السبت، فبراير 13، 2010

(( الحضارة الكطرية بدلا من الحضارة العراقية ... الملتقى الثقافي السابع للدوحة !.))

( بقلم : حميد الشاكر )


بسم الله الرحمن الرحيم : (( الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون ))
***********

عندما يحكم الرأسمال العالمي بهذه الصورة المرعبة فكل شيئ جائز !.
يتقدم الدولار على الفن ... جائز !.
يتقدم البترول الاسود على خضرة الارض والطبيعة ... طبيعي !.
يتقدم الغباء على الذكاء والجمال .... ممكن !.
تتقدم مضارب الخيام على اهرامات مصر ... ربما !.
تتقدم الصحراء القاحلة على ينابيع الانهار ... بكل تأكيد !.
تتقدم الدوحة على بابل .... لاريب !.
يتقدم بن باز على نجيب محفوظ ... متوقع !.
تتقدم العصى والخيزران على القلم والمسمار ... تمام !.
يتقدم الحيوان على الانسان .... صحيح !.
هكذا عندما يحكم المال واصحابه على شؤون قوم فاسقين !.
في الذكرى السابعة لملتقى الدوحة الثقافي جلس وجها لوجه امراء دويلة قطر أمام العالم الغربي كله بما فيه الامبراطورية الامريكية لتتحدث الدولة العظمى قطر الخليج العربي عن الاسلام وباسمه ، ومن ثم لتناقش القضايا المستعصية بين الشرق الاسلامي والغرب المسيحي !.
انها مشاكل كونية تتصدى لها قبيلة من قبائل ال الخليج ، لتتحدث باسم الحضارة الشرقية كلها من سومر الى بابل العراق الى دمشق الى مصر الاهرامات وحتى ليبيا حضارة البحر الابيض المتوسط الزاحفة شرقا ، كل هذا تتحدث عنه دولة قطر كمعبر عن وجود هذه الحضارة والناطق الرسمي بلسانها الفصيح !.
لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم !.
وانا لله وانا اليه راجعون !.
واذا بليتم فاستتروا !.
من هي قطر حضاريا وبشريا وعمليا وفعليا امام العالم اليوم ؟.
رجعت لاكتشف تاريخ قطر الحضاري ، كما يطلب اعلان الملتقى الثقافي السابع للدوحة بعبارة :(( اكتشف تاريخ قطر من على قناة الجزيرة )) وفعلا رجعت لاقرأ التاريخ من جديد فالربما سقطت من ذاكرتي الحضارة القطرية فلم اعد اتذكرها مع باقي الحضارات التي قرأتها فيما مضى، وكانت البداية من جديد من تواريخ العرب التي تبدأ بادم ابي البشر عليه السلام ، وحتى وول ديورانت صاحب قصة الحضارة الذي يبدأ قصته من انسان الكهف والعراء ومن ابناء نوح سام وحام ويافث ، نزولا حتى ملوك الدنيا وقائمي حضارتها في سومر وبابل ومرتفعات الموصل من الحضارة العراقية ، هبوطا الى طغيان فراعنة مصر وتلاوين اساطيرها الدينية ، وارتفاعا الى هيكل سليمان وحضارة اليونان وغلبت الروم وبني فارس من ساسان وغير ساسان ........ الى اخر هذه الاسماء والاديان والبلدان !.
المفاجئة : لم اجد ذكرا يذكر للحضارة القطرية لافي التواريخ ولا في الاديان ولا في الوديان ولاحتى مع الرعيان !.
اذا اين يمكن لي ان اكتشف تاريخ قطر الذي يدعو له الموتمر السابع الثقافي للدوحة ؟!.
وبعد عناء وتفكير طويل وسوس لي الشيطان بعيدا عن الهام الرحمن ليقول لي : اكتشف تاريخ قطر والعربان تحت غطاء الدولار والنسوان !.
أليست هي مصيبة حقا ان يتحكم الدولار حتى في الانسان !.
وهل من الممكن ان يكون راس المال بديلا عن الحضارات والفنون والتاريخ .... ليقدم اعرابي بوالا على عقبيه ليتحدث باسم الحضارة والانسان وبلا حياء ولا نسيان ؟.
