الجمعة، يناير 09، 2009

من هدي القران .. الكلمة .. آقرأ ؟ - 2 حميد الشاكر


(( مارأيت أحدا أشدّ خوفا على نفسه من ))
(( موسى ابن جعفر عليهما السلام ولا ))
( أرجى الناس منه وكانت قراء ته - للقران - حزنا ، فاذا قرأ فكأنّه يخاطب أنسانا / أصول الكافي )
...................................
الولادة :- اقرأ
عادة مايلتفت العقل الانساني وهو يتصفح المشاريع الانسانية العالمية الى نقطة البداية لهذا المشروع او ذاك من المشاريع المصيرية للعالم البشري ، ولاسيما المشاريع التي تغير وجه الخارطة الانسانية ، سواء كانت تلك المشاريع علمية او ثورية او دينية او ....الخ ، من المشاريع المؤثرة كونيا وانسانيا ، كما انه من صفات البحوث والاستكشافات الناجحة انها ترجع لبحث نقطة البداية - ايضا - والتوقف والتأمل بهذه البداية وهذا المنطلق ، باعتبار ان كل مشروع او محاولة ..، كتب لها النجاح في العالم الانساني ، لابد وان يكمن السرّ والقوة في اللبنات الاساسية والقواعد الابتدائية التي بنيت عليها تلك التجربة واقيم عليها ذالك المشروع ؟.
ومن هنا كانت الحفاوة الحضارية بولادة اي حدث تاريخي او علمي او ثوري او حضاري ...، له من الاهمية الرمزية او الواقعية الشئ الكثير ، فهناك من يجد السرور والبهجة بذكر تاريخ ولادة عبقري قدم للعالم نافذة الامل لحياة افضل ، كما ان هناك من يرى ان احياء ذكرى لتاريخ ميلاد ثورة انسانية اعادة الحياة لأمة ، ودراسة هذه الولادة والقواعد التي انطلقت منها والاسس التي قامت عليها ..، هي بمثابة خدمة انسانية يقدمها هذا الباحث او ذاك المفكر لدراسته او بحثه ذاك ....، وهكذا حتى نصل الى من يرى ان الاحتفاظ بتاريخ ميلاد طفله شيئ له قيمة معنوية ومادية كبيرة تستحق ان تذكر بنوع من الحب والاعتزاز الانساني ، ولم لا ؟.
أليس هي ذكرى تجعل الانسان يشعر بانه ضمن الامتداد الطبيعي له في هذا الوجود الانساني ، وان طفله والذي هو جزء من كيانه المادي سيكمل المسيرة في هذه الارض ليعلن وبرمزية خفية ان الانسان اقوى من الفناء والموت وانه بامكانه الانتصار على فكرة الفناء ولو بحيلة غير مؤذية بولادة امتداد اخر من الانسانية ....الخ ؟.
وعليه كان الالتفات والبحث عن البداية او الولادة شيئ له رمزية عالية القيمة الروحية والنفسية والفكرية في عالم الانسان ، وكثيرا والحال هذه ما تأسف العقل الانساني وهو يفقد حلقة البداية لهذا المشروع او تلك اللحظة التي ولد بها هذا المفكر او المبشر او الفيلسوف او العالم ، او ذالك اليوم الذي انطلقت به تلك الثورة ، ليس من منطلق التأسف العاطفي فحسب ، بل ان فقد البداية لاي شيئ عظيم انساني ، هو بمعنى او باخر ، فقد لسرّ النجاح او الاخفاق لهذا الشيئ العظيم الذي تحرك في يوم من الايام ثم شق طريقه للقمة او آل مآله الى الاخفاق ؟.
نعم الولادة هي السرّ كما انها هي المفتاح الحقيقي لوجه ذاك او هذا من المشاريع والحركات والشخصيات ....، العظيمة ، كما انها هي التاريخ ، والذاكرة الحية والخلفية او الجدارية المادية والمعنوية لتلك العناوين المذكورة ، فكان لابد والحال هذه من ان تكون الولادة والبداية هي القوة وهي الضعف بنفس اللحظة ، القوة عندما تكون البداية واضحة لالبس فيها ، والضعف عندما تكون الولادة والبداية غامضة او مفقودة الوجود لسلسة الحدث التاريخي او الفكري او الانساني ؟.
