السبت، فبراير 13، 2010

(( السلفية الدينية أفيون الشعوب الاسلامية ... جدلية العداء للعقل وللعدل ؟.))

( بقلم : حميد الشاكر )

تمثل السلفية الدينية تيارا من التيارات التي تلبست بالاسلام ثوبا ، ومنذ اطلالة هذا الاسلام العظيم وولادته في الجزيرة العربية وحتى اليوم ، ولاريب ان هذا التيار السلفي نشأ وترعرع في احضان الملكية الاموية - بداية - ليكون انعكاس لهذه المرحلة (( مرحلة السلف التي جاءت بعد مرحلة الصحابة في زمن محمد رسول الله ص )) وبكل مافيها من عفن فكري وسياسي واجتماعي قامت عليه الملكية الاموية في حقبتها المظلمة بعدما حولت هذه العائلة (( الامويون )) الاسلام من مفاهيمه الاصيلة في الحكم الشوري الى مفاهيم الطاغوت والتفرعن الملكي المنحط الذي استتبع كثيرا من الظواهر المنافية لروح الاصالة الاسلامية المحمدية الاولى ، من نشوء ظاهرة وعاظ السلاطين ، حتى التزييف لاحكام الاسلام والقرءان الكريم ، وصولا الى مسخ الهوية الاسلامية بكاملها وارادة نزع صفة المدرسة المحمدية للاسلام تماما واستبدالها بالمدرسة السلفية صاحبة الموضوع الذي نتحدث حوله باعتباره تيارا بني ونشأ ونمى تحت ظلال وفي كنف ورعاية وتخطيط العائلة الاموية الحاكمة التي دست دينا جديدا يتناغم ودين السلطان !.

نعم هذه الانحرافة العميقة في العصر الاموي للمسار الاسلامي ، وارادة القضاء على فكر محمد رسول الله العظيم ، هي من ضمن العوامل التي دفعت بالتيار العلوي الاسلامي الاصيل بقيادة سيد شباب اهل الجنة وابن رسول الله ص الحسين ابن علي للقيام بثورة شاملة (( بعد ثورة امير المؤمنين علي بن ابي طالب من موقع الامامة والخلافة اولا )) ، وانتفاضة اسلامية غامرة على الوضع القائم للاموية الشيطانية بمساندة السلفية من وعاظ السلاطين وحاشية الترف وجنود السلطان ، حتى وصل الامر بسيد شباب اهل الجنة للخروج بعياله واهله ونسائه وشيعته وكل مايملك من غالي وثمين لكشف هذه المؤامرة الخسيسة على الاسلام برمته ، فكانت واقعة كربلاء وبحق هي ليست فقط انتفاضة بيت علوي اسلامي محمدي اصيل على بيت فرعوني شيطاني اموي خبيث فحسب ، وانما كانت ولم تزل انتفاضة وثورة وتمرد للحسين بن علي واهل بيت النبوة الكرام على ((واقع وتيار وذهنية ومشروع ومذهب ودين ..... الخ )) سمي فيما بعد ب (( التيار السلفي )) واصبح اليوم ومع بالغ الاسف والحزن تيارا يصطبغ بطابع الدين والقداسة لاتباعه الذين يؤمنون به حتى هذه اللحظة بدون شعور وادراك واحساس منهم ان هذا التيار ماهو الا تيارا بعيدا تماما عن اهداف ومبادئ واصالة الاسلام الحنيف ، بل ماهو الا شيطان بين المسلمين ما ظهرت فتنة بينهم في التاريخ وحتى اليوم الا من اسمه وجنسه ورسمه ولاحول ولاقوة الا بالله عندما نصل الى مرحلة لانرى فيها اخذ ديننا الصحيح الا من هذا التيار المنحرف !.
تيار السلطة وتيار السيف وتيار الدرهم والدينار لوعاظ السلاطين !.
او تيار الارهاب والخوارج وسفك دماء المسلمين وتكفيرهم في الماضي وحتى الحاضر !.
اليس غريبا ان توصف المرحلة والزمن الذي قتل فيها سيد شباب اهل الجنة الحسين بن علي بن ابي طالب ع وتسبى نسائه وتيتم عيال رسول الله محمد ص وتقمع الحريات وتمتهن الكرامات وتلغى الشريعة ويؤمّر أنجس خلق الله عزوجل على المسلمين يزيد بن معاوية ...... الخ ، اليس غريبا ان يسمي المسلمون اليوم هذه الحقبة من العفن الانساني بانها مرحلة وحقبة وزمن (( السلف الصالح )) ؟.
وأليس عجيبا وغريبا ان تقدس مرحلة من مراحل الزمن لالشيئ الا لانها تحت ولاية الاسرة الاموية التي عاثت بالارض الفساد وعطلت الشريعة وحولت الاسلام الى وسيلة غزو وتوسع ونهب وسفك لدماء المسلمين وغيرهم باسم الجهاد مرة وباسم اخماد الفتن مرة اخرى ؟.
واليس مذهلا ان لايشعر المسلمون حتى هذه اللحظة بمؤامرة ماسمي بحقبة ((السلف الصالح)) ، وتحول السلف هذا الى مشرّع ينازع شريعة الاسلام ومحمد العظيم ص المكانة والقداسة حتى فهمنا السلفية تماما ولم نفهم اي شيئ عن وحول اسلام محمد ص العظيم ؟.
وهل من الممكن ان المسلمين بشعور وبلا شعور وصفوا هذه المرحلة (( بالسلف الصالح )) بسبب انها ساهمت في قتل الحسين وتشريد اهل البيت واستحلال دماء انصارهم ....الخ . لذالك هي تسمى بمرحلة الصالحين ؟.
وعلى هذا اي صلاح تتحدث عنه العقول الميتة لهذه الحقبة التي لم يسد فيها الا سيف السلطان وفساد الضمائر وسفك الدماء للصالحين من ال محمد ص وغيرهم من المسلمين حتى صدق عليهم قول رسول الله محمد الكريم ص بما معناه :(( لاترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض )) وغدت الخلافة كرة ملكية تتلقفها مرة بني امية واخرى بني العباس وثالثة من لايعرف لهم اصلا او فصلا من شذاذ الافاق ؟.
ولم لا !؟.

