السبت، أكتوبر 24، 2015

(( سؤالان حول علم الاجتماع )) حميد الشاكر


(( سؤالان حول علم الاجتماع )) حميد الشاكر

 

 

بعث لنا الاستاذ (زيوار محمد المدرس ) عبر الفيس بوك  سؤالا حول علم الاجتماع مفاده :
السلام عليكم استاذنا الحبيب

كيف حالكم ؟

حقيقة اود شكرك على كتاباتك الراقية والرائعة

وقد قرات الكثير من سلسلتك اكذوبة علم الاجتماع العراقي االتي عريت فيها علي الوردي تماما

اود هنا سؤالك استاذنا الحبيب حول قضية يصر عليها الكثير من علماء الاجتماع بما فيهم الوردي
ومفادها كما تعلمون ان الانسان لايختار سلوكه
انما يختاره له المجتمع
ما قيمة هذه الاطروحة على ضوء علم الاجتماع الحديث او مدارس الاجتماع عموما .. وكيف نظرتكم لذلك ؟ .. وما قيمتها بالأحرى في ميزان الرؤية النقدية ومعيار العلم

فاجبناه بالاتي :
تحياتي اخي زيوار محمد وشكرا لكم على التقييم : نعم لكل مدرسة علمية في العصر الحديث رؤيتها الخاصة لما حولها من اشياء لاسيما الشيئ الارقى وهو الانسان ، فمدرسة علم النفس الحديثة (مثلا) عندما نطرح عليها مفهوم الانسان فمن الطبيعي ان تنظر الى هذا الانسان على اساس انه صناعة نفسية مئة بالمئة ، وغير مطالبة هذه المدرسة من الناحية العلمية ان تنظر للانسان بمنظار اخر غير مدرستها وتخصصها بهذا العلم !!. وهكذا يقال بالنسبة لعلم الاقتصاد او علم الفيسلوجية او ... علم الاجتماع ايضا ، فمدرسة علم الاجتماع ترى ان الانسان صناعة اجتماعية مئة بالمئة اي ان المجتمع او المصنع الحقيقي لبناء الانسان الفرد روحيا وفكريا وسلوكيا و....غير ذالك هو المجتمع فحسب !!. والى هنا لم تزل هذه الرؤى للانسان رؤى علمية باعتبار ان كل مدرسة تدرس الانسان من خلال منظارها ومنهجها ومنطلقاتها و .... تعتبر نفسها انها المرجعية الاخيرة لكل ما يختص بالفرد الاجتماعي ؟. نعم عندما تؤكد مدرسة علم الاجتماع الحديثة ان الفرد الانسان ماهو الا صناعة اجتماعية فهي لم تخرج عن قاعدة التخصص العلمي الحديث ، وعندما تصل مدرسة علم الاجتماع الى نتيجة من قبيل ان سلوك الانسان واختياراته وتركيبه النفسي والعقلي والروحي والفكري والثقافي والعقدي و .... ماهي الا نتاج ما غرزه المجتمع داخل هذا الفرد ، فهذا هو عمق مدلول علم الاجتماع الحديث بل وهو الرؤية العلمية لهذا العلم بالتحديد !!. تمام ربما يتسائل البعض عن حرية الانسان الفرد قبالة هذه الجبرية الاجتماعية التي يصورها علم الاجتماع الحديث على اساس انها الجدران الحديدية التي يسجن داخلها الفرد الانسان ولا قدرة ولا حرية ولا اختيار له في داخل هذا السجن الاجتماعي ؟. ويتسائل الكثير عن معنى هذه الرؤية الاجتماعية التي توحي بفقدان الانسان لاهم ميزة عنده الا وهي حريته وارادته امام هذا المارد الاجتماعي المتغول ؟. هنا وعلميا وعند ارادتنا للاجابة على مثل هذا الاشكال لابد من التفريق بين مناهج التفكير العلمية من جهة ومناهج التفكير الفلسفية او الكلامية من جانب اخر ؟.لكل علم ومدرسه منهج بطبيعة الحال في تناول الزوايا المعرفية وخاصة التي تحيط بالانسان ، فليس داخل في اطار مناهج العلوم الاجتماعية ان يدرس الانسان منفصلا عن مجتمعه ولذالك لم يصبح المجتمع مادة لعلم ما الا عندما اصبح المجتمع مادة لعلم الاجتماع له قوانينه وسننه الثابته التي تميزه عن باقي مناهج وقوانين العلوم الاخرى ، فعلم الجيلوجي لايمكن ان نطالبه بدراسة قوانين التفكير الانسانية ، والعكس صحيح عندما نؤكد
