الثلاثاء، مايو 26، 2009

(( مالوم ابو رغيف وحديث عن الاقتصاد الاسلامي والنزاهة ؟!.)) 2


كنتُ في السادسة عشر من عمري عندما سمعت كلمتين شائعتين في مخيال وذهنية الاجتماع العراقي الحديث وهما ( شيوعي وأسلامي ) في تلك الفترة كانت مصطلحات من قبيل : التمدن والعلم والتقدم والتطوّر ..... الخ ، كانت مصطلحات تضاف الى الفكرة الاشتراكية والشيوعية وحتى البعثية القومية في المخيال الثقافي العراقي آنذاك ، بينما مصطلحات من قبيل : الظلامية والرجعية والتخلف والماضوية والجمود ..... الخ من باقي المصطلحات كانت لاسباب سياسية وربما اخرى ثقافية تنسب للفكر الاسلامي وللدين بصورة عامة !.
مضت السنون من العمر ، قرأت لماركس وحوله لقادة الفكر الاشتراكي القومي وحوله ، وللاسلام وفكره حول التقدّم والعلم والتطوّر والاقتصاد والفن ..... ، اتضحت الصورة تماما بالنسبة لي اليوم ، ولكن مازال المخيال الثقافي لبعض العراقيين الى اليوم يحتفظ بتلك المصطلحات ومقارنتها لامر او اخر على نمطية مفردات القرن الماضي ، وكأنما الحياة توقفت عند نقطة معينة لاتريد مغادرتها ابدا كي تبقى تعيش في حلم جميل نسجه الخيال والوهم على حساب الواقع والتغيير والتطور والمستقبل !.
المحترم مالوم ابو رغيف يذكرني بقصة ذاك الرجل الذي اخترع حلما جميلا لمعنى حياته في هذا العالم ، وكلما اراد ان يصحو منه اضطرب قلبه هلعا من بشاعة وجه العالم في الحقيقة ، فقرر اخيرا والى الابد ان يضل في ذاك الحلم الجميل حتى وان كان كل العالم يعيش في واقع مغاير ومتباين وليس له ادنى صلة بعالم الاحلام الجميل والعذب والمتألق !.
طبعا لاريب ان الاستاذ مالوم ابو رغيف لايلام ان تمسك بالحياة داخل حلمه الجميل القديم الاشتراكي ورفض الاقرار او الاعتراف بالواقع البشري الرأسمالي المعاش اليوم بوجهه القبيح والبشع ، وذالك انطلاقا من ان الفنان ابو رغيف لايتمكن العيش بلا حلم وبلا رؤية فنية تصبغ العالم بالوانها هي وليس على ماهي عليه في الواقع من (سحنة ) ليست فنية ، ومن هنا مادام جميع الاشتراكيين الشيوعيين بالامكان نسبتهم للفن واهله ودروبه ونظراته وفلسفاته ، فلاغرابة ان رأينا الكادر الوطني العراقي الاشتراكي يرفض كل واقع وجديد ومتغير على حساب احلامهم ومجتمعهم الاشتراكي واقتصادهم الذي ليس كمثله شيئ وواقعهم السياسي الذي مرّ كخيال طيف جميل لم يسعف الزمن للتمتع به على الحقيقة !.
نعم تحوّل الجميل مالوم ابو رغيف من الحديث عن نزاهة الاحزاب الاسلامية وفجأة الى الحديث عن الاقتصاد الاسلامي وكيف انه لايمتلك نظرية خاصة به ، ولاحتى له ( اسلوب) انتاج مختلف ومميز ....... وهكذا حتى وصوله الى التأكيد على : ان بسبب افتقار الاسلام الى نظرية اقتصادية تمسك الاسلاميون بالاخلاقية والسلوكية كي يصلوا الى الحكم من خلال رفع شعارات الاخلاقية هذه ؟.
هل تحدّث المحترم ابو رغيف بعقلية القرن المنصرم الذي توقفت عندها ذهنية الفنان ابو رغيف على حساب ثقافته وفكره ولهذا صادر حتى النظرية الاقتصادية الاسلامية ، وكل ماكتب حولها منذ قرن مضى ؟.
