الأحد، نوفمبر 20، 2011

(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر .. فائض القيمة )) 16 حميد الشاكر


اذا ما استثنينا كارل ماركس من المنطق الديالكتيكي تاسيسا وتنظيرا كما اشار له السيد الفيلسوف الامام محمد باقر الصدر في تمهيده الفلسفي لكتاب فلسفتنا عندما ارجع الديالكتيك لمؤسسه الاصيل فدريك هيجل المثالي واذا ماعزلنا ايضا ماركس عن المادية وفلسفتها والتنظير لها كما هو معروف من ان مؤسس الفلسفة المادية والمنظر لها في الفكرالشيوعي الاشتراكي هوقرين ماركس فردريك انجلز المنحدر اساسا من الطبقة الراسمالية الثرية ، والذي له الفضل باعاشة ماركس من ورطة عطالته وبطالته الدائمة ، كما ذكر ذالك في (الموسوعة الفلسفية المختصرة) ايضا بالقول : (( ، ونحن ندين لانجلز اكثر مما ندين لماركس بعرض المبادئ الرئيسية للمادية الجدلية)) 1 باعتباران المعروف عن ماركس انه يفتقرللفكر الفلسفي الخلاّق على الحقيقة !!.
اقول : اذا استثنينا ماركس ، من كلا جناحي الشيوعية الاشتراكية ( الفلسفة المادية والمنطق الديالكتيكي)فما الذي سيبقى لماركس لتسمى باسمه الفكرة برمتها ولتصدّر لنا الشيوعية المادية الجدلية باسم الماركسية ؟.
ومن ثم نحن ، في احد مقالاتنا ذكرنا سؤال : لماذا دُفع بماركس اذا كان هو مقلدا وتابعا لجناحي الفكرة بالذات ليكون هو واجهة هذه الفلسفة من قبل انجلز بالتحديد مع ان المطلع على محاورات انجلز وماركس سيكتشف ان ماركس بالفعل لم يكن مؤهلا فلسفيا ويفتقر لامتلاك الفكر الفلسفي ليطرح فكرا كان انجلز مهندس حركته وطرحه بالكامل ؟.
قيل سياسيا بسبب يهودية ماركس ، وان هناك اصابع ماسونية خلف الموضوع هي التي طرحت الاشتراكية لصناعة تيار يؤمن بحق اسرائيل في الوجود على ارض فلسطين المحتلة !!.
وهذه الفكرة لاتستبعد ، لاسيما ان ادركنا ان تأسيس الكيان الصهيوني في فلسطين كان على يدحزب العمل الاشتراكي الذي حكم الكيان الصهيوني منذ تاسيسه وباول رئيس وزراء اشتراكي (بن كوريون) ، الذي اسس للميلشيات الارهابية ( الهاغاناه والالماخ ) ، كمنظمتي فتك صهيونية بالاضافة الى زعامة هذا الحزب للباسدروت وللصهيونية العالمية انذاك !!.
وقيل اقتصاديا ان انجلز الراسمالي المنشأ الخطير هوالذي حوّل من كارل ماركس من صحفي مغمور الى صاحب نظرية غيرت وجه العالم الانساني وذالك بسبب ما كانت تعانيه اوربا من حرب ، وصراع مخاض بين القوى الكاثولوكية والاقطاعية التقليدية ، وبين القوى الراسمالية الصناعية الصاعدة انذاك ، ولهذا احتاجت اوربا الراسمالية لاي فلسفة تضعف من الدين والكنيسة ، وتحالفها مع الاقطاع والزراعية وهكذابرزت الحاجة لفلسفة تصب في صالح تدميرالاقطاع والدين من جهة وتصب في صالح تهيئة الارضية للسيطرة الراسمالية على العالم من جانب اخر !!.
وايضا هذا الجواب ربما يكون له واقع لاسيما ان ادركنا في النهاية ان العالم اليوم اصبح بلامنازع للراسمالية الديمقراطية بعدماادت الشيوعية المادية وظيفتها بتدمير الروح الدينية في اوربا قبل ان تُري الناس جميعا جحيم الدكتاتورية الشيوعية التي جعلت من اكثر من نصف الكرة الارضية يهربون من حكم الدكتاتورية الاشتراكية ليقعون في النهاية كثمرة ناضجة بحضن الراسمالية الديمقراطية بلا ادنى تردد .