ان الفلسفة كمدرسة لدراسة ظواهر التفكير الانسانية ( هذا تعريف الفيلسوف الايراني مرتضى مطهري للفلسفة ) لايمكن لها ان تشرح او تفسر لنا طبقات الارض الجيلوجية او تتمكن هذه الفلسفة من تناول قوانين هذه الطبقات الارضية !!. علم الاجتماع هو الاخر علم مختص بدراسة المجتمع ككل واذا اردنا ان ندرس ظاهرة حرية الانسان الفردية وارادته السلوكية بعيدا عن المجتمع فلا بد ان ننقل الدراسة والبحث لعلم الفلسفة حتى نجيب على سؤال : هل الانسان مخير ام مسير قبالة جبرية المجتمع ؟؟. وهكذا اذا اردنا ان نبحث سؤال : هل الانسان مخير او مجبر امام ارادة الله سبحانه وقضائ ؟. فاننا حتما اذا كنا نحاول دراسة هذه الاسالة بنوع من الاختصاص العلمي المنهجي سندفع بالسؤال لدائرة علم الكلام اللاهوتية اسلامية كانت او غير اسلامية لنبحث هذه الزاوية وهذا النوع من الاسالة كل حسب مناطه ومنهجه واختصاصه !؟؟. ولا نستطيع منطلقين من منهجية علم الاجتماع الحديث مثلا ان نجيب على مثل هذه الاسالة التي مناط اختصاصها يدور في فلك علم الكلام والمدرسة الفلسفية !!. الخلاصة هي القول :ان جميع ظواهر الوجود والكون والعالم والانسان اليوم تدرس من خلال اختصاصاتها العلمية ومن الخطأ العظيم ان يتناول اي مفكر اي ظاهرة في هذه الحياة وهو لايمتلك منهجية علمية واضحة ومختصة بدراسة وبحث هذه الظاهرة بالتحديد ، ولعلي واخذت وانتقدت الدكتور علي الوردي في افكاره وتناولاته الفكرية بسبب انه رجل طرح نفسه كمؤسس لعلم الاجتماع الا انه تناول الكثير من الظواهر الفكرية الفلسفية والكلامية والنفسية و ..... بفوضوية ولا منهجية محددة وخلط عجيب غريب حتى انه فقد اي نوع من التوازن العلمي في طرحه !!. ارجو ان اكون قد اوضحت وجهة النظر العلمية الاجتماعية وكيف انها لها منهج وحدود في تناول الفرد الانساني داخل اطارها !!. شكرا لك عزيز واذا كان هناك اشكال او غموض ببعض النقاط التي ذكرتها لك فانا بخدمتكم للتوضيح والابانه !! .......................................................................................................................................... سؤال اخر للاستاذ زيوار محمد المدرس : استاذنا الحبيب اشكر لكم ودكم ولطفكم كما اشكر لكم كل هذا الجهد الذي بذلتموه في تفصيل وتأصيل المسالة . سيدنا جوهر السؤال هو هل الانسان منتج اجتماعي بحت كما هو مقرر علم الاجتماع . ام انه كائن له ابعاد اخرى ؟ وحتى لو لم نشخص ذلك بالية علم الاجتماع كيف يمكننا القرهنة على ان الانسان يفكر مستقلا عن المجتمع وانه ليس على الاقل فقط كائنا صنعه المجتمع؟ .............................................................. الجواب : تحياتي استاذ زيوار : يمكن الاجابة على هذا السؤال من وجهات نظر متعددة : الاولى اجتماعية تقول : نعم الانسان منتج اجتماعي بحت . الثانية فلسفية وتقول : الانسان كائن متعدد الابعاد . دليل علم الاجتماع :ان الانسان اي انسان اذا فصل عن المجتمع فقد هويته الانسانية العقلية والفكرية والروحية والنفسية والسلوكية ، فكل هذه البناءات الانسانية الفردية هي نتاج الاسرة والمجتمع والا انسان يعيش فريدا ( لو فرضنا ) بغابة او صحراء قاحله فانه سيكبر بلا لغة ولا نمط تفكير ولا سلوك انساني سوي ولا روح او عواطف انسان !!. وهذا هو دليل علم الاجتماع على ان الانسان منتج اجتماعي بحت والتجربة العملية دليل ذالك . ثانيا دليل الفلاسفة ان الانسان ذو ابعاد متعددة وهو : ان الانسان الفرد وان كان منتجا تربويا واجتماعيا بالمحصلة الا انه يمتلك عنصرا فرديا يميزه عن المجتمع الا وهو عنصر الفطرة العقلية التي تتمكن من صناعة وتركيب الافكار وتنظيمها حتى تصل الى بناء الانسان وتميزه عن باقي المخلوقات الاخرى !!. بمعنى اخر في قصة حي ابن يقظان للفيلسوف الاندلسي ابن طفيل اجابة على : ان الانسان لو فرض انه نمى وكبر بعيدا عن المجتمع هل بامكانه ان يبقى على عنوانه الانساني المختلف عن الحيوان وباقي الموجودات ؟. ام انه يفقد كل معنى لانسانيته حتى يصبح الانسان هو المجتمع لاغير وبدون مجتمع لاوجود للانسان بفكره وبكل كيانه ؟. ابن طفيل فلسفيا يؤكد ان الفطرة العقلية التي يمتلكها اي فرد انساني هي القاعدة التي يتمكن الانسان من بناء ارادته وحريته قبالة المجتمع ونعم المجتمع متمم لانسانية الانسان الا ان الانسان عنده قدرة وامكانية على ان يمتلك ارادة اعلى وحرية اوسع مما يقدمه المجتمع اليه ؟. وبهذا يدلل الفلاسفة على ان الانسان كائن ذو ابعاد متعددة !!. الخلاصة هو ان الجمهور العام من البشرية هم ولادة مجتمعاتهم ولايتمكن اي فرد بسيط داخل مجتمعه من امتلاك ارادة وحرية فوق مايهبه المجتمع وهذه هي قاعدة علم الاجتماع العام ، اما من تميز عن الجمهور بسلامة الفطرة وعبقرية التفكير ونبوع الوعي فهذا وغيره شواذ القاعدة الذين يتمكنون من الرجوع لفطرتهم العقلية الاولى ليتسائلوا ويراجعوا كل ماتلقوه اجتماعيا من افكار وتقاليد واعراف و... ليبحثوا في داخلها عن امكانية الخروج والتمرد عليها وهذا الصنف من افراد البشرية هم الفلاسفة والمصلحون الذين يشكلون ( دينمو ) الحركة الانسانية في التاريخ وحتى اليوم ؟. سالت عميقا عليك ان تدرك عميقا تحياتي ........................................................................ ملاحظة : في المدرسة الفلسفية يدرس محور نظرية المعرفة ويبحث في هذا الاطار ماهية موارد العقل البشري في معلوماته ومعارفه ؟. ويبحث الاتي : هل المادة والحس فقط هو المورد الوحيد للمعرفة الانسانية في هذه الحياة ؟. ام ان هناك موارد اخرى للعقل البشري يستقي منها معارفه الفكرية والانسانية وهي غير مادية بطبيعتها الوجودية ؟. تمكن الفلاسفة من البرهنه العقلية ان موارد المعرفة الانسانية ليست فقط المادية الحسية وهذا يعني ان المعرفة الانسانية بالبداهة لاتخضع مئة بالمئة لمورد المجتمع القائم لاغير وان الذهن الانساني قادر على انشاء معرفة وادراك مختلف عما يضخه المجتمع للعقل الانساني الفرد

 

راسلنا


مدونتي فيها المزيد


 

ليست هناك تعليقات: