السبت، ديسمبر 17، 2011

(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر .. الحلّ اسلاميا )) 20/20 حميد الشاكر


يختتم السيد محمد باقرالصدر رحمه الله تمهيده الفلسفي لكتاب فلسفتنا بعد ان ناقش عوارالحلول الفكرية للنظامين الراسمالي الديمقراطي والشيوعي الماركسي المادي في المسألة الانسانية بموضوع ((الحلّ الاسلامي الوحيد للمشكلة الانسانية )) وهذا طبعا بعدما هيئ لختام تمهيده باشكالية ((الرؤية المادية)) لكلا النظامين الراسمالي والشيوعي وان هذا التفسير المادي للحياة وللعالم وللمجتمع وللانسان هو سبب كل المآسي والعذابات والويلات البشرية التي نتجت عن كلا هاتين الاطروحتين ابان تطبيقهما سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .... على ارض الواقع الانسانية في العصر الحديث !!.
وقد ناقشنا خلال تسعة عشر بحث متوسط الحجم تقريبا معظم ماتعرّض له الامام الصدر في تمهيده الفلسفي من افكار ومصطلحات ، ومفردات ... سياسية وفكرية واقتصادية واجتماعية ، تتعلق بكلا النظامين الراسمالي والماركسي الشيوعي وهذا بالقطع لايعني اننا استوفينا كل الافكار التي تتصل بالراسمالية والماركسية المادية من جهة ولايعني ايضا اننا استطعناتغطية كل ماجاء في هذا التمهيد الفلسفي للامام الصدر باعتبار ان هناك الكثير من الافكار، التي اشار لها السيد الصدر لم نتعرض لها بالتفصيل والتعمق والشرح مخافة الاطالة على قرّائنا الكرام !!.
نعم يمكننا ايضا هنا واتماما لفهرسة المواضيع التي نوقشت بهذه السلسلة من فكر الامام الصدر رضي الله تعالى عنه ، ان نذكر المحاور الفكرية التي ناقشتها بحوثنا الفكرية قبل الاختتام ببحث (( الحلّ الاسلامي الواقعي )) الذي جعله الامام الصدر ختاما لتمهيده الفلسفي هذا ورداعلى موضوع الرؤية المادية الراسمالية والاشتراكية الشيوعية تلك كي تكون هناك فكرة عامة عن المحاورالتي تناولناها ببحوثنا السابقة والتي نحاول الان ختمها ببحثنا الاخير المتقدم ذكره اعلاه !!.
ولنقول :
اولا : طرحنا في حلقتنا الاولى من هذه السلسلة لماذا نحن نكتب حول هذا التمهيد في كتاب فلسفتنا للسيد الصدر بالتحديد .
ثانيا : تناولنا فكرة النظام الاجتماعي في فكر الصدر وما الذي دفعه لمناقشة النظم الاجتماعية واهميتها المصيرية في كتاب فلسفتنا مع انه كتاب مختلف عن موضوع علم الاجتماع في الحلقة الثانية ؟.
ثالثا: في الحلقة الثالثة تناولنا كيف ان فكرة النظام الاجتماعي في فكرالامام الصدر تعتبر مركزا اساسيا ومحورا جوهريا في فهم الامام الصدر وفكره من جهة وكيف ان النظام الاجتماعي كان يراه الصدر باعتباره هومحورالتغيير والاصلاح الحقيقي لكل مشروع تغييري عالمي وانساني .؟.
رابعا : كانت عبقرية الصدر هي محور الحلقة الرابعة .
خامسا : بدأنا بتشخيص مصطلح النظام الاجتماعي في فكرالصدر وانه كان قاصدا به المذهب الاجتماعي وليس علم الاجتماع .
سادسا : فتقنا الحوار حول المذهب او النظام الراسمالي في الحلقة السادسة وحسب ركائز هذا النظام في الاتكاء على الفكرة الفردية .
سابعا : في الحلقة السابعة ناقشنا الحرية الفردية في مفاهيم الاطروحة الراسمالية .
ثامنا : تعمقنا في الفلسفة التي تقف خلف مفهوم الفردية في الاطروحة الراسمالية ولماذا وكيف نشأة هذه الفكرة في قبالة فكرة المجتمع ؟.
وماهية مبرراتها الراسمالية ؟.