الم يخجل القطريون عندما يتقدمون امام العالم الانساني ليتحدثوا عن اشياء هم ليسوا من بناتها ولا من منشئيها ولامن القادرين اصلا لحمايتها او الدفاع عنها !.
عن الاسلام العظيم يتحدث ساسة قطر !.
امام العالم الغربي باسلحته الهيدروجينية والنووية يحاول وزير خارجية قطر ان يدافع عن الامة العربية والاسلامية صاحب الجزيرة التي هي بحاجة لتسونامي واحد حتى تغيب عن الوجود تماما ؟!.
عن الارهاب والكباب بدو كطر تتحدث مع اسرائيل واميركا دولة قطر العظمى !.
وطبعا هذا كله وشعور غامر لاميركا واوربا واسرائيل بالفرح والهزء والسخرية من امة تقودها قطر والدوحة وتناقش باسمها بلا ادنى تامل ؟!.
قطر هذه لاتستطيع الدفاع عن نفسها ساعة يتيمة امام اضعف جيش في العالم ، هي نفسها التي تخوض المحادثات الساخنة لمناقشة سبل الدفاع عن الامتين العربية والاسلامية ، أمام التحديات المعاصرة في زمن التكنلوجيا وغزو الفضاء !.
قطر هذه التي ليس لها ذكر يذكر لافي تايخ ولافي حضارة ولافي دين ولافي زقاق من ازقة العالم المدون هي نفسها التي تتحدث عن (( حوار الحضارات وكيفية منع حوامل التصادم الاممية )) !.
قطر هذه التي لاتملك الا بئر غاز ومئتي الف نسمة بشرية وماخور اعلامي فضائي صوتي يسمى الجزيرة هي نفسها التي تتحدث عن صياغة الاعلام الحر وكيفية استثمار البترول لخدمة التنمية النوعية للثقافة الانسانية العالمية المعاصرة !.
قطر هذه التي لم يخرج منها ابدا لافيلسوف عربي ولافيلسوف اسلامي ولاشاعر كبير او صغير ولامؤرخ ولاطبيب في التاريخ وحتى اليوم ، ولم تخرج اي كفاءة انسانية تذكر ولم تقدم للانسانية لافي القديم ولافي الحديث حتى كاتب قصة يذكر او صاحب ريشة فنان او عازف الة موسيقية تسمع ........... هذه القطر هي التي تتحدث اليوم عن تطوير الفلسفة وكتابة الاداب وانشاء الفنون وكيفية تطوير مناهج العلوم .....الخ !.
اليست هذه معادلة غريبة عجيبة ؟!.
قبيلة لم تزل تحت الحماية الغربية الاستعمارية تتطلع للعب دور لو وضع على الجبال لهدها من الثقل ؟.
انا افهم ان من يريد ان يتحدث عن حوار للحضارات يجب ان يكون هو صاحب حضارة وباني قواعدها كالانسان العراقي او المصري او السوري او اللبناني او الفارسي ....الخ ، لكن ياتي انسان يرى في بناء الحضارة اكبر نكتة سخيفة ليتحدث هو بدلا عن بنات الحضارة الحقيقيين عن حوار الحضارات ، فهذا الشيئ لااستطيع حقا فهمه او ادراك ابعاده السيكلوجية ايضا !.
هل حقا ان الانسان البدوي القطري عاشق الصحراء والصيد والتنقل من مرعى الى مرعى هو نفسه اليوم الذي يفكر في الحوار والحضارة والعلوم والفلسفة والفن والتاريخ ؟.
ومنذ متى انقلب البدوي من عشق الغزو واكل الجرابيع في البادية الى حب الجدران وزحمة التمدن واسواق التجارة وبذخ الفن وصخب الموسيقى ... لا والكلاسيكية منها في ملتقى الدوحة ايضا ؟.
هل قطر تتحرك بارادة الامير القطري الفلتة ، أم هي مجرد لعبة مسلية تحركها يد الاستعمار الذكية للهزء بهذا العالم العربي ومن ثم فرض حضارة البترول عليه بدلا من حضارة التاريخ والانسان ؟.
هل حقا ان الانسان البدوي الاعرابي تحول بين ليلة وضحاها من ممتهن لكرامة المرءاة واعتبارها عورة بشرية الى كونها بدلة افرنجية عصرية يصطحبها معه اينما ذهب ؟.
