الثلاثاء، مايو 26، 2009

الاستاذ مالوم ابو رغيف والملكية الخاصة في الاسلام ؟! 3


بقلم: حميد الشاكر

يعتقد البعض ان الانتصار الى الايدلوجيا هي انتصار للحقيقة المطلقة على اي حال ووجه ووسيلة وجدت !.
والفرق ربما بين انتصار وآخر هو في الوسائل والغايات ومابينهما من قواعد مختلفة ، فهناك من يتخذ قاعدة ( الغاية تبرر الوسيلة ) ربما على اعتبار احقية الغاية على اي وجه ووجوب انتصارها باي شكل ، او ربما على اساس ان الغاية هي الوصول الى الهدف وعلى اي طريق كان !.
نعم درسنا اسلاميا كيفية قلب المعادلة رأسا على عقب في : ان الغاية ومهما كانت كبيرة ومقدسة وطاهرة او عظيمة او صاحبت مكاسب سياسية ، لاتبرر الوسائل مهما اختلفت الوانها اللاخلاقية ، بل ان الوسائل في بعض الاوقات هي اعظم خطرا من الغايات نفسها !.
وعلى هذه المبادئ اختلفت الانتصارات في رؤى الايدلوجيا من هنا وهناك ، فالايدلوجيات السياسية التي انحدرت الينا من الغرب الفلسفي السياسي كانت تمجد بعقل وفن استخدام الوسائل ومهما كانت للوصول الى الغايات ، بخلاف الايدلوجيات الاخلاقية الاسلامية او الدينية العامة المتسامحة التي وعينا مواردها وشربنا من انهارها الصافية التي اكدت مبادئ الاخلاق السامية حتى في اصعب المحن والابتلاءات البشرية ، وحتى ان فاتت فرصة اللحوق بالغايات وخسر الانسان اي شيئ في هذا الوجود بسبب عدم استخدامه للاساليب والوسائل السيئة للوصول اليها ، تكتفي بعض الايدلوجيات الاخلاقية الدينية بالقول : ( ماذا ينفع الانسان ان ربح العالم كله وخسر نفسه م قول منسوب للسيد المسيح ع !.)
ويبدو من هذه الفلسفة ان الانتصار الحقيقي هو انتصار كسب معركة الانسان لنفسه ولاحترام ذاته اولا ، ومهما قيل بعد ذالك من فطرية او سذاجة او عدم ذكاء .... لوصف هذه الفلسفة او غير ذالك ، فالمهم مضمون الانتصار وليس واقعيته على الارض المادية .
المحترم مالوم ابو رغيف في مقاله الاول حول ( الاحزاب الاسلامية والنزاهة ) الذي ردّ ووضح فيه وجهة نظره قبالة ماذكرناه حول موضوعه القيّم ، ذكر نوع من الانتصار لايدلوجيته السياسية والفكرية في مقاله الثاني قُبالة الايدلوجيا الاسلامية التي يرى فيها كل ماهو غير جيد ومعتم ومظلم وخطير على حياة الانسان العراقي ، لهذا جاء انتصاره (وليعذرني المحترم ابو رغيف القول عنه ) : انه انتصار على اي حال وبأي وسيلة وشكل !.
اي انه انتصار لايراعي الحقيقة في استخدام الوسائل التي تصادر حقيقة الواقع الاسلامي الفكري للوصول الى غاية وهدف تدمير الصورة والفكرة والمشروع الاسلامي حتى وان كان على حساب العدالة في الطرح والحوار والجدل !.
والحقيقة انا ليس لديّ تحفظ على : ان من حق كل انسان ان يدافع عن انتمائه ويقينه وايمانه ومدرسته الفكرية بل ويرى هذا الايمان والانتماء والفكرة على اساس انها الحقيقة المطلقة والخير اللامحدود ، كما انه ليس لديّ مشكلة ان رأي اي أحد منّا ان الاخر الغير منتمي لنفس مدارسنا وايماننا وانتمائاتنا هو اخر مخطئ وغارق في الجهالة والظلمة وعليه ان يعترف امامنا انه لايملك من الحقيقة شيئا !.