وعلى اي حال فقد بقي شيئ لكارل ماركس يذكره الامام الصدرفي تمهيده الفلسفي لكتاب فلسفتنا عندما اشارالى ان ماركس بدا مقلدا وتابعافي فكرتي المادية وفلسفتها والديالكتيك ومنطقه ، اما ما تميز به ماركس عن غيره فهو : (( زعمه انه اكتشف تناقضات راس المال ، والقيمة الفائضة التي يسرقها صاحب المال في عقيدته من العامل )) . 2 .
والحقيقة ان لكلمة الفيلسوف الصدر ( زعم ) بحق ماركس وانه اكتشف تناقضات راس المال ، وفائض القيمة لها ما لها من مدلولات عميقة ، تحاول ان تشيرالى ان الفكرة الوحيدة التي هي (فائض القيمة) المتبقية لترقيع عملية عبقرية كارل ماركس الاقتصادية المزعومة ماهي : الا زعم ووهم وادعاء لاقيمة معرفية او اقتصادية او علمية له على الاطلاق وهذا ان كانت بالفعل فكرة ( العمل اساس القيمة ) التي استنبط منها ماركس نظريته في (فائض القيمة ) هي من بنات افكار كارل ماركس !!.
ومن ثم فان هذه الفكرة التي تاسست عليها تقريبا كل فكرة ماركس وتأسست عليها فكرة الصراع الطبقي الذي هدمت نسيج المجتمعات الانسانية ،والتي تأسست عليها فلسفة الغاء الملكية ومن ثم الاعتداء على ممتلكات البشر وحرمتهم المالية .... الخ كل هذا كان نتيجة خداع وكذبة ووهم وسياسةحاولت استغفال العقل البشري لتلعب لعبتها السياسية الخبيثة ، باسم فائض القيمة ، وحقوق الفقراء والعمال والمحرومين والكادحين ...الخ بينما الواقع المعرفي والعلمي والاخلاقي والاقتصادي يقول غير ذالك تماما وان ليس هناك مايسمى بفائض القيمة في الفكرالاقتصادي والعلمي وان هناك شيئ واحد لاغير: هو جهل مطبق بمسمى الاقتصاد ، استغله ماركس ليروج بين البسطاء حراك ثورة مفتعلة لمصالح سياسية مخادعة لاغير !!.

أما ماهي فكرة فائض القيمة ؟.
وهل العمل فقط هو اساس اي قيمة تبادلية للسلع المنتجة ؟.
أم ان هناك عوامل اخرى تدخل في بناء القيمة لاي سلعة منتجة ؟.
وهل فكرة : ان العمل اساس اي قيمة تبادلية ، بالفعل لماركس وفكره الاقتصادي العبقري ؟.
أم انها فكرة سطر اسسها الاقتصادي الانجليزي الراسمالي المعروف ريكاردو كما يذكره الامام الصدر، قبل ان يسطو عليها فكريا ماركس ، ليزعم انها من مبتكراته العبقرية ؟.
وكيف ترّكب على هذه الفكرة مفهوم الصراع الطبقي ؟.
وما علاقة فائض القيمة بنزع الملكية الخاصة والصراع الطبقي ؟.
وكيف يكون نزع الملكية من الافراد ضمان الوصول للمجتمع الشيوعي اللاطبقي ؟.
وكيف تغولت الدولة على اساس هذه الافكار الوهمية حتى تحولت الى وحش مدمر ودكتاتورية لم يشهد لها التاريخ مثيلا ؟.
وماهي المعاني الاجتماعية الكارثية لفكرة نزع الملكية الخاصة ووضعها بيد الدولة ؟.
فكل هذه الاسألة ، بعضها اجاب عليه الامام الصدر محمد باقر رض في اطروحته الاقتصادية ( اقتصادنا )، وبعضها مع الاسف لم يجب عليها سنحاول نحن الجواب عليها لتكتمل فكرة اوجريمة فائض القيمة وكيف تاسس عليها ما تاسس وانها فكرة مخادعة ولاواقعية وغير اقتصادية من الاساس !!.