هل يستطيع الراس مال البترولي الخليجي ان يغير الانسان بهذه الصورة العجيبة الغريبة .... لا واكثر ان يشتري هذا الدولار البترولي الخليجي حضارة وثقافة وعلما وفنونا واشياء اخرى ، بحيث يصبح الدولار والبترول راسمال الحاضر والفقر والقمع مجاري للصرف الصحي لحضارات الامم والشعوب ؟.
هل نحن الفقراء الحضاريون - الذي نمتلك عمقا تاريخيا حضاريا ولانملك دولارا راسماليا - الذي يعادي الغرب انفنا المرفوع وجبهتنا العالية وتفكيرنا المعقد وفنوننا المزعجة ، وتاريخنا الكبير وحضارتنا التي سبت نسائهم وعيالهم ورجالهم في غابر الازمان وهدمت هياكلهم .... هل نحن (( نحسد )) تجار البترول من امراء كطر والسعودية والامارات وباقي قبائل العالم الخليجي ، لذالك لانحب ان نراهم يقيموا المنتديات الثقافية والبرامج التقدمية والجلسات العالمية ؟.
ام اننا نحن الفقراء ندافع عن حضارتنا المسروقة وديننا المنهوب وفنوننا المصادرة وتاريخنا المتشوه وعالمنا الذي بنيناه بالاف السنين لياتي امير الغاز القطري ليستولي عليه بمساندة قوى الاستعمار الغربي ومن ثم ليكون صاحب قطر باني الاهرام ومشيد ابراج بابل ومخترع الحرف المسماري ومكتشف عجلة الفخاري ومنسق اوتار قيثارة سومر وشاق الانهار ومخطط الخطط ورافع الحصون ومخرج المعادن من باطن الارض ومكتشف النار وادوات التجميل .............الخ ؟.
هل نحن انانيون أم نحن خائفون ومدافعون عن الانسان ؟.
اخيرا : هل الانسان الكطري والخليجي البدوي بصورة عامة هو قادر على صيانة هذا الارث الحضاري الكبير وادامة حركته وانتاج ماتبقى منه ومن ثم تطويره نحو الافضل لتكون حضارة العرب والمسلمين اكثر تالقا على يد الراسمال البترولي الخليجي ؟.
أم ان هذا الانسان اعجز من رعاية ناقته الصحراوية هو بدلا من رعاية حضارة وتاريخ وفنون وعلوم وانسان .....الخ بحياة معقدة جدا ؟.
هل بامكان اي انسان عربي ان يتوقع من الدولار البترولي الخليجي ، ومن سيادة الامير القطري ان يقفز قفزة حضارية ضرورية اليوم لادامة مشاريع الحضارة الانسانية ، ليوجد لنا التكنلوجيا النووية المعاصرة الداخلة في بناء الحياة الحضارية المعاصرة لحياة الانسان مابعد التفكير بعمارة الفضاء الخارجي ؟.
قبل الاف السنين الانسان العراقي حاول الوصول الى السماء لاكتشاف مابعد الارض فبنا ابراج بابل العظيمة ، فهل تتمكن القبيلة القطرية اليوم من المحاولة او التفكير بمافوق الحياة ، أم ان الامارة الكطرية لم تزل تفكر بما ينزل من تحت البعير لتشربه على مائدة الصباح ؟.
واذا لم يكن بمقدور القادة السياسيون الكطريون ولا حتى الخليجيون مجرد التفكير بهذه المشاريع الانسانية الكبيرة فلماذا وما هو الدافع الذي يدفع باعراب المنطقة العربية وسكنة باديتها ان يقيموا المهرجانات التي تناقش الاشياء الانسانية الكبيرة والتي هي اكبر من حجم امراء البترول العربي والخليجي بالتحديد ؟.
رحم الله أمرأ عرف قدر نفسه !.
نعم بامكان دولار البترول الخليجي ان يصنع انسانا مستهلكا لمنتوج الحضارة الانسانية الصناعية ، وبامكان هذا الدولار ان يصنع الرفاهية الانية ، لكنه لم ولن يتمكن من صناعة الانسان القادر على انتاج الحضارة والصناعة وبناء الحياة بصورة كبيرة !,

20/02/2008م