تاسعا : كانت الحلقة التاسعة تتمحور حول ماهية فقدان الراسمالية للرؤية الفلسفية وانعكاسات هذا وانطوائه على ماديتها المخادعة كما يصفها الامام الصدر .
عاشرا : تناولنا في هذه الحلقة : مآسي النظام الراسمالي ، حسب وجهة نظر السيد الصدر .
الحادي عشر: كانت حلقة استكملنامن خلالها الحلقة الفلسفية النفعية التي تقف خلف النظام الراسمالي ، وكيف ان الديمقراطية الراسمالية ماهي الا حرية شكلية وليست جوهرية كما يؤسس لها النظام الاسلامي في فكر الصدر !.
الثاني عشر :انتقلنا ببحوثنا لنناقش فلسفة الصدر وهي تصارع الشيوعية في عراق مابعد انقلاب الجنرال قاسم في 1958م .
الثالث عشر: بدأنابطرح الخطوط العامة في النظام الاجتماعي الشيوعي الماركسي المادي حسب تسلسل التمهيد الفلسفي للسيد الصدر ، ومناقشته للاطروحة الشيوعية المادية ، واختلاف الاشتراكية الشيوعية عن الاشتراكيات الديمقراطية الغربية .
الرابع عشر: وفي الحلقة الرابعة عشر شرحنا المفصل الثاني للشيوعية الماركسية وهو(الديالكتيك) وتعمقنا في فهمه كمنطق وطرحنا وجهة نظر السيد الصدر النقدية حول الديالكتيك الماركسي الذي هو بالاساس هيجلي التأسيس .
الخامس عشر: كانت حلقة تناولنا فيها مؤسس الديالكتيكية المثالي ((هيجل)) وكيفية اقتباس ماركس للمنطق الجدلي من ينابيعه المثالية وتحويله للمادية .
السادس عشر: وفي الحلقة السادسة عشر عرجنا على المفاهيم الاقتصادية لماركس في قاعدة (العمل اساس القيمة) وفندنا وهم فائض القيمة الذي بُني على تلك القاعدة .
السابع عشر:في هذه الحلقة تناولنا فكرة الصراع الطبقي في الفكر الشيوعي المادي الماركسي وكيف انه صراع لم يستندعلى اي مستند قانوني غيرالافكاروالتصورات الاقتصادية والفلسفية الخاطئة لماركس وشيوعيته المادية !.
الثامن عشر : كانت حلقةً طرحنا فيها مفهوم (( الملكية )) وكيفية تناول الماركسية له ودعوتها لالغاءمبدأ الملكية والانعكاسات الخطيرة التي ترتبت على هذه الدعوة.
التاسع عشر:وهي الحلقة التاسعةعشرالتي سُلط فيها الاضواءعلى الجهل الماركسي المركب في تشخيص المرض البشري ، ومن ثم وضع الحلول الخاطئة والعلاجات البعيدة عن واقعية المشاكل الانسانية !!.
هذه فهرسة مختصرة لما طرحناه حتى الان في سلسلتنا هذه ، من التمهيد الفلسفي لفكرالسيد الصدرويتبقى علينا ان نختم هذه السلسلة بما ختم به الامام الصدر تمهيده في طرح (الحلّ الاسلامي الواقعي) باعتباره انسب الحلول البشرية لمعالجة مشكلة الرؤية المادية العالمية المزمنة !!.
والحقيقة قبل ان يطرح السيد الصدر ((حلّه الاسلامي)) للمشاكل العالمية فانه عرج في تمهيده الفلسفي ، قبل ذالك على موضوعة (( الرؤية المادية )) في كلا الفكرين الراسمالي والماركسي الشيوعي المادي وشرح قواعد رؤيتهما المادية تلك ليتحدث لناعن رؤيتين ماديتين مختلفتين في الشكل لكلٍ من الراسماليةوالماركسية الشيوعية ولكنهما متفقتان بالمضمون والنتيجة ، وبهذه الطريقة :
اولا : الراسمالية .
