الاثنين، يوليو 18، 2011

(( بل نحن بحاجة للمهدي ع في غيبته ياشيخنا السنجري )) حميد الشاكر




كتب الشيخ المحترم طالب السنجري مقالا صغيرا حول ( حاجتنا كمسلمين على العموم وكشيعة امامية على الخصوص للمهدي في غيبته ) واسماها ( لانحتاج للمهدي في غيبته ) والحق ولمعرفتنا بالشيخ طالب السنجري وبفكره الباحث عن الحيز في الوجود وتحت الاضواء وفي مرمى الحقيقة وحتى وان اختلفنا معه في منهجيةالقراءة في الوصول لهذه الحقائق وهزالة بعض ماطرحه مؤخرا حول فكر المسلمين الشيعة وعقائدهم المستنيرة فاننا يمكننا مجادلته حول ماطرح في مقالته الصغيرة من عدة زوايا ومنحنيات حتى نصل نحن واياه الى حقيقة تعكس معادلة الشيخ السنجري المطروحة بالتمام في عدم حاجتنا للمهدي لتطرح مكانها مفهوم ((حاجتنا القصوى للمهدي ع في غيبته تفوق كثيراحاجتنا نحن المسلمين للمهدي في حضوره الشريف )) ليدرك الشيخ وغيره ممن يطرح الافكار الشيعية الاسلامية بنوع من السطحية ان لهذا الفكر والمعتقد عمق ضارب في الحقيقة ، وان له ابعادا مرتبطة بصورة العالم والخلقة والفلسفة الالهية حولها والتي ربما تكون صعبة الفهم والمنال على امثال فكر الشيخ السنجري واضرابه الكثير في العصر الحديث الذين يرون في فكر المدرسة الشيعية اومدرسة اهل البيت بصورة عامة انه فكر صعب ومستصعب ، او انه فكر لصعوبة مضامينه الفكرية الدقيقة والعالية لابد للنظر اليه على اساس انه كتل من الاسطوريةوالخرافية التي لايمكن حل طلاسمها الا على اسس الهروب الى الامام بها فحسب !!.

ولنبدأ مع جنابه من حيث العنوان ، الذي طرحه في بداية مقاله وهو (( لانحتاج للمهدي في غيبته )) ، ولنغض النظر عن الاساءة الادبية لعنوان المقال مع امام هو بحجم قداسة الامام المهدي ع ولانجادله حول مَن يحتاج للامام المهدي ومن لايحتاج اليه ع في غيبته وحضوره ولكن بدلا من ذالك لنطرح المهدوية بصورة عامة بنوع من الفكرية ليتضح نوع الحاجة للامام المهدي كانسان كامل وخليفة لله في ارضه اولا وماهية العلاقة بين حاجتنا للامام ع في غيبته وحضوره ثانيا ولكن بعد هذه التوطئة :

لاريب ان الحديث عن الاطروحة المهدوية ، وكذا الزوايا والمفاهيم التي تتعلق وتعلقت بفكرة مخلص اخر الزمان ، والمنقذ لبشرية العالم في الفكر الاسلامي الامام المنتظر محمد بن الحسن العسكري عجل الله تعالى فرجه الشريف لاتندرج فقط في حيز واحد من البحوث والافكار والزوايا والمفاهيم ...... في هذه الحياة الانسانية ، بل ان الاطروحة المهدوية ولسعت مفاهيمها الفكرية والاسلامية من جهة ، ولامكانية هذه المفاهيم ان تتسع لتزحف على اكثر من عنوان انساني من جانب اخر بالامكان تناول مفرداتها من عدة جوانب مختلفة ، ربما تبدأ بمفهوم (( الآمال الانسانية العريضة )) وطلبها وعشقها لرؤية العدل والمساواة قائمة والجور والظلم مندحرا بين البشرية كامر واقع ومعاش وانساني بشري ، لكن لايعني هذا مطلقا ان الفكرة المهدوية ، او فكرة الامام المهدي روحي لمقدمه الشريف الفدى ( كما تريد ان تصورها بعض الاقلام السطحية ) هي مجرد مفردة فكرية اسلامية واحدة مختصرة فقط على كيفية تغذية الآمال الجميلة والاحلام الطوباوية للبشرية المقهورة تحت نير الاستعباد والتبعية فحسب !!.

لابل لاشك بان فكرة الامام المهدي المنتظر ع المخلص والمنقذ لهذه البشرية جمعاء وكذا فكرة غيبته المباركة هي بكبر وعمق الفكرة والرسالة الاسلامية نفسها كلها باعتبار ان الاسلام اطروحة المهدي المنتظر ع ومشروعه الذي يسعى لاقامته على هذه الارض الانسانية ، ومن هنا كانت المهدوية ولم تزل واسعة المفاهيم والتوجهات بسعة آفاق الاسلام وفكره ورسالته !!.

