الاثنين، فبراير 02، 2009

قصة يوسف ع رحلة حلم من سجن البادية الى عرش مصر-12


( ويعلمك من تأويل الاحاديث ) ********* بعد ان انتهينا من معرفة الصلة القائمة بين ((التأويل والاحاديث )) في كونهما مستقبل محدّث عنه لحياة هذا اوذاك من الاشياء العالمية وتأويل راجع الى الماضي الغيبي لمعرفة رمزية هذا الحديث وحلّ شيفرته اللاهوتية ، يتبقى لنا ان ندرك مفهومي (( الاحاديث والتأويل )) بشكلهما الاوسع من ذالك لندرك ان الاحاديث المشار لها في تأويل الحكيم يعقوب يشمل ايضا تأويل الرؤيا مضافا اليها تأويل الوحي ايضا باعتباره من ضمن
الاحاديث ، وكذا عندما نفهم ان مصطلح (( التأويل )) لايختص فحسب بأرجاع احاديث الرؤيا الى اصولها القاموسية الاولى لمعرفة ماهيتها الحقيقية ، بل هو يمتد لكل آتي من الغيب الرباني ايضا !.وعليه نتساءل : لماذا اشرنا فيما مضى ان المؤول للأحاديث لايكون الا نبي مرسل موحى اليه من قبل الله او وصي نبيّ يأخذ العلم مباشرة من معدن النبوة والرسالة ؟.الحقيقة قلنا ذالك بسبب ان مفهومي (( التأويل والاحاديث )) قد ذكرا في محكم الكتاب الكريم القرءان العظيم بشكل اوسع بكثير من مجال الرؤيا الانسانية المحدودة ، فالقرءان الكريم وحي الله سبحانه المنزّل سميّ (( حديثا )) ايضا في قوله سبحانه :((فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين )) وقال عزوجل :(( الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ...)) وقال عز وجل :((فمال هؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثا )) فكلام الله هنا سبحانه ايضا من ضمن (( الاحاديث )) او المطلق عليها اسم الحديث والاحاديث والحدث ، ومادام هناك حديث نازل من عالم الغيب يتشابه في اللغة المرمزة الغير مفهومة لجميع الانسانية على العموم ، فلابد هناك ايضا الحاجة للتأويل على يد الانبياء والرسل وأوصيائهم ص لترجمة هذه وتلك من احاديث السماء النازلة بطرق مختلفة تتبلور مرّة برؤيا لاتختص بهذا الانسان دون ذاك ، ومرّة بوحي الاهي هو من خصائص الرسالة والنبوة من خلال خطة شاملة لادارة المجتمع وتنظيم أمره وهذا مايخص الانبياء والرسل من وحي ارقى قيمة من الرؤيا واعلى منزلة من النفث في الروع هنا وهناك ، وهذا ايضا (الوحي الرباني ) بحاجة الى تأويل ينزل بالحديث درجة من عالم الحكم والامر الى عالم الحس والانسان والمشاهدة بلغة البشر او بعض البشر ليتمكن الانسان من قراءة وفهم (( الاحاديث )) الربانية النازلة من الاعلى الى الاسفل !.ولكنّ ان اردنا ان نقرّ بهذه الرؤية لسعة موضوعة (( تأويل الاحاديث )) وانها تشمل ايضا ماينزله الله سبحانه من وحي سماوي ايضا وليس فحسب احاديث رؤا يراها النائم هي بحاجة الى تأويل ورجوع بنص الرؤيا لمعرفة مقاصدها الى رسول او نبي ، فعلى هذا يكون ايضا القرءان الكريم مثلا حديثا الاهيا مرمّزا وبحاجة الى تأويل ومؤول ؟.مع ان القرءان الكريم تبيان لكل شيئ فكيف يكون البيان بحاجة الى تأويل يرجع به الى فهم مقاصده الشريفة ؟.