الجمعة، يناير 30، 2009

موضوعة الارهاب ... قراءة تحليلية . حميد الشاكر


لانستطيع (حقيقة) ان نبحث ظاهرة الارهاب والعنف السياسي الذي اصبح اليوم ظاهرة دولية بارزة بدون ان نتسائل عن جذور هذه الموضوعة واسباب ولادتها ونموها بهذا الشكل الرهيب حتى لتكاد تكون اليوم مفردة من المفردات المتكررة على ارض الواقع السياسي الدولي والية من اليات الضغط ؟.كما انه ليس بالامكان ان تتخذ اجراءات دولية كبيرة لمعالجة (ظاهرة الارهاب) بدون ان تكون هناك دراسة واقعية مفصلة صريحة وشفافة لهذه الظاهرة المعاصرة والى ماذا تهدف ؟.الحقيقة ان هناك اشكالية دولية في هذا الشان المعقد وهناك بعض الموازين السياسية لدول كبرى لاترغب _ اساسا _ بان تفتح ملفات حيوية لبحث موضوعة العنف السياسي على المستوى الدولي ، او مناقشة بعض ملابساته ولماذا وجد وما هي الاسباب الواقعية لتحركه ......... ، ولذالك وضعت بعض الدول العظمى والتي تضررت كثيرا من موضوعة الارهاب بموضع تتجاذبه المتناقضات في المواقف السياسية فبما انها من الدول المتضررة من العنف السياسي العالمي لكنها في نفس الوقت غير قادرة او مهيئة لفتح الملفات التاريخية لجذور الارهاب الدولي ليتم دراستها ووضع المعالجات لمخاطرها المدمرة ؟. بل واكثر من ذالك تسعى هذه الدول المتضررة العظمى من موضوعة الارهاب الدولي الى عدم بحث اي مفردة من هذه الموضوعة بصورة حقيقية بما فيها مفردة وضع (تعريف) معتمد عالميا لمفهومة (الارهاب) لسبب تتداخل فيه بعض موازين القوى الدولية القائمة والمصالح الاستراتيجية الضاغطة على هذه الدول المتضررة ؟. (مثلا) : ان وضع اي تعريف لموضوعة الارهاب سيجعل من الرؤية السياسية العالمية اكثر وضوحا وتحديدا في معالجة هذه الظاهرة العالمية ، مما يستلزم (قانونيا) الاخذ بهذا التعريف واعتماده كميزان اممي للتحرك السياسي العالمي في مناهضة الارهاب ، ومعروف ان مفردة ( احتلال اراضي الغير ) تعتبر من صلب الارهاب الدولي اذا لم تكن من مموناته واسبابه ، فاذا أدخل مفهوم الاحتلال في التعريف المعتمد في التعريف ، قيتوجب عندئذ ان تدان دولة كدولة ( اسرائيل) المحتله ، وعليها تحت اطار هذا التعريف ، اما الانسحاب الفوري من الاراضي العربية المحتلة ، واما ادانتها عالميا كدولة تمارس (الارهاب) وتمونه وهذا المعنى مايدفع الولايات المتحدة الاميركية المتضرر رقم واحد من الارهاب الدولي المعاصر لمعارضة اي مشروع يستهدف وضع (تعريف) عالمي لموضوعة الارهاب ؟.وكذالك هناك اشكاليات اخرى وعلى نفس المستوى من التعقيد تحد من حركة العالم السياسية في مواجهة هذه الظاهرة منها :1 _ ان هناك ارادات دولية كبرى تسعى الى قراءة هذه الظاهرة حسب رؤيتها (النفعية) لتصنفها في مسارات ليست لها اي واقعية بظاهرة (العنف السياسي) العالمي مما يعيق اي اجراء سياسي او اقتصادي او امني او اجتماعي موحد يتخذ بصدد معالجة هذه الظاهرة ، ومن ثم الخروج بنتائج ملموسة في القضاء او تحجيم تفشي ظاهرة العنف السياسي العالمي بل على العكس بدلا من ان تاتي هذه التدابير المتناشزة لنتائج جيدة اتت بالنقيض من ذالك بنتائج عززت