الخميس، يناير 07، 2010

(( لولا الحسين لما ذكر محمد رسول الله ص !.))


حميد الشاكر

لولا الحسين لما بقي اسلام !!.
ماذا تعني هذه الجملة المفيدة التي نقرأها ونسمعها من على المنابر وعلى السنة الخطباء الحسينيين ؟.
وهل فعلاان هناك فرقا بين رؤية الحسين ع نفسه لدوافع ثورته ومبررات نهضته هي مختلفة عن ما توصلنا نحن اليه عندما بحثنا هذه المبررات والدوافع اليوم ؟.
أم ان ماتوصلنا اليه فكريامن حقائق الدوافع والمبررات للثورة الحسينية لاتعدو ان تكون قشورا لما لمسه الحسين من حقائق كارثية قائمة في زمنه دفعته لتنظيم ثورته والعجلة في وقوعها في كربلاء الشهادة ؟.
يُقال في دوافع ومبررات الثورة الحسينية انها كانت تعني الاتي :
اولا : تعني ان الحسين ع كشف مؤامرة اغتيال الاسلام فضحى بروحه من اجل حياة الاسلام !.
ثانيا : تعني ان الحسين وشهادته وثورته هي امتداد للاسلام واستمرارا لحياته التي تقريبا كانت على وشك الموت !.
ثالثا : تعني ان الحسين رأى موت الاسلام داخل نفوس الامة فاراد بثورته احياء روح الاسلام داخل الامة !.
رابعا : تعني ثورة الحسين ثورة اصلاح رممت مافسد من الاسلام والدين والمجتمع والحكم !.
خامسا : تعني ان الحسين وثورته خطّت اسلاما محمديا على السيرة الاولى ولولا اسلام الحسين الثوري لما بقي من اسلام محمد اي شئ ، ولوصل الينا اما اسلاما شبيها بالجاهلية او جاهلية متسمية بالاسلام !.
سادسا : تعني ان هناك كان عملا على تشويه ماتبقى من احكام وافكار الاسلام الاصيلة ،وجاءت ثورة الحسين لتقلب الطاولة على اساطين الجريمة والتحريف !......الخ .

ربما كانت هذه هي معظم التحليلات التي ارادت ايصال فكرتها لنا نحن الذين نقرأ او نسمع فكرة:لولا الحسين وثورته لما بقي للاسلام في هذه الحياة باقية ،وهي كما ترى تصورات تريد ان تصل الى المبررات والدوافع الحقيقية التي كانت داخل الحسين ع نفسه ودفعته لاعلان ثورته الاستشهادية الاسلامية المباركة ، فهي مبررات ودوافع تتحرك داخل دوائرلاتتعدى الاتي :
اولا : مصلحة الاسلام
ثانيا :الخوف عليه .
ثالثا :الدفاع عنه .
رابعا :طلب الاصلاح في امة محمد ص .
خامسا : الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
سادسا : دفع الاذلال وطلب الكرامة والحرية .
سابعا : رفع الشرعية الاسلامية عن النظام الاموي .
ثامنا : تأسيس شرعية اسلامية للثورة على النظام السياسي المنحرف .
تاسعا : صحوة الامة ونهضتها من غفوة الخنوع للظلم .
وكل هذه المحاور مهمة وعظيمة وخطيرة ايضا في فهمنا وادراكنا للثورة الحسينية ومبرراتها واهدافها وعواملها الحقيقية التي هي في سعتها كالبحر الذي لاينفد في وعيها وعلمها والوصول الى عمقها حتى لو كتبت حولها جميع اقلام البشر من بني الانسان بمداد حبر لاينتهي !!.