نعم المهدوية فكرة تملئ باطروحتها الحيز ، الذي تفتقر وتحتاج له البشرية في آمالها والآمها واحلامها وتطلعاتها .....الخ التي ترى فيها الانسانية انها الوقود الذي يعين البشرية على الاستمرار بهكذا حياة متوحشة وقاسية وخشنة لاريب في ذالك لكنها من جانب اخر فكرة تتصل بفلسفة وجود هذه البشرية ايضا وكيف ان الفكرة المهدوية مجسدة بالانسان الامام والخليفة المهدي المنتظر ع كانت ولم تزل هي سبب وجود هذا العالم واستمراره في الحركة وتمتعه بالوجود حسب ما افادت به الكثير من الاخبار الشرعية الاسلامية والاخرى الاخبار العقلية الفلسفية وانها فكرة لها علاقة مباشرة بالصلة القائمة بين مستقبل هذا الاسلام من عدمه وكيف ان الفكرة المهدوية بالاجماع الاسلامي ، هي المنّفذ لآخر مراحل الرسالة الالهية على هذه الارض وهي فكرة منظمة لشؤون وادارة عصابة من اهل الحق ( اقصد المسلمين الشيعة ) الذين يحملون مسؤولية كلمة الانقاذ البشرية الاخيرة ويبشرون بها للعالم ويحافظون على استمراريتها بكل تضحية واقتدار لتبقى حية ونابضة ، وهي فكرة تتصل بالايمان وكماله للفرد المسلم ، وان الفكرة المهدوية جزءاصيل من تكامل الشخصية الايمانيةللفردوالمجتمع في الاسلام وبدون الايمان بفكرة المهدي يبقى الفرد المسلم في السلّم الادنى من تكامل شخصيته الايمانية ، وهي فكرة ..... الخ !!.
كل هذا وغيره يندرج تحت اطار الفكرة المهدوية ، كما ان كل ذالك ايضا يندرج تحت بند حاجة المسلمين لهذه الفكرة بصورة خاصة وحاجة الانسانية بصورة عامة ، وما توفره الفكرة المهدوية عقديا وروحيا وفكريا وسياسيا واجتماعيا بالاضافة لتوفيرها واقعيا للنظام والتماسك للجماعة المحقة التي هي ببركة الفكرة المهدوية تجتمع ويقوى عودهاويصلب ايمانها وتتماسك عروقهاوتورق اغصانها .....الخ ، حتى وصولها الى اقامة الامل الانساني المنشود في العدل والمساواة بين البشرية جمعاء !!.
وبهذا نفهم مرحليا ابعاد الفكرة المهدوية بصورة عامة سواء كان الامام المهدي غائبا او حاضرا في شعبه وبين امته وانصاره وشيعته ، ولا ذنب للمهدوية اذا لم تتهيئ اقلام المناصرين لها لتطرح كل ماهو جديد من الفكر حول الاطروحة المهدوية ، والاعتماد فقط على التقليدي القديم ، والمكرر لقتل الفكرة المهدوية تاريخيا ، كما انه لاذنب للفكرة المهدوية اذا لم يستوعب كل افقها الرحب شيخ هنا ومثقف هناك ليعتقد انها فقط لتخدير الام المعذبين في هذه الارض ولتسكين ثوراتهم الغاضبة على الطغاة والمجرمين !!.
لا ليس ذنب الفكرة المهدوية اذا اصيبت الامة بحول فكري وانقلاب قيمي من جراء ذنوبها وابتعادها عن الله والاسلام والصراط المستقيم لترى المعروف منكرا والمنكر معروفا ، ومن ثم لاترى حاجة للمهدي المنتظر في غيبته عليه السلام مع ان حاجتنا التربوية الانسانية اشد حاجة للغيبة منها للحضور ، ولكن هي هي نفس المشكلة اما الجهل او الغفلة او ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون !.
والان لنطرح اسألتنا حول الحاجة للمهدي ولنبدأ ب :

اولا : ماهي حاجتنا للمهدي في غيبته وحضوره كمسلمين او كشيعة او كبشرية او اكثر من ذالك ماحاجة الكون والعالم وهذا الوجود للمهدي في غيبته وحضوره في الاطروحة الفكرية الاسلامية الشاملة ؟.
وهل هي حاجة روحية نفسية انسانية فقط ؟.
أم انها حاجة كونية ووجودية وانسانية على الحقيقة ؟.
ثانيا : هل هناك بين حاجتنا للمهدي من جانب ، وانتفاء هذه الحاجة بمجرد غيبة الامام صلة عضوية تحتم علينا القبول بفكرة انتفاء الحاجة للمهدي ع انسانيا لمجرد غيابه عن واقعنا الحاضر ؟.
أم انه لاعلاقة عضوية بين حاجتنا لغيبة الامام المهدي الانسانية والاخلاقية والتربوية وبين حضوره او عدم حضوره في الواقع المادي الانساني المعاش ؟.

اولا: طبعا سادتنا القرّاء ينبغي ان ندرك جميعا ومنذ البداية اننا نطرح الموضوع من وجهة نظر اسلامية لاغيروبموازين رسالية الاهية تؤمن بالابعاد الغيبية اكثر من ايمانهابالابعادالمادية اوالموضوعية اوالحسية الالحادية وبهذاتكون موضوعة الامام المهدي وفكرةغيبته وحاجتنا لهذه الغيبة لنقول ان حاجتناللمهدي المخلص عليه السلام والمنقذ ، والامام بالصيغ الاسلامية الشرعية لنا نحن كبشر انسانيين وكمسلمين شيعة لاتنحصربزاوية كون الامام ووجوده غائبا كان اوحاضرا معادلة مهملة في الفكرالاسلامي امام معادلة (( الفلسفة الوجودية )) للعالم كله بل وجود الامام المنتظرعلى الاسس الاسلامية والشرعية والرسالية تمثل الروح لهذا العالم الذي نعيش فيه ، اذا لم يكن يمثل الغاية من وجود هذا العالم كما ورد في القران الكريم كيف ان الله سبحانه خلق العالم ليسخره للانسان وحال معادلة الامام عليه السلام للتوازن الكوني والعالمي لاتختلف مطلقا اذا لم تكن تفوق معادلة الجبال مثلا والتي تصنع عملية التوازن في هذه الارض ،وكما ان معادلات الكون والعالم والحياة قائمة على عدة عناصر قانونية وكونية .... شمس وقمر وجبال ونجوم (( ولا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار )) .... كذالك لايمكن تصور وجود عالم او استمراره بالحركة بدونها ،با نتفاء عنصر التوازن الطبيعي الذي توفره الجبال في ارضنا ، او النجوم في دورة الكون الكاملة كذالك وضع الامام المهدي فكريا وفلسفيا في الاطروحة الاسلامية فهوعليه السلام ايضا من اهم المعادلات في هذا الوجود الكوني والعالمي للبشروللانسانية بل ان عنوان الانسان بصورةعامة مقابل عنوان الكون حسب الاطروحةالاسلامية يكون عنوان اصالة في المعادلة الكونية ، فالله سبحانه خلق هذا الكون للانسان الكامل وليس العكس ، وبما ان الامام المهدي ع ، هو الانسان الاكمل الذي من اجله خلق الله سبحانه هذا العالم فلابد ان تكون هناك علاقة عضوية بين وجود الامام المهدي ع الانسان غائبا او حاضرا وبين استمرار وبقاء هذا العالم ، حيث انه لايُقبل فكريا وفلسفيا اسلاميا ان يستمر كون لاحاجة لله سبحانه بانشائه اذا انتفت منه معادلة وغاية الانسان الخليفة والذي يتمثل اسلاميا بالامام المهدي المنتظر ع !!.