من نمو هذه الظاهرة وتوسيع دائرتها الحركية ؟.2 _ وهناك ارادات دولية اخرى غير مستعدة او مهيئة للدخول في عالم مابعد انتهاء الحرب الباردة وموت الكتلة الشرقية السوفيتية السابقة ، مما يضعها في موقع ( التحلل) من اي التزام اخلاقي او قانوني يفرض عليها الصدق في عملية التنسيق والتعاون الدولي الهادف الى القضاء على هذه الظاهرة المعيقة للهيمنة المطلقة لقوة عالمية واحدة ، وهذه الدول المنتفعة من ظاهرة العنف السياسي العالمي ، بدلا من ان تحاول قراءة موضوعة الارهاب الدولي هي تحاول تجيير او بلورة ظاهرة الارهاب لمصالحها السياسية وليس العكس ..؟.الحاضنات الاولية لم تكن ظاهرة الارهاب المعاصر لتبرز بهذا الشكل البارز فيما قبل سقوط الكتلة الشرقية السوفيتية السابقة ، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى ثمانينات القرن المنصرم كان وقع الحرب (الباردة) وارهابها العالمي هو المسيطر على الساحة الدولية ، وكان لانشطار العالم الى كتلتين متنافستين على النفوذ والهيمنه الوقع الاكبر على العقل السياسي العالمي انذاك ، وربما لانخطئ ان قررنا ان تلك الحقبة كانت الابواب مشرعة (لحركة الارهاب) الخفي في العالم ، ولكن دون ان تطرح موضوعة الارهاب على منضدة النقاش الدولي بهذه الاعلامية الخطيرة او كظاهرة اولى مهددة للامن والسلم الدوليين ؟.ان تلك الحقبة من (الحرب الباردة) مثلت بحق الحاضنات الطبيعية لتغذية البؤر المتناثرة عالميا بامصال الاعمال الارهابية كوسائل مشروعة في معادلة الحرب الباردة بين الشرق والغرب ، وكان لهذه البؤر الصغيرة معادلاتها _ ايضا _ السياسية التي تبرر لها القيام بوظيفة تقديم الخدمات ، وتحمل اعباء النيابة في معادلة الصراع مقابل الدعم السياسي والاقتصادي من تلك الكتلة او هذه .... ، وسرعان ماتطورت هذه العلاقة بين بؤر الارهاب (النائمة) وبين الكتل السياسية العالمية الكبرى لتصبح علاقة عضوية ترتبط بكل وجودها بهذه الكتل ويتقرر كل مصيرها بحياة هذه الدول الكبرى ؟.ومن هذه الصورة العالمية المعقدة مع شبكات ومنظمات واحزاب ودول كانت لها علاقات مصيرية مع الدول الكبرى وداخلة في عملية صراع (الحرب الباردة) ولد مفهوم ( الجيوب الساخنة) التي كانت تمثل الرئة التي تتنفس منها الدول الكبرى في صراعها الكوني بين الشرق والغرب ، والتي تتحمل هذه الجيوب حرب الاستنزاف بالوكالة لكل من الكتلة الشرقية (السوفيتية) انذاك ضد الكتلة الغربية ( الامريكية) ؟.افغانستان ... كوبا .. نموذجاكان لموازين القوى العملاقة الموجودة في كلا الجبهتين العالميتين الشرقية والغربية (مفردة) الحسم في عملية نقل الصراع من داخل كلا الكتلتين الى الى خارج حدودهما الجغرافية ، ولا افضل من انتخاب (جيوب) تهديد مباشر في عملية الصراع والاستنزاف من جهة وعملية الارهاب في معادلة موازين القوى من جهة اخرى ، فكانت افغانستان الوعرة انتخاب طبيعي وارض صالحة ورئة حيوية لتنفس الكتلة الغربية (الاميركية) في عملية ادارة الصراع مع الاتحاد السوفيتي ، وكانت كوبا يد الاتحاد السوفيتي الضاربة في العمق الغربي وبؤرة الارهاب والازتنزاف للولايات المتحدة الاميركية ، لتكون معادلة (القلق) بين وبين متوازنة الكفة في العالم القديم ؟.