تتميزالرؤية الراسمالية المادية للحياة وتفسيرالعالم والمجتمع عن شقيقتها الماركسية الشيوعية بانهامادية مرتبطة بمفهوم الفردية ايضاوليس بالمفهوم الاجتماعي للمادية فالفرد في الاطروحة الراسمالية ، هو العنصر الاساس في كل المعادلة الراسمالية الفكرية ، وهو محور كل طرح نظامها الاجتماعي وتصوراتها الفكرية وبهذا كان ولم يزل الفرد وتصوراته للاشياء من حوله هومقياس وميزان الاطروحة برمتها!. وعلى هذا الاساس درست الراسمالية الفرد الانساني بكل مفاصل وجوده الفردي لتخرج بنتيجة فكرية ونفسية مفادها :
(( ان محور حركة الانسان وتطلعاته ، وكل وجوده مرتبط بمنفعته المادية واينما تتوجه هذا المنفعة الفردية المادية ، والتي منشأها حب الذات لدى الانسان يتوجه بكل طاقته لاستحصال هذه السعادة المادية والابتعاد عن عذاب الالم ))
ومن هنا نشأة الفلسفة النفعية الفردية ، التي ابتكرها ونظّر لها قادة الفكر الراسمالي الفردي منذالقرن السابع عشر الميلادي وحتى يوم الناس هذا وخلاصة هذه الفلسفة النفعية الراسمالية الفردية هي : ان المنفعة المادية وحدها هي المقياس الاعلى لكل حقائق هذا الوجودالانساني الاجتماعية الفكرية والعلمية والنفسية والاخلاقية في هذه الحياة وكل شيئ عندما يتصف بصفة الحق فبسبب ، ولانه نافع ماديا لاغير وكل ماليس فيه منفعة مادية او يفضي الى منفعة مادية تعود بالنفع المادي على الانسان فهو الباطل والخرافة وكل الاساطير، وحتى الاخلاق والدين والصدق والامانه ... وكل المعنويات والروحيات الفردية ، والاجتماعية فهي جيدة ومقبولة في الفلسفة النفعية ليس لانها حقائق واقعية تمثل شيئ له قيمة عقدية اواخلاقية معنوية بل لانها بشكل غير مباشرتساهم في منفعة الانسان المادية وتحافظ على نظامه القائم لاغير، فهي نافعة وحسنة ، ومتى تحول الدين او الاخلاق اوالمعنويات الى شيئ غير نافع مادي فيجب الاطاحة بهكذا مفاهيم لامادية لانها مفاهيم باطلة ومزيفة ولاتؤدي اي منفعة مادية للفرد وللمجتمع !!.
بهذه الرؤية المادية النفعية بنت الراسمالية كل فلسفتها الفكرية ونظامها الاجتماعي القائم ومذهبها الاقتصادي والقانوني والسياسي الذي يقوم على الفردية النفعية !.
وبهذه الرؤية المادية للحياة وللعالم وللفرد والمجتمع ... صنعت الراسمالية انسانها الراسمالي الجديدالذي لايؤمن الا بمنفعته الماديةالفردية فحسب كمحرك لكل وجوده في هذه الحياة !.

ثانيا : الماركسية الشيوعية !.
اما مادية المدرسة الماركسية الشيوعية فهي مادية اعمق واوسع من مادية شقيقتها الراسمالية من حيث الفكروالاتساع فهي مادية على مستوى الرؤيةالكونية والعالمية والانسانية من جهة وهي مادية على مستوى الفرد ورؤيته وفكره وتصوراته لهذه الحياة ايضا من الجانب الاخر !!.
بمعنى : ان مادية الماركسية الشيوعية لها جانبان فكريان فلسفيان :
الاول: وهو الجانب الفلسفي النظري الكوني والخارجي وهذا هوالذي جاء في قبالة الرؤية المثالية للعالم انذاك ليؤكد ان للعالم مادية خارجية منفصلة عن فكرالانسان وذهنه وله استقلالية عن هذا الفكر باعتبار ان المثالية كانت تعتقد ان لاوجود مادي خارجي لاي شيئ في العالم خارج تصورات وافكار الذهن البشري !.
الثاني : وهو الجانب الفردي لتصورات وافكار الانسان ، حيث ربطت الماركسية كل مايحمله الانسان من تصورات وافكار واخلاق وعقائد واديان ومفاهيم .... بما تنتجه وسائل الانتاج الاقتصادية الخارجة عن كينونة الانسان !!.
وبما انه ليس هناك اي واقعية ، لأي فكر يحمله الانسان في داخله ، الاّ من خلال الوضع الاقتصادي القائم ، وبما ان وسائل الانتاج الاقتصادية هي متطورة ومتغيرة فعلى هذا الاساس بنت الماركسية المادية فكرة عدم ثبات اي عقائد وافكار واخلاق ومفاهيم في داخل الانسان بسبب ارتباطها الكلي بالوضع الاقتصادي القائم والذي هو بدوره وضع قائم غير ثابت ومتغير ومتناقض مع ذاته دائما !!.
فالماركسية (هنا) قاربت المادية الراسمالية في ان مايحيط بالانسان فقط هو الوجود المادي ، لكن الراسمالية بنت على هذه المادية الفلسفة النفعية لتوظفها للفردية بينما وظفت الماركسية المادية التي تحيط بالانسان من كل جهة لخدمة الاقتصاد والرفع من منزلة وسائل الانتاج لتكون هي الاله الذي يسعى لعبادتها الانسان لاغير !!.
هذه هي مادية النظامين الراسمالي والماركسي الشيوعي ، وهي ماديتان لاتعترفان باي حقيقة خارج المنفعة او المادة والملموس ، سواء كانت هذه الحقيقة الله سبحانه وتعالى او الاخلاق ودوافعها اوالمعنوية الانسانية ووجودها وعلى هذه المادية بنى كلاالنظامين الراسمالي والشيوعي الماركسي الاشتراكي جميع افكارهما الفلسفية ، والاخرى القانونية والاجتماعية ، والاقتصادية والسياسية ، على أمل صناعة انسان راسمالي ديمقراطي فردي حر في الراسمالية وانسان شيوعي مادي تطوري سعيد ايضا في الماركسية العتيدة !!.
ومن هنا ناقش الامام الصدركلا الماديتين الراسمالية النفعية الديمقراطية والشيوعية الماركسية الاشتراكية ليطرح الاتي :
اولا : في الراسمالية .
لايمكن حسب وجهة نظر الامام الصدر محمد باقر في تمهيده الفلسفي ، ان نصنع انسانا فرديا او اجتماعيا جيدا ، او نخط قانونا او نرسم سياسة حكيمة لادارة الحياة على مثل هكذا فلسفة نفعية غارقة في المادية من جهة ، ونائية بالفرد الانساني عن اي مشاعر وافكار وتوجهات معنوية واخلاقية من جانب اخر !!.
كما اننا اذا اردنا صناعة انسان بهكذا مواصفات نفعية راسمالية مادية ، ثم زودناه بالحرية الفردية المطلقة ، ووظفنا القانون والدولة لحمايته ، فلانستغرب بعدئذ اذا اصطدمنا بوحش بشري كاسر لايرى في طريقه غير منفعته وملذاته الفردية حتى ولوكانت على حساب عذابات الملايين من البشرالذين سيسحقون امام جشعه وطلبه للمنفعة على حساب اي شيئ اخر !!.
وهكذا لا ينبغي ابدا ان نستغرب جشع وشراهة وعدم ضميرهذا الانسان الراسمالي المادي وهو يعتدي على حقوق العامل او يطرد العمال بعد ان يستنزف كل طاقتهم العملية ،او يستعمر البلدان ويقهر شعوبها وهو يبحث له عن موارد اقتصاد تضخم من رصيده الراسمالي ، او توسع من نفوذ توزيع بضاعته الفائضة عن الحاجة في الاسواق الخارجية العالمية المعدمة !!.
لا ... لاينبغي ان نستغرب من كل ذالك ، بسبب ان المعادلة الراسمالية لايمكن لها ان تقبل القسمة والفصل بين مقدمات فكرية وفلسفية وقانونية .....كلها مادية نفعية ونتائج كلها توحش وانانية وفردية وشره وتغول وتوحش بشري عجيب !.
نعم ايضا لايمكن حسب رؤية الامام الصدر ان نصنع انسانا حرّا حقا تحت حزام هذه المواصفات النفعية التي تصنع راسماليا عبدا لمنفعته ومرتهنا لملذاته الانسانية المادية ، اكثر من كونه انسانا بامكانه ان ينتصر ، اولا على جشعه وطمعه قبل ان ينتصرعلى العالم وماحوله من تنافس اجتماعي واقتصادي وسياسي متوحش يسحق فيه الاقوياءالضعفاء ولايسمح فيه المتغولون لاي منافس صغير ان يتنفس الصعداء ليبتلعهم فيما بعد حسب قوانين لعبة الراسمال والمنفعة القائمة !!.