لا ليس لديّ مشكلة في هذه التصورات الانسانية الطبيعية بين انسان وآخر ، لكن المشكلة تتبلور لديّ عندما لااعطي الحق للاخر ان يرى في مشروعه انه حق كما رأيت انا في مشروعي انه مقدس ومنزه وكبير ولايحتمل الزلل على الاطلاق ، عندئذ يكون او ينبغي ان يكون الشعور العام صاحب ادانه واضحة لمن يرى ان له الحق وليس للاخرين مثله !.
نعم هناك ايضا من لايكتفي بأن يمنع الاخرين من التمتع بالحقوق التي يتمتع بها هو نفسه في رؤية الحقيقة من زاوية مختلفة ، بل ويسعى الى مصادرة حقائق الاخرين ايضا التي يمتلكونها بالفعل ، فمثلا اذا كان الاخر وان اختلفت معه في الفكر والانتماء والايمان ، (صادقا او امينا او صاحب رأي )، ففي سبيل غاية او هدف الانتصار عليه انفي صدقه او امانته اورأيه لالشيئ الا لمجرد ارادة الانتصار ودحر الاخر واسقاط حقوقه الواقعية !.
ومثل هذه الظواهر وأسلاميا يتحدث القرءان بادانه شديدا ضد المسلمين الذين يحاولون استخدام وسائل غير اخلاقية او نظيفة مع الاخر لا لشيئ الا بسبب نفسي وميل ذهني ورؤية معوّجة ليقول سبحانه :(( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولايجرمّنكم شنآن قوم على ان لاتعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى )) ليدلل فن التعامل القرءاني الاسلامي مع الاخر المختلف : انه وان كان بينك وبين الاخر المختلف مشكلة أختلاف وتنافر وتباعد في الرؤى وحرب وابتعاد في التصورات .... الا انه مع ذالك لايسمح لكم كمسلمين مطلقا تجاوز مبدأ العدل والعدالة في الاحكام على الاخر ، فإن كان الاخر صادقا او امينا او صاحب رؤية وفكرة او مشروع ..... فعليكم الاعتراف للاخر بحقه الواقعي في الحياة وبحقه الاعتباري في الاحترام والتعامل معه بايجابية واخلاقية عالية لاغير ، فمثل هذا الفعل والسلوك مع الاخر المختلف دليل تقوى لله سبحانه ورضا وقرب منه اكثر بكثير من دلالة الصلاة وزبيبة الجبهة والسبحة السوداء واللحى الطويلة على هذه التقوى !.
الآن نعود الى الجميل المبدع مالوم ابو رغيف لنكمل رحلتنا مع رؤيته حول الاسلام والاسلاميين وبالخصوص ما اثاره حول ( تقديس الاسلام للملكية الخاصة حاله حال الرأسمالية البشعة والمستغلة ) وكيفية رؤيته تلك ، ولماذا هو اعتقد بإن الاسلام نسخة رأسمالية مكررة في الاقتصاد ، ومن اين استقى معلومة : ان الاسلام والراسمالية وجهان لعملة واحدة ؟، وهل حقا لافرق كما ذكره ابو رغيف بين الملكية الخاصة في الاسلام والملكية الخاصة في الراسمالية ؟، أم ان ابا رغيف اراد الانتصار فحسب حتى وان كانت الوسيلة غير حقيقية ؟،.....الخ ، مبتغين من وراء ذالك فتح نافذة تعارف فكرية بين فضائين وساحتين عراقيتين تقفان على ضفتي نهر متقابلة ، بغض النظر عن باقي ماكتبه العزيز ابو رغيف في مقاله النقدي الذي نتفق معه فيه تماما ، لكن تبقى مفردات الثقافة والفكر هي الانفع في الجدل اكثر من ملاحقة النقد النقدي الذي يحوي وجهة نظر وليس فكر وثقافة ، ولهذا انتخبنا مقولته هذه المرّة حول ( الملكية الخاصة في الاسلام ) وان تعرض لها عرضا الا انها فكرة من لبنة أفكار استاذنا المحترم ابو رغيف الذي اثارها عن قصد !.
ذكر المحترم ابو رغيف في مقاله الثاني حول الاقتصاد الاسلامي والرأسمالية :(( ان الاسلام مثل الرأسمالية يعتبر الملكية الخاصة مقدسة فمصدرها الرزق ، والرزق من الله ...))