ومن هنا ورد في النصوص الاسلامية الرسالية والدينية : ان نهاية العالم وزوال الدنيا وطي صفحة الكون ...متصلة بوجود الامام وساعة اعلان مشروعه وطرح ثورته وانتصاره على الظلم والجور بعد ان ملئت الارض منهما وهذا ان دلّ على شيئ فانما يدل على ان حاجتنا للامام المهدي في وجوده وغيبته حاجة وجودية قبل ان تكون شرعية او اخلاقية او روحية نفسية ، فنحن على هذا المنحى كبشر نتمتع بهذا العالم ببركة وجود الامام المهدي ع ، في غيبته وحضوره ، فالحاجة للامام هنا حاجة وجودية قبل ان تكون اي حاجة اخرى !.
نعم يُناقشنا من لايؤمن بافكارنا حول حاجتنا للامام المهدي ع في وجودنا في هذا العالم وربما هناك من يذهب الى رمينابالغلوا في قداسة الشخصيةالمهدوية بسبب هذه الرؤية ولكن وعلى اي حال ولوجودمبررات فلسفيةوفكرية ومسانيد اسلامية رسالية شرعية ثابتة عن صاحب الشريعة صلى الله عليه واله محمد العظيم ترفد من تماسك هذه الفكرة نحن نؤمن بالعلاقة العضوية بين شخصية الانسان الامام المهدي المنتظرغائباوحاضرا من جهةووجود هذاالعالم البشري والكوني والخلقي من جانب اخر ولنا الحجة البالغة في ذالك ، وليس هنا موضع سردها !!.

ثانيا : عندما يصدر ، او يكتب من يشاء الكتابة حول حاجتنا للامام المهدي ع ثم يطرح سفاسف امور يعتقد انها فكرية وجوهرية عليه وعلى غيره ان يسأل : اولا : هل حاجتنا للامام المهدي في جانبها الروحي والنفسي مثلا (( باعتبار ان الشيخ السنجري اعتقد في كل مقاله ان حاجتنا للامام المهدي فقط تنحصر بجانب صناعة الامل للمعذبين في هذه الارض فقط !!)) تكون اكثر فاعلية اذا كان الامام المهدي ع حاضرا ؟.
أم ان حاجتنا ستكون مشبعة وحيوية وجوهرية وايجابية ..الخ تماما على الابعاد الانسانية اذا كانت ابان فترة غياب شخصه المقدس عنّا كمسلمين شيعة وكبشر وكبني آدميين ينتظرون فكرة المنقذ بفارغ الشوق والصبر لتصبح غيبة الامام ع اكثر نعمة وعطاءا وثراءا للتجربة الانسانية منها لو كان الامام ع حاضرا ؟.
بمعنى اعمق: انه صحيح الطرح التقليدي الحوزوي الشيعي الاسلامي الذي يعتمد عليه الشيخ طالب السنجري او غيره في فكرة غيبة المهدي ع وحاجتنا للمهدي ع في هذه الغيبة ، هي تذهب الى سؤال :هل نحن ننتفع من هذه الغيبة فعلا على المستوى الروحي او الفكري او الاجتماعي او العقدي للامام المهدي ع ؟.
ثم تجيب بمثل غياب الشمس اذا غيبتها بعض الغيوم الكثيفة !!.
وهذا صحيح على مستوى الطرح الفكري الشيعي ، الحوزوي التقليدي في جواب سؤال الانتفاع من المهدي ابان غيبته وهل نحن ننتفع او لاننتفع !!.

لكن في المقابل لايعني هذا ايقاف مادة البحث والتفكير والابداع في تغطية فكرة الغيبة وانعكاساتها الايجابية على الواقع الانساني بصورة عامة والواقع الاسلامي الشيعي بصورة خاصة ليُقال لنا:لا انتفاع ولاحاجة لكم بالامام المهدي حال غيبته سوى انكم تصنعون الخرافات واليوتوبيا لتعلقون فشلكم البشري على مساميرها الوهمية البالية !!.
لا .... لم يكن موضوع البحث في فكرة هي بعمق فكرة غيبة الامام المهدي بهذه السذاجة من الطرح والمقال ، بل لو تأملنا بالانعكاسات الايجابية الكبرى من فكرة حاجتنا للمهدي في غيبته ع ، لاكتشفنا العكس من ذاك الطرح السطحي والساذج ولوصلنا الى حقيقة : اننا ننتفع كبشر، وكمسلمين بغيبة الامام المهدي بالمهدي ع في ابراز طاقاتنا الانسانية البشرية وتأهيلها للعمل والتكامل اكثر من حاجتنا للمهدي ع حاضرا في واقع الحال !
بمعنى اكثر وضوحا وصراحة فكرية ولنسأل : ما الحاجة والانتفاع الذي سنجنيه نحن المسلمون وغير المسلمين من فكرة المهدي ع حال غيبته ؟.
وما الذي سنفقده (انسانيا وليس دينيا عقديا) في حال حضور المهدي ع ووجوده الفعلي في حياتنا الاجتماعية ؟.
طبعا ان فكرة المهدي وغيبته بالخصوص ، هي ممون استراتيجي لذخيرة امالنا وتطلعاتنا الكبرى للتغيير والاصلاح في هذا العالم ، واذا كانت الفكرة هي المصنع الذي ينتج بداخلنا الاستمرار في الامل والتفكير بكيفية الوصول اليه ، فهذا حتما سيعتبر الارضية الفكرية التي تشحذ طاقاتنا الفكرية والانسانية في كيفية التأهيل والتهيئة للحظة الحاسمة لعملية الاصلاح والتغيير العالميةلاسيما ان الفكرة بغياب قيادتها التي تتمثل بالامام المهدي ستدفعنا نحن كبشر وكمسلمين وكشيعة لتحمل مسؤولياتنا الانسانية مباشرة (بغياب الامام القائد ) تجاه فكرة الخلاص والتغيير والاصلاح العالمي ، وهذا بعكس ما لو كان الامام حاضرا يقود فكرته بنفسه فانه والحال هذه حتما ستتعطل كل طاقاتنا الانسانية والاسلامية البشرية امام طاقة وقيادة الامام المهدي المباشرة لمشروعه العالمي الاصلاحي الكبير وبهذا نفهم ماهية الانعكاسات الايجابية من فكرة الامام المهدي وغيبته ع وكيفية تحريكها للطاقات الانسانية التي ترى في الحفاظ على الفكرة واستمرارها والتبشير بها عالميا والتضحية من اجلها بغياب الامام القائد ع مسؤولية لايمكن التنازل عنها !!.