ان الاسلام وباعتبار انه ملتفت لما ذكرناه آنفا من موضوعة الولادة واهميتها الفكرية والنفسية والروحية والتاريخية ...، اراد ان تكون ولادته التاريخية والانسانية والفكرية والنفسية .....، ولادة مختلفة في كل ابعادها الايحائية والفكرية ، كما انه استهدف ان يكون حدث ولادته التاريخية حدث له من الوضوح والقوة والتواجد مالم يجد في غيره من الحركات والاديان والفلسفات ....، الاخرى في عالم الانسان ، بالاضافة الى ان الاسلام سعى جاهدا لتأكيد ان الولادة لكلمته القرانية تعني الكثير لمصير الانسانية ، باعتبار انها الكلمة الختامية لعالم الانسان ، والنافذة الخطابية الاخيرة التي ستفتح الحوار بين الانسان والسماء لتغلق فيما بعد نافذة الكون الفسيح ، وتفتح نافذة الانسان الصاعدة من خلال الكلمة القرانية فحسب ؟.
وعلى نهج هذه الخطى الاسلامية مع الانسان كانت الصورة الواضحة لولادة الاسلام وكلمته القرانية الدائمة ( اقرأ ) ؟.
ان الكلمة القرانية ( اقرأ ) وكولادة للمشروع الاسلامي في الارض ، وكأعلان اولي لبداية تحرك رسالي ، وكرمزية فكرية ومعنوية ملفتة للنظر تجذب الباحث عن بداية الولادة ، وترغم المفكر على التأمل الهادئ في مثل هذه الولادة الغريبة العجيبة ............................، غريبة بسبب كونها ولادة ذكر التاريخ جميع تفاصيلها الدقيقة ، وقسمات وجهها المشرق ، بحيث ان هذه الولادة وبوضوحها الملفت للنظر ، انعكست بصورة تحدي لجميع المشاريع الرسالية السماوية الاخرة والمقارنة بينهما والتساؤل عن البدايات الاخرى ولماذا لم تتوفر على نفس الوضوح التي امتازت به الولادة الاسلامية هذه ، وعجيبة لكون الكلمة الاولى في المشروع الاسلامي قد ذكرت بصيغة ملفتة للنظر ، فمن النادر ما تذكر أول كلمة بنيت على قواعدها مشاريع ثورية انسانية غيرت من الحياة الانسانية ، كما انه من الصعب تماما وفي كل التاريخ الانساني ان تذكر او تكتشف الكلمة الاولى التي اسست لبناء أمة ولدت من انقاض وجود اجتماعي مهترئ وممزق ؟.
انه من الملفت للنظر حقا ان تكون الولادة الاسلامية كمشروع رسالي وديني مبتدأ بكلمة ( اقرأ ) ، فعلى المنطق المناهض للاديان والرسالات السماوية بصورة عامة ، ان تكون بداية الاديان ، وبأعتبار انها مخترعات برجوازية (ماركس) او باعتبار انها مخترعات عالم مريض ومأساوي ( نيتشه ) ان تكون بدايات تلك الاديان بكلمة ( أطع ) او على اقل التقادير ان تكون مبدوءة بكلمة ( لاتقرأ ) وليس بكلمة ( اقرأ ) ؟.
ولكن المشروع الاسلامي يولد بكلمة ( اقرأ ) والتي تعتبر في عرف الفلاسفة والمفكرين والمتنورين ....، وحتى مارك ونيتشه ، انها الكلمة الاخطر في عالم الانسان المفكر ، وانها الكلمة التي تدعو للتفكر والتأمل واعمال العقل ....الى اخر القائمة التي تتصل بعملية القراءة ؟.
فولادة الاسلام من رحم الكلمة ( اقرأ ) دليل لايقبل الشك ، ان هذا المشروع السماوي ليس هو (افيون ) كما انه ليس المشروع الذي يعمق من حالة الجهل لاستغلال البساطة البشرية لاغراضه اللارسالية ، بل هو مشروع تفكر وتأمل وتنوير .....، ودفع نحو العالم الثوري الممون على قاعدة ( اقرأ = تفكر تأمل تثقف تنبه تعلم ...الخ ) ، والذي يكوّن عالما مناقضا تماما لعالم المستبدين والظلمة والمستغلين والمنحرفين ......، الذين يسعون جاهدين لقتل روح العالم المتفكر عالم ( اقرأ ) الذي يكشف كل مداخل ومخارج اساليبهم المستغلة من خلال التنوير الفكري الذي تطرحه كلمة ( اقرأ ) الثورية ؟.