ان عملية نقل الصراع بين هذه الكتل السياسية هو ما وفر المناخ الطبيعي لنمو المقاتلين بالوكالة ، وهو ما هيئ السبل امام هذه الجماعات لأن تطلع على اسرار اللعبة الدولية بكل تفاصيلها انذاك ، وهو _ ايضا _ من ساهم في اشتداد عود هذه المنظمات التي افلح بعضها للوصول الى السلطة _ كوبا_ واقامت دولة تابعة لهذه الكتلة او تلك ، واخفق الاخر لتبقى في حدود ( النضال والجهاد ) المستمر على امل الوصول الى الهدف ، وهو ايضا من منح الممارسة الطويلة في احتقار القانون الدولي واعتباره خدعة لاتشمل بفقراتها سوى الضعفاء في العالم اللذين بحاجة الى قانون يحمي حقوقهم ؟.تغيّر المعادلة لم يكن حدث (انهيار) الاتحاد السوفيتي السابق او سقوط الكتلة الشرقية ، انتصار للسلم والامن الدوليين _ كما اعتقد البعض في حينها _ بقدر ما كان بداية طريق لتشكيل عالم جديد تحكمه قوى عظمى واحدة ، مما يعني من جانب اخر الدخول (بحرب) جديدة ليست هي هذه المرة ( حرب باردة) وانما هي (حرب ساخنة) وقودها ( الاثار والمخلفات) التي ترتبت من زمن الحرب الباردة وتوازن القوى ، فهناك :1 _ الدول والمنظمات التي بنت اركان وجودها على عملية الصراع ذاك وارتبط مصيرها بالكتلة الشرقية المنهارة ؟.2 _ اعادة صياغة الاجندة العالمية السياسية والاقتصادية والامنية والاعلامية .... وانفتاح العالم على مصراعيه ؟.3 _ اشكالية القانون الدولي (القديم) ومعضلة تاهيله للتعامل مع (النظام العالمي الجديد) ؟.4 _ المنظمات والاحزاب والهيئات التي مولت من قبل الكتلة الغربية المنتصرة ووجوب التخلص من تبعاتها القتالية والحربية لانتفاء الحاجة لخدماتها؟.وكذالك هناك الكثير من التفاصيل العالمية المعقدة التي ولدت من رحم تغيّر المعادلة الدولية بانهيار( الدب الابيض) ، ولكن مابرز بشكل واضح بعد تغيير المعادلة هو موضوعة (الارهاب) الدولي بعكس ما تكيّف بصورة هادئة من الاشكاليات العالمية الاخرى ، فالدول التي كانت منضوية تحت الكتلة الشرقية السابقة سرعان ماتداركت المتغير لتكيف وجودها ومسار سياساتها مع النظام الدولي الجديد وان كانت بخطوات متعثرة وبطيئة ،وكذا يقال بالنسبة لاعادة الاجندة العالمية والانفتاح العالمي المربك في بعض مواقعه ، واما مايختص بالقانون الدولي وكيفية تاهيله فايضا سرعان ما لقح بمواد قانونية واتفاقيات دولية سياسية واقتصادية وامنية ... وفرت له الحركة المواكبة لعملية المتغير العالمي والتطور الدولي الجديد ؟.بقي لنا ان نشير الى الحلقة (الاضعف) في معادلة الصراع القديم ( المنظمات القتالية التي مولت من قبل الكتلتين الشرقية والغربية ) وهي التي بقت عائقا في وجه العالم (الجديد) الذي حمّل مسؤولية او عنوان (الارهاب) المعاصر ؟.والسؤال الذي يفرض نفسه بشان المعادلة العالمية الجديدة او الذي فرض نفسه بصدد هذه المنظمات (القتالية والجهادية والنضالية ....) القديمة هو : ماهو منشأ الارهاب السياسي المعاصر ؟.