ان كان المؤسس لافكار واحكام وقواعد هذا التيار السلفي هي الشجرة الملعونة في القرءان من بني امية ، لم لايكون هذا التيار نسخة مصغرة لتغلغل ابليس الى الاسلام بلبوس ديني يضمن له العبث بالاسلام واهله وباسم الدين نفسه ، ليصبح قتل الدين بالدين (( قتل الحسين بمحمد ص )) والصراط المستقيم بالصراط والتوحيد بالتوحيد ...... الخ ، لنجد انفسنا امام دينيين واسلامين وطريقين وصراطين ، صراط محمد ص وعلي والحسين واسلامهم وتوحيدهم من جهة ، وصراط ودين وتوحيد السلفية الاموية من جهة اخرى ، ومابينهما اختلاف الطين والنار ، الذي قال عنه ابليس اللعين حكاية عنه في القرءان العظيم (( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) !.

ان الاشكالية الكبيرة للتيار السلفي في القديم وحتى اللحظة الانية هي في كينونة اتباع هذا التيار والمنخرطين بتقديسه بلا ادنى تأمل يذكر لهذه الحركة وهذا التيار والمذهب ، مما يرّ شح ظاهرة السلفيين وهذه الغيبوبة العميقة في فكرهم وعقولهم وشعورهم وحتى وجودهم الانساني الى التساءل حولها وبكل غرابة ب : لماذا يتميز اتباع هذه السلفية الاموية بحالة من الغيبوبة الانسانية الفكرية التي تتناقض حتى مع الاسلام نفسه ؟.
وهل عندما ينخرط الفرد بالايمان بالسلفية هو بالحتم سيكون داخلا في غيبوبة فكرية وعقلية وانسانية تماما ؟.
وماهو السبب ان يكون السلفي الديني مميز بميزة عدم التفكير باي شيئ من جهة ، وعدم امتلاكه الى اي خلق اسلامي اصيل يتصل باسم العدالة التي بشر بها الاسلام بل واعتبرها الاساس الاول لبعث الانبياء والرسل ع جميعا ؟.
كيف لنا ان نفهم انسانا ركب تركيبة دينية هي بالاساس الابعد تماما عن الدين نفسه ؟.
الحقيقية ان معرفة الاجوبة لهذه الاسألة وغيرها للظاهرة السلفية اليوم وبالامس تنفك بكامل رمزيتها الغريبة ان ادركنا ما اشرنا اليه ان هذه السلفية ماهي الا انعكاس لحالة طاغوتية سلطانية سياسية للعصر الاموي القبيح ، وما مركباتها وقواعدها الا منتج من منتجات التشيطن الاموي الذي البس السياسة الشيطانية لبوس الدين والاسلام ايضا ، لذا جاءت السلفية كجدران اقيمت على هذه الاسس الاموية والتي اسست لبعدين في معركتها المصيرية مع الحياة والانسان والاسلام وهما :
الاول : وضع اسس العداء الكبير لمشروع العدالة اي عدالة تذكر وبالخصوص العدالة الاسلامية كخلق رفيع في الاسلام .
ثانيا : اعمال ماكنة التشويه للعقل بل واعتبار عمله (( زندقة )) او الحث على احترامه من اهم شباك ابليس اللعين في الدين !.
وهنا ضمنت الماكنة الرسمية السياسية الاموية ابعاد اهم عنصري الاسلام الاصيل من الحياة الاسلامية لتغنم بالجانب الاضعف في معادلة الطاعة للسلطان في الدين وليتحول فيما بعد هذا الدين من ثورة ونهضة تشترك فيها العدالة والدين والعقل كتكتل واحد الى افيون ومخدر وانحطاط وتخلف يساهم في غيبوبة المجتمع وغلاظة طباعه !؟
ان واقع الاسلام المحمدي العظيم والاصيل قد وضع للاسلام والمسلمين الابعاد الثلاثة التي من خلالها يستطيع المسلمون ان يكونوا امة عظيمة على الحقيقة ، كما ان القرءان الكريم اشار الى هذه الابعاد الثلاثة على اساس انها مثلث الدين الاسلامي التي قام على اساسها كاهداف رئيسية لثورته المباركة الا وهي :
اولا : الدين والتدين والايمان
الثاني : العدل والقيام بين الناس بالقسط .
ثالثا : العقل والعلم كميزان ومحور واساس لخطاب الله سبحانه للانسان .
ومن هذه الاركان الثلاثة عرف التوحيد والرسول والرسالة ، ففي معرض العدالة على اساس انها ناموس الاسلام وسلامه وهدف النبوات وختامه قال سبحانه :(( لقد ارسلنا رسلنا بالبينت وأنزلنا معهم الكتب والميزان ليقوم الناس بالقسط ../ 25/ الحديد )) فالعدل هنا اساس وهدف وغاية كل عملية ارسال رسل وانزال كتب سماوية مقدسة ، وهذا مايجعلنا نوقن ان كل دين او فكرة او تيار او اطروحة ....الخ ، لاتحترم العدالة الانسانية ، او تحاول الالتفاف عليها باسم اي شيئ كان ماهي الا فكرة او تيار او دين او مقدس منحرف يريد ان يمارس الظلم باسم المقدس والتدين ؟.
وهكذا عندما نشير الى ان المحور الثاني (( العقل )) هو من اهم المحاور التي اعتمد عليها القرءان العظيم باعتبارها الاساس الاخر والميزان الاكبر لمعرفة الحق من الباطل ، فاننا لم ناتي بجديد بقدر ما اشرنا الى تاسيس اسس له الاسلام في قرءانه وسنة نبيه الكريم محمد رسول رب العالمين ص ، فالقرءان يقول بحرمة عدم تحريك العقل واستغلال قواعده واحكامه ، بل وعاب على الكفار والمنافقين عليهم انهم لو كانوا يمتلكون عقلا مفكرا لما كانوا من الكافرين بالدين والشريعة الاسلامية ، باعتبار ان الاسلام قرين العقل والفطرة ولايخالفهما باي شيئ يذكر ، لذالك جاءت النصوص القرءانية الكثيرة التي تشير الى ان الذين يناهضونه بعنف ماهم الا كالانعام التي لاتمتلك عقلا مفكرا ، بل وعدم وجود العقل عندهم وعدم احترامهم لمقررات العقل والفهم والانساني هو ما اوردهم الى نار جهنم الخالدين فيها والعياذ بالله سبحانه .