والحقيقة انه فقط في هذه الجملة يوجد اكثر من ثمانية عشر مصادرة خاطئة حاولت فقط القول ان الاقتصاد الاسلامي ماهو الا غول مستغل ومستبد وناهب لاموال الفقراء حاله في ذالك حال الاقتصاد الرأسمالي الديمقراطي الغربي ، ولكن نكتفي بعرض الاتي من المصادرات لنسلط الضوء على ان هناك الكثير من الشنئان للفكر الاسلامي الذي دفع بالاخر العراقي غير الاسلامي ان يكيل التهم للاسلام بلا ادنى روية او علم او انصاف اخلاقي ولنبدأ بالاتي :
اولا : الاسلام ليس كما ذكره الاستاذ ابو رغيف مثل الرأسمالية لافي موضوعة الاعتبار للملكية الخاصة ، ولافي باقي الاعتبارات الاقتصادية الاخرى التي شرحنا بعضها سابقا ، كما انه واذا اردنا الانصاف والعلم نقول : ان الاسلام بفكره ورؤيته الاقتصادية هو يشبه او قريب المثل من الاشتراكية الشيوعية منه الى الرأسمالية وهذا ماذكره الكثير من كتّاب ومفكري الاقتصاد الاسلامي كالشهيد السعيد مرتضى المطهري في ( الاقتصاد الاسلامي ) عندما ذكر الجوانب المشتركة بين الاسلام والاشتراكية ص 134 طبعة اولى دار البلاغ ، فالعدالة الاجتماعية مثلا هي متجانسات في مقاصد الاهداف الاقتصادية بين الاقتصاد الاشتراكي والاقتصاد الاسلامي ... وهكذا !.
ثانيا : لااعلم لماذا تعمد السيد ابو رغيف اضافة الاسلام للراسمالية في اقتصاده المعروف عنه نجاحه في تضخم الثروة على حساب سرقة جهود العاملين والفقراء ، مع ان ابا رغيف ربما كان يدرك وجه الشبه الكبير بين الاقتصاد الاسلامي والاخر الاشتراكي مع وجود الفارق الهائل بينهما ايضا ؟.
ألسبب مثلا مجرد تشويه صورة الاقتصاد الاسلامي لاغير ؟.
أم بسبب فقط القول ان ليس للاسلام رؤية اقتصادية فحسب ؟.
أم ليؤكد ابو رغيف تميزية الاقتصاد الاشتراكي عن الغولين الاسلامي والراسمالي ؟.
أم ان هناك جهل بالفروقات الجوهرية بين الاقتصاد الاسلامي والاقتصاد الراسمالي ؟.
وعلى كل الفرضيات المذكورة كان ينبغي على المبدع ابو رغيف ان لايبخس الناس اشيائهم كما يعبر الميزان الاخلاقي القرءاني في اعطاء كل ذي حق حقه لاسيما ان المعروف عن الاشتراكيين العراقيين انهم طلاّب عدالة في الحكم وفي توزيع الثروة وفي التعامل مع جميع الناس بغض النظر عن انتمائاتهم ومعتقداتهم الفكرية ، فلماذا لاتمارس العدالة الاشتراكية في نقل وتقييم الحقيقية الاسلامية على حقيقتها كما هي في الواقع ، وليس بحاجة بعد ذالك للمدح والاشادة ، فقط لنقول ان في الاسلام عدالة اقتصادية وكفى !.
ثالثا : لاادرك حقيقة رؤية السيد ابو رغيف (( للملكية الخاصة )) ولكن مافهمته من مقاله انه ضد تقديس الملكية الخاصة في الاسلام وفي الرأسمالية ، وكأنما الملكية الخاصة اصبحت عند مالوم ابو رغيف شيئ مرعب وقذر ويجب التنزه منه ومن جرائمه ؟.
اولا : مثل ما ان هناك ملكية خاصة في الاسلام وفي الرأسمالية كذالك هناك ايضا ملكية خاصة في الاشتراكية والشيوعية ، والاختلاف بين الراسمالية من جهة والاسلام والاشتراكية من جهة اخرى في ملكية وسائل الانتاج لاغير وليس كل ملكية خاصة هي مدنس لايجب تقديسه حسب مايذهب ابو رغيف اليه !.