نعم لكنّ هناك في الحقيقة زاوية ربما لم يلتفت اليها احدٌ بعدّ في المبررات والاهداف والعوامل والرؤى الحسينية نفسها التي كانت تتحرك في داخل الحسين ع كرؤية واضحة توجب عليه التفكير بالثورة والانتفاض والاستشهاد ومغادرة هذا العالم من اجلها ، وهي كما يبدو لاتقلّ خطرا حقيقيا من خطر الاسلام نفسه عندما يتعرض لمكروه او لعبث من قبل العابثين او لتزييف لجوهره من قبل المزيفيين ، الا وهي فكرة (( لولا الحسين لما ذكر محمد رسول الله ص )) ايضا !!.
الحقيقة عادة مايركّز المفكرون في القضية الحسينية على ثنائية:((الحسين والاسلام او الحسين والدين او الحسين والمجتمع او الحسين والحرية او الحسين والاصلاح ، او الحسين والعدالة ، او الحسين والسلطة .........الخ )) لكنّ ليس هناك حسب اطلاعي من اشار بوضوح الى ثنائية :(الحسين ومحمد ) باعتبارها ثنائية أسست للثورة الحسينية بكل ابعادها الاستشهادية التي خلقت من الحسين شهيدا من اجل محمد الرسول ص ، قبل ان يكون الحسين شهيدا من اجل الاسلام ، والدين والمجتمع والامة والعدالة والمعروف ..... كذالك !!.

وهذه الثنائية (الحسين ومحمد) كمبرر ودافع للثورة الحسينية لاتبرز بوضوح الا اذا حاولنا الولوج الى داخل التفكير الحسيني واستخلصنا رؤيته لمعنى استمرار حكم الامويين في السلطة ،مع رجوعنا الى تاريخ ماقبل النهضة الحسينية في بدايات ولادة الدعوة الاسلامية المحمدية وكيف انها جوبهت من قبل اعدائها وماهي نظرة اعداء الاسلام ومحمد ص قبل ان يسلموا لهذا الرسول وهذا الوحي وهذا الدين والاسلام ؟....الخ.
وكل هذا لندرك فقط الخلفية التاريخية التي كانت حاضرة في الحدث الحسيني وهي تفكر بالثورة والاستشهاد من اجل محمد الرسول كمنقذ للبشرية ورسول الله وخاتم النبيين ص ؟!!!.

إن التاريخ يذكر لنا ان العائلة الاموية من العوائل التي قادت الكفروالشرك في الجاهلية ضد الاسلام باعتبار واحد لاغير وهو : (( انه في الواقع لادين نازل من السماء اسمه الاسلام ، ولايوجد شئ اسمه نبوة ووحي نزل على محمد بن عبدالله ، وانما محمد يريد السلطان فادعى النبوة كذبا وبهتانا وافتراءا على الله ، وما هو الا متعلم وكذّاب وساحر وكاهن .....الخ))كما ذكر القرءان الكريم بالضبط احاديث عتاة المشركين الكفرة من قريش وعلى رأسهم بني امية ، عندما كانوا يحاولون تقييم قضية الاسلام ومحمد والوحي والنبوة والقرآن وغير ذالك !!.

وحتى ان احد قادة الكفر الجاهلي كان يوصي بعدم مناهضة الدعوة المحمدية ( كما ذكر التاريخ كلمة الوليد ابن المغيرة عندما سمع القرآن من محمد / انظر السيرة لابن هشام ) من منطلق ان هذه الدعوة التي اسماها محمد بالاسلام ، هي دعوة حلوة خضرة ولايمكن التصدي لها ومناهضتها والانتصار عليها بالسيف والقوّة ،ولكن يمكن الانتصار عليها بالحيلة والمكر عندما يؤمن عتاة الكفر من قريش نفاقا بالاسلام ليقيموا سلطانهم ومصالحهم ومنافعهم باسم الاسلام نفسه ومن داخله ،وبهذا يكون القرشيون قد وفرّوا دمائهم بحرب لاتوصل الى هدف من جهة وفازوا بملك محمد من داخله وباسم الاسلام من جانب اخر !!!.

لكنّ شخصية قيادية اموية اخرى كان بيدها الحلّ والعقد كله بدولة الشرك والكفر والجاهلية المناهضة للاسلام ولمحمد رسول الله ص وهو ابو سفيان ابن حرب الاموي ابو معاوية وجدّ يزيد ابن معاوية كان رايه الحسم والحرب مع الاسلام ومحمد من منطلق رفض حتى فكرة الحيلة والمكر تلك للانتصار على الاسلام ومحمد ، بل كان هذا القائد الاموي يرى وجوب استئصال شأفة هذه الفكرة المسماة اسلام وهذا الرجل الذي يفتري على الله بالرسالة ( محمد ) الى الابد ووجوب فضحه على اساس انه كذّاب ومحتال ومدعي صلة بالسماء !!.