هل هو البحث من قبل الكتلة الغربية المنتصرة (الولايات المتحدة تحديدا) عن عدو جديد للعالم الغربي لينوب عما كان موجودا في الكتلة الشرقية انذاك؟.ام هو ردة فعل طبيعية من حركات ومنظمات كانت وقودا الصراع الغابر وفجأة وجدت نفسها محكومة بالاعدام من قبل النظام العالمي الجديد ؟واخيرا : لماذا ولد الارهاب او نسب الى اضعف (الحلقات) القديمة في الفعل السياسي والعسكري والاقتصادي ....؟.الارهاب على منضدة النقاشيبدو ان المنظمات والهيئات التي كانت تابعة للكتلة الشرقية سرعان ماتهاوت الوحدة تلو الاخرى بعد سقوط (ولي) النعمة في العقد الاخير من القرن المنصرم ، ولكن (ايتام) الكتلة الغربية من منظمات وهيئات واحزاب والتي كانت تنافح الكتلة الشرقية بالنيابة عن الغرب والتي _ايضا_ مثلت وقود الحرب الباردة كان سوء الطالع من نصيبها ، فسرعان ما ادركت هذه القوى الحربية ان امامها خياران لاثالث لهما : اما الاستسلام المطلق لمتطلبات العالم الجديد او الاعدام بموجب قوانين (النظام العالمي الجديد ) ؟.ان دفع مثل هذه المنظمات وخاصة المتمرسة منها بالعمل ( النضالي ، والقتالي ، والجهادي ..) الطويل الى زاوية الاستسلام المفاجأ او الاعدام الفوري ، ربما لم يكن هو انسب الاليات من قبل الكتلة الغربية (الولايات المتحدة تحديدا) لاستقبال (العصر الجديد) واعادة صياغته ؟.وربما كذالك ان هذه القوى والمنظمات التي ادمنت وظيفة القتال والنضال والجهاد .... غير مهيئة ابدا لاستقبال عالم جديد ، فبغض النظر عن ان الكتلة الغربية دفعتها لزاوية حرجة او لم تمارس اي نوع من التعرض لها ، فهي _ هذه المنظمات _ قد ركبت تركيبة قتالية تنمو وتزدهر بطبيعتها في حالة الصراع ، وتموت في اجواء السلم والاستقرار ، وعليه فهي في هذا المعنى تدافع عن مقومات وجودها ليس بسبب ان هناك قوى تستهدف تدميرها ، كلا وانما هي تدافع عن وجودها الذي ليس له مكان في تخطيط العالم (الامبريالي) الجديد ، مما يعني لهذه المنظمات (الحربية) وجوب ارجاع مقومات العالم القديم وذالك من خلال تفجير الساحة السياسية العالمية ب(حرب ساخنة) تعود بعقارب الساعة الغالمية الى ما كانت عليه من (حرب باردة) توفر المناخ الطبيعي لهذه الاحزاب والمنظمات السياسية ؟.ان احداث (ايلول / سبتمبر / 2001م ) كانت القشة التي قصمت ظهر البعير او الموسى التي قطعت الشعرة المتبقية بين هذه المنظمات والاحزاب الربيبة سابقا للكتلة الغربية وبين ولاة نعمتها السابقين فكل ما ترشح في تسعينات القرن الماضي من حرب دائرة بين تلك المنظمات والكتلة الغربية لم تكن اكثر من عملية صراع تقليدية كانت تمارس سابقا بين الشرق والغرب اما احداث ( سبتمبر / 2001م ) فقد نقلت المعركة الى قلب الامبراطورية الاميركية ، وهذا ما لم تسمح به الولايات المتحدة اثناء وجود الاتحاد السوفيتي السابق والقوة العظمى الثانية في العالم انذاك ؟.