كما ان اقرأ وبهذه الممونات المعرفية القرانية هي ليست مجرد مفهوم ما للقراءة من نفع ورقي فحسب ، بل هي فعل امر ودعوة صريحة للدخول في عالم الكلمة المقروءة ليس في هذا الجانب فحسب بل وفي كل الجوانب المعرفية ايضا ، فالقراءة سلاح بالامكان ومن خلال دخول هذا المضمار الحضاري ان تنفتح على باقي العالم المقروء ايضا ، وبدلا من ان تعيش بين جدران الجهل الكتابي ، انت الان مع كلمة ( اقرأ ) القرانية توسع من افاقك المعرفية لتنفتح على زوايا الفكر العالمي الاخر حديثا وماضيا ، فنقرأ الفارابي وبن سينا وابن رشد والصادق وول ديورانت ، كما نقرأ مارك ونيتشه ولوك ...الخ ، من هذا العالم المقروء ، فهل يحق بعد هذا لمارك او نيتشه - مثلا - ان يتمشدق بالتنويرية ، بعد ان اسس الاسلام لميلاد كلمته القرانية بهذه الصورة من التألق ؟. ومن هو المنغلق حقا من يؤسس مشروعه الرسالي من رحم الكلمة ( اقرأ ) او من يدعو للارتماء باحضان المادية والانغلاق الروحي والنفسي والفكري على عالم قاتم ووجود محدد وجدران مظلمة تسمى العالم ؟.
ان اهمية الولادة الاسلامية من خلال كلمة ( اقرأ ) لاتقتصر على جانبها المعرفي المذكور فحسب ، فهناك الجوانب الروحية واهميتها بالاضافة الى الجوانب الاجتماعية والانسانية التي وفرتها ولادة الكلمة القرانية ؟.
ولاريب والحال هذه من القول ان الولادة ان لم تكن بكلمة ( اقرأ ) القرانية فسوف يكون تشييد البناء الاجتماعي ، او الفكري او النفسي مختلف تماما ما لو كانت الكلمة ( اقرأ )هي التأسيس المعرفي لمنظومة الفكر الاسلامي والانساني فيما بعد - اي - ان كلمة اقرأ وباعتبار انها المقدمة ومشروع الولادة ، لم تكن تستهدف بناء وانشاء أمة قارئة فحسب ، وانما هي ستساهم ايضا في انفتاح هذه الامة واعتبار ممون فعل القراءة ممون انساني ، وغير مسموح عندئذ ممارسة منع القراءة ومنتوجاتها الطبيعية لهذه الامة من التفكير في المقروء والاخذ من نتاجاته الانسانية والتي تعتبر الأس الطبيعي لمفهوم اقرأ ، وهذا المنحى هو مادفع المسلمين للانفتاح على النتاج العلمي للامم الاخرى بينما بقت الامم الاخرى منغلقة عن الانتاج او غير متأثرة بهذا الانتاج الفكري للعالم الانساني ؟.
والقراءة وكما هو معروف وبدهي ليست هي فعل من جانب واحد ، بل ان القراءة تفاعل بين جانبين ، بين انسان قارئ ومفكر وبين مقروء ذا رسالة وهدف ، بين انسان له التطلع المعرفي نحو الكون والوجود والحياة والانسان ، وبين مقروء مساهم في عملية التفكير والاجابة عن تلك الاسئلة وهذه المداخلات الفكرية والمعرفية والانسانية ؟.
ونعم كانت القراءة مشروع انساني اصيل قبل انبلاج الفجر الاسلامي واشراق رسالته السامية ، ولكنها كانت تلك العملية الكمالية في العالم الانساني ، او كانت تلك العملية التي تختص باصحاب شؤون الدولة والكهانة والاساطير والاديان ....الخ ، اما في ظلال الكلمة القرانية فقد اصبح الفعل ( اقرأ ) فعلا تعبديا ومقدسا ، وحقا من حقوق كل فرد له اتصال مباشر بالكلمة القرانية ، وعليه واجب الاتصال بذالك الكتاب المقروء ، ومن ثم هو واجب جماعي يمارسه الاجتماع الانساني بشكل حلقات للقراءة الجماعية في المناسبات التعبدية ...الخ ؟.
اما مايتصل بالجانب الروحي والنفسي والانساني ، فقد مثلت البداية او الولادة القرانية لكلمة ( اقرأ ) الاسلامية بعدا غاية في السمو والدهشه الانسانية ، فهنا مرحلة جديدة تفتح بين كون والاه ومنافذ قدسية ، وبين انسان وزوايا وآلام اجتماعية بشرية ، ومثل تلك المنافذ لاتفتح بشكل مجاني او عشوائي او يومي ....، وانما هي فترة او زمن او مرحلة ...، لاتكرر في عالم الانسان الا بنوع خاص ودقة حسابية متناهية التعقيد ، اما لو كانت تلك النافذة الالهية الكونية القدسية هي الخاتمة ، فان هذه النافذة المفتوحة سيكون لها عنوان اخر بالنسبة للعالم الانساني بصورة عامة ؟.
