السبت، يناير 10، 2009

من هدي القران ... الكلمة ... اقرأ ؟- 10 انتهى - حميد الشاكر


خضنا في البحوث السابقة حول الكلمة القرانية ( اقرأ ) عدة محاور معرفية ومناحي فكرية ، ودلالات عقلية ، نحاول من خلالها التعرف على هذه الايحاءات التي تختزلها الكلمة القرانية ( اقرأ ) ، ومما لاريب فيه عدم ادعائنا اننا استطعنا ان نستفرغ كل المعاني الفكرية والعلمية والنفسية والروحية ...، لتلك الكلمة ، فالكلمة القرانية ، وحسب معتقدنا الاسلامي ، انها كلمة عميقة وواسعة ولها دلالات اكبر بكثير من ان تقيدها حقبة زمنية معينة ، او ان يستنفد كل ايحاءاتها انسان هنا او مفكر هناك ، بل هي هكذا وستبقى كلمة فطرية تخطو مع الليل والنهار مادامت حياة الانسان قائمة على وفي هذه الارض الجميلة .
ولابد هنا وقبل ان نودع الكلمة القرانية ( اقرأ ) ان نقول كلمتنا البشرية المحدودة التعبير ، والمقيدة الايحاء لتلك الكلمة التي عاشتنا اكثر مما عشنا فيها والهمتنا اكثر من الهامنا لها ، وقادتنا افضل واشرف مما حاولنا ان نقودها هنا او هناك ، لتكون هذه الكلمة الانسانية بطاقة اعتذار نقدمها بين يدي الكلمة القرانية العظيمة ( اقرأ ) على التقصير الذي بدر منّا في محاولة الوصول الى حقائق وايحاءات ( اقرأ ) الاسلامية ، ولكن كان املنا في هذه المحاولة هو التعرف على ( اقرأ ) القرن الواحد والعشرين فحسب ، وترك ( اقرأ ) القرون القادمة لصعلوك مفكر آخر يجلس على قارعة الطريق في احد احياء او ازقة الانسانية القديمة ، وهو ينشر كفه المتسخ ليلتقط او يستقبل او ترمى له حسنة الدهر ومعونة الزمان ، لتوضع في كفه ( اقرأ ) قرانية جديدة تعيد له الحياة وتنشر له الامل وتنظف من كينونته المدمرة في هذا العالم الانساني المفكر القاسي ؟.
نعم ( اقرأ ) وفي منعطفها القديم الجديد هي الانسان القراني ، والروح القدسي ، والشمعة اللاهوتية الاسلامية المنيرة لظلام الكهفية الانسانية الداخلية ، هي السراج الذي يخرج التائهين من الظلمات الى النور ، او هي الروح التي تبعث الموتى وتحرك الحياة في اجداث المقابر ، بل هي المفقود الذي نستشعره بعمق ولكن بدون ان نبصر موضعه من الحياة ( الكلمة = انسان = اقرأ = مهدي ومخلص هذه الامة في العصر الحديث ) ؟.
ان الرؤية الصادقة والنظرة المنصفة ، والروح الطاهرة والفكرة العميقة ...، هي وحدها الذي تدرك أمل ( اقرأ ) المخلصة من ظلامية الجهل ، وتدرك قوة ( اقرأ ) البانية المشيدة ، وتدرك فعل ومؤثر ( اقرأ ) الباعث للحياة بعد الموت والركود ، كما ان تلك النظرات والرؤى هي الاقوى على ادراك معنى ان تأخذ ( اقرأ ) دورها في الحياة الانسانية على مستوى البناء الاسلامي والاستقلال الوطني ، والتحرر الفكري ، والنهضة العلمية ، لانسان الكلمة القرانية ( اقرأ ) ؟.