هذه هي الرؤية الواقعية ، التي تحتم عدم صلاح الراسمالية الديمقراطية لتكون هي النظام الارقي في صناعة الانسانية الحرّة ، كما انه هذه هي الرؤية التي تضطرنا للاعتراف ان مقدمات هكذا فلسفة نفعية ماديةوهكذا نظام فردي اقتصادي وسياسي لايمكن له ، الاّ ان ينتج توحشا انسانيا غارقا في الظلم ، وعدم الانصاف ومناصرة القوي وقمع الاضعف وبقاء الاشرس ودمار ونفي الارحم !!.
ثانيا : الماركسية الشيوعية .
من وجهة نظرالامام الصدر رض في الماركسية الشيوعية المادية وما طرحته من علاج لادواء الراسمالية ، ونفعيتها الفردية اولا ، قبل ان تطرح وجهة نظرها التي حملت نفس فايروسات الغيبوبة المادية ثانيا يرى الامام باقر الصدر ان الماركسية طرحت(الغاء الملكية) كحلّ لابد منه لعلاج توحش وتغول النظام الراسمالي المادي النفعي ، لتصنع بذالك من حيث لاتدرك مشكلة اعمق مما انتجته الراسمالية النفعية الفردية على البشرية جمعاء من دكتاتورية وقمع وتوحش !!.
فالاشكالية الراسمالية لم تكن اساسا بمبدأ (الملكية) لتأتي الماركسية المادية وتطالب بالغائها للتخلص من توحش الراسمالية الظاهر للعيان وانما كانت ولم تزل المشكلة الراسمالية الكبرى في رؤيتها النفعية المادية للحياة لاغير ، كما انه لم تكن مشكلة الراسمالية لانها بنت فلسفتها النفعية على مبدأ(حب الذات) لدى كل انسان منا لتأتي الماركسية الشيوعية لتطالب : بقتل فطرة الانسان في حبه لذاته ومنفعته ، وتحويله صناعيا الى انسان اجتماعي فحسب فالانسان جبل على حب منفعته ، ومن الخطئ ما نادت به الماركسية لقتل الفردية وحبها لذاتها داخل الانسان !!.
بل كان العلاج الحقيقي للنفعية الراسمالية المادية هوالاطاحة بالرؤية الفردية النفعية المادية والمناداة بصناعة رؤية تمزج بين المعنوية الاخلاقية من جهة وبين المادية الفردية من جانب اخر لتتوازن الشخصية الانسانية في رؤية المنفعة الذاتية للافراد ومن ثم لنصل الى فرد يلتذ بالمنفعة المعنوية كمايلتذ ويطلب المنفعة المادية الفردية على حد سواء ، وهذه المنفعة المعنوية هي الضامن الاخلاقي الوحيد لرؤية انسانية فيهاضميروتشعربالاخرالانساني وترتقب العوض المعنوي الاخروي بدلامن المنفعة المادية التي يضحي بها الفرد ماديا في هذه الرؤية !!.
هكذا كان ينبغي علاج امراض الراسماليةالنفعية المادية من وجهة النظر الاسلامية للسيد الصدر في تمهيده الفلسفي ، ولكن الماركسية الشيوعية ، وبدلا من ان تدرك وتشخص الامراض الراسمالية بواقعية وفكرية مطمئنة ، ذهبت لتفتق جرحا جديدا في جسد الانسانية ومشاكلها المتراكمة لتزيد بمناهضتها للانسان وفطرته ومنفعته الما الى الام الانسانية الكثيرة !!.
نعم لم يكن الراسمالي متوحشا بسبب مبدأ الملكية ، ولم يكن كافرا بالانسانية لانه يحب ذاته ومنفعتها ، بل كان كذالك بسبب رؤيته للحياة ، وتفسيره المادي للانسان وتطلعاته ، وما لم يغير الانسان من رؤيته المادية للحياة وللعالم لايمكنه ان يصنع حياتا فيها نوعا من التوازن والطمأنتينة والسعادة والعدل في هذا العالم !!.