سؤال يفرض نفسه علينا فرضا عندما نقرأ ماكتبه استاذنا المحترم حول الاسلام ونظريته الاقتصادية !.
أم ان ابا رغيف الجميل لم يقرأ في حياته اي شيئ عن شيئ اسمه الاقتصاد الاسلامي ؟.
الاسلاميون يهيمون تقديسا لمفكر ولد في العراق اسمه ( محمد باقر الصدر ) وهو من مواطني مجتمع المحترم ابو رغيف ، والاسلاميون عندما يرفعون شخصا الى اعلى المراتب لايقيمون بهذا العمل اعتباطا وبلا عقلنة للسلوك ، بل بسبب ان هذا المفكر لم يترك حجرا على حجر في الاقتصاد الحديث الا وتناوله من خلال كتابه الكبير ( أقتصادنا ) الذي شرح فيه بدقة كل مفاصل المدرسة الماركسية والراسمالية وتباينها عن المدرسة الاسلامية الاقتصادية ، وبحث في عملية استكشاف مضنية للاسس الواقعية والفكرية للنظرية الاسلامية الاقتصادية ، ليصل اخيرا الى تشييد بنيان اقتصادي اسلامي لهذه المرحلة من زمن عمر البشرية لم يطرح احدا من العالمين شيئا بهذه الدقة والترتيب والفلسفية الاسلامية في الاقتصاد الاسلامي ...، ولهذا ابتهج الاسلاميون وخاصة العراقيون بهذا الفتح الاسلامي الاقتصادي المبين في العراق وبذلوا ارواحهم ودمائهم من اجل طريقه وفكره !.
ومع هذا كله يعلن الاستاذ المحترم ابو رغيف وبعبارة واحدة :(الدين الاسلامي كما يعرف الاستاذ حميد الشاكر ليس له نظرية أقتصادية خاصة به ...) !.
الحقيقة ياسيد ابو رغيف ان حميد الشاكر والذي يعرفه ايضا : ان الدين الاسلامي ليس فقط له نظرية اقتصادية ، بل انه الاطروحة الفكرية التي تمتلك نظرية في حياة الانسان الفكرية والنفسية والاجتماعية والاسرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ... وحتى الفنية فالاسلام له نظرية خاصة وواسعة جدا فيه وفي انماط تعبيره واساليب التنوع فيه !.
ولا اعلم حقيقة من اين استقى الاستاذ ابو رغيف قناعته من ان : حميد الشاكر يعرف ان الاسلام ليس له نظرية اقتصاد خاصة به ؟.
فحميد الشاكر قرأ النظرية الاقتصادية اول ماقرأها في منجز المفكر الاسلامي المعروف ( محمد باقر الصدر ) في كتابه اقتصادنا ، الذي ليس فقط وضح وشرح النظرية الاقتصادية الاسلامية بشقيها المذهبي والعلمي ، بل وهو نفسه المفكر الذي وضح للعالمين جميعا بغض النظر عن العبد الفقير حميد الشاكر : ان كل المتبنيات الاقتصادية الماركسية والاشتراكية ومن الاساس ماهي الا انشاء فني لايستند الى رؤية منطقية ولا الى علم حقيقي ، ولا الى فلسفة مقنعة للضمير الانساني !.
وقد وضح هذا العملاق الفكري ان المبادئ والاسس التي قامت عليها الاطروحة الماركسية الاقتصادية بالذات ، ومن بداية ( القيمة التبادلية ، والعمل اساس القيمة ) الى رأس الهرم في النظرية الاشتراكية في امكانية اعادة انتاج المجتمع الشيوعي من جديد ماهي الاخيال فني امتازت به حقبة الاشتراكية الشيوعية لزمن ، وسوف تصطدم بحقيقة ان الحياة الاقتصادية علم وليس رؤية فنية في نهاية المطاف !!!.
وعلى هذا كيف انطلق الاستاذ المحترم في مقاله من وهم اعتقد انه حقيقة يجب ان نسلم بها جميعا بما فيهم حميد الشاكر من ان الاسلام نفسه وليس الفكر الاسلامي ليس له نظرية اقتصادية خاصة به !.