وهكذا استمرت الحرب بين الكفر والشرك بقيادة ابو سفيان ابن حرب الاموي ومحمد رسول الله ص والاسلام والتوحيد حتى انتصار الاسلام اخيرا وارتفاع دولة محمد رسول الله ص ، وعندئذ وفي اخر ايام الكفر والشرك وعندما لم يكن هناك مخرج للمشركين تحت معادلة اما الاسلام او النفي خضع قائد الكفر والشرك العتيد للاسلام عنوة ليعلن ابو سفيان ابن حرب الاموي اسلامه في اخر لحظة وهو دائم التذكير بحقيقة :(( والله ما من جنة ولانار ولكنه ملك ودنيا )) اشارة الى اصالة فكرة عدم ايمانه بوجود وحي او نبي او رسول او اتصال بسماء وغير ذالك !!.

انتقل محمد الرسول ص الى الرفيق الاعلى ، لتلعب الدنيا وحبها ، والمصالح القبلية لعبتها ، بالانقلاب الكبير في سقيفة بني ساعدة لتؤسس لشرخ في التاسيس الاسلامي الذي لم يكتمل بنيانه بعد وليظهر قادة الكفر القدماء ثباتهم على الفكرة (بانها لعبة ملك وسلطان وليس هناك نبوة ولارسالة ولاوحي.. اصلا ) بان اعلن ابو سفيان استعداده للمشاركة بحرب الفتنة داخل الاسلام ، وبالفعل قدم لاحد اطراف النزاع ( علي بن ابي طالب ) نصيحة دخوله للحرب ، والمعركة وانه مستعد ليملئن على المدينة سيوفا وخيلا مناصرة لعلي بن ابي طالب ضد خصومه وارجاع السلطان والخلافة اليه !!.

لكنّ وبما ان عليّا بن ابي طالب ع كان يدرك نوايا امثال ابي سفيان الاموي واضرابه فما كان ، الا ردع هذا المتصيّد بالمياه العكرة الذي نذر حياته فقط للانتصار لفكرته الجاهلية التي تقول :(( والله ما من جنة ولانار ولارسالة ولاوحي ولانبوة ولكن دنيا وسلطان لاغير !!)).

وبعد ذالك بقي هذا القائد الاموي (ابو سفيان ابن حرب ) وفيّا لافكاره ومعتقداته في الشرك والكفر والجاهلية الاولى حتى اخر يوم في حياته الى ان تغيرت موازين اللعبة السياسية في الاسلام ليُقدم عثمان ابن عفّان الاموي الى سدّة الخلافة والملك على الاسلام ،ليقول شيخ الامويين القديم مقولته الشهيرة في خلافة عثمان الاموي هذا عندما رأى ان الملك اصبح قريبا منه ومن عائلته جدا :( تلقفوها يابني امية تلقف الكرة فوالله مامن جنة ولانار ) ليموت على هذه الكلمة بعد ان اودعها ابنائه واحفاده الى يوم الدين !!.

في سنة واحد وستين للهجرة جاء يزيد ابن معاوية بن ابي سفيان ابن حرب الاموي الى السلطة والخلافة بعد ابيه وهو يحمل كل هذه الثقافة الاموية الجاهلية التي ورثها كابرا عن كابر تجاه الاسلام والرسالة والنبوة والوحي ومحمد ص من جهة وجاء الحسين سيد شباب اهل الجنة باسلامه وتراثه وثقافته تجاه الرسالة والوحي والنبوة والايمان ...وكل مايحمله عن جده محمد رسول الله وابيه علي بن ابي طالب ونظرتهم للرسالة والاسلام !!.

نعم جاء الحسين في العقد السادس للهجرة ليرى امامه يزيد بن معاوية يطالبه بالبيعة !!.
يمتنع الحسين عن البيعة ويعلن الثورة وينال الشهادة في العراق !!.

ياترى ماذا كان يرى الحسين في بيعة يزيد وتنصيبه زعيما وقائدا للمسلمين ؟.
هل رأى الذلّة في البيعة ليزيد فحسب فابى البيعة ؟.
هل راى المجون والدعارة والاستهتار ليزيد فامتنع عن البيعة ؟.
هل وجب على الحسين الامر بالمعروف والنهي عن يزيد بن معاوية فامتنع عن البيعة ؟.
هل طلب الاصلاح والصحوة للامة الاسلامية فامتنع عن البيعة ؟.
هل اراد نزع الشرعية عن يزيد فامتنع عن البيعة ؟.
أم ان الحسين رأى ان بيعة يزيد تعني الكفر برسالة محمد ص ووحيه وصدق نبوته فامتنع عن البيعة ؟.

