(( قالوا يأبانا مالك لاتأمنّا على يوسف وانّا له لناصحون ، أرسله معنا غداً يرتع ويلعب وانّا له لحافظون )) ***** بعد ان فُضّ مؤتمر ابناء يعقوب ، بمايبدو انه توافق كامل على رأي الاخ الاكبر لهم في :(( لاتقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجبّ يلتقطه بعض السيارة ان كنتم فاعلين )) هانحن في هذا النص القرءاني المبارك لقصة يوسف نطوي صفحة المؤتمر ، لنفتح صفحة تنفيذ المؤامرة ولكن هذه المرّة بوجهها العملي ومع الاب يعقوب ع بالذات !. انه المشهد الاول في القصة الذي يجمع الاب يعقوب وابنائه وجها لوجه ، بعد مشهد يعقوب ويوسف الذي تمت فيه سرد الرؤيا وتحذير يعقوب
ليوسف من قصّ الرؤيا على أخوته وكيدهم ، وبعد مشهد الاخوة فيما بينهم والبين الاخر وهم يأتمرون بشأن الاب يعقوب وولده يوسف ، والان نحن في هذا المشهد أمام ابناء يعقوب وابيهم وهم يطلبون بشكل تسائل استنكاري وغريب حول :(( قالوا يأبانا مالك لاتأمنا على يوسف ...)) مع التفاتة لم يذكرها النص القرءاني لاتمام غرضها في نفس هذا النص :(( قالوا يابانا ..)) وهي لفتة اتفاق ابناء يعقوب ايضا على الحجة والاسلوب الذي من خلاله يتم استدراج يوسف الى فخ التغييب من جهة ، واستخلاصه من يد الاب يعقوب القابضة عليه بقوة من جهة اخرى ، ففي النص القرءاني لاذكر لهذه النقطة في النص ولكننا فهمناها من خلال نص (( قالوا يابانا مالك لاتأمنا على يوسف ..)) اجماع قولهم على هذا المقترح ، وكأنما هذا النص جمع بين الغايتين معا بلا موجب لتكرار الصورة في مشهدين متتاليين ، الاولى غاية سؤال افتراضي يسأل : وهل اتفق ابناء يعقوب في مؤتمرهم ايضا على الكيفية التي من خلالها يتم تنفيذ المؤامرة ؟.وسؤال كيف سيتم تنفيذ المخطط التآمري الذي سيطيح بيوسف في غيابة الجب ؟.فجاء النص :(( قالوا يابانا مالك لاتأمنا على يوسف ..)) ليشير الى الصيغة والى توافق الاخوة عليها والى الكيفية معا ؟!.نعم يبقى في نفس هذا النص من المشهد الثالث لقصة يوسف ع الكثير من الدلالات الفكرية والنفسية والتوضيحية لزوايا وخبايا القصة الانسانية ليوسف ومنها :اولا : هل في هذا النص :(( قالوا يأبانا مالك لاتأمنّا على يوسف وانا له لناصحون )) دلالة على خوف يعقوب من ابناءه على يوسف كما نقل صاحب التفسير الكبير الرازي ؟.الحقيقة ان هذا النص يشير بقوة اكثر ليس الى خوف يعقوب من ابناءه بقدر ماهو شك من قبل الابناء في ثقة الاب بهم ، وكأنما النص يريد ان ينقل لنا الحالة النفسية للابناء قبالة والدهم العجوز اكثر من نقله لخوف الوالد يعقوب منهم !.وربما هناك من يعتقد ان المسألة واحدة لكن بوجهين ، وهذا غير صحيح بسبب أنّنا نتحدث الان في توجه النص القرءاني ومقاصده التي هي المحدد الاساس للفهم الصحيح للنص ، وهل هو ذاهب لاظهار خوف الاب من ابنائه أم انه ذاهب لاظهار قلق الحالة النفسية للابناء قبالة والدهم ؟.الجواب نعم : ان النص القرءاني ذاهبٌ بقوة لاظهار مقولة الابناء بالذات ، وتقديمها على خوف الاب منهم في احدوثة يوسف!. وصحيح ان للاب يعقوب سوابق في :(( فيكيدوا لك كيدا )) ولكن الاب على شرطه مع يوسف (( لاتقصص رؤياك )) ويقينه بان يوسف لايخون وعده وهو مطمئن القلب ان لاشيئ قد تسرب من أمر الرؤية فهو لهذا لم يكن قلق الفؤاد بعدُ من قبل ابنائه لعدم معرفتهم بشيئ او لعدم اصطدامهم بشيئ يثير شكوكهم الباعثة على حياكة الكيد !.