الاثنين، أغسطس 31، 2009

(( أسباب عدم تقدم دولة العراق الجديد ليس المحاصصة !!.)) حميد الشاكر


(( أسباب عدم تقدم دولة العراق الجديد ليس المحاصصة !!.)) حميد الشاكر
______________
بعد أكثر من ستة سنوات من قيام دولة العراق الجديد لم يزل الوهن مرافقا لهذه الدولة التي كان من المفروض ان تأخذ دورتها الانشائية الطبيعية لاسيما انها دولة بنيت من الاساس على انقاض دولة دكتاتورية تلاشت تماما من الحياة والوجود بمؤسساتها البوليسية والامنية والخدمية المنهارة اصلا..... وبعد ذالك تشرع هذه الدولة العراقية الجديدة بالتحرك بصورة طبيعية كباقي الدول في كافة مجالاتها الامنية والخدمية والاقتصادية والعمرانية والاجتماعية .... وغير ذالك ، إلاّ ان الغريب في ظاهرة دولة العراق الجديدة إنها اخذت دورتها البنائية الطبيعية ولكنّ مع ذالك لم تزل هذه الدولة الفتيةغير مستقرة الاسس ولاهي منطلقة بالقوّة التي كان من المتوقع ان تكون لها ، مما دفع الكثير من الكتّاب العراقيين وكذا المفكرين والمثقفين والسياسيين ان يتساءلوا بقوّة حول لماذية هذه الانتكاسة الملموسة لدولة عراقية جديدة قائمة على الشرعية والدستورية والانتخاب تكون بهذا الضعف وهذه اللااستقرارية في الحركة والوجود والعمل ؟.
بمعنى مرادف : كان من المفروض ان تكون الدولة العراقية الجديدة ، بعد الخمس السنوات الاولى من بناءها بشكل مختلف وبمعطيات ايجابية مختلفة ايضا على جميع المستويات والصعد الامنية والعمرانية والسياسية والاجتماعية ، إلا ان الواقع بعد هذه السنين الستة الاولى ان هذه الدولة التي تكاد تكون الدولة الشرعية الدستورية الوحيدة في المنطقة العربية لم تزل على حالها من الارتباك والقلق والضعف والعجز عن تقديم ماهو لائق بالعراق الجديد وشعبه الذي قدم ماعنده من تضحيات من اجل استمرار هذه الدولة وهذا العراق الجديد !!.
فياترى اين مكمن الخلل في معادلة دولة العراق الجديد حتى تبقى بهذه الانيمية السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والاعلامية الظاهرة ؟.
كما انه ماهي الاسباب الواقعية التي تعيق قيام هذه الدولة بمهامها الطبيعية السياسية والامنية .......الخ، مع تكامل مؤسساتها الدستورية وكوادرها البشرية ومخصصاتها الاقتصدية العملية ؟.
في معرض الاجابة على مثل هذه الاسألة حول دولتنا العراقية الجديدة طُرح عنوانٌ عريض داخليا ويبدو ان الاقليم العراقي الخارجي العربي بالخصوص ايضا كان من المساهمين بشكل فعّال في هذا الطرح على اساس انه هو الاجابة الدقيقة لضعف الدولة العراقية اليوم وبعد هذه السنين العجاف ، بل وهو المكمن الذي يفسر ويشرح كل مافيه الدولة العراقية من ضعف ووهن ، وهو طرحٌ يتلخص بالمضمون الاتي : ان المحاصصة والطائفية السياسية هي الاسّ الحقيقي لجميع بلاءات العراقيين ودولتهم الجديدة منذ سقوط نظام البعث الطاغي الدكتاتوري الصدامي وحتى اليوم !!.
وعليه عملت الماكنة الاعلامية العراقية الداخلية وكذا ماكنة الاعلام للنظام الرسمي العربي على الترويج لبضاعة : ان الطائفية والمحاصصة السياسية هي العامل الوحيد الذي يشرح ويفسر جميع الوهن البادي للعيان في هيكلية الدولة العراقية الجديدة بل وهو المعيق لعمل ونهضة هذه الدولة واعطاء ثمارها المتوقعة ، وإذا اراد العراقيون ( حسب ترويج الاعلام العربي ) الخروج من مأزق ضعف الدولة وادائها السياسي والامني والخدمي والعمران الضعيف فعليهم الغاء مشروع المحاصصة واستبداله بمشروع عراقي وطني ليس للطائفة والمحاصصة اي فاعلية في انشاءه الجديد !!.