الحقيقة ان مادفعني للاستغراب من مقدمة الجميل ابو رغيف وفي اول سطور مقالته هو جزمه : بأن الاسلام او الدين الاسلامي .. ليس له نظرية اقتصادية خاصة به ، مصادرا بذالك كل ماكتب حول الموضوع وبلغة فنيا ايضا عمومية لاتوحي بالدقة كذالك، فمجرد القول : ان ليس للاسلام نظرية اقتصاد خاصة به ، يوحي ان هناك مفهوما خاصا وبعيدا عن علم الاقتصاد لمصطلح ( النظرية الاقتصادية ) للاستاذ ابو رغيف ، وإلا المعروف ان النظرية هي (نتاج فكر واسس وقوانين تكتب حول كيفية دورة الاقتصاد واساليب انتاجه وتوزيعه وكذا سلعه ومفاهيم العلاقات بين هذه الاشياء وبين الانسان ، وماهية تلك العلاقات مع مواردها الاقتصادية الطبيعية والصناعية .....) وكل هذه الاشياء بغض النظر عن الاساليب الحديثة التي طرح من خلالها وجهة النظر الاسلامية في الاقتصاد الحديث وترتيبها البحثي ، هي كذالك نظرات وافكار واحكام طرحها الاسلام منذ فجر بزوغه على المسلمين وتناولتها كتب المكاسب لعلماء الاسلام كالشيخ الانصاري في مكاسبه وغيره من فقهاء وعلماء ومجتهدين تحدثوا عن ادوات الاقتصاد ودورته وكافة مستلزماته وعلاقاته واساليب انتاجه قبل ان تتطور الحياة لتفصل العلم الاقتصادي عن غيره وتظهر المدارس الاقتصادية المتخصصة في العالم الانساني لينبري ايضا المفكرون الاسلاميون كالشهيد السعيد محمد باقر الصدر والفيلسوف المتألة الشهيد والمفكر الايراني مطهري صاحب كتاب ( الاقتصاد الاسلامي ) وهكذا غيرهم من عباقرة الاسلام ومفكرية لطرح الاقتصاد الاسلام بشكل مدرسة ونظرية منفردة كما حتمته تطورات المجتمع وحيوية العلم الاقتصادي فيه !.
وبعد هذا كله يقول المحترم ابو رغيف : ليس للدين الاسلامي نظرية خاصة في الاقتصاد !.
أذن ما الذي انجزه السيد الصدر ومطهري وكذا اخرون في اطروحاتهم الاقتصادية اذا لم يكن في الاسلام نظرية اقتصادية ياسيدي المحترم ؟.
ثم وبعد هذا تتوالى علينا اطلاقات ومصادرات استاذي المحترم مالوم ابو رغيف ، لابل وتتوالى علينا مصطلحاته الغريبة العجيبة التي تدلل ( وليعذرني الفنان الجميل ابو رغيف من القول ) على انه لم يتناول في حياته كتابا يتحدث عن الاقتصاد في الاسلام !.
وإلا هل من المعقول ان كاتبا او فنانا بمنزلة المحترم مالوم ابو رغيف ينفي ان يكون للاسلام كدين وكفكر اي نظرية اقتصادية ، مع علمه هو شخصيا وليس انا : ان الاقتصاد والتجارة والمال والسلع والصناعة والتداول والاسعار والقيمة والتبادل والموارد ..... وكل هذه المفردات التموينية الاقتصادية للبشرية هي من صلب الحياة التي نظمها الاسلام بشكل احكام وقوانين داخل المجتمع الاسلامي ، وما الزكاة والخمس والضرائب والخراج الذي تحدث عنها الاستاذ ابو رغيف الا مفردات متممة للعلم الاقتصادي داخل منظومة النظرية الاسلامية الاقتصادية العامة للاسلام !.
فكيف بعد هذا ينفي مالوم ابو رغيف نظرة او نظرية الاسلام الاقتصادية من الوجود ؟.
لا اعلم !.