يقول سبحانه حكاية عن اهل النار من الكفار والمنافقين :((وقالوا لوكنا نسمع او نعقل ماكنا في اصحاب السعير / 10/ الملك )) اي لوكان لنا عقول نفكر بمانسمعه لكنا من اصحاب الجنة ولكن بما اننا احتقرنا العقل واتهمنا عمله بانها زندقة وانحراف اغلقنا اسماعنا عن كل مانسمع كي لانفكر فيه فكنا من اصحاب السعير ؟!.
تمام : ان ماكنة السلطة الاموية انذاك ادركت حقيقة هذين البعدين الخطرين على كل نظام سياسي فاسد وقائم على الظلم يريد ان يرفع من معادلة الدولة والمجتمع نظامي (( العقل والعدل )) كي تخلوا له الساحة تماما لممارسة اي نوع من انواع الفساد والظلم والانحراف بدون ان يكون هناك اي ميزان او مرجعية من خلالها يستطيع المجتمع ان يحاكم حكومته ان سعت في الارض فسادا او شاءت الانحراف في حركتها السياسية ، لذا جاءت (( الفكرة )) التي خططت لمشروع سياسي منحرف ومتكامل لضرب عنصري ((العدل والعقل)) في الحقبة الاموية لادراك هذا النظام السياسي بخطورة اي مجتمع يملك المثلث المتكامل للمجتمع الحي الا وهو (( الايمان والعقل والعدل )) على سلطة الظلم والفساد ، ومن هنا طرحت فكرة (( الجبرالديني السلفي )) التي بنيت على اساس ديني وباسم الاسلام في هذه المرحلة لضرب مشروع العدالة ومن الاساس العقدي الاول ، وجاءت فكرة (( الايمان )) بطاعة الحاكم بلا ادنى تفكير بمشروعية الخروج على ظلمه وفساده ، لضرب قواعد العقل والمنطق الانساني المستنكر لكل ماهو قبيح الفعل حكما ؟.

وهنا رحبت جميع السلط المتعفنة والفاسدة والخارجة على النظام الانساني ب (( الدين والتدين )) والانفراد به ونزعه عن منظومته المتكاملة في (( العدل والعقل )) ليكون الدين هذا عونا لهذه النظم الدكتاتورية السياسية التاريخية وحتى اليوم لضرب مشروع (( العدالة والعقلنة )) اساسا وهدفا ومن ثم ليكون هذا الدين رافدا قويا للظلم والفساد لتلك النظم السياسية المهترئة ؟.
نعم عندما ينّظر- من التنظير - الفكر السلفي الديني في التاريخ وحتى اليوم لوضع الاسس الدينية التي توصل فكرة (( العداء للعقل )) واعتباره فاقدا لصلاحية المعرفة القيمية للحسن والقبح العقليين ، وبعد ذالك نرى محاولة هذه السلفية الدينية اعلان حرب بلا هوادة على العقل والفكر الانساني لرفعه من المعادلة الاسلامية تماما ، عندها ندرك ونتسائل : لماذا هذا العداء السافر لكل ما يتصل بالعقلنة الانسانية سواء كانت فلسفية او كلامية في التاريخ وحتى اليوم ؟.

