الأحد، أبريل 05، 2009

(( الكلمة الحق والسلطان الجائر ... قصة ملك )) حميد الشاكر


(( الكلمة الحق والسلطان الجائر ... قصة ملك )) حميد الشاكر
_______________
سُئل رسول الله محمد ص : أيّ الجهاد أفضل ؟.
قال : كلمة حقٍ عند سلطان جائر !.
وفي أخرى : كلمة عدل عند إمام جائر !.
************
لا أعلم حقيقةً لماذا كانت ولم تزل ( الكلمة ) وان كانت ضعيفة ولاتملك الجيوش والقوّة ، وليس هي مركبة بشكل يوحي بالاستخدامات الحربية كالسيف والمدفع والنار والسلطان .....، هي الاقوى في ميدان الانسانية مع ماذكرناه لها من ضعف وتهميش وعدم ايحاء مادي بالقوّة والمال في صيغتها الانسانية !.
في الدين كانت :( في البدء كانت الكلمة ) !.
في الاسلام :( كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) !.
في الادب والفلسفة : : الكلمة خط الاتصال بين الانسان من الداخل وبين نافذة شعاع الشمس من الخارج )!.
وفي التاريخ :( الكلمة العدو الاول والاخير للطغاة والفراعنة والمتجبرين )!.
أما في الرسالات والانبياء واصحاب النضال والثورة :( فالكلمة السلاح الوحيد الذي قام بالمعجزات )!.
وعند الشعوب :( الكلمة هي المنبه لغفلة الناس وسباتهم وغيبوبة فطنتهم )!.
وفي عالم الحيوان :( الكلمة هي الجزء المفقود والمبحوث عنه في هذا العالم )!.
وعند الله :( الكلمة أفضل الجهاد )!.
في كل التغييرات البشرية تبدأ القصة دائما بكلمة حق عند سلطان الجائر !.
وحتى في النهضات الشعبية فلابد من المرور بالكلمة ايضا ولكن بصيغتها المعدلة من :كلمة حق عند سلطان جائر ، الى كلمة حق عند شعوب جائرة !.
للكلمة تعبيران :
الاول : من خلال النطق وهي الكلمة المسموعة التي تخاطب الاسماع لتصل الى العقول والارواح والأفئدة .
والثاني : من خلال الكتابة وهي الكلمة المقروءة التي تخاطب الادراك والوعي والتأمل لأهل العلم والثقافة والشعور والاحساس ايضا !.
وغير ذالك من كلمات تبعا لهذين الفرعين ، وتسمية هذا النوع او ذاك بأسم ( الجهاد ) في الاسلام بل وأفضله فيه دلالة على ان الكلمة أمضى من السيف في الحقيقة ، واقوى من الجيوش في الواقع ، فالجيوش بأمكانها فتح البلدان واخضاع اهلها ، والسيف كذالك بامكانه غزو الاوطان والتوسع في خرائطها المعقدة ، الا انه ومع ذالك تفتح الكلمات مالم تستطع فتحه السيوف ، وتتوسع المعاني في الضمائر مالم تنهض به الجيوش ، وتحتل الحروف خريطة الانسان وجغرافيته العقدية والروحية والفكرية والنفسية ... بالكامل وبمافيه وتغزو داخله وتأسر ضميره ، وتخضعه لعملية الايمان والاستسلام بشكل لايستطيعه السيف عملا ولاتقدر عليه جيوش الامبراطوريات العظيمة في هذه الحياة الدنيا فعلا وأملا !.
ان الكلمة عندما تنطلق بجيوش الوعي ، وتخطيط الادراك ، وتموين المعنى ، وجناحي التحريض والثورة ، مضافا لذالك بخريطة التوسع في مخاطبة آمال الانسان وتطلعاته الواقعية ، فحتما انها ستصبح اخطر غازٍ في هذه الحياة واعظم فاتح في هذه الدنيا ، لاسيما تلك الكلمة التي تردفها معاني العمل الجاد ( الحق والعدل ) ووجها لوجه أمام حاكم او سلطان او شعب او مجتمع جائر ، فعندئذ تكون الكلمة في مكانها الصحيح ، وبالضبط في الارض الصالحة للزراعة بالتمام ، لتتحول وحسب المفهوم والمعنى القرءاني الى نهضة وارتفاع وصعود وسمو للعمل وناهضة وساحبة لحمله الثقيل نحو التغيير نحو السماء نحو الاعلى في عمليه يكون فيها العمل رافعة لصعود الكلمة الى القمة:( اليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه ...) !.
انه لايرتفع ولايصعد الى السماء الى التغيير الى النهضة الا الكلمة !.
ولكنها كلمة الحق والعدل والاصلاح والتقوى ..... أمام سلاطين الجور والظلم والفساد في هذه الدنيا ، وليس كلمة الشعر ، ولاهي كلمة النثر ، وليس كلمة الخلاعة والمجون بالطبع ، وليست الكلمة الخبيثة التي اجتثت من فوق الارض وليس لها قرار بالحتم ، بل انها كلمة المسؤولية التي إن قيلت في حضرة الهيلمان ، فالمتوقع من السلطان أما ان يأمرزبانيته لترى نفسك موزعا قطعا حمراء متناثرة على جدران بلاط الطاغية ، وأما أن يبادر الشعب الجائر الى أكلك حيّا كمائدة لفطور الصباح !.
الحقيقة انه لم تزل المعادلة القديمة سارية المفعول حتى هذا اليوم بين سلاح للرسل والانبياء هو الكلمة ، وبين سلاح للسلاطين والطغاة والفراعنة هو السيف والقسوّة ، وبين هذا وذاك ملك الطغاة اجساد الناس وظواهرهم بينما ملك الانبياء والرسل عقولهم وارواحهم ودواخلهم وعقائدهم الى مالانهاية !.

_______________

alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com