كما ان اعداء الكلمة القرانية ( اقرأ ) مدركون هم ايضا لما تمثله ( اقرأ ) القرانية عندما يلتف حولها الانسان الاسلامي ويرفع رايتها ، ويتمترس داخل حروفها ، فانهم والحال هذه ادركوا سرّ قوة هذا الانسان الاسلامي ، ومفتاح طاقته الخلاقة والجّبارة في البناء والتعمير وفي التحرر والكرامة وفي الاستقلال والبطولة ، وعلى هذا كان جل اهتمام اعداء ( اقرأ ) والانسان ، ان يبعدوا من قوة ( اقرأ ) عن الفعل ، ويقتلوا روح ( اقرأ ) عن التحرك ، ويشوهوا ميدان ( اقرأ ) في النضال ، ويفتتوا من طاقة ( اقرأ ) في الانتشار ....، لتصبح من ثم ( اقرأ ) غريبة الفعل والحركة والتأثير ...، وباقي الابعاد الاخرى التي بنيت واسست لوظيفة ( اقرأ ) القرانية الاسلامية ؟.
ان انساننا العربي والاسلامي هو حقا بحاجة الى روح ( اقرأ ) وكل مموناتها الفكرية والعلمية والروحية والاقتصادية الاجتماعية والفردية ، ولكن هذه الحاجة - ومع الاسف - لم تبلور حتى هذه اللحظة بصورة برنامج واضح ومبسط يصل الى هذا الانسان المنهك من ظلمات الايدلوجيات المادية والاستعمارية والتي تفرض عليه جدارا من الغيبوبة القسرية تحت شعارات الاعلام السياسية ، فهو انسان متخبط وحائر ومسكين ومغيب ومغدور ومهمش ....، انه الانسان الاوحد الذي استطاعت قوى الهيمنة والنهب واللصوصية الاستعمارية من مسخه تماما وتحويلة الى كيان اعمى لايبصر كلمة الانقاذ ( اقرأ ) وهي تعيش بين احضانه ، ليبحث عن كلمات ويحتضن اطروحات ويؤمن بافكار هي اساسا موضوعة لتغييبه ونهبه واستنزاف طاقاته ...، ومن ثم تحويله الى شبح انسان ، ودمية تتقافز حول برامج ومخططات قاتله وناهب ثروته ومغيب شخصيته الانسانية وماسخ من كينونته الوجودية ؟.
أليس عجيبة هذه المعادلة ؟.
قتيل يمجد قاتله ، ومسروق يعزف اناشيد الفخر لناهبه ، ومسحوق يرفع ويروّج لشعار ساحقه ، ومستعبد يتبتل في محراب جلاده ومستعبده ، وممسوخ لايرى الا التفوق لمن حّوله من الانسانية الى ......؟.
نعم غريبة تلك المعادلة التي حولت من ( اقرأ ) القوية العزيزة المحترمة الانسانية المتفوقة الحامية ....، والتي بامكانها ان تبني لنا الحياة وتصون العدالة وتحمي القانون وتنشر المساواة ، من كل كينونتها تلك ، الى مجرد كونها تحفة تراثية موجودة في كل بيت مسلم للتأنق والزينه والبركة ؟.
ولكن الاغرب المعادلة التي دفعت ( اقرأ ) القرانية الى حيز النسيان ، واحلال الاستهلاك والظلم والتبعية وانتشار السفه والدونية والغيبوبة والذيلية باسم ( المدنية والاشتراكية والديمقراطية والليبرالية والغربية .....الخ ) الى باقي العناوين التي تمثل الذراع الطولى للاستيلاء على كل كياننا وانسانيتنا والتغييب لها ومن ثم النظر الى واقعنا بعين التحقير والاستصغار والمهانة من قبل مصدري هذه النماذج الممسوخة لواقعنا الاسلامي والحضاري الانساني ؟.
اليس غريبا ان تجد انسانا مسلما يهجر ( اقرأ ) التي وفرت وبأمكانها ان توفر له في العصر الحديث الكرامة والعزة والعدالة والعلم والرفاهية والنظافة والاستقلال والأمن .....، ويسعى و يناضل ويقاتل من اجل ... ويتبع ...، كل المفردات التي قتلت كرامته وزيفت من انسانيته وصادرت شخصيته وجعلته لقمة سائغه لمفترسيه ، ومتاعا ملقا لسارقيه ، واضحوكة مستمرة لكارهيه ...الخ ؟.،
هذه - حقيقة - هي الصورة المأساوية التي ضربت علينا ككيان انساني عندما هجرنا ( اقرأ ) القرانية ، واستغفلتنا باقي الكلمات الحضارية الاستعمارية المنمقة ، لتحولنا من غير شعور الى حطب لحروبها الاستعمارية ومآربها اللانسانية ؟.