نعم في معرض جوابه الامام الصدريبدأ من الاساس ليشرح لنا ماهية فائض القيمة وارتباطها بقانون ( العمل اساس القيمة ) ليقول بما معناه :
((ولم يصنع ماركس شيئا أساسيافي مجال تحليل القيمة التبادلية وانما اخذ بالنظرية التقليدية التي شادها قبله ( ريكاردو ) وهي النظرية القائلة : ان العمل البشري هو جوهر القيمة التبادلية ، فالقيمة التبادلية ، لكل منتوج انساني تقدر على اساس كمية العمل المتجسد فيه ، وتتفاوت قيم الاشياء بتفاوت العمل المهراق فيها فقيمة السلعة التي يتطلب انتاجها ساعة واحدة من العمل فقيمتها نصف قيمة السلعة ، التي ينفق عليها في العادة ساعتان من العمل )) 3.
وهكذا يُرجع ايضا الامام الصدررض نظرية (العمل اساس القيمة) الى الاقتصادي الانجليزي الراسمالي المعروف ( ريكاردوا ) ليصبح ماركس قاعدا على القاع من اي اضافة حقيقية لمبادء الاقتصاد الراسمالي القائم انذاك !!.
والحقيقة ان الامام الصدر رض يذكر ان قبل ديفيد ريكاردوا كان هناك (جون لوك ) و ( ادم سميث ) الذي نوه الى هذا القيمة التبادلية ، لكن ( ادم سميث ) وباعتباره بالفعل يدرك معنى فهم الاسس الاقتصادية ونظرياتها العملية راى ان هذه النظرية انما تعتبر واقعية اذا اخذناها على اساس تحركها في المجتمعات البدائية وليس في المجتمعات الاقتصادية الصناعية المعقدة !!.
صحيح ماركس اتى بعد ذالك ليزعم انه استنبط من نظرية ( العمل اساس القيمة ) قانون ( فائض القيمة ) والذي هو عبارة عن القيمة التي يصنعا العامل في السلعة ليأتي صاحب المال ويستولي عليها بدون وجه حق !!.
بمعنى اخر:ان صاحب المال عندما يشتري بدينار قطعة من الخشب ليدفعها للعامل ليصنع له بها سريرامن خشب ليبيعه بدينارين فان الدينارالاخرالذي يكسبه صاحب المال ماهو الا قيمة خلقها العامل بقوة عمله الذي حولت من الخشب سريرا لتعطيه قيمة استعمالية وتبادلية حقيقية ، لكن صاحب المال ياخذ هذا الربح ليعطي العامل جزءا منه ويحتفظ بالربح المتبقي من الدينار كربح له ، وبهذا يكون العامل قد انفق عمل دينار كامل الا انه لم يقبض سوى جزء من مستحقاته ليبقى دوما يعمل بقيمة اكثر دائما مما يقبضه بسبب ان صاحب راس المال استولى على الجزء الاكبر من قيمة السلعة !!.
وبهذا الفهم درس ماركس كل الاقتصاد الراسمالي باعتباره ماهو الا ربح منهوب من عمل العاملين وكدحهم في الحقيقة ، يساهم في ذالك الراس مال الذي ينتج ربحا لم يقم باي عمل في داخله !!.
والحق ان ما اسماه ماركس ، واعتبرته كثير من الاوساط الفكرية على اساس انه ثمرة الفكرالماركسي الخالص ، بقانون ( فائض القيمة ) باعتباره هو المحور الذي اكتشفه ماركس اقتصاديا في تناقضات الاقتصاد الراسمالي ، وبنى عليه رؤيته في الصراع الطبقي وضرورة زوال الملكية الخاصة من جراءه ... ، قد تناوله الامام الصدر بكل مفاصله الدقيقة لياتي على مدعياته من القواعد ،وحتى نظرية (( العمل اساس القيمة )) قد ناقشها الامام الصدر باعتبارانها الاساس الذي بنى عليه ماركس كل نظريته الاقتصادية الوهمية كذالك ناقشها الامام الصدر بشكل واضح وصريح ومباشر ليؤكد الحقائق الاقتصادية والفكرية التالية :
اولا : نظرية ( ان العمل فقط لاغير هو اساس القيمة ) نظرية افضل مايُقال حولها انها نظرية بدائية جدا لمفهوم الاقتصاد كما عبر عن ذالك (ادم سميث ) وهذا طبعا اذا لم نشأ ان نطلق صفة المخادعة على هذه النظرية فهي نظرية بالامكان الرجوع بمفهومها لعالم انساني كانت اليد هي الاله الوحيدة للعمل الاقتصادي ، وكان الانتاج فقط ما كان ينتجه العامل من عمل لاغير !!.