والحقيقة ان في هذا الطرح الاقليمي العربي للعراق الجديد والداخلي نحو الدولة ومشروع الحكم في عراق مابعد الصداميين نوعٌ من الواقعية باعتبار ان اي دولة في العالم لايمكن لها القيام بوظائفها وهي مرتبطة ارتباطا عضويا بتجاذبات محاصصة طائفية وسياسية بين اطراف نادرا مايتفقون على رؤية موحدة للعمل او غاية جامعة للحركة ، ولاسيما في بلد كالعراق الذي عادة ما تتنافر رغبات وتوجهات وايدلوجيات وارتباطات ومصالح وانتماءات ابناءه بشكل غريب وعجيب ، مما يجعل وجهتهم مختلفة ومصالحهم متضاربة وايدلوجياتهم متنافرة ، ومن هنا كان ربط وظيفة الدولة بهكذا تجاذبات يعيقها حتما من القيام بواجباتها فضلا عن اعطاء ثمار عملها او توقع الايجابية في انتاجها على جميع المستويات السياسية والامنية وغير ذالك ولهذا فعلا وصحيح وواقعي مَن قال : ان المحاصصة الطائفية هي السبب الاصيل في ضعف الدولة العراقية الجديدة ، بل وانها هي أسّ البلاء الذي يشلّ الدولة العراقية الجديدة من القيام بمهامها الدستورية والعملية المُلقات على عاتقها !!.
لكنّ وجهة النظر هذه كما ان في نصف وجهها جمال وواقعية ففي النصف الاخر مكر ودسيسة وقبح وضعف من جانب اخر ، وهذه النتيجة منطلقة ان لمعادلة (( المحاصصة )) في العراق الجديد وجهان وحدّان لسيف الدولة الواحد ، وكما ان هذه المحاصصة فيها سلبيات كما يذكره الاعلام المعادي للعراق الجديد بالخصوص فهناك الايجابي ايضا في هذه المعادلة ، لاسيما ان اخذنا فكرة ان هذه المحاصصة في الواقع هي التي تمسك عصى التوازنات السياسية العراقية من الوسط بحيث ان غيرها لايتمكن من ارضاء جميع مكونات الشعب العراقي في معادلته الاخرى الخالية من هذه الموازنة !!.
بمعنى اخر : لو ذهب العراقيون انسياقا سياسيا مع مَن يطالب بالغاء المحاصصة والغاء طائفيتها من الوجود العراقي الجديد ، فهل ستقوم الدولة العراقية الجديدة بالفعل ؟.
وهل سيكون هناك حقيقةً توافق عراقي بديل اسمه التوافق الوطني العراقي لاغير ؟.
أم ان الاشكالية العراقية بدون المحاصصة ستكون اكثر تعقيدا واعوج قيلا وسنجد هناك من يقول وايضا من الاقليم العربي اعلاميا والعراق داخليا : باسم الوطنية هُمشت طوائف العراق واديانه وجميع مافيه غير الاكثرية ؟.
طبعا قبل الاجابة على هذه الاسألة وغيرها يجب التنويه الى ان طارح مشروع الغاء المحاصصة اقليميا عربيا وكذا عراقيا داخليا هو لايهدف الى القول : ان على العراقيين ان ينبذوا المحاصصة الطائفية لاغير وليستمروا بعد بمشروعهم الوطني ويقيموا بناء دولتهم الدستورية بعد ذالك لتكون لهم دولتهم القوية والقادرة والفاعلة والمثمرة في جهودها السياسية والامنية والعمرانية والخدمية الاجتماعية .... وهكذا ، وانما هناك البعد الخلفي للمطالبة والجدارية التي لاترى الا بعين الفنان السياسي التي هي بالاساس تطالب ليس فقط بنبذ المحاصصة السياسية فكريا وروحيا وعقليا من داخل الانسان العراقي ، بل ونبذ وهدم وتدمير هذا الانسان ايضا للمشروع العراقي الجديد برمته ليُطاح فيما بعد بالدستور باعتباره ايضا ومن وجهة نظر المطالبين بالغاء المحاصصة ايضا انه بُني على المحاصصة ، والغاء كل ماترتب ونتج على هذا الدستور والاطاحة بالتشكيلة العسكرية فيما بعد باعتبارها ايضا نتاج محاصصة وهكذا قوات الامن والداخلية .....الخ ، والنتيجة المطالبة بالغاء كل العراق الجديد والاتيان عليه من القواعد وهدمه من الاساس لتتحقق مطالبة الغاء المحاصصة التي قامت بعد سنة (2003 م ) بعد اسقاط طاغية بغداد البعثي صدام حسين العفلقي !!.