بهذا المعنى الانساني والفكري والعقدي نحن ننظر لبركة غيبة الامام المهدي ، وكيفية تفجيرها لطاقاتنا الانسانية الاسلامية وحاجتنا الانسانية لها لتكون منصة من خلالها نشحذ كل طاقاتنا الانسانيةلنتكامل شيئا فشيئاحتى الوصول والاستعداد لاستقبال خروج الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وبغير هذه الغيبة للامام ع ، وفكرتها لايمكن لنا ان نمتلك الفكرة ، التي تلقي على عاتقنا مسؤولية التهيئة من جهة والتكامل في شخصيتنا الانسانية نحو الخروج الكبير من جانب اخر وهذا في الواقع بعكس ظهور الامام المهدي ع وتحققه في الواقع الانساني الذي سيغلق نافذة الطاقة الانسانية الطبيعية البشرية ويعطل من تكاملها التدريجي الشخصي شيئافشياباعتبار ان لاطاقةمتحركة بعدُ اكثرامام طاقة صاحب المشروع وقيادته !!.

بمعنى ثالث وللتوضيح اكثر نقول : ان حاجتنا للمهدي في غيبته تتمثل بالاتي :
اولا : ان هذه الغيبة للمهدي لاتعطل من فائدة قيادة المهدي ع للامة ،بقدر ماهي تبني فائدة وطاقة الامة في النمووالتكامل وتحمل المسؤوليةباعتبار ان امة الامام المهدي اذا لم ترتقي بقدراتهاالانسانية الطبيعية البشريةالى درجة تحمّل مسؤولية مشروع الامام المهدي ع لايمكن ان يكون للامام المهدي من خروج وقيادةوعلى هذا الاساس انتفعنا بالمهدي ع وغيابه من منطلق انتفاعنا بشحذ مكامن قدراتنا البشرية الطبيعية بتحمل هذه المسؤولية وبابرازطاقاتنا الانسانيةوتحركها وشوقها وتطلعها وتضحياتها وثباتها على الفكرة المهدوية .....وتكاملها شيئا فشيئا بغيبة الامام ع وحتى خروج الامام نحن في ساحة البناء والنمو والتكامل في الشخصية الاسلامية لوحدنا نتحمل مسؤوليات انفسناقبل ان تعود القيادة لتقود اناس صنعوا نفسهم بانفسهم (ولم تصنعم معجزة كما يروج الخرافيون )وامنوا بالله بمجهودهم وتهيئوا للمشروع من خلال طاقاتهم الذاتية وقدراتهم البشرية الطبيعية لاغير !!.

ثانيا : لو فرضنا ان فائدتنا او حاجتنا للامام المهدي مرتبطة بحضوره الواقعي فحسب ، ولنفرض ان الامام حضر اليوم في واقعنا الانساني ،ونحن بعدُ لم تتفجر في داخلنا او تتحرك وتخرج كل الطاقات الانسانية الكامنة التي بالامكان تشغيلها في حال الغيبة ، ولم نصقل بشكل تام ولم تحنكنا التجارب الانسانية ولم نرتق بعد الى ابراز كل ابداعاتناالبشرية الاسلامية لتقدم للمشروع الاسلامي الرسالي الكبير كل مالديها وتمتلكه من طاقة فهل يتوقع اي باحث منا ان بوجود الامام يمكن لاي اضافة انسانية ان تبرز للوجود الانساني مع وجود طاقة ونور وشخصية الامام المهدي في هذه الحياة ؟.
ام ان الامام المهدي سيوقف بوجوده الذي يطغى على كل وجودبشري كل طاقة ابداعية بشرية امامه ، لتقر بالعجز ، وتتكل على ماهو موجود في طاقات الامام المهدي الكبرى عليه السلام ؟.
بمعنى اخر: اذا اردنا ان نقرأ حركة الامام المهدي ع في غيبته وحضوره وثورته ورسالته ....وانتصاره في المستقبل القادم ، فينبغي علينا ان لانقرأ هذه المسيرة بغير الواقعية الانسانية التي ترى العالم وهو يسير حسب نظام وقانون وناموس معين لاغير ، وهذا القانون لايؤمن بالمعاجز الخارقة لقوانين الطبيعة بقدر ايمانه بالمعاجز التي تاتي من خلال القانون وقدرته على صنع المستحيل ،ومن هنا نحن نقول : ان أمة الامام المهدي عليه السلام امة ينبغي ان تأخذ نصيبها من الصقل والبلاء والتجربةالتاريخيةالطبيعية الانسانية حتى تصل الى ذروة تكاملها البشرية والايمانية ابان غيبة الامام ع ، وعندئذ تتهيئ الارضية ، لاستقبال مشروع الامام المهدي باعتباره مشروعا يعتمد على قاعدة اصلب من صلد الجبال ايمانا وليس لان المعجزة حلت لتنقل (( سفهاء من البشر)) لتجعل منهم ائمة يهدون بامر الله سبحانه وتعالى بل لانهم ومن خلال مسيرتهم التاريخيةالطويلةوصلوا الى التكامل في الشخصية والعظمة في الايمان ، وبعد ذاك يمكننا فهم المقولات التي تقول ان حكومة الامام عالمية واصحابه اصلب من زبر الحديد يقينا ، وطاقاتهم الابداعية منتهى التجربة البشرية التي بامكانها ان تصنع المستحيل ، وكل هذا يتوقف في منتصف الطريق ، اذا قدر للامام ع ظهوره ، قبل ان تكتمل تجربة امته الطبيعية والقانونية لتتحمل هي مع القيادة اعباء التغيير العالمي ، وهذا فضلا ان امة لم تنضج بعد فكريا وايمانيا وحتى كونيا لايمكن لها ان تعين اماما له من المشروع بحجم اصلاح العالم كله واخضاعه لقانون العدل والقسط في جميع ربوع العالم الكبير ، بل ان الامة التي لم تزل في طور عدم البلوغ والتكامل والرشد العقلي التام ستكون امة عالة على الامام ومشروعه فضلا عن انها امة ستعتمد على الامام وقدرته ع بخرافية منقطعة النظير !!.

