الثلاثاء، أبريل 07، 2009

(( وزير بلا ربطة عنق )) حميد الشاكر


(( وزير بلا ربطة عنق )) حميد الشاكر
___________________________

ما افهمه حقيقة وليعذرني الكثير من سادتنا المسؤولين في الدولة العراقية الجديدة : ان الوزير مشرف عمل ذكي في وزارته لااكثر ولا اقل ، او هو لنقُل مدير ادارة يحمل بعض الافكار الجديدة المطوّرة والمحركة لعمل وزارته المعنية ويقوم بوظيفة كمحرك ومشرف وكمراقب على سير ادارته الخدمية !.
أمّا ان يكون الوزير وثن محنط بربطة عنق أم اللفتين وبدلة جديدة تمتاز بلمعان نوعية الاقمشة المنسوجة منها ، فهذا اشبه بدمية نقدمها للاطفال في اعياد ميلادهم كي يتعجبوا بنظافتها واناقتها وجمالها الاخاذ لقلوب وارواح اطفالنا الابرياء !.
وارجو ان لايفهم هذا الكلام الصريح والمباشر لكثير من وزرائنا المحترمين على اساس انه دعوة لمناهضة ربطات العنق الغربية والمتنوعة الطويات من الكبيرة او الصغيرة ، ليخرج لنا غدا جميع وزرائنا وهم يلبسون اللباس الصيفي بقميص نص ردن وبلا ربطة عنق ، وانما المقصود هو المعنى البسيط جدا الذي يرى الوزير عامل حقيقي لايمتاز في هيئته وحقيقته عن اي عامل على باب الله يسعى لرزقه ويقوم بعمله بجد ليقوت اطفاله وعياله ، ويعمل بتفاني ويتصبب العرق من حركته ، ويباشر مهام وظيفته بنفسه تحت الشمس او في دوائر المواصلات او ربما يلسعه سلك كهربائي مكشوف في احد محطات توليد الطاقة الكهربائية ، ولابأس ان غرق وزير الموارد المائية في بركة ، ونرحب ان نرى وزير النفط وهو يلبس البدلة الزرقاء بوجه اسود من نفط ارض العراق المباركة ، وهكذا وزير الدفاع الافندي صاحب ربطة العنق نستشعر بالفخر ان لبس البدلة العسكرية دوما في زمن السلام ، ...... الى ان نصل الى رؤية الوزير عاملا على ارض الواقع يغطي بحركته جميع فروع وزارته واينما كانت !.
عندما كنت صبيا سمعت في بعض الحلقات التلفزية الدينية للشيخ محمد متولي الشعراوي سمعته يقول : ان لفظة وزير كلمة مشتقة من الوزر ، وهو الثقل والحمل ، والوزير سمي وزيرا لانه يحمل اعباء واثقال الحكم على كاهله !.
وعندها تبادر الى ذهني الصغير او تركز في مخيلتي الطفولية صورة : ان الوزير حمّال اثقال لااكثر ولااقل !.
لكن بعد ان كبر الذهن والعمر تعلمت ان اخر مَن ينبغي ان نطلق عليه صفة الوزير هم وزرائنا في دولنا المتخلفة اقتصاديا والمتردية معنويا وفكريا ، بحيث ان هيئات وزرائنا ووزيراتنا المحترمين لاتنم عن اي مجهود او انهاك او تعب من وزر هذه الوظيفة الوزارية او تلك ، بل العكس بالتمام هو الحاصل في وظائف وزارات دولتنا العراقية الجديدة المحترمة ، فيدخل الداخل منهم وهو منهك وبشعر ملئه الشيب الابيض وبظهر مقوس من كدّ الحياة ...، ثم في اليوم التالي نرى انسان آخر في الوزارة : شعر اسود اناقة فائقة حد الوصف ، وظهر استوى واعتدل ، ورجوع بالعمر الى الصبى والشباب ، وحتى ملامح الوجه تتغير ربما لعملية يجريها الوزير داخل وزارته للشد وتجميل الوجه !. الله اعلم .
وكان من المفروض عكس ذالك حسب مانفهمه من هيئة الوزير ووظائفه الثقيلة لكنه يبدو ان الوزارات اصبحت مكاتب نقاهة ولذالك دائما ترى الوزير مترهل الجسم ، وناعم اليدين ، وناعس الطرفين ، واحمر الخدين ...!.
ايها السادة الافاضل من وزراء دولتنا العراقية الحديثة : ان الوزارة وان جاءت اليوم بقوالب جاهزة لكم مع هدية ربطة العنق الايطالية في غلاف داخل البدلة ، لكن هذا الامر سوف لن يدوم لكم في حالة كالحالة العراقية ومع انسان عراقي تعلّم : ان الامير والسلطان علي بن ابي طالب كان يعمل فلاحا في ارض احد افراد رعاياه بيده ليأكل حلالا وهو يصارع مهام الخلافة وشؤونها الثقيلة ولم ينقص من كرامته وعظمته شيئ على الاطلاق ، فلايعتقدن احدا منكم ان الوزارة سعر غالي ومنصبها منصة تشريف تختلف عن عامل الغزل او الاسمنت في احد مصانع السماوة ، لابل عليكم ان تعلموا ان مباشرة اعمالكم الوزارية بانفسكم وبين الناس ، وانتم لاتختلفون عنهم الا بالمسؤولية والتكليف والخدمة ، هذا هو الذي سوف يكتب لكم تاريخكم الكبير عند الناس وعند الله سبحانه !.
نعم ليكن انخراطكم عمليا ، ووزارتكم مختلفة عن الاخرين ، وملابسكم كذالك ملابس عمل وحركة وتواضع وجدّ ، ملابس للعمل في الشارع وفي الدائرة وفي حقول المزارع ، وعلى انابيب النفط ، وفي قوارب لمعرفة ازمة وشحة المياه لماذ ؟.... وليس لاستقبال الوفود الرسمية وهي تترنح على سجاد احمر ، ولتكن ايديكم خشنة متعبة من العمل مع الناس في دوائركم ، ومع العمال في مصانعكم ، ومع الصنّاع في اسواقكم ( هذه لوزير التجارة ) ، أمّا غير ذالك فالشعب العراقي ليس بحاجة الى تنابلة فما اكثرهم ، ولا الى ( كشّاخة ) فهم على الطرقات اكثر من الهمّ على القلب ، ولا الى ديكور في ادراج الدولة فالوضع العراقي لايحتمل ذالك !.
_______________

alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com