بني امية حسب معرفة اهل البيت ع بصورة عامة والحسين بصورة خاصة لم تكن لهم مشكلة مع النظام الاسلامي او الاسلام او الدين كقانون يضمن السلطة ويدير المجتمع ويضبط حركة الناس ويسوسهم بالاحكام ،لكنّ مشكلتهم الاولى والاخيرة كانت مع محمد رسول الله ص وصدق نبوته ودعوته ووحي السماء النازل اليه واعتبار الاسلام شريعة الاهية !!!!.

نعم ال امية ومنذ ان جاء الاسلام ودخلوا بحرب معه لينتصر عليهم اخيرا ويدخلوا فيه رهبا ...كل هذا جعل من الاسلام ثروة على اي حال لبني امية فيما بعد وليس مشكلة على الاطلاق ليجتهدوا بتدميره على الجملة ، ولهذا وبعد ان استقرّ الاسلام في قلوب الناس عاد الامويون الى فكرة ذاك الشيخ القديم في الجاهلية :(الوليد ابن المغيرة /ابو خالد ابن الوليد ) ليدركوا حكمته الجاهلية البليغة ،عندما اشار عليهم بالاحتيال على الاسلام بدلا من حربه ليؤمّن لهم الاسلام مصالحهم فيما بعد وهكذا اجتهد الامويون بما فيهم جميع مشايخ العهد الجاهلي المباد وحتى الجديد الاسلامي ان يظهروا الولاء للحكم الاسلامي مادام الاسلام حكما يسوس الناس ومادام الدين هو البوابة الكبرى للوصول الى السلطة والمال والسلطان ومادام ان سرقة المنجز الاسلامي ممكنة وبسيطة ولاتحتاج لعناء كبير من البيت المحمدي الهاشمي النبوي الكريم !!.

انا ادرك ان هناك الكثير ممن يمتلك رؤية احادية الزوايا في قضية الثورة الحسينية وانها ثورة فقط جاءت من اجل الدفاع عن الاسلام ، وان بني امية كانوا اعداء الاسلام وارادوا تزييفه وقتله وتدميره على اي وجه ، ولهذا دافع الحسين وضحى بحياته من اجل الاسلام الذي ناضل البيت الاموي لتدميره ......الخ !!.

وعندما تأتي رؤية اخرى لتقول : يجب اعادة القراءة في عوامل ومبررات ووجهات النظرفي الثورة الحسينية وان هناك سوء ادراك للمخطط الاموي الخبيث ضد رسالة محمد وان الامويين لم يكونوا في الحقيقة من المتضررين من الاسلام كحكم وسلطة وسلطان ونفوذ وقوانين ، وانما الضرر الواقع عليهم ، هو كون نسبة هذا الاسلام لمحمد ص ، واهل بيته ورسالته والاعتقاد بالوحي النازل من السماء فحسب ولهذا كان العمل الاموي ناهضا في الاحتفاظ بهيكل الاسلام السياسي باعتباره اطروحة حكم بل انهم كانوا من المخلصين ( لخدمة الاسلام) بقدر مايخدم هذا الاسلام حكمهم وسيطرتهم ومنافعهم وطاعة الناس لسلطانهم وتمتعهم بالملذات الدنيوية باسمه وعلى هذا الاساس اننا نكون مخطئين فعلا في الرؤية عندما نقول ان الاموييين كانت لهم مشكلة مع الاسلام السياسي بينما الكثير من الاعمال الاموية التاريخيةتؤكد على حفاظ هذه العائلة المالكة عليه تاريخيا وهذه الرؤية بالفعل ستضعنا كباحثين عن الحقيقة مع تناقض ، اولا مع التاريخ وثانيا مع القارئ المتلقي الاخر الذي يريد ان يقرأ لنا بحثا عن حقيقة وليس بحثا عن كل ماهو مناقض لما ذكره التاريخ في الواقع وهذا كله بسبب ان فكرتنا عن الاستراتيجية الاموية العاملة ضد الاسلام كانت قراءة سطحية وغير مدركة لفهم الامويين للاسلام واين تكمن مشكلتهم : اهي مع الاسلام فعلا الذي اوصلهم للحكم والسلطة وهيئ لهم الامر وضبط افواه الناس عنهم ؟.
ام ان مشكلة البيت الاموي مع صاحب الرسالة النبوية الالهية محمد رسول الله ص واهل بيته باعتبار انهم الخلفاء على اسلامه من بعده ؟!!.