بل واكثر من ذالك لايعترف المطالبون اليوم بالغاء المحاصصة العراقية الجديدة بعراق غير محاصص ودستوري الا عندما يعود النظام الصدامي القديم وبكل تشكيلاته العسكرية والامنية والسياسية وعندئذ يكون العراق خرج من عنق المحاصصة الى عنق الوطنية والنظافة والنزاهة حسب مايطالب به الاعلام الاقليمي العربي وبعض الداخل العراقي المتضرر من العراق الديمقراطي الجديد !!.
نعم هذا مايستتبع المطالبة بازالة المحاصصة من العراق الجديد ، او ان هذه هي مضامينها الحقيقية وليس فقط كما يتوهم البعض ان طلاّب نفي المحاصصة الطائفية في العراق يهدفون فقط الى ازالة الاثار السلبية لهذا النظام المحاصصي السياسي في العراق الجديد ، والذي يعترف العراقيون انفسهم ان في نظام المحاصصة السياسية سلبيات جمّة لكن سلبيات رفع هذه المعادلة هي الاسوأ في الحقيقة من منطلقات عدة اهمها :
اولا : ان التشكيلة العراقية الاجتماعية وحسب ماذكرناه آنفا من تنافر في التوجهات والانتماءات والتلونات لايمكن لشعار (( الوطنية )) ان يذيب من ترسباتها الطبيعية ، ولاننسى ان تحت شعار الوطنية ابيد الاكراد العراقيين لالسبب الا لكونهم من قومية مختلفة مع قومية نظام البعث العربي ، وهكذا تحت شعار الوطنية دفن الشعب العراقي بمقابر جماعية وايضا لالسبب وجيه غير انهم من طائفة مختلفة مع طائفة الحكومة البعثية الوطنية ، ومن هنا كانت ولم تزل هذه التشكيلة العراقية المعقدة قوميا وطائفيا ودينيا اقوى بكثير من مصطلح الوطنية الذي اضعفتها كثيرا سياسة العفالقة البعثية الصدامية ابّان حكمهم الذي دام اكثر من ثلاثة عقود مستمرة .
ثانيا : المطالبون برفع معادلة المحاصصة والطائفية يبدو انهم الجانب الاضعف في ما اذا كانت معادلة المحاصصة هي الحاكمة في العراق الجديد ولهذا جاءت مطالباتهم من منطلق ان هذه المحاصصة لاتخدم وجودهم الهامشي او الضعيف او الذي اذا لم يستند على عنوان اخر فانهم سيبقون هكذا الى الابد في حال السماح لتوازنات المحاصصة ان تكون هي الحاكمة ، وعلى هذا يكون مطالبة الاقليات وباقي الفعاليات السياسية التي تنطلق من غير معادلات الطوائف والقوميات بسبب ان مصالحهم السياسية او الايدلوجيا وكذا مصالحهم الطائفية او القومية المهمشة فعليا هي الدوافع التي تدفعهم للمطالبة بالغاء مبدأ المحاصصةعلى اساس ان عنوان الوطنية سيهيئ الانسان العراقي ومن اي طائفة اوقومية كان انه يمثل في العراق الجديد ودولته اكبر من حجمه الطبيعي على الارض ليكون ( مثلا ) رئيس العراق مسيحيا ورئيس وزرائه ايزيديا ... وهكذا تحت عنوان الوطنية والمواطنة كميزان ومقياس اعلى لاغير !!.
والحقيقة انه لشيئ جميل ان يحلم الانسان بيوتوبيا وطنية عراقية بهذا الشكل ، ولكن يبقى الحلم صعب المنال في حياة سياسية في العالم كله بغض النظر عن العراق ... من الصعب تحققه على الحقيقة !!.