ان الباحثين في الفكر الاسلامي سيجدون ان التاسيس للعداء للعقل بدأ تماما كأنطلاقة فعلية على يد وحقبة السلفية الاموية ، وفي هذه الحقبة ايضا لمسنا التأسيس لمشروع تهميش العقل الانساني من الوجود الفكري الاسلامي ، لنجد ان وعاظ السلاطين قد بدأوا حملتهم الفعلية على الوجود والتحرك العقلي ، ليقمع اي تساءل فكري وعقلي حول المسائل الاسلامية من منطلق انه (( بدعة في الدين )) لتحارب الفلسفة اولا والمنطق ثانيا لتنتهي الصولة على علم الكلام باعتباره من اخطر ما ابتدعه العقل الانساني الاسلامي على الدين نفسه ، ومن بعد ذالك لنصل الى نتيجة ترى : انه مع ان القرءان والاسلام او الكتاب والسنة حسب مصطلحات السلفية الدينية تحث على احترام العقل والترحيب باجتهاده ، مع ذالك نجد السلفية الدينية تعلن الحرب وعدم الاحترام لهذا العقل الذي اكرمنا الله سبحانه وتعالى به ، والعكس صحيح ايضا ، فمع ان الكتاب والسنة لاتجرم او تحرم استعمال العقل او الركون الى مقرراته في الحسن والقبح لاعمال البشر ، مع هذا نجد ان السلفية وتحت لافتة (( البدعة )) التي هي اساسا بدعة تجرم العقل وتحرّم تحريكة او الركون الى مقرراته الفكرية !.
اليس غريبة هذه المعادلة : مع ان الاسلام يحث على احترام العقل والاخذ بمقرراته ، نرى السلفية الدينية تحرّم وتجرم هذا العقل والركون الى مبادئه باسم (( البدع )) ؟.
لماذا لم تكن العلاقة طيبة او متوازنة بين السلفية الدينية في التاريخ وحتى اليوم وبين العقل الانساني ؟.
واذا كانت شريعة الاسلام تحث على احترام العقلنة الانسانية وتوجب العمل بها فمن اين جاءت السلفية الدينية الاموية بهذه الفتوى ضد العقل والتفكير والتأمل الانساني لتراه عدوا للدين والشريعة الاسلامية بل وزندقة في الدين ؟.

نعود في هذا المفترق من الطرق لمرجعيتنا الفكرية في النظر للموضوعة السلفية الدينية ، لنجد ان هذه السلفية بما انها منتج ووليد حقبة الظلم والاستبداد والعفن السياسي في القديم وحتى الحديث ، فان افكارها ومنطلقاتها الفكرية واسسها الايدلوجية لم تكن ولن تكون منطلقات واسس ومبادئ فكرية اسلامية مطلقا بقدر ماكانت منطلقات ومبادئ واسس طاغوتية سياسية ترى ان المرجعية السياسية لاي حقبة من الحقب التاريخية هي الاساس والمؤشر الذي ينبغي لها ان تستقي منه افكارها ومنطلقاته السلفية الدينية ، وعليه فكلما كانت الحقبة السياسية حقبة ظلم واستغفال للعقل الاسلامي واستبداد واعتداء على حقوق الامة ، وجدنا ان السلفية الدينية مجتهدة في اخماد ثورة التساؤلات العقلية الاجتماعية على ظلم الحاكم بفتاوى التجريم لكل تفكير منطقي او عقلي تحت بند (( البدعة وطاعة الحاكم او ولي الامر بلا تفكير ))!.

ان البداية او التأسيس لهذا الفكر السلفي الديني بما انه اموي المنشأ فاننا سنجد حتما الجواب على : لماذية هذا العداء للعقل في السلفية الدينية هناك ، وعليه فان معرفة وادراك مفاصل الحقبة الاموية التاريخية السياسية يطلعنا بوضوح على الاسس والمبادئ التي بنت السلفية الدينية كل دينها المزيف عليه ، لتخترع فيما بعد دينا سلطانيا طاغوتيا يزاحم دين الاسلام المحمدي الاصيل ؟!.
نعم عندما ندرك ان العائلة الاموية كانت تتوجس الرعب والرهبة من كل عقل اسلامي مفكر يتسائل بشفافية عن حركات السلطان فاننا سندرك لماذا يخشى سلاطين الجور من العقول المفكرة ، ومن ضمنها المتسائلة : اي عقل يقبل ان يؤمر يزيد ابن معاوية الفاسد اخلاقيا والمنحط روحيا والمتسافل معنويا والمتخاذل كيانيا ......... الخ ، على مسلمين واسلام هو اساسا جاء ليبني منظومة اخلاقية رفيعة المستوى اقترنت بميزان اخلاق محمد رسول الله ص لتكون اخلاق محمد ص هي مرجعية اخلاق الحاكم الاسلامي ، وعليه اي عقل يقبل اخلاق معاوية او ابنه يزيد في قبالة اخلاق محمد ص العظيم ؟.
واي عقل سيقبل ان يؤمر سلاطين الجور والرذيلة على امة تؤمن ان من صفات الحاكم ان يكون نزيها ورعا ومتقيا نظيفا ومؤمنا بتحكيم شرع الله سبحانه وتعالى ؟.
واي عقل سيقبل ان تكون الصولة لحكم التفرعن والتبذير والاستيلاء على حقوق الامة المالية والسياسية ، في مجتمع يؤمن باسلام يدعو الى مكافحة الفساد وحرب الظلم والتمرد على التفرعن والثورة على كل جور ؟.
وهكذا سوف نصطدم بمشروعين متنافرين تماما ، مشروع التفرعن والفساد السياسي من جهة ، ومشروع الاسلام المناهض للفساد والرذيلة من جهة اخرى ، وعند هذا نفهم الخوف الشديد من سلاطين الجور من مشروع التفكير والعقلنة الاسلامية ، لذا جاءت الرغبة الاموية انذاك والفرعونية حتى اليوم بمحاولة التخلص من (( العقل )) باعتباره ان دخل بالمعادلة السياسية والفكرية الاسلامية افسد كل مايخطط له البلاط الملكي المنحط ، وماهي الا غمزة حتى وجدنا وعاظ السلاطين من (( السلف الطالح )) يعملون ماكناتهم التخريبية للهجوم على العقل وتجريم حركته وتفسيق وتبديع تفكيره خدمة لاصحاب السلطان وعونا لهم في معركتهم الطاغوتية ضد العقل ، لنصل الى نتائج غاية في الخطورة على الاسلام اولا وعلى الامة المسلمة ثانيا !.
صحيح : من منطلق ذاك التاسيس السلفي الديني الخادم لاغراض السلطة السياسية انذاك اصبحنا اليوم امة بلا عقل مفكر ، بل والاخطر من ذالك وصلنا الى مرحلة من التزييف ترى ان ((الدين والاسلام )) هو اصلا مشروعا ضد العقل ومناهضا له ومحذرا من احترامه ، وكل ذالك بسبب ان السلفية الدينية اوهمتنا بدين سلطاني اموي فاسد اعتقدنا انه هو هو دين محمد ص الاسلامي ؟.
ان ظواهر تاريخية من قبيل ظاهرة انقراض مذهب ((الاعتزال الاسلامي)) او المعتزلة في التاريخ الاسلامي وبروز وانتصار مذهب اهل الحديث والظاهر والسلفية عليه مؤشر يشير لنا بكل وضوح حول المعركة التي دارت في التاريخ بين انصار العقل من جهة وانصار الظلم والسلطة ورفع العقل من المعادلة الاسلامية من جهة اخرى ، وليس غريبا ان تقع مثل هذه المعارك التاريخية في الواقع الاسلامي القديم والحديث بين انصار العقلنة الاسلامية وانصار السلفية الدينية باعتبار ان المشروعين مختلفين تماما ومتناقضين تماما في المبادئ والنتائج التي نتوصل اليها فيما لوقبلنا او رفضنا معادلة العقل هذه ؟.