والحقيقة بهذا الفهم لفلسفة غيبة الامام المهدي وكيفية انتفاعنا بالامام القائد ع في غيبته نستطيع ادراك هل نحن حقابحاجةللمهدي في غيبته كممون استراتيجي وتربوي لتكامل شخصية الامة المسلمة به ؟؟.
ام اننا لسنا بحاجة للمهدي في حال غيبته ونكتفي بذكره فقط بلا ترتّب اي شيئ سلوكي اوتربوي او عقدي على هذا الانتظار وتلك الغيبة ؟!.

اما مايتعلق بالمحور الثاني من السؤال وهو :

هل هناك بين حاجتنا للمهدي من جانب ، وانتفاء هذه الحاجة بمجرد غيبة الامام صلة عضوية تحتم علينا القبول بفكرة انتفاء الحاجة للمهدي ع لمجرد غيابه عن واقعنا الحاضر ؟.
أم انه لاعلاقة عضوية بين حاجتنا للمهدي ع وبين حضوره اوعدم حضوره في الواقع المعاش ؟.
فيمكننا ان نقول لطارح مثل هذا الراي ان الحاجة للمهدي ع في حضوره وغيبته على السواء ، ومع اننا ذكرنا حاجتنا الكونية الوجودية والانسانية الطبيعية لذالك الوجود لكن من جانب اخرلاعلاقة اورابط عضوي او صلة فكرية بين غيبة الامام وانتفاء حاجتنا له لمجرد غيبته !!.
والحق ان مثل هذا التفكير ان رفعناه من هذه المقولة المهدوية واردنا ان نعممه على كل المقدسات الاسلامية سنصل الى نتائج الحادية وزندقية كارثية على الفكر الاسلامي وذالك باعتبار ان مبنى هذا الطرح هو : ان حضور الشيئ وماديته هو متعلق الفائدة منه وحاجتنا اليه اما غيبته فهو النافي لكل فائدة ترجو من وجوده انسانيا واجتماعيا ، كما يطرحه مثلا الشيخ السنجري واضرابه !!.
ومثل هذا النمط من التفكير ليس فقط يتعارض ويتناقض مع كل المعتقد الاسلامي فحسب القائم نصفه تقريبا على الايمان بالغيب ، بل هو يتعارض مع فكرة الغيب كلها الموجوده في المدرسة الاسلامية بالعموم التي مبدأها قوله سبحانه (( الم ذالك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب .........)) كاول صفة ايمانية في المعتقد الاسلامي !!.
نعم الله سبحانه وتعالى غيب محض ولاوجود مباشر ومادي متحرك في واقعنا الانساني له سبحانه غير الايمان به كغيب فقط ، وانعكاسات هذا الايمان وحاجتنا العقدية اليه فهل يعني هذا ان نقول :(( لانحتاج الله سبحانه في غيبته )) مثلا ؟.

أم القول الاسلامي الحق اننا بحاجةللغيب بكل صوره الاسلامية سواءكان له نوع ارتباط بالواقع والظاهر كغيب الامام المهدي اولم يكن له نصيب من تلك المباشرة للواقع ؟!.
وهكذا الجنة والنار ويوم القيامة والملائكة والقدر .......الخ ، وكل هذه المفاهيم والافكار في المدرسةالاسلامية تعتبر غيبا محضافهل يعني هذاان نقول (( لانحتاج للملائكة في غيبتهم)) او لانحتاج الجنة لمجرد غيبوبتها عنا في هذه الحياة الدنيا ولانؤمن بها حتى نرى طلعتها بام اعيننا ؟؟!!!.
أم الاكثر فكرية عقديةاسلامية ان نضع موضوع الغيب وبما في ذالك غيبة الامام المهدي المنتظر ع في حيزها المناسب من القداسات الاسلامية ونعترف انه ليس كل غيب ، او غيبة هي او هو بالضروة بعيدا عن حاجاتنا الانسانية ، فضلا عن الاسلامية وغيرالاسلامية ، بل ان للغيب صلة وثيقة بعالمنا الاسلامي في التوجيه وفي الايمان وفي السلوك وفي التربية وفي القوانين وفي ضبط ايقاع الحياة وفي الرؤية وفي المعايير وفي الاخلاق وفي الموزين ........ الخ وغير ذالك ، فلماذا وماهوالمبررعند تناول موضوعة الغيب الالهي اوالملائكي اوالقدري او الاخروي يكون لهذا الغيب اشد الارتباط بحياتنا الاسلامية وحاجة هذه الحياة والانسان لكل هذه الغيبيات الاسلامية وعندما ياتي موضوعة غيبة وغيب الامام المهدي ينبغي ان نجرد الفكرة من اي حاجة لها !.

