك وتطور هذا الانسان المسكين كيفما ارتأت !!.

اما عندما نظرّت الفلسفة (بنتام) للانسان ، فلم تستطع بالارتفاع به من حيز كونه مخلوقا نفعيا براجماتيزميا لتصنع منه في نهاية المطاف رأسماليا يرى كل غايته من هذا الوجود كيفية ان يكون اكثر سيطرة على موارد هذا العالم لاغير !!.

في الفن تحوّل الانسان الى رديف شيطاني متمرد لاغير يرى في قيادة ابليس انها الابداع والحرية والشجاعة والجمال ويرى في الانسان انه مشروع مكياج ملوّن هدفه الاعظم في هذه الحياة ان يتحول الى انسان ضائع وتائه ولايحلم الا بالخيال !!.

وهذا كله مختلف المنظورعن الله سبحانه من خلال كتابه ووحيه الذي نظر للانسان على اساس انه خليفته في صناعة الحياة في الارض وانه النسخة المكرّمة التي وهبت الحرية والحياة والغاية والهدف والعبادة والارتباط بالله سبحانه وتعالى والتفكير بكيفية العودة اليه من خلال تحكيم قانونه ونظرته في حياته وحياة اخوته من الادميين !!.

إن اقرأ القرآنية اختلافها عن باقي القرآءات العلمية والفلسفية والفنية والاقتصادية .... انها قراءة تبتدأ ( بأسم الله ) وتنتهي بالله سبحانه وتعالى !!.

تأمل بقول القرآن لك : ( اقرأ باسم ربك ) واسأل : مامعنى ان تكون قراءة الفرد المسلم القرآنية مستعينة ومتلبسة باسم رب الانسان وخالقه ومبدعه في هذا الكون الفسيح ؟.

ولماذا لم يقرأ الفرد المسلم الكون والحياة والانسان والعالم والطبيعة من حوله باسم العلم فقط او باسم الفلسفة او باسم الفن فحسب او باسم الاقتصاد لاغير ؟.

لماذا كان على الفرد المسلم ان يقرأ كل شيئ باسم الله ، ويبدأ كل شيئ باسم الله ، وينهي كل شيئ باسم الله ؟.

بمعنى اخر : لماذا يتحتم علينا نحن المؤمنين بالاسلام ان نقرأ كل شيئ باسم ربنا لاغير ؟.

نقرأ الكون والسماء ، والشمس والقمر والنجوم وظواهر العالم من خلال القرآن ، باسم ربنا سبحانه ومن منظوره النازل من الاعلى في القران الى الاسفل في افكارنا وتصوراتنا ، مع انها كلها ربما ظواهر طبيعية وادوات مادية تحيط بالانسان من كل جانب وبالامكان قرائتها علميا فقط ، ولكن اين منظور الله لخلقه من منظور خلقه لخلقه !!.

نقرأ الانسان وتاريخه وحياته وغاياته واهدافه في هذه الحياة باسم ربنا ( اقرأ باسم ربك ) وحسب ما طرحه لنا سبحانه من تصورات قرآنية حول الانسان وماضيه وحاضره ومستقبله ، مع اننا يمكن لنا الرجوع لشرح الانسان فلسفيا لكن اين منظور خالق الانسان للانسان ، من منظور مخلوق الانسان الفلسفي لنفسه !!.

نقرأ حياتنا الاجتماعية والاسرية ، وكيفية تقنينها وادارتها والوصول بها الى تكاملها ، من خلال اسم ربنا وكما طرحه علينا وانزله في كتابه من احكام وشرائع وقوانين !!.

نقرأ انفسنا التي بين جنباتنا وارواحنا ومشاعرنا ودواخلنا ايضا باسم الله لاغير ، مع اننا يمكن لنا قراءة الانسان وفهمه من خلال مدارس علم النفس الحديث ومعامل بافلوف المادية للتعرف على الانسان ،لكن اين معرفة الانسان من خلال الله سبحانه من معرفة الانسان من خلال معامل ومختبرات الكلاب والفئران البافلوفية !!.

هكذا يتمكن الفرد المسلم من قراءة كل شيئ من حوله بالله سبحانه وتعالى ليتعرف على حقائق العالم وواقعياتها وليس على ظواهرها واشباحها فحسب بمعرفة تبدأ من كليات العلم الالهي العظيم لتنتهي عن اصغر ورقة تسقط من شجرة تكون بعلم الله ذكرت وقرأت باسم الله في القران الكريم قبل ان تسقط !.

يتلخص مما مضى : ان لمعرفة ومنظور الانسان المسلم ( بمفهومه العقدي ولانتحدث هنا عن اهل الاختصاص في الحياة وما ينبغي عليهم من مناهج علمية مادية او تجريبية فحسب) ومصدر فكره وادراكه نافذة واحدة موحدة لاغير ،هي النافذة القرآنية الالهية التي يطلّ من خلالها الفرد المسلم على واقعه في هذه الحياة الدنيا ليدرك موقعه في هذا الوجود ، وما ينبغي عليه ان يقوم به وكيفية النظر للاشياء من حوله ، وتقييمها التقيييم المناسب لها الاهيا الذي نزل اليه ليهبه رؤية متكاملة لاتتعارض مع جميع رؤى الانسان الفكرية والفلسفية والعلمية والفنية والاقتصادية ، ولكنها لايمكن لها ان تختصر في منظور او رؤية جزئية لتصعد بمحدوديتها من المقيدات الى المطلقات وانما كُتب على هذه الرؤية ان تؤخذ بكلياتهاالالهية المطلقة لتكون دائما مقدمة اكبر واعظم واشمل من نتائجها دوما والى الابد !!.

___________________________

alshakerr@yahoo.com

http://www.blogger.com/profile/06210792549531027877