نعم على المنطق الذي ذكرناه بالمقدمة للاشتراكيين الفنانيين العراقيين ورغبتهم الملحة بعدم الاعتراف باي واقع غير واقعهم الفني والاشتراكي ، يكون من حق الفنان ابو رغيف ان يلغي اي نظرية في الاقتصاد باستثناء النظرية الاقتصادية الاشتراكية الماركسية ، بل ويجزم انها هي وحدها من ينبغي ان يطلق عليها صفة ( النظرية ) اما غير ذالك فلا علم يستحق ان يطلق عليه اسم النظرية بما في ذالك الدين الاسلامي كله والذي نصفه حديث في الاقتصاد والنصف الاخر حديث في العبادة !.
لكن حقيقة الرغبات والامال والاحلام شيئ ، وواقع علم الاقتصاد القديم والحديث شيئ آخر !.
وعلى فكرة علم الاقتصاد علم قائم بذاته وليس له علاقة من قريب او بعيد باي دين او ايدلوجيا او نظرية او فلسفة ، وحسب مايذكر المفكر الايراني الكبير مرتضى مطهري في تقسيم نوعية العلاقات الاقتصادية بكتابه ( الاقتصاد الاسلامي ) فان : العلاقات الاقتصادية على نوعين : العلاقات التكوينية والطبيعية ، والعلاقات الاعتبارية القانونية ، العلاقات الطبيعية عبارة عن علاقات العلة والمعلول التي تظهر في القضايا الاقتصادية شئنا ام ابينا ، مثل علاقات العرض والطلب والقيمة في الاقتصاد الحر والتبادلي ، والتضخم المالي وارتفاع وانخفاض الاسعار والبطالة والفوضى الاقتصادية والربح والخسارة والاجور والضرائب وامثالها ، اما العلاقات الاعتبارية القانونية والتعاقدية فهي عبارة عن القوانين المتعلقة بالحقوق والملكيات الخاصة والعامة )
وعلى هذا ياسيد ابو رغيف كل مدرسة تتناول علاقات الاقتصاد في جانبه الطبيعي والتكويني تكون مدرسة حائزة على نظرية اقتصاد خاصة بها ، فكيف بالاسلام الذي تناول الاقتصاد بشقيه الطبيعي التكويني والاعتباري القانوني ، فكيف يمكننا ان ننفي نظرة الاسلام هكذا لمجرد انه ليس متوافقا مع نظرية الماركسيين التي هي بالاساس ليست سوى رؤية كباقي الرؤى الاقتصادية الاسلامية او الراسمالية الاخرى ؟؟.
على اي حال يبدو اننا جاوبنا على وهم نفي النظرية الاقتصادية الاسلامية كما طرحه زميلنا مالوم ابو رغيف ، وبامكان اي مثقف يريد معرفة ماذكرناه ان يعود للصدر في ( اقتصادنا ) للمطهري في ( الاقتصاد الاسلامي ) ووللدكتور محمد حسين في ( الاقتصاد الاسلامي ) ، وان كان من اهل الابداع فيكفيه ان يقرأ الاسلام وتعامله مع الاقتصاد ليستخلص هو النظرية والرؤية من خلال مصدريه القرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة للرسول محمد ص واهل البيت ع !.
يتبقى الكثير مماكتبه المحترم مالوم ابو رغيف في هذا الجانب بحاجة الى اشارة ، او بحاجة الى تنبيه الى ان مصطلحات الاقتصاد كالنقد وقيمته لابد ان توضع كل مفردة فيه حسب مكانها الدقيق ولايكفي ان نستخدم اللغة الاقتصادية بصيغها اللاعلمية الجافة والقريبة من الفنية المرنة مثل قوله مردفا لفقرة : ليس في الدين الاسلامي نظرية اقتصادية خاصة به ، ثم يردف :((ولااسلوبا للانتاج يميزه عن غيره !.)) !.