ان التاريخ يذكر لنا ان الامويين فتحوا بلاد العالم بالاسلام واسمه وعربوا دواوين الدولة ورفعوا راية الاسلام واقاموا صلاتهم وصاموا رمضانهم ، وحجوا الى بيت ربهم ....الخ ، وهذا كله صحيح مادام للاسلام قدرة على توسعة السلطان وفتح البلدان وملئ خزائن ال امية بالغنائم وكل ماتشتهيه الانفس ، فلماذا يعادي بني امية هذا الاسلام ؟.
وبالفعل كان معاوية بن ابي سفيان الاموي (وفيّا ) للاسلام ، مادام معاوية لم يزل يحكم باسمه اي انه وفيّا لحكمه اولا الذي جاء من خلال الاسلام واسمه ، ولاداعي بعد ذالك لمعاداة الاسلام ، واجتثاثه من الوجود اذا كان الاسلام اكبر ضمانه لشرعية الحكم وطاعة الناس ، او حتى ابادتهم باسمه ان اراد احد منهم ان يعلن العصيان على الحكم الظالم !!.

لماذا يعادي بني امية اسلام يدعوا لطاعة اولي الامر؟. ، ويحث الرعية على تقديس السلطان وحرمة الخروج على سلطانه ؟
ماهو الداعي العقلي ان يدمر بني امية اسلام يوفر لهم كل ماكانوا يطمحون له في الجاهلية وفقدوه على يد الاسلام عندما قدم على يدي محمد رسول الله ص ؟.

هنا سوف تكون الرؤية مختلفة والاولويات يجب ان يعاد ترتيبها في قراءة الحدث والثورة الحسينية ، وهل ان نضال الحسين وثورته كانت كلها منصبة للدفاع عن الاسلام السياسي فحسب ؟.
أم ان الحسين يدرك الاستراتيجية الاموية المعادية لاسلام محمد رسول الله ص بالذات ،وان الامويين يريدون اسلاما بلا محمد واهل بيته لاغير ، وانهم ساعون هذه المرّة لالضرب الاسلام كمنظومة حكم بل لضرب محمد ص كمشرّع ومبين لحكم الاسلام وصورته ووحيه وروحه وقيمومته على المجتمع وكيف ينبغي ان يقرأ ؟.

ومن هذا المنطلق جاء كل التراث المزيف الاموي باسم الاسلام ، الذي يدعوا الى حرمة الخروج على الحاكم الظالم ، ووجوب طاعته باسم الاسلام والرضا بالقضاء والقدر والاعتراف للخليفة بالملك باعتباره خليفة لله ومالك تحت رعايته ..وهكذا !!!!. اي بمعنى مختصر ان العائلة الاموية ( حسب الرؤية الحسينية الثورية ) ،قد انتقلت في استراتيجيتها الحربية ضد الاسلام في الجاهلية الى استراتيجية استيعاب الاسلام ، واستغلاله على شرط العمل على تفريغه من غطائه المحمدي الرسالي الذي يدعّي الوحي والنبوة والاتصال بالسماء والقداسةليكون الاسلام اسما للسماء لكن مضمونا وروحا وحكما وسياسة وادارة فهو لاولي الامر والسلطان من ال امية فحسب ، وليكون في النهاية الاسلام الاموي ((حسب التصورات والافكار والاحكام الاموية)) هو الحاكم بالحقيقة بعد ان تفرّغ تماما من مضمونه المحمدي الرسالي الايحائي الالهي الصحيح !!.