ثانيا : لكل من الاسلام والماركسية والراسمالية اختلافاتها في الرؤية الى هذه الملكية الخاصة ، والاختلاف بين هذه المدارس لم ينصب على قضية اباحة الملكية الخاصة لديهم جميعا وانما في فهمها وفهم دوافعها واسبابها وكذا من اين تستقي او ينبغي ان تستقي مشروعيتها وقيمتها الواقعية ؟. وعليه ليس هناك في جميع المصادر الاقتصادية والمدارس الايدلوجية اي عقدة من الملكية الخاصة حتى يقول السيد ابو رغيف : ان الاسلام كالراسمالية في خطيئة تقديس الملكية الخاصة !. فالملكية الخاصة ايضا مقدسا قانونيا ومحترما اشتراكيا ولاتسمح المادة السابعة من دستور الاتحاد السوفيتي الاشتراكي الشيوعي السابق بالاعتداء على الملكية الخاصة التي توفر للعائلة مسكنا ومزرعة صغيرة وقطعة ارض وماشية ..... كملكية خاصة !.
وعلى هذا فماهي مشكلة الملكية الخاصة اذا كانت هي من ضمن الحقوق الطبيعية لاي انسان في هذا العالم !.
نعم ربما قصد ابو رغيف بالملكية الخاصة ملكية وسائل الانتاج العامة وخطرية رأس المال المسيطر على مصادر رزق الخليقة ..... ففي مثل هذا الاتجاه السيد ابو رغيف وغيره يعلم ان الاسلام يؤمن ب ( الملكية المزدوجة ) لكل مايختص بالشؤون الاقتصادية العامة للمجتمع ، وعليه فمن اين جاء ابو رغيف بفرية ايمان الاسلام الاقتصادي بفكرة الملكية الخاصة العامة والتي هي فكرة خاصة بالراسمالية الحديثة بعد تطور العالم من الزراعة الى الصناعة في الانتاج الراسمالي الغربي !.
رابعا : عندما شنّ ابو رغيف هجوما كاسحا باسم الملكية الخاصة على الاسلام والرأسمالية : هل يدرك السيد مالوم ابو رغيف ماهي الملكية الخاصة اولا ؟. ولماذا احترمت جميع المدارس الفكرية والاقتصادية مشروعية الملكية الخاصة ؟. وكيف ان من مميزات الانسان عن الحيوان انه مخلوق يتميز بالملكية الخاصة وليست المشاعية كباقي الحيوانات ؟.
أفترض ان هذه النقطة بحاجة الى جدل علمي وليس بيزنطي كي نطرح ثقافة يستفيد منها القارئ لنقول لاستاذنا الجميل مالوم ابو رغيف تعريفا ( للملكية الخاصة ) على اساس النقاش وليس على اساس انه لايدرك هذا التعريف والمعنى انها :( عبارة عن علاقة إجتماعية إعتبارية تعاقدية بين شخص او مجموعة أشخاص وبين شيئ ما تدل على شرعية تصرف المالك بملكه وتعطيه الحق في منع الاخرين من التصرف به ) .
والى هنا الماركسية والاسلام والراسمالية والقانون الدولي والفطرة الانسانية والسماء والارض كلهم متفقون على ان من مميزات البشر ان يكون لهم نوعين من الاتصال بالحياة الاول هو ( الحق ) والثاني هو ( التملك ) !.
ثم ننتقل الى الاختلافات في هذا الحق وهذا التملك وكيف تنشأ حقوق الملكية للاشياء !
الشيوعية الاشتراكية تقول : ان منشأ اي ملكية وحقوق فيها تنحصر فقط بالعمل ، فالعمل اساس حق التملك في هذه الحياة ، ولهذا لايحق للفرد تملك وسائل الانتاج بسبب ان العامل المأجور الذي يعمل في مصنع يمتلكه راس المال المستغل يجني ارباحا بعدما يقوم العامل بالعمل والكدّ ليسد جميع ما انفق على راس مال وسائل الانتاج ليبقى صاحب راس المال بعد ذالك يسرق بفائض القيمة التبادلية لوسائل انتاجه هذه من عرق العامل حيث يجب ان تنقطع صلة صاحب راس المال بوسائل الانتاج عند مرحلة سداد النفقات لهذه الوسائل لتنتقل ملكيتها تلقائيا الى الذي يعمل وليس الى الذي لايعمل من منطلق ان اساس حق الملكية هو العمل لاغير .