الشيعة الامامية وكذا المعتزلة من المذاهب الاسلامية التي توافقت على احترام وتبجيل ورفع مكانة العقل الانساني في المعادلة الاسلامية لذا هي وبلا اليات معقدة تواجهت حتميا مع السلفية الدينية من جهة ومناصرة الماكنة السلطانية السياسية من جهة اخرى ، لنكون نحن وامام هذا المشهد قبالة جبهتين متناقضتين جبهة (( العقل والعدل والايمان )) كأصول للاسلام المحمدي الاصيل مثلتهما المدرسة الامامية الشيعية والمدرسة الاعتزالية العقلية من جانب ، وجبهة (( الظلم والغيبوبة )) كاصول للاسلام السلفي المرتد مثلته هذه السلفية الدينية بمؤازرة ومباركة السلط الظالمة والحاكمة بلاشرعية اسلامية او انسانية تذكر، ومن هذا وجدنا الكيفية التي اختلفت فيها الرؤى الفكرية اختلافا جذريا بين كلا الجبهتين وفي كل الاشياء الفكرية والتاريخية والشرعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، فليس هناك اي قداسة تذكر في المدرسة العقلية الامامية او الاعتزالية في تناول الموضوعات الانسانية والاسلامية تمنع من المناقشة العقلية لهذا الدين او ذاك او تلك الشخصية الانسانية او هذه او هذا النظام السياسي او ذاك باعتبار ان الاسلام والعقل وحدة انسجام وليست بذرة انقسام ، بعكس تماما المدرسة الطاغوتية السلفية الدينية التي تجرم اي دراسة او مناقشة فكرية او عقلية تتناول هذا الموضوع اوذاك من المواضيع الانسانية والاسلامية ،فهناك قداسة لحقبة الصحابة وحقبة السلف وحقبة ماوراء السلف لايجوز تناول هذه الحقب باي عقلنة ودراسة فكرية توضح لنا ماهية هذه الحقب ولماذا نحن وصلنا الى هذه الحالة من ورائها ، ويكفيك تدليلا على هذه النقطة من الانغلاق مصطلح (( السلف الصالح )) باعتباره مصطلح ومنذ البداية يحكم بالصلاح لحقبة مورس فيها ابشع انواع الظلم والانحراف عن اصول الاسلام ومبادئه من تغيير نمط الحكم الاسلامي حتى الوصول الى تأمير فاسق كيزيد والوليد وغيرهم من حقبة اموية كاملة لم نرى فيه الا كل ابتعاد عن ماهو صالح والاقتراب الى كل ماهو طالح وفاسد ، ومع ذالك ترى السلفية تحريم المساس بهذه الحقبة التي جرت فيها من الحروب مايندى له جبين الاسلام على الجملة !.
هل كان الاسلام يحرم دراسة هذه الحقب من التاريخ الانساني أم ان حكّام هذه الحقب السياسية هم من يرغب بعدم اثارة واقعهم المليئ بكل ماهو عفن وفاسد وظالم وبعيد عن الاخلاق الاسلامية ؟.
يبدو وبكل صراحة ان حكام الجور هم من يرغب بعدم التعرض لحقب ملكهم الفاسد بالدراسة والوعي والعقلنة باعتبار ان اي بحث منصف وعقلي لهذه الحقب السلفية ستطلعنا حتما على حجم الجرائم والانحرافات التي حصلت في واقعهم السياسي والفكري والاجتماعي عن الاسلام وموازينه ، ولكن لاقرار سياسي بامكانه ان يحكم بالاعدام على عمل العقل المفكر وحركته المكتشفة للزيف والفساد التاريخي وغير التاريخي منه فما هو العمل عند هذه النقطة ؟.
الجواب : لاسيف كسيف (( الدين )) بامكانه ان يساهم وباسم الطاعة والايمان بتدمير واعدام العقل الانساني عن التحرك والتفكير ، وعليه فوعاظ السلطان جاهزون لاصدار الفتوى باعدام العقل وباسم الدين يجرم تفكيره كي يتخلص من العقل ونهائيا وباسم الدين هذه المرة وليس باسم السياسة التي لاتنهض بلعب هذا الدور الكبير جدا ، فالعقل وتفكيره وحركته وعمله والعلوم التي ينتجها كلها (( زندقة وبدعة وتفلسف وخروج على الكتاب والسنة ومالم يفعله السلف الصالح .......الخ )) من هذه التهم التي تحكم باعدام امة فضلا عن عقل انسان هنا وانسان هناك ؟.