اما في مجتمعات اقتصادية يدخل فيها تنوع في الات الانتاج ففي مثل هذه الحالات الاقتصادية المتطورة لايمكن ان نختصر قيمة السلع في طاقة عمل العامل المنفق عليها لاغير ، وحتى في هذه الصورة البدائية ايضا لاتصمد نظرية ان (العمل فقط هو اساس القيمة التبادلية للسلع لاغير ) !.
ثانيا : هذه النظرية ولانها لايمكن ان ترتقي الى مستوى القانون الاقتصادي الذي يمكن الاعتماد عليه بدلا من البناء فوقه اصطدمت بعقبات كثيرة حتى ان المؤمنين بها من الماركسين جعلوا لها استثنائين :
الاول : هو (( الاحتكار )) باعتباره عملية تدخل في صلب معادلة صناعة القيمة التبادلية للسلع وان كان بشكل غير طبيعي بحيث ان احتكارالسلعة بامكانه ان يرفع درجات من قيمة السلعة ويضاعف من قيمتهابلا اي عمل اضافي يبذل عليها وهكذا في كل قانون العرض والطلب الذي بامكانه ان يتحكم بقيمة السلع !.
وثانيا : الانتاج الفردي وهو مايكون نتاجا قيمته ليست في كمية العمل المنفق عليه وانما قيمته بالندرة التي يمثلها وبالكفاءة التي تتجسد فيه ، مثال قيمة وثيقة تاريخية اثرية نادرة عندما تكون قيمتها التبادلية من ندرتها ، ومثال لوحة فنية ينفق عليها الفنان بابداعه نصف ساعة بينما تكون قيمتها مرتفعة بما لاتقاس بعمل مئة ساعة لاي عامل نسيج كادح !!.
وبهذا يصبح لدينا اكثر من عامل غير العمل هو ما يساهم بصناعة القيمة التبادلية للسلع المنتجة .
ثالثا : دائمامايجهل الاقتصاد الماركسي او يتجاهل ماركس القيمة الذاتية للسلع قبل دخول العمل عليها وتحويلها فعليا ،فهو اقتصاد ولانه بدائي الرؤية ينظر لكل السلع الخام على اساس انها ليست بذات قيمة الا اذا دخل عنصر العمل عليها ، ليعطيها قيمتها الاستعمالية والنفعية والتبادلية !!.
والحقيقة انه صحيح كما ذكر الامام الصدر رضوان الله عليه : ان السلع الخام في مرابضها لاتعني اي قيمة اذامادخل العمل الانساني لاستخراجها اوخلقها وصناعتها ... لكن هذا لايعني ان لاقيمة مختلفة بين الحجر وبين الخشب وبين الذهب كمعدن نفيس ذاتيا !!.
ونعم الخشب له قيمة ذاتية ارقى من الحجر ، تهبها الطبيعة لهذه السلعة تتكامل مع عمل الانسان لتكوّن قيمة اعلى ، وكما ان العمل بحد ذاته اذا كان عبثيا مثلا ايضا لايشكل اي قيمة ، كذالك السلعة لاتشكل اي قيمة اذا اهملت وتركت اما اذا تظافر العمل مع السلعة في جهد مثمر اقتصاديا فعندئذ تكون قيمة السلعة مشكلة من المادة الخام نفسها ومن عمل الانسان معا ، وكما ان عمل الانسان بلا مادة خام ذات قيمة لايعني شيئ كذالك المادة الخام بلا عمل لاتعني اي قيمة ،ولذا تكون قيمة اي سلعة تبادلية مصنعة بالاساس من العمل ، ومن المادة معا ، وليس فقط من عمل الانسان لاغير !!.