ان بامكان شمعة ( اقرأ ) ان تعيننا على تجاوز هذه الظلمة الحالكة في العصر الحديث ، ظلمة الروح والنفس والفكر والعقل والحياة ، ظلمة الظلم والاستعباد والفقر والجهل والتبعية ، ظلمة عدم الشعور بالكرامة والانسانية والفعل والحضور ، ظلمة التغييب والتخبط والنسيان وفقدان الامل ، ظلمة ........الخ ، كل هذه الظلمات المتراكمة بعضها فوق بعض ، كفيله كلمة القران ( اقرأ ) ان تمزق من جدرانها واغلالها التي تخنق كل تطلعاتنا المشروعة في عالم اليوم ، وهكذا هي تدعي ( اقرأ ) من خوارق افعالها وكبير اثار ثمارها ، ان تفعل الكثير لعالم الانسان العربي والاسلامي ، ولكن بشرط ان تجد اصابعا تحيط ذبالتها المتقدة من الانطفاء ؟.
اننا نرى ونستشعر ان ( اقرأ ) القرانية مشروعا له من الاصالة والاستقلالية ما يرشحه ليكون المشروع المخلص لعالمنا العربي والاسلامي ، وذالك من خلال انه المشروع الذي يوفر الخطوة الاولى لانساننا العربي والاسلامي ، فهناك الغياب المدوي في العالم العربي والاسلامي للايدلوجيا الفكرية التي تنتشل هذا الانسان من الفراغ الفكري والروحي والنفسي الذي يعيش فيه هذا الانسان ، وما كلمة القران المتألقة ( اقرأ ) الا دعوة صريحة للدخول في مضمار هذه الاطروحة الاسلامية والذي توفر الكثير من الرؤى والافكار التي بامكانها ان تكون هي الاطر النهضوية الفكرية والعلمية والاجتماعية ....، لعالمنا العربي والاسلامي ؟.
كما اننا نؤمن - حقيقة - ان ( اقرأ ) هي ماتبقى لهذا الانسان كمشروع بعد ان تساقطت كل المشاريع المستوردة والدخيلة على عالمنا العربي والاسلامي ، وبعد ان اكتشف هذا الانسان بنفسه ان كل المشاريع التي كانت تروج عليه باسم الانقاذ والرفاهية ماهيه الا لعبة سياسية للهيمنه فحسب ، وهاهو ينظر الكيفية الدنيئة التي يمارسها العالم والذي يسمى بالعالم الحر كيفية الاعتداء وامتهان كرامات الامم والشعوب ومنع هذه الشعوب مرة من الرقي الحضاري ومرة بتدمير بناها الاقتصادية واستعمار بلدانها الشرعية ، فماذا يتبقى من اسطورة الحرية بعد كل هذا الامتهان والسرقة والتدمير والهيمنه على الشعوب ومقدراتها الاقتصادية وامتهان كراماتها الانسانية ؟.
الحق ان الحديث يطول ، عندما نريد ان نفي حق ( اقرأ ) القرانية ، وما تمثله هذه ال( اقرأ ) من رمزية وفكرية ونفسية وعلمية وروحية واجتماعية وتحررية .....، لعالمنا الانساني اليوم ، ولكن يكفينا - اخيرا - ان نشير الى ان ( اقرأ ) الاسلامية هي الكلمة السرّ الذي يحاول اعداء الانسانية ان لانلتفت الى كيانها كمخلص تلهمنا القوة الحقيقية التي ننتصر بها على الجهل والظلمة والظلم والاستعباد والفقر والذلة والتخلف والتبعية ........، وباقي عناوين الضياع ؟.
بسم الله الرحمن الرحيم :( اقرأ باسم ربك الذي خلق ....، اقرأ وربك الاكرم .....، فاذا قرأت القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ....، واذا قرئ القران فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون ....، وقرانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ...، فاقرءوا ماتيسر منه ....، افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها ....، آلر كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور .) صدق الله العظيم .