والحق ان الماركسية الشيوعية المادية ، في هذا الموضع من الاشكالية الانسانية لم تكن هي المدرسة الفكرية الاصلح لاعطاءالارشادات الروحية والاخلاقية والمعنوية للنظام الراسمالي الفردي الذي كان قائما ولم يزل ، فهي مدرسة تساوق الراسمالية اذا لم نقل تفوق عليها بدرجات في رؤيتها المادية للحياة وللعالم وللانسان ، وعلى هذا باي واقعية فكريةوعلى اي اساس اخلاقي تطرح الماركسية نفسهاكمنقذ بشري من كارثية النظام الراسمالي بينما في المعادلة الحسابية البسيطة نجد ان الراسمالية ربما تكون الجانب الارحم في معادلة الدكتاتورية المادية على الانسان !؟.
واذا كانت الراسمالية انتجت لنا انسانا بلا ضمير ، ولا خُلق ولامعايير معنوية في هذه الحياة بسبب فلسفتها النفعية ورؤيتها المادية للحياة ، فان الماركسية صنعت لنا انسانا لم يبقى من انسانيته سوى اطلال مادية مهشمة تمتلئ بشعارات معنوية عالية القيمة الاخلاقية من جهة ،بينما من الجانب الاخر لاتؤمن هذه الماركسية باي خلق ثابت او معنوية غير مادية لتكون نهاية الانسان الشيوعي الماركسي شبيه بدراكولا متناقض ومتناشز ومتضارب في كل وجوده وتركيبته البشرية الصناعية الماركسية المعقدة !.
نعم لانجاة لهذه البشرية من فرن الماديةالغربيةوالشرقية الملتهب سواءكان راسماليا فرديا نفعيا ديمقراطيا ، او كان ماركسيا شيوعيا اشتراكيا ماديا الا اذا وعت صحة الانتماء لمدرسة واطروحة وفلسفة تحمل اساسيات ومبادء التحرر الانسانية من قيد وعبودية المادية البشرية الحديثة !!.
والامام الصدر يطرح مدرستنا الاسلامية على اساس انها ذالك النظام وتلك الفلسفة التي تحمل بين جنباتها نظام الانعتاق ، والتحرر من قيود المادية من جهة ، ونظام العلاج لادواء البشرية جمعاء في تخبطها بين الفردية مرة والاجتماعية مرة اخرى من جانب اخر !!.
ان المشروع الاسلامي بصورة خاصة ، والمشروع الديني بصورة عامة في وجهة النظر الفكرية للامام الصدرليس هو ذالك المشروع الذي وظيفته تقتصر فقط بربط الانسان بعالم الغيب اواختطاف الانسان من عالم الشهادةورميه في اتون عالم المثل والالهيات فحسب بل ان المشروع الديني من وجهة نظرالامام الصدرهو المشروع الوحيد القادر على صناعة انسان متوازن الشخصية بين معنويات التضحية واللذة والمنفعة من جهة ،وبين ماديات الحياة وحاجات الانسان وتطلعاته ورغباته في هذا العالم من جانب اخر ولايوجد غير الدين مشروعا بامكانه ان يقوم بصناعة انسان متوازن وعالم سعيد ، ونظام يصلح لعلاج الامراض المادية البشرية غيرالاسلام ، والدين في هذه الحياة !!.
ولهذا تجدالانسانيةكلما ابتعدت عن الدين وكفرت بكل مبادئه اعتقادامنهاانها ستصل الى السعادة والحرية والانفكاك من الشقاء الغيبي تحت مؤثرات الزيف التديني كما حصل في فساد الكنيسة الغربية ورؤيتها الفاسدة للمشروع الديني اذا بها في نهاية نفق الافكار والفلسفات والنزعات ... المادية تكتشف ان التحرر الحقيقي كان تحت ظلال الدين ومشروعه ، وان العبودية الواقعية عندما تؤمن بافكار تولها شيئا فشيئا اما عبيدا لنزعات الراس المال والانسان ومنافعه الفردية واما عبيدا لوسائل الانتاج ودكتاتورية الحكم والسلطة في الاشتراكية الماركسية فتقفل راجعة للدين ومشروعه بصورة اقوى واحد واكبر مما في السابق !!.

http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com