رابعا :ان مشكل القيمة التبادلية الحقيقي للسلع حسب رؤية الامام الصدر الاسلامية ليس هو العمل لتصح نظرية (العمل اساس القيمة)كمبدأ اقتصادي اوحدلاغير وانما المُشكل الفعلي للقيمة هو عامل ( سيكلوجي ) اجتماعي تمثله الرغبة الاجتماعية في السلعة ومنفعتها الاقتصادية التي تسد حاجات المجتمع !!.
فقيمة سرير الخشب في مثلنا السابق وقيمة الثوب وقيمة الملعقة وقيمة وسيلة النقل كل هذا تحدده رغبة المجتمع في هذه السلعة مضافا لمنفعتها وما تسده من حاجات لهذا المجتمع ، وكل هذا يخضع للعامل السيكلوجي للمجتمع اكثر من اي شيئ اخر وعندما تفقد السلعة منفعتها او تتنفي حاجة المجتمع لها اويعزف المجتمع سيكلوجيا عن اقتناء هذه السلعة ، او تلك فمهما كان العمل المنفق وبكميات مادية كبيرة على هذه السلعة فسيصبح غير ذات قيمة تبادلية اقتصادية !!.
والواقع : ان تفسيرالامام الصدررض لمصدرالقيمة التبادلية للسلع وارجاعه للعامل السيكلوجي ورغبة المجتمع يحل الكثير من الاشكالات التي تفجرت بوجه النظرية الماركسية في نظرية ( العمل اساس القيمة ) فعندئذ يمكننا فهم : لماذا كانت وثيقة تاريخية تملك قيمة تبادلية اقتصادية ضخمةجدافقط من الزمن ومع ان العمل المنفق عليها ضئيل ؟.
وكيف اصبحت لوحة فنية بقيمة تبادلية اقتصادية مرتفعة جدا مع انها تستمد قيمتها التبادلية فقط من ذوق المجتمع وسيكلوجيته ورغبته الفنية مع ان كل ما انفق عليها صاحب الريشة هو ساعة بينما اصبحت قيمتها بقيمة الف ساعة من عمل ناسج في مصنع ؟.
وهكذا نفهم لماذاقانون العرض والطلب يتحكم بقيمة السلعةفي الارتفاع والانخفاض ؟، ولماذا الاحتكار يعطي قيمة وهمية ومخادعة للسلع ؟.
خامسا : اشارالامام الصدر لعنصر اخر داخل في عملية القيمة التبادلية للسلع غير العمل المبذول عليها ، وهو كفاءة المواد الخام واختلاف انتاجها طبيعيا ، ويضرب الامام الصدر ، لهذه الحالة مثال الارض الجيدة التكوين والتي بامكانها ان تعطي ناتجا اجود من المحاصيل في قبال الاراضي التي لاتمتلك هذه الكفاءة الطبيعية !!.
فعمل ساعة في زراعة ارض جيدة ،وانتاج محصول الرز في ارض مهيئة طبيعيا للانتاج الاجود مختلف عن عمل ساعتين في ارض رديئة الانتاج ، مما يجعل من العمل في مثل هذه الاجواء شيئا ليس له علاقة اصلا لابقيمة الانتاج ، والسلع ولا باضفاء قيمة تذكر على هذه المعادلة !!.
بل ان عمل ساعتين في ارض رديئة التكوين الطبيعي او الغير صالحة لزراعة ما يفقد العمل نفسه قيمته ليجعل من عمل ساعة في ارض جيدة يعادل ساعتين في ارض اخرى !!.
سادسا : ان للقيمة التبادلية بعد ذالك عنصر مساهم واساسي في صياغتها الا وهو عنصر التنظيم والادارة والتسويق والقيادة الكفوءة !!.