وبهذا التوضيح يتبين لنا سفاهة الفكرة التي تريد الايحاء باننا لسنا بحاجة الامام المهدي ع بسبب غيبته عن حاضرناالمادي الاجتماعي المعاش فحسب بل ويتبين لنا انحرافية مثل هذه الافكارعن منهجية التفكيرالاسلامي التي توازن بين الايمان بالواقع والايمان بالغيب على نفس المسافة والعمق ، الذي تعتمد فيه الكثير من قضاياها الفكرية على الايمان بالغيب مطلقه ومقيده حتى اصبح في الاسلام عدم الايمان بغيب من غيوبه الكثيرة مجرد رد عليه بحاجة الى دليل وبرهان !!.
يتبقى لنا مع شيخنا السنجري عدة مفاصل رئيسية ذكرها في مقاله الصغير وهي في الواقع مجرد كلمات ، لا تحمل من المعنى ، ولامن الوعي الشيئ الكثيرالذي يستحق التعقيب الفكري الجاد والرزين لكنها مع ذالك تبقى كلمات تحمل تصورات بحاجة الى تبيين ومناقشه ومن ذالك مثلا افتتاحيته لمقاله ب (لسنا الامة اوالدين الذي ضربت بعض قضاياهما الثقافية ورؤاهما الروحية في الميتافيزيق ...) !.

ولا اعلم فعلا هل يدرك الشيخ مفهوم مصطلح الميتافيزيقا في الفلسفة الاسلامية وغير الاسلامية حتى ينفي وجودها عن افكار ورؤى امتنا وديننا الاسلامي ؟.
أم انه مجرد ذكر لمصطلحات فلسفية فقط بلا وعي منه لمفاهيم هذه المصطلحات والكلمات !!.
نعم ديننا وثقافة امتنا تؤمن بالميتافيزيق باعتبار ان اطروحتنا الاسلامية تتناول الميتافيزيك اكثر من تناولها لغيره ، فما الغرابة او العيب او النقد الذي يريد الشيخ توجيهه للميتافيزيك حتى يصدر مقالته بنفي الميتافيزيق عن ديننا وامتنا بهذا الاطار !؟.
اللهم الاان يكون الشيخ طالب السنجري لايدرك بالفعل من هذاالمصطلح اي معنى فلسفي ، ولم يقرأ لاساتذته ان المدارس الفلسفية اما مادية الحادية او وضعية او حسية او ميتافيزيقية يونانية واسلامية عقلية فهل الشيخ منتمي للمدرسة المادية حتى يرى في المدرسة الميتافيزيقية انها مدرسة ينبغي ان يُعار منها فكريا ؟.
أم انه لم يطلع ابدا على معاني المصطلحات في الفسلفة اليونانية وقربها وبعدها من المدرسة الاسلامية ؟!.
ثم من اوحى للشيخ ان الاسلام وفكره الفلسفي ضد الميتافيزيقا حتى يبتدأ مقاله بمثل هذه الاطلالة التي تدلل على عدم الفهم والوعي اكثر من دلالتها على الوعي الاسلامي والارتكان الى العقل والعقلنة الاسلامية !!.
ومع ان الشيخ من تلامذة الفيلسوف الصدركما يشيع هوومع ان الصدر قد تناول الميتافيزيق في كتابه فلسفتناليؤكد على ان مدرستناالاسلامية مدرسة ميتافيزيقية باعتبار ان مصطلح الميتافيزيق ، وكما يشرحه الشيخ الشهيد مطهري في المجلد الاول من كتاب (( اسس الفلسفة )) هو مصطلح يوناني مركب من جزءين ( ميتا ) ويعني بعدُ و ( فيزيق ) ويعني طبيعة ، والمجموع هو ماوراء الطبيعه ، ومع ذالك يعتقد الشيخ السنجري ان امتنا وديننا لم يتناول ابدا ماوراء الطبيعة والغيب وغير ذالك ؟.
على اي حال !!!.
وربما اراد الشيخ ان يربط بين نفيه للميتافيزيق في ثقافة امتنا من جانب وفكر الدين الاسلامي من جانب اخر حسب مايفهمه من تنافر الميتافيزيق مع الدين وربطه بموضوعة المهدي وحاجتنا له في غيبته باعتبار ان الايمان بها جهل كما ان الايمان بالميتافيزيق او بماوراء الطبيعة ( مع ان الله سبحانه ايضا يدرس على اساس انه ماوراء الطبيعة كغيب ) هو جهل ايضا ولهذا دخل في الموضوع مباشرة بعد نقده للميتافيزيق ليعلن : (( من الجهل ان نجعل من الآمال هي الحلّ ونعيشها طموحا موهوما ونرتب عليها اثارا في العمل والاعتقادات مثلما نجد اعتقاداتنا بالامام المهدي عليه السلام فهو في عالمه الغيبي ينتظر امر ربه لياذن بالخروج الينا فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا فلا مانع من ان ننتظره بلهفة غامرة لاننا نحب سيادة القسط والعدل ونكره الظلم والجور ويكون المهدي حلا اذا ماخرج وراينا بام اعيننا طلته المباركة واثار دعوته الميمومة !)).