ان الولادة او البداية مثلت الابعاد الاكثر حيوية لعالم الانسان الاسلامي ، بل وكانت حقبة الانطلاق الاولى للمشروع الاسلامي وهو المختصر الحقيقي لكل المشروع الرسالي وبكل تألقاته ونجاحاته العظيمة على المستوى الفكري والانساني والروحي والنفسي ؟.
اي ان رؤية الانسان الاسلامي كانت تنظر لمرحلة الولادة - ولادة الكلمة القرانية اقرأ - هي ولادة للأنسان الرسول ، وهي ولادة للمشروع ، وهي ولادة جديدة للكون والحياة ...، ولذالك كانت كل الا نجازات العالمية الكبيرة للمشروع الاسلامي معبرا عنها بالولادة والبداية القرانية ، والتي جمعت بين المرسل والرسول والرسالة في آن واحد ، وفي مكان وزمان وحدث معين ؟.
ان انسانا كعلي ابن ابي طالب ( ع ) كان ينظر بنوع خاص لولادة الكلمة القرانية ، ولبداية المشروع ، كما انه نظر للنهاية بنوع خاص ايضا ، فالنهاية وان كانت عظيمة وناجحة بكل المقاييس الانسانية والرسالية السماوية ، الا انها تمثل انعكاسا وتعبيرا عن اهمية البداية والولادة ايضا ،سواء كانت النهاية مأساوية او تكون النهاية ناجحة ومنتصرة ؟.
ان الكلمة القرانية ولدت بمشروع ( آقرأ ) وانتهت عند النقطة التي انغلقت عليها دفتي القران العظيم ، كما ان الرسول الانسان ولد مع ( آقرأ ) وانتهت حياته المادية عندما انتقل للعالم الاخر ، وكذا نافذه الدوحة القدسية فتحت مع ( آقرأ ) وانغلقت عندما انتقل الانسان الرسول من هذا العالم المغلق ، الا انه ومع ذالك بقيت الاثار المترتبة على ( آقرأ ) والرسول والفعل الالهي في الارض يتحرك ويحرك العالم الانساني ....، وكل تلك العملية المذهلة احتواها ظرف زماني معين بالنسبة للاجندة الانسانية ، وكان ولم يزل هو الظرف الزماني والمكاني الاكثر اثارة ودهشة للعالم الانساني بصورة عامة وللعالم الاسلامي بصورة خاصة.
يرى علي بن ابي طالب ( ع ) انه على الولادة ترتب لملمت شتات امة ، وولادة انسان يحمل الصفات الانسانية ، ، ويرى ان الولادة والبداية كانت هي بداية وولادة لمشروع تآلف ومحبة واجتماع وتآزر ، وهي صلة ارحام ونماء اقتصادي وعدالة اجتماعية ، وهي حقبة نور والتفات الاهي ، وقرب رباني ، وهي شعور بالوضوح وعدم اللبس ، وهي مرحلة جواب لاسئلة الانسانية الغامضة ، وهي خط اتصال بين صاعد ونازل كوني وانساني ، الاهي وبشري ...الخ ، كل هذه المعاني وغيرها كان يختصرها علي ابن ابي طالب (ع ) بمرحلة الولادة والبداية ، كما كان ينظر للنهاية او لمرحلة اغلاق المنافذ الكونية وانتقال الانسان الرسول ، وانقطاع الاتصال المباشر بين الكون الفسيح والانسان ...، على اساس انها فرصة سوف لن تعوض مرة اخرى للانسانية ، كما انها سوف لن تمنح بعد هذه الفرصة من اللقاء فرصة اخرى مشابهة في العظمة :( بأبي انت وأمي يارسول الله ، لقد انقطع بموتك مالم ينقطع بموت غيرك من النبوة والأنباء ....، ولولا أنك أمرت بالصبر ، ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشئون ولكان الداء مماطلا والكمد محالفا وقلاّ لك ..) وكل هذا الوجد على مرحلة النهاية كان تعبيرا حيا حول عظمة البداية وكيف هي كانت اكبر واعمق بكثير مما يتصوره العقل المادي المحدود ؟.