هكذا حيكت المؤامرة السلفية الدينية على العقل الاسلامي لاعدامه ارضاء لرغبات السلطة الحاكمة والقائمة ومنذ العصر الاموي حتى هذا اليوم ، فلا تفكير في التاريخ ولا اخذ عبرة منه ، ولاتفكير بمعاوية بن ابي سفيان لدخوله في السلف الصالح ولايجوز التفكير بالسقيفة ولا بلماذا تخرج ام المؤمنين عائشة على ولي امر المسلمين وخليفتهم علي بن ابي طالب ع ؟. ولاتفكير بلماذا يقتل سيد شباب اهل الجنة الحسين بن علي ع ؟. ولاتفكير حول القياس لماذا ادخل للدين باسم الدين ،؟. ولاتفكير بلماذا من يختلف مع جزء من الصحابة يعد كافرا ؟. ولاتفكير بهل ان بعض الصحابة وصلو الى مرحلة الرسل والانبياء والاختلاف معهم يعد اختلافا مع الاسلام نفسه ؟. ولا تفكير حول الله او الرسول او الرسالة او الصحابة او السلف او المال الاسلامي وعبث الحكام او المراة او الحرية ولاتفكير ولاتفكير ......الخ!؟.

والغريب العجيب ان هذه القداسة في الفكر السلفي الديني تدور اينما دارت رحى السلاطين ، فان كانت تنال من شخصية ليست رسمية وليست لها منصب سياسي في التاريخ وحتى اليوم رفيع المستوى كالخلافة او الملك او الامارة فالامر خفيف فاما ان تعرض النقد او العقل او التفكير لهذا الحاكم او ذاك الخليفة او هذا الملك او ذاك الامير فان القيامة تقوم ولاتقعد ، واي مخالف للسلطان فهو حتما صاحب فتنة حسب المعتقد السلفي الديني واي ذيل او مناصر للسلطان فهو حتما من البطانة الصالحة والسلف الصالح ايضا ، وخذ على ذالك من اول خليفة بعد رسول الله محمد ص حتى اخر رئيس او ملك اليوم على بلاد المسلمين فكلهم طاهر مطهر ولي امر مفترض الطاعة من قبل الله سبحانه في عرف وفكر السلفية الدينية هذه ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم !.
الاعجب الاغرب من ذالك في كارثة السلفية الدينية اليوم هو : ان هذه السلفية وصلت الى مرحلة من عبادة المنفعة والمصلحة والقوة ارغمها على ان ترى كعبتها التعبدية دائرة اينما دارت هذه القوة وذالك السلطان حتى ان القاتل والمقتول من السلاطين هم ولاة امر تجب طاعتهم وتقديس مراحلهم الزمنية في العرف السلفي الديني ، فالسلفية الصالحة هي هي خلافة الراشدين وحقبة الامويين وزمن العباسيين وبعده سواء كانوا سلاجقة او اتراك او عجم او عرب ....الخ ، كل هذه الحقب المتناقضة والمتناحرة والمختلفة والمتقاتلة ..، كلها حقب للسلف الصالح حتى وان كانت العباسية دمرت وبعنف ودموية منقطعة النظير حقبة بني امية نجد ان السلفية تبارك وتقدس كلا الحقبتين معا وتصفهمها ب(( السلف الصالح )) وختى ان قامت مجموعة من الصحابة بقتل الحسين ابن علي ع سيد شباب اهل الجنة فكل من القاتل والمقتول صالحا ، وحتى ان نكثت طائفة من الصحابة عهودها مع الخليفة الرابع للمسلمين علي بن ابي طالب ع فكل من الامام والخارج على امامته صالحا وقد رضى الله عنهم جميعا ؟.
وكل ذالك في الفكر السلفي الديني لالشيئ الا لأن السلطة والقوة اينما كانت كان ((الصلاح)) معها ، ولايهم ان كان امويا او علويا او عباسيا هو من يكون فوق السلطة ، ولكن المهم عند السلفية الدينية هي صلاح السلطة والقوة اينما حلت ، وفي يد من كانت هذه السلطة !.