ومعروف ان الادارة وقيادة العمل وكفاءة التسويق وتنظيم اي عملية اقتصاد بدأت من الاستخراج ومرورا بالعمل ، وحتى الانتاج والتوزيع والتسويق وجني الارباح كل ذالك اذا دخل عليه عنصر الكفاءة بالقيادة ، والادارة ، والتنظيم سيجنى لاريب ارباحا اعلى ، وقيمة تبادلية ارفع مما لو تركت هذه العملية الاقتصادية بلا تخطيط وقيادة وادارة ، فربما نزول سلعة منفق عليها من العمل عشر ساعات سيأتي بربح اقل كثيرا من سلعة انفق عليها نفس العشر من الساعات لكنها تنزل بشكل مختلف وبتنظيم ارقى وادارة اكفأ لتجني ارباحا مناسبة لسعر الاسواق !!.
وهكذا وصل الصدر في تحليله للنظرية الماركسية في ((العمل اساس القيمة )) الى هشاشة هذه النظرية تماما وانها نظرية لاتصلح اساسا لدراسة معنى القيمة التبادلية على اساس ان مكونها الوحيد ، هوالعمل فهناك العامل السيكلوجي الاجتماعي الذي هو اساس القيمة وهناك قيمة المواد الخام وهناك عنصر كفاءة المواد الخام وهناك ...الخ وبهذا ايضا ضرب الامام الصدر وهم قانون(فائض القيمة) الماركسي كذالك عندماهدم النظرية من الاساس فقاعدة فائض القيمة قائمة على مبدأ(ان العمل اساس القيمة ) باعتبار ان صاحب راس المال يسرق من قيمة سلعة عمل العامل !!.
اما والحال ان للقيمة اسس اخرى مختلفة فاصبح لدينا واضحاان ليس عمل العامل هو فقط المساهم في اعطاء السلعة قيمتها التبادلية ، ليحق له التسلط على قيمة السلعة كلها بدون مشارك !!.
وانما لصاحب الادارة الناجحة وقيادة العمل في عملية صناعة القيمة ايضا نصيب يصب في صناعةهذه القيمةوعلى هذا الاساس اقتسم صاحب راس المال مع العامل جني الارباح الذي درته السلعة التي اشتراها صاحب المال وسلمها للعامل ليشتري منه ( منفعة عمله ) وليس طاقة عمله ولا عمله الاساس !!.
بمعنى : ان الذي يؤسس للقيمة التبادلية للسلع هي اربع عناصر اساسية :
الاول : الرغبة الاجتماعية السيكلوجية كاساس للقيمة التبادلية .
ثانيا : المادة الخام .
ثالثا : العمل المبذول عليها .
رابعا : الادارة وصاحب المشروع والقيادة !.
فعن اي قيمة فائضة اذاً كان ينّظرويتحدّث كارل ماركس في كل ثورياته المخادعة بعد ذالك ؟.
وعلى اي اساس علمي ، انتقل ماركس بنظرياته البدائية اللاعلمية والعابثة بمسمى الاقتصاد وعلمه ليجعل من وهم (فائض القيمة)على اساس انه نواة التناقض الطبقي الذي يخلق صراع الطبقات الحتمي بين طبقة العمال المسروقة وطبقة الراس مال السارقة داخل المجتمع ؟.
واذا ماثبت علميا ان لافائض للقيمة مسروق ، ولا عمل عامل هو المساهم الاوحد في القيمة التبادلية ، فعلى اي فكر ونظرية تطورية طالب ماركس بالغاء الملكية الخاصة باعتبار انها اس البلاء الكوني الذي اذا دمرناه مع طبقته سنعيش في جنة اجتماعية شيوعية ليس فيها فائض قيمة يسرق ولاطبقة راس مال ينهب ؟.
اين يمكننا بعد ذالك ان نضع شعارات الماركسية الثورية وخلقها لانقسام وحرب اهلية بين طبقات اي مجتمع مستقر ولايمكن له التطور الحقيقي بلا استقرار ؟.
واين يمكننا ان نضع هذا الاعتداء السافر على خصوصيات الفرد البشرية والتدخل بملكياته ونزع حقوقه الاقتصادية بالقوة والعنف باسم نزع الملكية الخاصة ؟.
والحق ان لديّ مئات الاسألة من هذا النوع لا اعتقد ان للماركسية اي فكرة بكيفية الاجابة عليها بعد هذه الفضائح الفكرية التي فجر صاعقها الفيلسوف الصدر في كتابه الاقتصادي المشهور اقتصادنا !!.