وهنا أمرأة عظيمة ، استشعرت هي الاخرى عظمة البداية ايضا بقسوة النهاية ، لتختصر مشروع البداية والنهاية بكلمات لمجموعة من الشخصيات الاجتماعية ، وهم يرونها بحالة من البؤس بعد مرور فترة من انقطاع الكلمة القرانية وانتقال الرسول الى الرفيق الاعلى واغلاق منافذ الكون المقدس ، انها أم أيمن ، تتلقى مواساة من بعض الرجال بالقول :أما تعلمين ان ماعند الله خير لرسول الله (ص) ؟. قالت : بلى أني لأعلم ان ماعند الله خير لرسول الله (ص) ولكن أبكي على انقطاع الوحي من السماء ؟.
نعم ان انقطاع الوحي عظيما كما كانت ولادة الوحي عظيمة ، ولكن مثل هذه العظمة لايستشعرها الا من عاشها حقيقة ولمس افاقها الفكرية والمعرفية والروحية والانسانية والاجتماعية ...، ليدرك ان بداية الوحي كانت حاضرة بين زوجين في بيت مغلق ، او بين اجتماع انساني يشعر
بان حركة السماء تتجول مع خطواته لتسدد هذه الحركة الاجتماعية او تنتقد منها هنا ، وتوجهها هناك :( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها .../ 1 / المجادلة ).
وكل هذه العظمة الرسالية كانت ولم تزل مرتكزة على كلمة البداية والولادة (آقرأ) ؟.
فعندما تكون هذه الكلمة حقا هي السفير الاول للذات المقدسة (الله سبحانه ) ، وعندما نثبت انها الاساس للمشروع الاسلامي الذي فتح افاق الانسان الكونية على الوجود ، وعندما ندرك ان ( آقرأ ) كانت النواة الثورية الحقيقية لعملية التغيير الانسانية ، ....، نصل عندئذ للتسائل في العصر الحديث عن لماذية عدم وجود يوم للقراءة العالمية ، والتي هي الممون الحقيقي ليوم الثقافة والعلم والحضارة ...العالمية اليوم ؟.
لماذا لم نقرأ يوما موضوعا يدرّس لطلاب الابتدائية في مدارسنا اللاقارئة عن (آقرأ) ، و لماذا لا نقرأ موضوعا يدرس في اعدادياتنا بأسم ( فن القراءة ) وفي جامعاتنا بأسم ( فلسفة القراءة ) ؟.
أليس الكلمة القرانية (آقرأ) هي اول تأسيس لبناء أمة بزت العالم فكرا واخلاقا وفعلا حضاريا مؤثرا ؟.
اين وزارات التعليم العالي من تحويل المحراب العلمي من عملية التلقين الجافة الى عملية التقديس والانفتاح والمعرفة والحركة المنطلقة نحو الفكر القارئ ؟. أين فعل آقرأ الذي يمتد ليقرأ الكون فلسفيا ، والوجود علميا ، والانسان نفسيا ، والمقروء فكريا ...؟.
هل حقا نحن على مستوى من الرقي لندرك ان الكلمة المقروءة أنسانا ينبغي احترامه والتعامل معه بكل نضج ، فضلا ما لوكانت تلك الكلمة هي الكلمة القرانية والتي ينبغي ان نضعها في حيزها الطبيعي داخل حياتنا النفسية والفردية والاسرية والاجتماعية ولنراها من ثم كائنا متجولا بين مفردات حياتنا المتألمة ؟.
ألم يأن الاوان لندرك أننا نعتقل الكلمة القرأنية بين جدران النسيان ، كما نعتقل كلمة الفكر والعلم والمعرفة في زنازين الذاكرة ، ولذالك هي كلمة غير فاعلة ولا بانية ولامؤثرة في واقع حياتنا الانسانية ؟.
وكيف لكلمة لاتملك حريتها ان تنطلق في حياتنا لتبني وتقيم وتشيدّ انسانا متأثرا بالكلمة ( آقرأ ) ؟. لا بل الانكى كيف لكلمة تنويرية مثل ( آقرأ ) تقتل وتدمر بأسم الافيون والتخلف ؟.
عجيبة هذه الكلمة ( آقرأ) كيف اغتالتها يد الخيانة والتخلف والحقد المادي ، وكيف استطاعت هذه اليد ان تقلب من صورة التنوير والانفتاح والتألق ....، الى زواية من التصوف والانغلاق والسراديب والبكاء على الظلمة ؟.