الاثنين، فبراير 22، 2010

(( لاطغاة جدد في العراق الدستوري !))


حميد الشاكر

مايميز التجربة العراقية السياسية الجديدة ، إنها تجربة تعتمد على الدستور في حركتها ، والذي يضمن (عدم انتاج طواغيت سياسية مستمرة في الحكم ) من منطلق ان مواد الدستور العراقي نفسه تنظّم ،كيفية تداول السلطة سلميا كل دورتين نهائية من جهة ومن جهة اخرى فإن أي حاكم يحاول حكم العراق الجديد فإن دستور هذا البلد وهويته الفيدرالية الديمقراطية النيابية ، تحتم عليه ان يكون منتجا ديمقراطيا شعبيا طبيعيا ، منبثقا بشكل آلي من المجلس النيابي المنتخب ، والذي يشكل الارض التي تنبثق منه اي حكومة وحاكم بعد كل انتخابات تشريعية، تجري في هذا البلد كل اربع سنوات ميلادية تستلزم بالضرورة تغيير الموازين السياسية في بلورة نوع الحكم والحاكم الجديد لهذا القطر من بلاد الرافدين !.

وعلى هذا يكون دستور العراق الجديد ، هو الضمانة الاولى والاخيرة لسلامة عملية تداول السلطة السياسية سلميا وديمقراطيات شعبيا ،بل وهو الميزان الاعلى لشرعية اي نظام حكم قائم واي حاكم قادم يمارس عملية حكم العراق من خلال ،أما الشرعية اذا جاء من خلال احكام وقوانين الدستور وبحالة قانونية من خلال انتخاب الشعب للبرلمان الذي بدوره يقدم حكامه الجدد ويصوت عليهم بالثقة باعتبار المجلس ممثل الشعب ، وإما اللاشرعية عندما يخرق اي حاكم هذا الدستور وبنوده القانونية الحاكمة والمنظمة لحياة العراق الجديد سياسيا !!.

ولعل هذه الضمانة الدستورية السياسية العراقية الجديدة للديمقراطية واحترام ارادة الشعب هي ماتثير ضائقة طغاة العصر القديم من بعثية وغير بعثية عندما يرون الموت في مفردات دستور العراق الجديد ، كما وانها هي ايضا ما تدفع انصار الطغاة ، من المندسين تحت المسمى العراقي ، ان يشنّوا حملة تشويه متعمدة ، لدستور العراق الجديد لشيطنته اولا ، ثم بعد ذالك المطالبة بالاطاحة به ، او تبديله او تغييره ،ليتسنى فيما بعد صياغة حكم طاغوتي جديد لاتحكمه اي مادة دستور مستفتى عليها شعبيا عراقيا ، تذكر فيها ارادة الشعب وحريته في انتخاب نظامه السياسي وكيف يكون ، وماهي ضوابطه ، ومن هم قيادته ..... وهكذا !!.

نعم في الجانب الاخر من وجه الدستور العراقي بعد ضرورة حماية جميع فقراته شعبيا عراقيا وقانونيا وبنوده من الاعتداء ،او من التجاوز لمقرراتها وتحت اي ذريعة ومسمى ( من مثل السماح للبعث بالعودة لممارسة السلطة او التلاعب بديباجته ، التي تؤرخ لحقبة المعاناة والمأساة التي كان يعيشها الشعب العراقي ، لالاف السنين تحت حكم الطاغوت ...الج)ومن اي جهة كانت لضمان حماية الشعب من تسلط الطغاة عليه من جديد .... تتجلى من الجانب الاخر لوجه الدستور العراقي الجديد انه الدستور الذي يهب اصحاب السلطة العقل والحكمه في النظر الى السلطان والقيادة على اساس انها شئ مؤقت ، وزائل وليس بدائم ، ولاهو من ممتلكات العائلة او القبيلة او العشيرة ليكون مادة استحواذ ،وطغيان وتلاعب وتمردوفرعنه أسرية او حزبية او عصابية او غير ذالك ، يقرر كيفما شاء سياسة هذه الامة وبأي طريقة نفعية او اجرامية او .... ضيقة كانت !!!.

ان على حكّام العراق الجديد السابقين ، وفيما بعد اللاحقين ، ان يدركوا حقيقة هذا النظام العراقي السياسي الجديد وهذا طبعا اذا لم يكن يدركوا من قبل نظام وحكم القانون الالهي العظيم الذي هو مصدر رئيس من مصادر التشريع في الدستور العراقي الجديد اولا ، والذي يأمر بالعدل ، والنظر الى الحكم كأمانة ، والى السلطة كمسؤولية وتكليف ومحاسبة ثقيلة جدا يوم الحساب الدنيوي من خلال مراقبة الامة للحاكم والاخروي من خلال يوم الدين ثانيا وعليهم كذالك ان يعوا ان الحكم في العراق الجديد هو مجرد وظيفة خدمية لااكثر ولااقل للمجتمع العراقي ، وعلى من يجد في نفسه الكفاءة لخدمة هذه الامة ليرضي الله وشعبه فليتقدم للحكم ، ويمارس السلطة التي ليس هي كما كان في السابق صاحبة نشوة الطغيان وسكر المال والفساد والارهاب وديمومة الحال ، بل انها سلطةً تمارس بقدر وحساب شديد ، ثم بعد ذالك تترك لاخرين ليملئوا فراغها بنفس الروح والعقلية وحسب ما قرره الدستور والنظام ، أما من لايجد في نفسه ، الا مشروع منفعة شخصية تقدمها له السلطة ، او انه يرى في نفسه منصة ، لمنافع حزبية قبلية عصبية لاغير ويرى في الحكم انه الاكثر رصيدا لشعبيته الحزبية او اموال خزائنه التنظيمية ، فعليه ان يدرك فقط ان السلطة اذا كانت منقطعة وغير دائمة لشخص انسان ما او حزب او تكتل او عصابه ....الخ فهي حقا لاتستحق ان يخسر الانسان نفسه من اجل ثمارها المنقطعة ، وعليه ان يعيد صياغة رؤيته للسلطة والحكم كي يكون عظيما بالفعل ان اراد من الحكم ان يصنع له العظمة !!.

إن من نعم الله سبحانه وتعالى ،على العراق الجديد ان يكون في دستوره تحديدا لسلطة الحاكم وممارسته الوظيفية لدورة او دورتين نهائية ، كما ان من اعظم النعم الالهية على اي امة ، ان تكون على وعي تام بضرورة ووجوب حماية تطبيق القانون وعدم تجاوز الدستور وبنوده تحت اي مبرر كان ، ومن نقمته العظمى سبحانه على اي امة ان تنسى هذه الامة نعمة الالتزام بالقانون والعدل ، او تغفل للحظة كرامة حياتها وانها معلقة بحماية الدستور الذي انتخبه الشعب بدمه كي يكون الميزان والمقياس الاعلى بين الحرية والكرامة والعيش السعيد أوبين الذلّ والعبودية والشقاء الدائم !!