الراسمالية ترى ان حق التملك ناشئ اساسا من الحرية التي منحتها الطبيعة للانسان وليس من العمل ، فحرية الانسان هي التي تؤهله للتملك والانتفاع من موارد الطبيعة مالم يعتدي على حريات وتملك الاخرين !.
الاسلام يقول بغير ذالك تماما برؤية اوسع من الاشتراكية من منطلق ان الاسلام يؤمن بتوزيع موارد الثروة قبل الانتاج اولا ، وبهذا تكون (فرصة ) استغلال المورد قبل الانتاج والعمل هي التي تهيئ للانسان الحق بالتملك والانتفاع من المورد الاقتصادي بعكس الماركسية التي تقدم العمل قبل التوزيع للمورد الاقتصادي ، وثانيا يقول الاسلام بأن العمل وحده ليس هو القيمة الحقيقية فقط للتملك والقيمة التبادلية للسلعة فهناك تداخل في الحاجات والابداعات وغير ذالك مضافا الى العمل تساهم بحق الملكية الخاصة وقيمتها التبادلية ، فمثلا فنان كابي رغيف ينفق بعمل فنيٍ ساعة على لوحة يرسمها ، له حق تملكها مضافا الى اختلاف قيمة هذا العمل عن باقي الاعمال اليدوية في القيمة التبادلية لهذه السلعة ، ولهذا فشعار ( من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته ) يعتبره الاسلام شعارا لاغير وليس له صله بروح علم الاقتصاد الحقيقي ، ولا بالعدالة التي تقول بجزاء المجد اكثر من جزاء البليد الخامل فالبليد في العمل لايمكن ان يمنح نفس الحقوق والمزايا التي يحتاجها هو وفنان مبدع ومجتهد كابي رغيف مثلا !.
ثم الاسلام يختلف عن الراسمالية في موضوعة حق الملكية الخاصة في ان الحرية وحدها لايمكن ان تكون قانونا على اساسه نشرّع حق التملك ، ونرسي قواعد الملكية الخاصة لكل شيئ ، فهناك اختلافات القدرة من انسان لاخر ، وربما هيئة سلطة ونفوذ وقوة لانسان مساحة حرية اكبر للهيمنة على موارد الثروة في الحياة على انسان اخر يتمتع فقط بالحرية الشكلية لاغير !.
وبعد هذا تكون الملكية الخاصة مشروع انساني محترم ومنظم لحركة حياة الانسان الاقتصادية وليس فيها مايدنس من وجودها على الحقيقة ، لافي الاسلام ولافي الراسمالية ولافي الشيوعية الماركسية !.
خامسا : ماذا قصد المحترم ابو رغيف عندما ذيّل جملته ( الكارثية ) بمقولة :( الاسلام مثل الرأسمالية يعتبر الملكية الخاصة مقدسة فمصدرها الرزق، والرزق من الله ولكي نبسط الكلام ولا نعقده و نقربه من الواقع
نقول لا يخلو محل تجاري او معمل صناعي في الدول الاسلامية الا وعلق المالك على جدارن مكتبه عبارة،
هذا من فضل ربي ).
فهل قصد مثلا ان الراسمالية والاسلام كلاهما يؤمن ان الرزق من الله سبحانه ايضا ؟.
وماعلاقة هذه الفقرة بفقرة الملكية الخاصة التي كان يتحدث عنها السيد مالوم ابو رغيف ؟.
أفترض انه قصد ان الاسلام ابن الجارية يعتقد ان الرزق من الله !!!.
وماذا بعد ؟.
ماذا في ان يعتقد المسلمون ان الله هو الرزّاق الرحيم ؟.