الواقع ان القرءان فعلا فيه تبيان لكل شيئ ، ولكنّ سعة كلام الله العظيم القرءان الحكيم سعة ً اخذت صفتها من المتكلم والمتحدث سبحانه وتعالى ، فهو العليم الحكيم الذي لاحدود لعلمه ولاتقييد لحكمته ، ولانهاية لسعة عرشه ، ومن هنا كان حديث الله العلي القدير في القرءان الكريم بحر لاينزفه المنتزفون ، وعيون لاينضبها الماتحون ومناهل لايغيضها الواردون ، كما عبّر عنه أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ، فهو في الغاية كمن يغترف غرفة بيده من بحر لاتنقضي عجائبه ، وأين على هذا أصحاب التأويل الذي خصهم الله سبحانه بمعرفته ، واصحاب الطريق الذين يمشون على ساحل البحر الكبير ، ومن هنا ذكر الباري عزوجل في محكم كتابه الكريم قوله :((ومايعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون أمنا به كل من عند ربنا .. )) وقال سبحانه :((ذالك خير وأحسن تأويلا )) وقال سبحانه :((بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله )) وقال سبحانه :(( لقد جئناهم بكتاب فصلّناه على علم هُدى ورحمة لقوم يؤمنون ، هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله يقول اللذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق ...)) !.اذن للقرءان الكريم ايضا تأويلا كما ان له ظاهرا يقرأه العامي من البشر ، فهو كذالك له باطنا يدركه أهل الاصطفاء والاجتباء واهل الولاية والعلم ، وله حديثا من أحسن الاحاديث جمالا يفهمه جميع الناس ، ولكنّ له حقيقة أخرى واخبارا عن مستقبل الحياة والعالم والانسان لايستطيع تأويله الا الله سبحانه والراسخون في العلم ، فهو كأحاديث الناس ورؤياهم الطبيعية لها لغة ظاهرية يرونها في النوم على شاكلة كواكب ساجدة او طير تأكل من فوق الرأس خبزا ، او سبع بقرت ضعاف يأكلن سبع سمان ، ولكن لنفس هذه الرؤيا بلغتها الظاهرية البسيطة حقائق اخرى لايفهمها الا اصحاب التأويل ومن اتاهم الله سبحانه علّم التأويل ليدركو ان رمزية سجود الكواكب (( اجتباء وتعليم واتمام للنعمة )) كما أوله الحكيم يعقوب ليوسف ع في رؤياه ، وأن لرمزية سبع بقرات عجاف حقيقة :(( يأتي من بعد ذالك سبع شداد )) كما أولها يوسف الصديق ع لرؤيا ملك مصر ...، وهكذا لاحاديث القرءان ظاهرا من القول :(( الم ذالك الكتاب لاريب فيه ..)) وله حقائق غاية في الغرابة على الذهن العامي البسيط الذي لايستطيع الربط بين الظاهر من الاحاديث وحقائق التأويل فيها !.يروى ان الرسول الاعظم محمد ص قال يوما لعلي بن ابي طالب ع :(( ياعلي انا قاتلتُ على تنزيل القرءان وانت سوف تقاتل على تأويله )) !.وهذا يدلل على ان هناك في هذه الامة من اختصه الله سبحانه وتعالى بعلم تأويل القرءان الكريم ،ولكنّ هذا لايعني نفيا لظاهر التنزيل فيه وحكمه على جميع البشر في ظهوره ، كما اختص الله سبحانه وتعالى محمد العظيم رسول رب العالمين بتنزيل وتأويل هذا القرءان الكريم احسن الحديث ، كتابا محدّثا به من قبل الله العظيم بلسان رسوله العربي الكريم محمد ص ، كذالك خصّ الله سبحانه بعض عبيده بباطن التأويل !.والى هنا نكون قد فهمنا ان مصطلح التأويل شامل في بابه ، ومصطلح الاحاديث كامل في عنوانه ، فكلّ نبي رسول يجب ان يكون مؤولاّ ، وليس بالضرورة ان يكون كل مؤولا رسولا او نبيا بل يكفي ان يكون ناقلا عنهما بوصية او علم شريف !.______________
al_shaker@maktoob.com