ان هذه العبادة من قبل السلفية الدينية للسلطة والقوة اينما حلت هو مايدفعنا ان نقرر ان هذا التيار الديني ماهو الا منتج طاغوتي دنيوي يعبد الهوى والمنفعة من دون الله ، وحتى ان كانت هذه السلطة عند الكفار والمشركين او اميركا واسرائيل اليوم فانك ستجد ان هذه السلفية الدينية ستفعل المستحيل لاخراج مركز القوة من معادلة الخطأ بل واعتبار السلم والصلح ووجوب الركون الى الظلم القوي هو من اركان الاسلام العظيمة التي امر الله سبحانه وتعالى بها (( والصلح خير )) مع القوة والسلطة على اي حال !.
يتبقى لدينا موقف السلفية الدينية المناهض لمشروع العدالة الانسانية والاسلامية ، ولماذا تميزت هذه المدرسة السلفية بابتعادها الفكري والعملي الاخلاقي عن مفهوم العدالة تماما ؟.
ان العدالة الانسانية بالعموم والاسلامية بالخصوص هي مشروع ومنذ البداية ناهضها العداء بعدين من ابعاد الاجتماع الانساني على العموم :
الاول : بعد النظم السياسية الطاغوتية المتفرعنة والمؤمنة بشرعية القوة والسيطرة في الحكم فحسب .
ثانيا : وبعد النظام الاجتماعي اللامدني والمتمثل بنظم الاجتماع القبلي او الاعرابي او الوحشي ، باعتبار ان اساسيات هذه النظم الاجتماعية قائمة على اليات تفكير وعمل وقوانين مختلفة تماما عن اليات وقوانين الاجتماع المدني ، لذالك جاء مفهوم العدالة كمنتج للمجتمعات المدنية فحسب ، بينما اختصت مجتمعات التوحش بقوانين التعصب والقوة والغلبة فقط كادارة لحياة التجمعات المتوحشة في التاريخ وحتى اليوم .
وعليه فعندما نقول ان هناك (( عدالة اسلامية )) فاننا نقرر ومنذ اللحظة الاولى مدنية النظام والتشريعات الاسلامية باعتبارها اسست لمنظومة كاملة لمفهوم (( العدل )) في الاسلام والذي هو وبالضرورة قانون ارفع واعلى من قوانين ونظم العصبة القبلية وغيرها ، وعليه نتساءل : من اين جاء العداء الكبير في المنظومة الفكرية السلفية الدينية للعدل الانساني والاسلامي ؟.
أمن اتباع السلفية الدينية واعتبارها منتج طاغوتي فرعوني سياسي لذالك جاء الفكر السلفي الديني بعيدا ومناهضا لفكرة العدالة استتباعا لعداء ومناهضة الواقع السياسي الفرعوني لها ؟.
أم لان السلفية الدينية وعند الرجوع لدراسة نظمها الاجتماعية فاننا شنكتشف انها وليدة القبلية والتعرب العربي المتوحش الذي انعكس عليها فكريا ليدفعها وبدون اي شعور لعداء نظام التمدن البشري الا وهو نظام (( العدالة )) والترحيب بنظام القوة والتغلب الا وهو نظام العصبة ؟.
الحق ان كلا البعدين داخلين في تركيبة السلفية الدينية التي دفعتها وبلا شعور للنظر بعداء واشمئزاز لفكرة العدالة المدنية والتي هي انعكاس لواقع اجتماعي مختلف تماما عن واقع النظام القبلي هذا !.
في المذاهب الاسلامية الكثيرة هناك مذهبين يران ان (( العدل )) ركن من اركان الاسلام العظيم الا وهما ، المذهب الامامي الشيعي الجعفري الذي يرى (( العدل )) الركن الثاني للاسلام بعد التوحيد (( التوحيد العدل النبوة الامامة المعاد )) ، وكذالك المعتزلة ترى ان (( العدل )) الركن الثاني ايضا للاسلام الكريم بعد التوحيد(( التوحيد العدل النبوة المنزلة بن المنزلتين والمعاد )) ، اما السلفية الدينية فهي لاترى العدل لاركنا ولافرعا لركن في الاسلام بل وتراه شيئا غريبا على الاسلام نفسه اذا اخذنا ان من عقيدة السلفية الدينية موضوعة (( الجبر )) والتي تعني انعدام مفهوم العدالة تماما قبالة مفهوم (( الله سبحانه )) الذي يفعل مايشاء بلا موازين او ضوابط عقلية تحكم العمل وتصنفه الى ماهو عادل وماهو ظالم ؟.
نعم السلفية وباعتبار انها منعكس للقبلية الاموية من جهة ، وباعتبار انها منتج طاغوتي سياسي من جانب اخر دفعت لتكون في خانة العداء لمشروع (( العدل )) الانساني والاسلامي بالخصوص ، ولذالك جاءت عقائد السلفية الدينية وكذا فقهها وكذا توجهها الفكري والاجتماعي والفردي قائم تماما على كل ماهو بعيدا عن مفهومي (( العقل والعدل )) بالمطلق ، ففي العقيدة السلفية نجد ان لامعايير للعدل والظلم في الفعل الالهي فممكن ان يفعل الله سبحانه الظلم والعدل في الان الواحد باعتباره السيد والمالك المطلق ، وكذالك عندما تعلن السلفية الدينية ان ليس هناك مدخلية للعقل الانساني عندما يحكم على الافعال بالقبح والحسن ، فممكن ايضا ان يفعل الله القبيح والحسن من الاعمال باعتباره المالك المطلق فممكن ان يعاقب الصالح ويعفوا عن السيئ ، كما ان الله سبحانه ممكن له ان يرغم الانسان على فعل القبيح ويعاقبه او يجازيه فلا مناقضة في هذا العمل ولاظلم ولاقبح ولاحسن ولاعدل ....الخ ؟.!