نعم لنكتفي بسؤال واحد اخيرا وجوابه ليدرك اي متتبع ما الجريمة ، التي اقترفتها الماركسية المخادعة باسم العلم والتطور ، والتقدم وفائض القيمة ، وحقوق العمال والفقراء والكادحين ...بحق الانسان والمجتمع وهو: هل ساهمت فكرة نزع الملكية الخاصة ، التي رتبتها الماركسية على فكرة حرب الطبقات ، بتنمية حرية الانسان وحقوقه وكرامته او حرية المجتمع وكرامته ونموه اقتصاديا ؟.
أم انها ساهمت في اضعاف المجتمع امام تغول الدولة وافقدت الفرد والمجتمع اخر اوراق القوة والاستقلال والحرية ، والكرامة في قبالة الدولة ، وعصابة الحكم التي حكمت باسم المجتمع والفرد ؟.
طبعا لااريد ان اتحدث عن فكرة نزع الملكية في الفكر الماركسي وتعارضها حتى مع الفطرة الانسانية ،كما انني لااريد ان اتحدث عن هذه الفكرة وتناقضها مع فكرة المجتمع الشيوعي المادي الذي يؤمن بكل ماهولااخلاقي ثم يطالب هذا المجتمع ان يعمل باخلاقية راقية وبدون مقابل لخير ورفاه الاخرين ، وكذالك لااريد ان اتحدث عن رؤية الماركسية للانسان كمادة يمكن اعادة تصنيعها وانتاجها من جديد وبشكل مختلف عن ماعرفته البشريةمن انسانيةللانسان ولهذا اعتقدالماركسيون الشيوعيون انه لاشيئ في داخل الانسان فطريا او روحيا او معنويا يمكن ان يكون اساسا ثابتا في خلقة الانسان ولهذا اعتقدوا ان الملكية بالامكان انتزاعها من الانسان وصناعة انسان لايشعر اساسا بصفة التملك ، ويعمل ببلاهة للاخرين بدون ان يسأل نفسه لماذا اعمل انا للاخرين بينما الاخرون لايعملون من اجلي !!.
اقول بغض النظر عن ذالك ، فقضية التملك والملكية ، وماشرعته السماء وقوانين الارض من رفدلموضوعة الملكية الخاصة وتوازنهامع ملكية المجتمع الا لادراكها لضرورة ان يبقى الفرد والجماعة يمتلك نوعا من القوة الاقتصادية لتعطيه استقلاله السياسي قبالة هذه الهيئة المسماة بالدولة ، فالدولة وحش لايرحم ، اذا استطاع ان يستولي على السلطة السياسية ويضم معها السلطة الاقتصادية ويجرد المجتمع من كل قوته ولهذاالسبب كانت الملكية الفردية والاجتماعية الخاصة هي الفكرة الاخيرة التي تجعل من المجتمع كائنا قويا ومستقلا ومتوازنا ، بين سلطة الحكم من جهة وسلطة المجتمع الاقتصادية من جانب اخر !!.
وفي حال تجريد المجتمع والفرد من استقلاله الاقتصادي ومصادرة ملكيته للدولة ووحوش الحكم فيها فليس فقط سيصبح المجتمع عاجزا امام اي دكتاتورية للدولة وتسلط لها وعبث بمقدراته ، واعتداء على كرامته وحريته ، بل وكذالك ستتحول الدولة نفسها الى ممارسة بروقراطية وفساد ودكتاتورية لاحدود لها ابدا ليتحول في المحصلة المجتمع الى مجرد عبيد واجراء ، ومتكلين وعالة .....لاصحاب السلطة والحكم لاغير وهذا ماحصل بالفعل ، للحكم الشيوعي الماركسي المادي الاشتراكي بالتحديد !!.

1 : الموسوعة الفلسفية المختصرة / مصدر سابق / ص 81 / فردريك انجلز .
2 : فلسفتنا / للسيد الصدر / مصدر سابق / ص 24.
3 : اقتصادنا / للسيد الصدر / مصدر سابق / ص 186.
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com