من الصعب حتى اليوم الغاء دين الانسان من معادلاته السياسية ليكون ملك بريطانيا مسلما اوعربيا !!.
ومن الصعب الانتصار للمواطنة بهذا الشكل اليوتوبي الانساني ، وبالخصوص في واقع كواقع العراقيين المعقد الذي تكون فيه عناوين الدين والقومية والطائفة مقدمات حتمية في معادلة اي توازنات سياسية محتملة ، بل ولنقل ان قوانين العالم اليوم بأممه المتحدة عندما يريد ان يعنون عنوانا لقيام الدول فانه يشير الى ان لكل شعب من قومية واحدة او دين واحد او طائفة واحدة يتمتع بمشتركات اخلاقية وسلوكية متحدة ان يقيم كيانه السياسي المعترف به انسانيا !!.
وهذا التعريف القانوني كما يرى القارئ جعل المشترك بين الجماعة قوميا ودينيا واخلاقيا ... ...الخ هو اساس قيام الكيانات السياسية الحديثة للتدليل على ان هذه العوامل والعناوين لايمكن الغائها من قيام الدول الحديثة والقديمة من منطلق ان روح قيام الكيانات السياسية الحديثة هي هذه العناوين وليس عناوين المواطنة وغير ذالك !!.
بمعنى ان المواطنة هي الالية التي يجب ان تتعامل بها اي دولة مع مواطنيها في الداخل السياسي بالتساوي والعدالة ، لكنها لايمكن لها ان تكون بديلا عن روح القيام الاجتماعي القومي او الديني الذي يهب الدولة هويتها وعنوانها الاصيل والمعترف به بشريا وانسانيا وقانونيا !!.
ومن هنا كانت دعوى الغاء الطائفية والمحاصصة القومية في بلد كالعراق بالخصوص شيئ شبيه الى دعوى الغاء الدولة واعتبار ان الاجتماع ومحو الفواررق وبقاء الانسان العقلي وحده ممكن وكفيل باقامة جنّة الانسان في هذه الحياة !.
الآن بعد هذه النقاط المختصرة في موضوعة المحاصصة السياسية في العراق (سلبياتها وايجابياتها )جاء دور سؤال : هل حقا ان المحاصصة السياسية الطائفية فحسب هي العامل الرئيس في ضعف دولة العراق الجديد وعدم تمكنها من التطور والتقدم ؟.
أم ان هناك عامل اخر حيويٌ ايضا في تفسير سؤال : لماذا هذا الضعف في دولتنا العراقية الجديدة ؟.
الحقيقة ان المحاصصة الطائفية ومن وجهة نظري الشخصية ليس لها علاقة عضوية بضعف اداء الدولة العراقية الجديدة ، مع انني اعترف ان نظام المحاصصة السياسية هو احسن السيئين بالنسبة لنظم العراق الحديث ،ولكنه النظام الذي يبقى فيه حسنٌ ظاهر على باقي النظم السيئة مئة بالمئة !!.
نعم ان نظام المحاصصة السياسية هو الوحيد القادر على اقامت توازنات طبيعية في العراق الجديد ، بل ان الاطاحة به سينتج مآسي وكوارث دكتاتورية حتمية تقوم على انقاضه ليساق العراقيوم بالسيف والحديد والناركماكان في تاريخه القديم والحديث وتحت مسميات لاروح لها تسمى بالوطنية او غير ذالك ، ولكنها في واقع امرها تستخدم مسمى وعنوان الوطنية لتغطي على بشاعة وجه الدكتاتورية القبيح خلفها ليتعامل مع العراقيين قوميا وطائفيا ولكن تحت مسمى الوطنية والبعثية والعمالية وغير ذالك ، وبالنتيجة نجد ان محرك السياسة الحقيقي في العراق والاقليم والعالم هو اما الدين او القومية ، ومن هنا كان ولم يزل نظام المحاصصة في وجهه نظر الاخر هو الظمان الوحيد الذي يهئ الارضية لتمثيل جميع مكونات اي شعب واي امة في هذه الحياة الانسانية المعاشة !!.