ويبدو هنا ان السيد مالوم ابو رغيف خلط بين مصطلحي :(( وسائل الانتاج )) و :(( اسلوب الانتاج )) فاساليب الانتاج سواء كانت طبيعية او صناعية هي ليست من ضمن مختصات هذه النظرية او تلك ، وانما هو عمل قائم على الارض الانسانية وليس الفكرية ، فهو هو كما ان الانسان في الشرق له اساليب انتاج معينة اجتماعية واقتصادية ، كذالك الانسان في الغرب له اساليبه المتنوعة الاجتماعية العملية الاقتصادية في انتاج السلع قبل تسويقها او تداولها ، والى هنا غير مفهوم تماما مقصود الاستاذ ابو رغيف عندما يشير الى ان :(( الاسلام ليس له ايضا اسلوب انتاج مميز به )) فالاسلام على هذا المعنى ليس له علاقة لامن قريب ولامن بعيد في رؤيته المذهبية لاساليب الانتاج هنا وهناك ، بل اساليب الانتاج عملية لاتختص اصلا بالمجال النظري الفكري الاقتصادي الذي يفلسف العملية الاقتصادية ، وانما هو عملية روتينية اقتصادية يقوم بها الانسان من خلال حاجاته الاقتصادية ، وعليه فاي شيئ قصد ابو رغيف من جملة : ولااسلوبا للانتاج يميزه عن غيره !.
وماهي الاساليب الانتاجية التي تميز غير الانسان الاسلامي عن الانسان الاسلامي !.
ويبدو والله اعلم ان هذه الجملة لامحل لها اصلا من اعراب الاقتصاد وعلمه !.
نعم تابع الاستاذ ابو رغيف نقده الفني للاقتصاد الاسلامي بعد هذه المقدمة ايضا وكما نراه بنفس الاسلوب من المصادرة المطلقة ، ليدمج لااعلم عن علم او غير قصد بين الاقتصاد الاسلامي وبين الاقتصاد الرأسمالي ، ليخرج بنتيجة :(( فهو ( الاقتصاد الاسلامي ) في الجانب الاقتصادي لا يختلف عن الاقتصاد الرأسمالي يعتمد على النظام الضرائبي، الزكاة والخراج، ولا يهم التبرير، اكانت هذه الضرائب لله او للدولة الاسلامية، و الله ليس بجابي ضرائب ولا اعرف انا ولا يعرف الاستاذ حميد ايضا طريقة او وسيلة لايصال هذه الاموال الى الله، فهي ستذهب، ومهما كانت تبريراتها، الى جيوب الحكام او خزينة الدولة وان كان اسمها بيت مال المسلمين.))
والحقيقة وليصدقني زميلي ابو رغيف ان هذا الشطر من مقاله بامكاني ان اكتب فيه كتيبا صغيرا في فروق الاقتصاد الاسلامي عن غيره ، ولكن نشير اختصارا للنقط المتداخلة في هذه الفقرات :
اولا : الاقتصاد الاسلامي مختلف تماما في رؤيته عن رؤية الاقتصاد الرأسمالي من الاساس الى اعلى الهرم .
ثانيا : الاقتصاد الاسلامي اقتصاد ريع وانتاج وصناعة وليس فقط اقتصاد ضرائب وجباية ..
ثالثا : مذهب الاقتصاد الاسلامي كما ذكره السيد الشهيد في اقتادنا مختلف عن مذاهب الاقتصاد الراسمالي والماركسي الشيوعب .
رابعا : اموال الضرائب الاسلامية هي للمجتمع واهل الفاقة والحاجة في الاقتصاد الاسلامي وليس لله سبحانه ، لقوله تعالى :(( وفي اموالهم حق للسائل والمحروم / 19 الذاريات )) وقوله سبحانه :(( ولاتأتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما / 5 النساء )) ففي النص الاول اضاف الله سبحانه وتعالى حقوق الضرائب والزكواة وغير ذالك لحقوق المحتاجين والمحرومين ليدلل على ان الطريق لصرف الحقوق الاقتصادية معروف للمسلمين فضلا عن حميد الشاكر او غيره ، وفي النص الثاني اضاف الله الاموال للملكية الجماعية للمجتمع ليدلل على ان الاموال هي في الحقيقة للناس من خلال فرض الله سبحانه لذالك !.