هكذا تنّظر السلفية الدينية وعقديا لمشروعي العدل والعقل بالنسبة لله سبحانه وتعالى ، والغاية ربما لاتغيب عن الفطن الذكي من مفكري الاسلام واهله ، وهي ارادة تبرير ظلم الحكام وفسادهم ، لذا تعاملت السلفية مع الله فكريا على اساس انه حاكم من حكام البشر الذين يملكون السلطة والقوة ، فكانت (( الجدلية )) في الفكر السلفي تتحرك بين تبرير عمل الحكام والسلاطين والفراعنة الظلمة من جهة ، وبين ان نعطي قداسة ومشروعية لهذه الاعمال الطاغوتية لنجعلها في خانة القبول اسلاميا ، فجاء (( رب )) السلفية الدينية منسجما مع ربهم الدنيوي من الحكام والسلاطين الدنيويين ، فاذا كان الله سبحانه بالامكان ان يفعل المتناقضات الكبيرة وبامكانه ان يجازي المسيئ ويعاقب الصالح ، وليس هناك مقاييس لافعاله تحكم بقبح او حسن هذا العمل او ذاك ، فمن المقبول ان يكون الحاكم فاسدا ظالما مستهترا يعاقب الصالح ويحسن الى المسيئ باعتبار ان له سلطة الملك والقوة ايضا كالله سبحانه وتعالى ، واذا كانت العقيدة تسمح بعبادة من يفعل الظلم ويفعل القبيح وليس هو بقبيح في نفس الوقت فلماذا لاتكون الطاعة للملك والحاكم الدنيوي حتى ان عمل الافعال القبيحة وغير العادلة ايضا ؟.

ان هذا الفكر العقدي للسلفية الدينية هو ما اشرنا اليه باعتباره الخطر الاعظم على شريعة الاسلام والمسلمين وارادة تزييف كل عقائدهم الاسلامية ابتغاء لتبرير ظلم حكام الجور وسلاطين التفرعن ، واذا رجعنا ايضا للجانب الفقهي كذالك للسلفية الدينية وجدناها خليط عجيب غريب من عبادة القوة والسلطة ايضا ، ففتاوي وعاظ السلفية الدينية بوجوب (( اطاعة اولي الامر )) الظالمين والفاسدين والمتفرعنين والمعطلين لشرع الله سبحانه ، وكذا فتوى : ان شرعية الملك والحكم هي الغلبة والقوة في الجانب السياسي ، فانك ستجد ان تاسيس الظلم والدكتاتورية في النظام الفقهي الاسلامي لم يكن الا من خلال نوافذ وفتاوي هذا التيار السلفي الذي حول الحياة السياسية وتدريجيا من الشورى والرضا والانتخاب او البيعة ، الى السيف والتفرد والدكتاتورية والمؤامرات والتسلط ، لنصل الى مرحلة مسخ القيم السياسية الاسلامية تماما واحلال كل ماهو نجس وعفن مكانها ، والاعظم كارثة ان هذه السلفية الدينية لم تكتفي بان طرحت فكرة الدكتاورية كوسيلة للوصول الى الحكم ، لا بل لم تكتفي بذالك حتى شرعنة هذه الدكتاتورية والظلم والفساد بطابع من الدين والقداسة والاسلام لتعلن : ان شريعة الاسلام ومحمد رسول الله ص تقول بان شرعية الحاكم تاتي من خلال المؤامرات والدسائس والخدع والغلبة والقوة والتسلط ، ومن كان اكثر اجراما وسفكا للدماء فهو ولي الامر التي تجب طاعته من قبل الله سبحانه وتعالى !؟.
اليست هذه كارثة بحق ؟.

محمد رسول الله ص يدعوا قومه ثلاثة عشر سنة بالكلمة والاقناع حتى يهيئ له الله سبحانه من يؤمن به وبرسالته ، ومن ثم لتنتخب هذه الثلة من المؤمنين محمدا ص ورسالته وتبايعه طواعية وبلا ادنى اكراه ، ليصبح قائد مسيرة منتخب من قبل الشعب ومبايع له من قبل الامة ، ليكون وبحق مغيرا عالميا ومصلحا كونيا وسراجا منيرا للبشرية ، تأتي السلفية بعد ذالك بشريعة جديدا ودين اخر ليقول لنا : لاتقتدوا بهذه السنة للوصول الى الحكم وقيادة الامة ، بل عليكم النظر للقوة واستخدامها بكل عنف ودموية لتصلوا الى الحكم والسلطة لتغنموا بالشرعية وطاعة المسلمين لكم ونحن سوف نفتي بحرمة الخروج عليكم وعلى سلطانكم الجائر ؟.
أما ان غفلتم عن القوة والسيف وجاء من هو اقوى منكم وتغلب عليكم بالدم والسيف فنحن السلفية الدينية سوف نفتي بوجوب طاعة الغالب على المغلوب هذا ؟.
هل هذا معقول ؟.
هل هذا عدل ؟.
هل هذا دين الاسلام ؟.
صحيح : بل هذه هي السلفية الدينية البارحة واليوم بعيدا عن اسلام محمد العظيم ص او عقل العقلاء او عدل البشرية جمعاء ، نعم هذه هي الجذور والمبادئ والاسس التي بنيت عليها السلفية الدينية اصولا وفروعا باسم الدين والمقدس فمن شاء فليؤمن بها ومن شاء فليكفر بطاغوتها ، وليشهد الله والانبياء والرسل والاوصياء وجميع المسلمين انني اول من يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله سبحانه وتعالى .
________________________

10/10/2007م