نعم الحسين ع شعر ان مرحلة حكم يزيد بن معاوية ، حسب الاستراتيجية الاموية المناهضة لمحمد ورسالته ،ووحيه وصدق نبوته هي مرحلة الانقلاب الشامل على رسالة العظيم محمد ص ليس باعتبارها حكما ظاهريا للدول بل باعتباره اسلاما يتصل بوحي محمد ورسالته اي يتصل بصدق دعوة النبوة وانها اتصال بسماء وانه لاينبغي تجاوز اي مفردة من مفرداتها في الحكم والشرع والحقوق والواجبات (( ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا / قرآن كريم )) ولهذا فمن يقرأ استهتار يزيد بن معاوية على اساس انه فقط سوء خلق ، وتربية اسرية لهذا الشاب ،الذي يُجلس قردا على منبر رسول الله ص فهو واهم وغير عميق في فهم ، واستيعاب دلالات هذا العمل الاموي ، بل علينا ان نقرأ كل استهتار يزيد الاموي واخلاقه المنحرفة عن روح الاسلام وشريعة محمد رسول الله ص و....على اساس انها ثقافة تنتمي للعصر الجاهلي وانها سلوكيات مقننة ومرتبة ومنبنية على استراتيجية في الرؤية للاسلام بصورته الدينية المحمدية التي كان ينظر لها يزيد ابن معاوية على اساس انها اكذوبة خلقت في عصر محمد ص ويجب ان تنتهي هذا اليوم !!.

وهذا هو ربما المبرر الاعظم الذي دفع بالحسين ليعلن ثورته الكربلائية العظيمة واعتبارها ثورة اولا واخيرا من اجل الرسالة والنبوة ومحمد ص اكثر من كونها ثورة من اجل الاسلام اسما وحكما لاغير وهذه الحقيقة هي التي ربما تكشف مدلول مقولة الحسين ايضا ( هيهات منا الذلة ) التي تشير الى ان العائلة الاموية بقيادة يزيد لاتريد فقط بيعة الحسين ع لاغير ان تحققت على فرض ذالك ، بل ان العائلة الاموية تريد اذلال ال محمد ومحمد رسول الله ص حتى في حال ان الحسين بايع يزيد ونزل عند حكمه !!.

ان الحسين عليه السلام كان يدرك كل التاريخ الاموي الاسود ضد محمد ص ودينه وشريعته ، ويدرك ان الامويين لم ينسوا يوما من الايام ان دين محمد ص قد اذلهم وذهب بعزتهم الجاهلية الجهلاء وانه صلوات الله عليه استشعر ان استراتيجية بني امية وصلت الى مرحلت اظهار محمد ص على اساس انه مدّعي وكاهن وكاذب ومفتري على السماء ...وجاء بدين ادعى انه متصل بالسماء امام العالمين ، كما كان يحاول الجاهليون وصف محمد ص قبل انتصار دينه ، ولهذا دُفع الحسين الى الثورة وعلى عجل دفعا ليعيد لوحي الرسالة والنبوة والاسلام قدسيته ولاهوتيته ومحمديته قبل ان يصل بني امية بالنجاح بمخططهم الذي استهدف شريعة محمد ورسالته واسلامه وتفريغ هذا الاسلام من محمديته !!.

وبالفعل قال الحسين كل اهداف ثورته بصراحة وامام الناس بالاصلاح وبالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وان مثله لايبايع مثل يزيد ..الخ ، الا هدف الدفاع عن محمد ص وعن موقعه من الاسلام ، وان حرب يزيد القادمة هي حرب اقصاء محمد عن اسلامه الذي استولى عليه بني امية ،بعد الفاسدين ليخوضوا فيه خوض السلاطين ، المتفرعنين ، الظلمة الذين نهبوا الاسلام تراثا ليحولوه الى مجرد سلطان وسيف وظلم وظلام لاغير ، بعد ان كان في زمن محمد رسول الله نورا وهداية وعدل وحرية للعالمين .... فان الحسين ع ترك هذا الهدف من اهداف ثورته العظيمة للتاريخ كي يدرك المسلمون ان ثورته كانت من اجل ان يبقى محمدا رسولا لله سبحانه وتعالى وليس هو كذّاب او مفتري او ساحر او كاهن .....كما كانت بني امية تريد الوصول اليه ايام يزيد الذي لو قدر له النجاح بسلطانه والاستمرار به لوصل لنا الاسلام اليوم فقط بنسخته اليزيدية التي تدعوا للكفر بها صراحا ، بدلا من الايمان ، وانه دين جاء به شخص اسمه محمد كذب على قومه وافترى على الله ليدعي صلته بالسماء بينما كل احكامه الجائرة وافكاره اللاخلاقية وتصوراته المعوجة تدلل على عدم علاقته بالله سبحانه وتعالى !!.
هذا باختصار معنى فكرة :(( لولا الحسين لما كان او ذكر ان محمدا رسول الله ص ))!.