وعندئذ كان لمنضدة النقاش الاممي لون ورائحة اخرى في مسالة (الارهاب)تدابير لمعالجة الارهابفي موضوعة (معالجة) ظاهرة الارهاب الدولي والعنف السياسي ، تداخلت تعقيدات كثيرة في المناقشات التي جرت وتجري في اروقة الامم المتحدة ومجلس الامن والفروع العالمية الاخرى ، كالاتحاد الاوربي وجامعة الدول العربية ..... وكانت ولم تزل وجهات النظر العالمية متباينة تباينا شديدا جدا ، مما ينذر : ان هذه الظاهرة سيطول عمرها لامد طويل نسبيا ، ولكن ما كان موضع اجماع عالمي شكلي في معالجة ظاهرة الارهاب هو التالي :1 _ تعاون امني دولي 2 _ ضرب وخنق منابع الارهاب الاقتصادية 3 _ اتفاق دولي على عدم سماح اي دولة عضو بجعل اراضيها مسرحا لنمو المنظمات الارهابية 4 _ انشاء اتفاقيات للتعاون الدولي الاستخباراتي لجمع المعلومات وتبادلها 5 _ اتفاقيات بشان تسليم المشتيه بهم بتنظيم او تمويل او تخطيط لعمليات عنف سياسي ؟.اما ماكان موضع اختلاف وتباين في وجهات النظر العالمية بصدد هذه الموضوعة فهي :1 _ تعريف الارهاب 2 _ وضع دراسات لجذوره الحقيقية 3 _ كيفية المعالجة والاساليب التي بامكانها استئصال جذور هذه الظاهرة وعلى هذه الاشكالية المعقدة والرؤى الدولية المتناشزة بقي العالم الانساني رهين دوامة العنف السياسي والارهاب الدولي ، ويبدو هنا ان ليس في العالم منطقة بعيدة او مستثناة من خطر الارهاب وحربه الساخنة ، حتى ان رؤوس الاموال (الجبانة بطبعها) العملاقة باتت لاتجد لها مكانا امنا ( المسكيتة) تعيش وتنمو فيه بصورة طبيعية ، بغض النظر طبعا عن الانسان الذي اصبح وقود هذه الحرب الخبيثة ؟.التعصب والتطرفجاء في القرار (1373 / 2001 م) الذي اتخذه مجلس الامن في جلسته (4385) المعقود في _28 / ايلول/ سبتمبر / 2001 م _ : ان دوافع الارهاب وجذوره هي :( التعصب والتطرف)ولكن هل حقا هذه هي الجذور والاسباب الحقيقية لتنفس ظاهرة الارهاب السياسي في العالم اليوم فحسب ؟.ام ان الارهاب وليد ازدواجية المعايير في العالم الجديد وسوء استخدام سلطة القانون الدولي ؟.ولماذا لايكون الارهاب منتج طبيعي لتصفية حسابات سياسية عالقة من المرحلة القديمة ولاشان لا للتعصب ولاللتطرف في هذه المعادلة ؟.وهل يكفي (التعصب والتطرف) للقيام بمثل هذه الاعمال العالمية الكبيرة في فن ادارة المعركة وخلق الامكانيات العملاقة لتنفيذها ؟.نعم : بالامكان ان يكون (التعصب والتطرف) بؤرة ارهابية او حاضنة اولية لموضوعة العنف السياسي ، ولكن هل بامكان التعصب والتطرف _ الذي ولد من رحم العالم الاوربي) ان يتحول الى امبراطورية خفية تحرك العالم بقلق ، وبذهنيتها المتحجرة والمنغلقة عن العالم الاخر ؟.الاخير : من الذي خلق ومول ودفع وانتج (التعصب والتطرف) هل هو الدين _مثلا_ او العنصرية او الفقر او عدم التوازن العالمي .... كي يتسنى معالجة هذه الظاهرة من الجذور وليس من الراس ؟.واذا كانت واحدة من هذه العوامل _ لنقل الدين _ فلابد عندئذ من دراسة العوامل التي استطاعت تحويل هذه العناوين وبين ليلة وضحاها من مفاهيم ساهمت في استقرار العالم لقرون عديدة الى مفاهيم _ وبقدرة قادر مع سقوط الكتلة الشرقية _ تغذي العنف السياسي والارهاب الدولي ؟.شيئ مؤسف ان تستغفل العقلية العالمية بموضوعة الارهاب لتصادر كل اسبابه الواقعية وتحل محلها افكار عقلية التخلف والتطرف والعنصرية العصرية ؟( التحرك الارهابي ).... العراق اخيرا ؟