ثم الاسلام يقول بفكرة الرزق من الله لاليقول اجلسوا في بيوتكم ولاتعملوا ، ولا ليقول ان منشأ ومبررات الملكية الخاصة هي الاهية ، وانما قال الرزق من الله سبحانه باعتبار فكرة ربما لاتخطر على بال الاستاذ ابو رغيف اصلا ، وهي فكرة تعود في الرؤية الاسلامية الى ان واجد الشيئ هو مالكه الحقيقي ، فكما ان الاشتراكية قالت ان حق الملكية يكون من خلال العمل الذي ينفقه الانسان على معالجة موارد الثروة ، الاسلام ايضا يقول بفكرة اوسع وهي ان واجد الشيئ هو مالكه الحقيقي على الاصالة !.
وبما ان الله سبحانه وتعالى خالق لكل شيئ للوجود وللعالم وللانسان وللسماء والارض .... فهو المالك لهذا العالم على الاصالة بسبب ايجاده له كما يعتقده المسلمون !.
وعلى هذا عندما يقول اي مسلم ان : الرزق من الله سبحانه ، فانه يعني ان جميع مانملكه في هذه الحياة هو بالاساس مالكه الحقيقي هو الله !.
فهل في هذه الفكرة شيئ يناقض الفطرة او العدالة ليتهكم بها العزيز ابو رغيف ؟!.
ياسيدي ياابو رغيف عندما نقول اسلاميا ان المالك الحقيقي هو الله سبحانه ، وان عياله من الخلق يسعون في ملكه ويقتاتون مما اوجدته يداه سبحانه ، فنحن بذالك نقرر حقيقة (اشتراكية الوجود وثرواته لجميع خلق الله ) ولايجوز استأثار فئة او طبقة او شعب او عصابة بهذا الثروة الالهية على باقي الخلق ، ومن هنا لايحق منع التمتع بالثروة وموارد الطبيعة واستثمارها من قبل اي جهة تعتقد انها المالكة الحقيقية لهذه الثروة لانها حسب الفكرة الاسلامية ملك لله الذي هو رب الناس جميعا !.
فهل في هذا المعنى مايضايق غير اللصوص وناهبي ارزاق البشر ومنتحلي صفة الملاّك والذي بالطبع ليس ابو رغيف منهم على الحقيقة ؟.
فانا ادرك ان الاستاذ مالوم هو مع الفقراء ومع ارزاقهم التي لهم الحق فيها والتي هي رزق وهبهم الله سبحانه اياها بلا حسيب ولارقيب ، فلايأتي احد من السرّاق والمجرمين ليسرق اموال الفقراء باسم الدولة او الطبقة او العصابة والتجارة ، فكل هذا هو في حقيقته اعتداء على رزق الله لخلقه ، فهل عندما نضمن الملكية فكرة الرزق من الله نكون بهذه الفكرة قد حونا الملكية الى حكر للصوص .
أم اننا جعلنا لفكرة الملك والرزق قدسية الاهية لاينبغي لاحد من الخلق سرقة او منع الناس من تناول ارزاقهم بالسويّة ؟.
واذا كانت فكرة الرزق من الله ايجابية في في قربها من نظرية حق الانسان في التمتع والتملك ، فلماذا يراها استاذنا المحترم ابو رغيف وغيره على اساس انها شيئ قبيح وسلبي وليس ايجابي بالمرّة !.
نكتفي الى هنا بما ذكرناه من مطارحة الزميل الاستاذ المحترم مالوم ابو رغيف على امل ان نطارحه في مرّات اخرى بكل مافيه فكرة نقدية ، غاضين النظر عن كل مافيه نقد للفساد ولعدم النزاهة وكذالك لكل مايذكره الاستاذ ابو رغيف من فساد المسلمين انفسهم على الصعيد التطبيقي فكل هذه الاشياء لاخلاف لنا معه فيها ونحن نوافقه النقد على الظواهر السلبية في قضية تطبيق الاسلاميين للاسلام ، اما مايتعلق بالنظرية الاسلامية فلنا ملاحقة اخيرة لما ذكره الاستاذ حول ( الدكتاتورية الاسلامية ) باعتبار ان الاسلام كما يغتقده ابو رغيف ماكنة لانتاج الدكتاتورية والظلم والحروب والفساد ، بعكس دكتاتورية البروليتاريا الاشتراكية التي كلها عدالة وحرية وديمقراطية وحقوق للانسان مصانه !.
__________________
alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com