في لبنان مثلا ومع ان الاقليم العربي والعراق والعالم كله يدرك ان لبنان كيان قائم على المحاصصة الطائفية ولكن مع ذالك لم نرى اي جهة سياسية تطالب بالغاء هذه المحاصصة الطائفية والسياسية اللبنانية غير الاكثرية الشيعية بطبيعة الحال باعتبار انها هي المتضرر الفعلي من نظام المحاصصة هذه الذي حجم من تمثيلها الواقعي كاكثرية كان يجب ان يكون فعلها محاصصيا اكبر من ذالك ، ولكن مع ذالك اي محاولة لتغيير نظام المحاصصة الطائفية والسياسية في لبنان ستواجه بهجوم عالمي شرس من قبل جميع النظم الديمقراطية الغربية تحت مبرر ضرب استقرار لبنان ، وكذا من جميع النظم العربية الديكتاتورية الممولة لهذه الطائفية ، وهكذا بالنسبة للبنانين انفسهم فانهم لايسمحون باللعب مع نظامهم الطائفي الذي ضمن للجميع التمثيل السياسي او محاولة تغييره او المطالبة بالغائه والقيام على شكل المواطنة وعنوانها !!!.
فياترى لماذا في لبنان العالم كله مع نظام المحاصصة الذي انتج الديمقراطية اللبنانية الذي يعترف العالم انها الديمقراطية الوحيدة بالشرق الاوسط ، بينما في العراق العكس تماما عندما يطالب الاقليم العربي الطائفي من العراق بازالة هذا النظام من الوجود وتغييره باي شكل ينتج الديكتاتورية بدلا من الديمقراطية والتمثيل العادل لجميع المكونات ؟.
هل بسبب ان الشيعة (مثلا) هم الحاكم الفعلي كأكثرية في العراق ولهذا كانت دوافع المطالبين بتغيير المعادلة عربيا وداخليا ايضا طائفية ولهذا رأى الطائفيون ان المعادلة لاتسير في العراق بصالحهم فطالبوا بالوطنية لتحكم مكان المحاصصة ؟.
أم ان لبنان محكوم بغير تمثيله الواقعي ولهذا دعم الاقليم العربي العراقي طائفية ومحاصصة لبنان ، بينما شجب وادان محاصصة وطائفية العراق ؟.
الحقيقة ان الجواب بالايجاب على كلا السؤالين ، ولكنّ ليس هذا مقصودنا من المثال اللبناني المحاصصي الطائفي ، وانما كان مقصودنا هو ان المحاصصة ليست هي دائما عنوان للخراب والدمار والدكتاتورية والفوضى في قيام الدولة وهيكلتها السياسية لاسيما ان ادركنا ان العالم كله مع المحاصصة اللبنانية بل واعتبارها المنتج الطبيعي للديمقراطية الحقيقية الواقعية الوحيدة في منطقتنا العربية ، مما يدفع الاعتقاد ان هناك عامل اخر في الدولة العراقية الجديدة غير المحاصصة هو الذي ينتج كل هذا القلق والضعف واللااستقرار في تجربة دولة العراق الجديد ، فماهو هذا العامل على التحديد ؟.
في الواقع ان العامل الذي يتعمد الكثير اخفاءه او غض الطرف عنه في ضعف الدولة العراقية الجديدة هو عامل (( عدم الايمان بمشروع العراق الجديد )) اي عدم ايمان بعض الافراد بمشروع هذا الكيان القائم !!!.
وهذا العامل هو في الحقيقة مايعيق الدولة العراقية الجديدة من النهوض بمهامها السياسية والامنية وكذا الخدمية والاجتماعية !.
نعم هناك الكثير ممن هو داخل هذه الدولة العراقية مع الاسف ليس له ايمان بمشروع العراق الجديد ، كما ان هناك الكثير ممن يؤمن بمشروع مغاير ومختلف تماما لمشروع العراق الديمقراطي الجديد ، ومن هنا اذا رصدنا حالة ( عدم المؤمنين ) بمشروع الدولة العراقية الجديدة سنكتشف ان ظاهرة ضعف الدولة العراقية الجديدة هي ظاهرة ليس في اساسها بسبب كونها منبنية على شكل محاصصة يضمن لجميع مكونات الشعب العراقي التمثيل والصوت والوجود في المشهد العراقي ، بل بسبب ان هناك ومن هو داخل الدولة العراقية وممن يرفع شعار الايمان بالدولة ومشروعها وبغض النظر عن قوميته وطائفته هو من يعمل ومن الداخل على النقيض من هذا المشروع ، بل وبشكل يجعل من حركة الدولة الجديدة حركة فاشلة اينما اتجهت سياسيا او امنيا او خدميا او حتى اعلاميا واجتماعيا على الحقيقة !!.