وعليه ياسيدي ياابو رغيف الضرائب هي في الاساس العملي ليست لله ولا للدولة الاسلامية وانما هي حق للفقراء والمحتاجين ، وحميد الشاكر ليس كما زعمت عدم معرفته بالطريقة او السيلة لايصال هذه الاموال لله سبحانه ، بل انا وانت ندرك ان ايصال هذه الاموال للمحتاجين والمحرومين والمعوزين هي بالحقيقة ايصال لله سبحانه ، فالمحرومون هم وجه الله ويده وجيبه التي من خلالهم نصل الى الله مباشرة !.
نعم هناك سرّاق وحرامية وناهبي اموال المحرومين واموال الله هذا بحث اخر ، ولكن الان ادركنا ان الطريق لايصال اموال الله هي جيوب خلقة المحرومين والسائلين ، وما لفظ ( مال الله ) الاسلامي الا ليجعل حرمة لهذا المال مقدسة كي لايعتدي عليها الاخرين اذا فهموا ان اموال الفقراء هي اموال الله المقدسة ، والمعتدي عليها معتدي على الله مباشرة ، فهل ادركت استاذي المخترم لماذا نسب الاسلام اموال المجتمع والفقراء لله سبحانه ؟.
كي يعطيها الحماسة والقداسة من ايدي الناهبين واللصوص ، ومع ذالم ياخي لم تسلم اموال الفقراء وحتى تحت حماية البنك الالهي المقدس من السطو المسلح عليه من قبل المجرمين !.
نادرة تاريخية :
يذكر ان ابا ذرّ بعد ان نفوه الظلمة الى الشام كان يجلس في احد مساجدها ليثقف المسلمين في الشام على الفرق في الاسلام بين ( مال الله ومال المسلمين ) وكان ابو ذرّ الغفاري رحمة الله عليه كان يحذر المسلمين من ان يقولوا ( مال الله ) وعليهم ان يقول ( مال المسلمين ) لان محمد الرسول ص كان يعلمهم ان هذا المال هو تحت اسم الله ورعايته لاليكون للدولة والسلطان ينفقه كيف شاء باسم الله ، بل ليكون تحت رعاية الله على اساس انه من حقوق المسلمين التي لايقبل الله الاعتداء عليها ، وبهذا ادرك بعض الشاميين ان الطريق الصحيح لوصول الاموال الى يد الله سبحانه هو جيوب المحتاجين من المسلمين وليس جيوب الاغنياء والقادة والمترفين !.
وما هي الا ليلة ويوم حتى اوصلت عيون معاوية الجاسوسية الخبر لمعاوية بن ابي سلطان حتى امر على الفور بحمل ابي ذر الى جبال الربذة القاحلة ليعيش وحيدا فريدا لايخالطه احد من المسلمين ابدا ليموت ويدفن هناك مع افكاره الاسلامية الاقتصادية تلك !!.
خامسا : نعم ان الله سبحانه ياسيد ابو رغيف كما عرفناه اسلاميا جابيا للفقراء والمساكين ، بل هو سبحانه طالبا ومقترضا في سبيل الفقراء والمحرومين ، يقول سبحانه في كتابه العظيم :(( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة )) ويقول عز وجل :(( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم )) !.
ولو لم يكن الله سبحانه الاسلامي جابيا ومدافعا ومقترضا من اجل الفقراء والمحرومين لما وجدت هذا الحبّ الكبير لله سبحانه في قلوبنا وعقولنا وجميع ماحوته ضمائرنا الحزينة !.
ان الفرق بيني وبيك ياسيدي ابو رغيف ان ربي الله الاسلامي دائما هو مع الفقير رحيما به طالبا من اجله متنزلا من علياءه من اجل نصرت المظلوم والفقير والمحتاج ، منزلا كتابه لاقامة المساواة والعدل بين الناس ... بينما ربك والهك بعيد غير معتني بالامك ولاهو مطالبا لحقوقك وتركا لك في بحر الظلم والراسماليين واللصوص والقتلة ، فمن حقك ان تراه بعيدا ومن حقنا ان نراه قريبا !..
___________________________________
alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com