طبعا اولا : من قال اننا جعلنا في مدرستنا الشيعية الاسلامية من الامال حلا لمشاكلنا التي نعيشها طموحا موهوما .
وثانيا : الآمال وعلاقتها بالمهدي المنتظر لم تكن ابداعائقا عن العمل لهذه الحياة ومشاكلهابل العكس هوالصحيح في الامال التي تصنعها فكرةالمهدي فهي كالامال التي تصنعها فكرة الجنة ، التي كانت ، ولم تزل حافزا للعمل الصالح ، وللاجتهاد والجهاد والمطالبة بالعدل واقامت المشاريع العملاقة واخرها مشروع الجمهورية الاسلامية كحكومة ثورة تدير المجتمع وترسي العدل وتامر بالمعروف وتنهى عن المنكر !.
ثالثا : اما ترتيب اثار عقدية على فكرة الامام المهدي فهذا يحسب لفكرة غيبة الامام المهدي وليس عليها ، باعتبار ان هذه الفكرة صنعت الانسان المطالب بالعدالة والحرية ، وباعتبار ان جميع طغاة وظلمة العصور قد استشعروا خطر فكرة المهدي على عروشهم الظالمة لذا حاربوها وشوهوها بابشع الترهات لاضعاف تاثيراتها وما يترتب عليها من افكار وتصورات تبني الانسان الثوري ولاتدفعه لا للاوهام ولا للخرافات كما يدعي الشيخ النحرير طالب السنجري !.
بل لو كانت فكرةالامام المهدي ع وغيبة الامام المهدي تدعو للاستسلام والخرافة والوهم والضعف والانعزال كما ذكره الاخ لكان اول من يرحب بها هم الفاسدون والظلمة والمتكبرون والطغاة لخدمتها لاجنداتهم الشيطانية وليس العكس !!.
رابعا :اعتقاداتنا بالامام المهدي انه حاضربيننا في هذه الحياةالدنيا نشعربوجوده كما نشعر بوجود اي غيب اسلامي نؤمن به وحضوره معنا في هذه الحياة مثل حضور الله سبحانه في وجداننا ومشاعرنا وفكرناوحضور الملائكة وحضور الجن وباقي الموجودات الغيبيةوعلى هذا الاساس نعتبر مقولة الشيخ ان الامام المهدي في عالمه الغيبي عندربه هو سفاهة فكريةلم تدرك من فكرة المهدي غير القشور العامية التي ينبغي على الشيخ الارتفاع عنها !.
خامسا : وهكذا قوله ناعتا للامام المهدي ع بالانتظار لامر به فحسب ، هي ايضا من ضمن الترهات العاميةفي النظرة لفكرةالامام المهدي ع ومشروعه الاصلاحي العالمي الكبير ، وكما ذكرنا ان الانتظار لا يعني الركون للعجز، والوهم والخرافة والاتكال على القدربقدر مايعني الاعداد والتهيئةواكتساب التجربةوتمرين الطاقات البشرية لاستقبال مشروع الامام المهدي الكبير ع ، وهذا الفهم هو الفهم الدقيق لغيبة الامام ، وانتظاره للامر الالهي ، فلماذا بعد هذا يركن جناب الشيخ للافكار السطحية في فكرة الانتظار المهدوي ، ولاياخذ بالفكرة الاصيلة حول هذا الانتظار الواقعي والطبيعي والمنطقي والرسالي !!.
ام ان الاخ الشيخ معجب كثيرا بحال امته ودينه الذي يفتخر بهما وهما في الدرك الاسفل من مصاف الامم ، ولايمتلكون حتى رؤية للعمل وكيفية الخلاص من هذا المازق العميق !!.
سادسا : ياسيدنا الشيخ مسؤوليتك في غيبة الامام ليس ان تنتظر ظهوره لتكحل عينك بطلته المباركة ، وانما مسؤوليتك التي القتها عليك غيبة المنتظر ان تصنع الارض وتهيئ السبل وتخوض بحار التجربة ، وتصطرع مع معترك الحياة العاتي مع قوى الاستكبار والتفرعن البشرية ، وتناضل وتجاهد وتقيم الدولة لتخلق لك شخصية ترتقي ، لمشروع الامام ع ، وتحمل مسؤوليته عندئذ توقع ظهور الامام لك ولامثالك ، اما انك غارق في الاوهام والاساطير ، وانك لاتدري ولاتدري انك لاتدري ، ثم بعد ذالك تتوقع ظهورالامام المهدي ع لانقاذك من جرائم نفسك التي ترتكبها كل يوم بحق العالم والبشرية فوالله سبحانه لااعلم من علمك في حوزاتنا العلمية مثل هذه الافكارالخرافية عن الامام المهدي ومشروعه وعلاقتنا به وكيف ينبغي ان ننظر الى مشروعه ونهيئ السبل لخروجه المبارك !!.
هل اكتفى الشيخ طالب السنجري بكل هذا التجديف على الامام المهدي وفكرته ؟.
أم انه زاد في غيه بلا هدى ولابرهان ولادليل ولاكتاب منير ؟.
بل زاد ليفتح موضوعا اخر يتعلق بنيابة الامام المهدي ع وليقول :(( وبالتاكيد ننسى عقولنا اذا تعاملنا مع فكرة المهدي وهي غيب على انها واقع فناخذ خمس اموال المغفلين باسمه الشريف ونعمل نيابات موهومة عنه لنضفي قداسة لنا من غير جهد ، ونحشد جهلتنا على الاستعداد ، لظهوره على انهم هم جيش المهدي وانصاره والممهدون له فنستبدل لغةالحواربالسلاح والكلمةبالمهاترات والشعارات والعبادة بالشموع والنذورات ))!.
والحق انني :
اولا : لم ادرك عن اي عقل يتحدث الشيخ كي لاينساه اذا تعامل مع فكرة الامام المهدي على اساس انها حقيقة وواقع وغيب ينبغي الايمان به اسلاميا ؟.
هل يقصد عقله الشخصي مثلاام عقول الامة المسلمة كلها الذي ثبت لديها بالدليل الشرعي فكرة المهدي ووجوب الايمان بها وان الله سبحانه سيختم العالم كله بها ؟.
ثم ياشيخ قل لي بربك لماذا تتعامل مع فكرةالله سبحانه وفكرةجنته واخرته وناره وملائكته وشياطينه وجنّه .... وجميع مالا نعلم من خلقه على اساس انها واقع وينبغي الايمان بها مطلقا ، ويترتب عليها عبادات ، ونذورات وحقوق وواجبات وتعويذات انسانية واقعية ماعدى فكرة الامام المهدي التي حكمت عليها بضرورة بقائها غيبيا وليس لها اي واقع او مباشرة مع حياتنا الانسانية ؟.
فهل هذا يندرج تحت اطار موازين عقلك الشخصية ؟.
أم تحت اطار عقول العقلاء من هذه الامة ؟.