بمعنى آخر : ان ظاهرة (( عدم المؤمنين بالعراق الجديد )) لاتختصر على طائفة بعينها ولاعلى قومية بذاتها ، بل ان هناك من هو ينتمي طائفيا او قوميا لحكم الاكثرية في العراق الديمقراطي الا انه وبسبب ان له اجندة او رؤية او توجه مختلف عن الدولة العراقية الجديدة فهو يعمل بالضد من توجهات العراق الجديد وبالنقيض من سعي دولة هذا العراق امنيا واعلاميا وخدماتيا وغير ذالك ، وهذا يدلل بالدليل الواضح ان سبب تلكئ الدولة ومعوقاتها الفعلية عن التقدم والعمل الايجابي ليس بسبب ان هذا النظام قائم على شكل المحاصصة القومية والطائفية بقدر ماهو بسبب ان هناك من يعمل داخل هذه الدولة ولكن بدون ايمان بمشروعها النهضوي ، وباجندات وايدلوجيات متناقضة تماما مع اجندات وايدلوجية دولة العراق الجديد ، وطبيعي والحال هذه ان تصاب الدولة العراقية بالضعف والاختراق والتراجع بين الفينة والاخرى ، فمثل هذه الظواهر منعكس طبيعي جدا لوجود الخيانة داخل الدولة وليس خارجها او نظامها وهيكلتها السياسية !.
ان جميع الدول في العالم وفي التاريخ وحتى اليوم لايمكن لها ان تتقدم وفي داخل احشائها خيانة عدم الايمان بها بهذا الشكل ، وحتى النظم السياسية الحديثة لايمكن لها ان تسمح باعضاء داخل حكومتها يعملون بشكل ليس فيه ولاء للدولة او مشروعها او سير حركتها الاجتماعية ، او دستورها او مواده او غير ذالك ، ومن هنا فمامن حكومة او دولة تحترم نفسها وشعبها وتريد ان تقوم بوظائفها بشكل واقعي وايجابي تسمح لعدم المؤمنين بها بالمشاركة في حركة الدولة والحكومة باعتبار ان مَن لم يؤمن بدولة وحكومة ودستور لايمكن له الا ان يساهم بالخيانة والعمل على اسقاط الكيان وبيع الاسرار للدولة والمتاجرة بارواح وامن الجمهور وثرواته وامنه !!.
نعم لايمكن لانسان لايؤمن بالعراق الجديد على ماهو عليه وبدستوره وباهدافه ومشاريعه ان يقدم لهذا العراق الا مايضره والا مايساهم باعاقة حركته ونهضته ، والا ما يخدم اعدائه ويفضح اسراره ويتلاعب به وبشعبه وبأمنه وهم كثر داخل دولتنا العراقية الجديدة ومع الاسف ومن جميع الطوائف والقوميات والاديان العراقية !.
بعكس هذا من يؤمن بالعراق الجديد الذي يرى فيه مستقبله الذي ينتظر اطفاله ، فمثل هذا المؤمن بالعراق الجديد لايألو جهدا بالوفاء للعراق والعمل على رقيه والحفاظ على امنه واسراره ومجاهدة اعداءه وكل المتربصين به وبوجوده وبتجربته ومشروعه !.
على قادة العراق الجديد والذين يحاولون النهوض بالعراق الجديد وانجاح تجربته الديمقراطية ان يلتفتوا الى جميع العاملين داخل اطار هذه الدولة ويختبروا ايمانهم بالعراق القائم الشرعي والديمقراطي والشعبي المنتخب بغض النظر عن هوياتهم الطائفية او القومية ، وينظفوا هذه الدولة من اي عنصر له ايدلوجيا مختلفة عن ايدلوجية ودستور واهداف هذه الدولة وليطلب منه اما الولاء لدولة الشعب العراقي او العمل معارضا من خارجها كي تنجح هذه الدولة بسعيها ومشاريعها الامنية والخدمية بلا معوقات تظهر الولاء وتضمر العداوة والبغضاء للعراق الجديد !!.
__________________________
alshakerr@yahoo.com