لايمكن للارهاب وشبكاته المتحركة ان تبقى على قيد الحياة بدون ساحات (فارغة) من النظام والدولة ، وبهذا التصور يحق القول : ان الشبكات والمنظمات الارهابية تمتهن وظيفة الاستاذية في فن البحث عن ساحات لتصفية الحسابات السياسية ؟.وهذا مدلول طبيعي يرجع بجذوره للنشاة التاريخية لهذه الحركات والمنظمات الحربية وكيفية ولادتها في ساحات الفوضى السياسية ، وعليه فبقراءة متانية لحركات وتحركات هذه المنظمات (المفسدة) سيضع اناملنا على الاستراتيجية التي تتحرك فيها هذه الخلايا الارهابية لضرب اهدافها المطلوبة ( الولايات المتحدة وما يتبعها من خيوط دولية ) فخلال عقد التسعينات من القرن الماضي تدحرجت هذه المنظمات متنقلة من وسط اسيا الى افريقيا ثم الكمون في المناطق الاكثر بعدا من سيطرة الدولة والنظام في الجبال او الصحارى ........... ولكن القاعدة لهذا التحرك دائما كان يتمحور حول انتخاب الجغرافيه الاكثر فوضوية او غيابا للسلطة ؟.واخيرا كانت محطة هذه المنظمات المتشردة هي الساحة العراقية التي شهدت اعمالا ارهابية خطيرة في الاونة الاخيرة ؟.فالعراق اليوم وبالنسبة لهذه الشبكات الارهابية ساحة مهيئة تماما لنقل معركة تصفية الحسابات بين هذه المنظمات المحكومة بالاعدام دوليا وبين الولايات المتحدة الاميركية ولي النعمة والراعي القديم لهذه الشبكات المتمردة , واسباب انتخاب المنظمات الارهابية للساحة العراقية لا اعتقد انها غامضة فالانفلات السياسي وغياب الدولة واجهزتها الامنية ووجود انسان عراقي يلملم جراحه وغير متفرغ لمسؤولية الحفاظ على الامن الداخلي وهبوط مستوى المعيشة ................ كل هذا يجعل من الساحة العراقية جغرافية مهيئة تماما لاي عمل ارهابي بل ومكان امن لهذه المنظمات الطريدة من قبل العالم باسره ، وعليه فلا غرابة من القول ان الجغرافية العراقية ستبقى مرتع لتحركات هذه المنظمات المفسدة الى ان تتم عملية بناء الدولة ومساهمة المواطن في حماية الامن الداخلي لهذا الوطن ؟.ان اغرب ما بالمعادلة ان الدول التي انتجت منظمات العنف السياسي ( افغانستان نموذجا ) لم تعد ارضا صالحة لتحرك او تنفس هذه المنظمات المغضوب عليها عالميا ، بينما العراق الذي لم يشهد تاريخه القديم والحديث انتاج وتوزيع او تصدير هذه الموضوعة نجده اليوم يقع في قبضة هذه المنظمات المدمرة ، وعليه فيبدو عندئذ ان الحرب القائمة بين الولايات المتحدة تحديدا وبين هذه الحركات الارهابية تنتقل حسب ألية ( ساحة الفوضى السياسية) وتواجد مصالح اميركية اينما وجدت ؟.الخلاصة ان لظاهرة الارهاب جذورا وموضوعا وظروفا سياسية واصابع تتحرك من خلف الستار ...... وهذه الظاهرة اشكالية لايبدو ان صانعي القرار العالمي بصدد معالجتها بصورة جدية ، او ربما لم يحن الوقت بعد عالميا لوضع حد لهذه الظاهرة ، وعليه فهناك حلقة متحركة تسمى (الارهاب) يعتقد البعض من قادة العالم ان رميها في مناطق ضعيفة من العالم تمهد السبل لهيمنة سياسية واقتصادية ، ويرى البعض الاخر ان هذه الحلقة ستتحول الى كرة ثلج تكبر كلما تحركت ويجب ايقافها باسرع مايمكن ، وبين هذا وذاك يبقى العالم يتحرك نحو الافضل ؟..

Oct 2004