ثانيا : قل لي بربك لماذا تأخذ الزكاة باسم الغيب الالهي الذي هو يعود لفقراء الناس ومعدميهم ، ولاحرج ولم تنسى عقلك في هذا الامر ، وتنسى عقلك تماما عندما تأخذ باسم الله ورسوله واهل بيته خمس اموال تجار المسلمين لتعيده على فقرائهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية ؟!.
ما الفرق بين اخذ الزكاة باسم الدين لمنفعة الناس اجمعين ، واخذ الخمس باسم الله ورسوله والامام لانشاء مدارس وحوزات وتاليف كتب وتخريج طلبة علوم دينية كالتي تخرجت منها ياشيخ طالب ، وغنى عن السلطان واغراءاته وصناعة حصانة اقتصادية لمراجع الدين واستقلالهم للحفاظ على روح الدين ونظافته من وساخة الطغاة والسلاطين في هذه الدنيا ؟.
وهل هو منافي للعقل ان ناخذ خمس الامام لنجعله رصيدا لحماية الدين من عبث العابثين وتجاوز الوعاظ والسلاطين ؟.
ام المنافي للدين ان نقيم الدين بلا تفكير لوضع ضمانات له فكرية واقتصادية تجعل من دين الامام شوكة في عيون المارقين والفاسدين ؟.
لم تكن مرجعيتنا الدينية الشيعية ولامذهبنا الاسلامي في يوم من الايام طالب دنيا او سلطان لتعلن على الملئ استيلاء مرجعيتنا على اموال الناس بالباطل وتحت مسمى الخمس والامام ، كما ان الشيعة الذي صنعهم علي بن ابي طالب عليه السلام لم يكونوا في يوم من الايام مجرد حفنة من المغفلين كما اسميتهم ليضحك على ذقونهم باسم الامام المهدي ع بل مرجعيتنا منذ تاسيسها كنيابة للامام وحتى اليوم مراقبة من قبل الشيعة المسلمين ،وهي على اي حال لم ينبئ سلوكها طوال حياتها عن غير التقى والعلم والبساطة في العيش وتحمل المسؤولية والتضحية في سبيل حفظ الدين والمذهب !!.
وكذا شيعتنا ، لو كانوا حفنة من المغفلين ، كما تصفهم لانخرطوا كباقي المغفلين لعبادة السلاطين والتطبيل لفسادهم وطغيانهم ، ولم يصمدوا بوجه الطغاة والظلمة في سبيل الولاء لاهل البيت ومدرستهم والايمان بولايتهم مع ادراكهم مايعنيه هذا الايمان باهل البيت ع من غضب السلاطين ومطاردتهم للموالين والشيعة ؟.
والان ياشيخ طالب من هوالمغفل والسارق لاموال الله ورسوله واهل بيته هل هم شيعة الامام ومحبيه ومراجع الدين والمذهب ؟.
أم هم من باعوا انفسهم للشيطان وللسلطان على حد سواء !!.
ثالثا : عن اي قداسات تتحدث ايها الشيخ السنجري الطيب التي بنتها مرجعياتنا باسم الامام المهدي ، وتحت رايته عليه السلام ، وانت تعلم قبل غيرك ان شروط المرجعية الدينية في هذا المذهب العلمية والسلوكية ، لو وضعوها على جبل لناء بحملها !!.
ونعم الشيعةينظرون لمرجعيتهم بكل احترام وتقديروليس في ذالك عيب او نقيصة بل هو خلق يحسب للشيعة انهم اهل احترام لمراجعهم العلماء ، وبالمقابل يظهر علماء الشيعةمن انفسهم التواضع والحياةالمتوازنة التي لاتنم لاعن طلب قداسات ، ولاعن طلب زعامات والتاريخ شاهد بذالك ولاداعي للاطالة او تذكيرك بعلمائنا الشهداء قبل الاحياء .

اخيرا لااريد ان استرسل مع كل ماذكره الشيخ طالب السنجري بهذا الصدد لانه لايستحق الرد بالفعل ، ولكن يقتضي التنويه الى ان مثل هذه المقالات اشكالياتها انها مركبة على جهل مركب ، جهل بالفكرة الاساس وجهل بكيفية المعالجة ايضا مما يدفعني وغيري الى التعاطف مع مثل هكذا طروحات ومقالات متدنية التفكير والمنهج في القراءة ، اكثر من دفعي لتناول هكذا افكار بالنقد والتحليل والجدّية ، والا اين الجدية بما ذكره الشيخ العزيز طالب السنجري في الربط بين لغة السلاح والارهاب من جهة وفكرة المهدي المنتظر وبركة غيبته من جانب اخر ؟.

وماعلاقة فكرة المهدي بهكذا مواضيع سلوكية اجتماعية سياسية بامكان اي بلطجي سياسي ان يستخدم الدين لقتل الناس ، ولكن ماعلاقة الدين الفكرية بمثل هكذا سلوكيات اجرامية ليحمل الفكر الديني وزر الانحراف الاخلاقي والسياسي والسلوكي لهذا الفرد او الجماعة وهذا ان دل على شيئ في فكر الشيخ السنجري فانما يدل على سطحية ، وخلط وفراغ في التفكر يدمج بين المواضيع الفكرية الكبيرة وبين جزئيات الانفعاليات الشخصية التي تسيطر على قلم الشيخ وعقله !!.
نعم بقت كوارث في مقال الشيخ السنجري الصغير ربأنا بقلمنا عن تناولها لانها بالفعل اتفه من ان تناقش او ينفق عليها وقتا للمناقشة !!.

alshakerr@yahoo.com
مدونتي http://7araa.blogspot.com/2011_06_12_archive.html