ومن هنا جاء النص القرءاني بدقته المعروفة لينقل لاقلق الاب يعقوب وتوجسه خيفة في هذا المشهد الزمني بالذات قدر ماهو ناقل لانزعاج الابناء وتسائلهم حول العناية الغير مبررة للصبي يوسف وتقييده لحد الاعاقة بين قبضة الوالد الحريص ، ولماذية عدم ارساله كباقي الصبية !؟.ثانيا : وهل كان هذا النص القرءاني يشير فحسب الى الحالة النفسية القلقة للابناء قبالة والدهم وشكهم في ثقة الوالد بهم ؟.أم ان النص يشير ايضا الى حالة من النقد لحرص الاب الزائد عن الحد للصبي يوسف ؟.الواقع ان النص ايضا يشير الى حالة نقد بشكل سؤال يفترض شيئين قبالة حالة الاب ويوسف :الشيئ الاول : هو ان يعقوب ليس له ثقة بأبناءه بشأن يوسف :(( مالك لاتأمنّا على يوسف )) !.والشيئ الثاني : هو ان يعقوب قد ارتقى بحالة الحرص على يوسف بشكل يبدو في ظاهره للاخوة ولغيرهم ايضا انه شكل مرضي اكثر منه شكل صحي ، ومن هذا جاء سؤال الابناء لاليؤكد ان هناك شكوك من قبل يعقوب ع او عدم أطمئنان قلبي تجاههم ، بقدر مايؤكد نقد الابناء لتصرفات ابيهم العجوز وهو يحيط صبيه يوسف بنوع من العناية المثيرة للتساؤل ولهذا جاء الاستنكار ب (( مالك لاتأمنّا على يوسف وانا له لناصحون )) فمن حقك يايعقوب الحرص من الغريب ولكنّ مامبرر الحرص الزائد امام الناصح الحفيظ ؟.ثالثا : ماذا قصد النص في قول الابناء :(( مالك لاتأمنّا على يوسف )) ؟. هل قصد الدلالة على ان هناك سوابق بين يعقوب وابنائه تدلل على عدم الثقة المتبادلة بين يعقوب وابنائه ؟.أم قصد الدلالة على ان يعقوب يثير بعنايته المبالغة تساؤلات غاية في الغرابة ، وانه لايأمن جميع البشر على يوسف وليس فحسب ابنائه المخلصين ؟.أم قصد مجرد حالة نقد من قبل الابناء لابيهم فحسب ؟.القصد الاول لادليل عليه ، بل العكس هو الصحيح باعتبار انه لوكانت هناك سوابق تشير الى يعقوب بعداء ابنائه ليوسف لكان واجبا عليه عدم ارسال يوسف معهم وعدم الخضوع لطلبهم ، ففي مثل هذه الحالة المفترضة لعلم يعقوب بكيد ابنائه لاخيهم ومع ذالك قبل بطلبهم يكون يعقوب مفرطا في يوسف اذا علم او شكّ ان ابناءه يضمرون الشرّ ليوسف ع ومن ثم وبعد ذالك سهّل لهم امر اخذ يوسف والاستفراد به ، فيعقوب صاحب عزيمة ويقين وهو نبي من المكرمين ، فكيف يكون على يقين من محاولة ابناءه للايقاع باخيهم يوسف ، ويسهل لهم الامر ويشاركهم في المرمى ويسلمهم يوسف ليقضوا عليه ؟. ومن هنا كان المقصد الاول الذي بنى عليه جميع المفسرين مقولتهم في تبيين :(( مالك لاتأمنا على يوسف )) وان يعقوب كانت له سوابق مع ابناءه وخيفة منهم كله بناء واه ولايستند على بينة او دليل فكري قاطع !.نعم قال يعقوب :(( فيكيدوا لك كيدا )) لكنه مقول يفترض الحالة بعد معرفتهم بالرؤيا والتأويل ليوسف ، ولكنه لايبني الحقيقة على ذاك الافتراض ، ومن هنا كان سلوك الاب يعقوب مع ابنائه طبيعيا جدا وغير متأثر بوصية ويكيدوا لك كيدا !.أمّا القصد الثاني والثالث فهما المقصدين الاقرب لمنطوق ومضمون النص القرءاني :(( مالك لاتأمنا على يوسف )) الذي يبرر لنا شرعيا دينيا وعقليا تصرف يعقوب النبي ع وسماحه ليوسف بالذهاب مع اخوته باعتبار ان ليس هناك شبهة شك في نوايا الابناء الكبار من قبل يعقوب ، وليس هناك مايشير في تصرفاتهم لسلوك يثير الشك والريبة لدى يعقوب وعليه كان يعقوب موافقا لذهاب يوسف معهم ليرتع ويلعب على حسب مارآه يعقوب بانه شيئ ليس فيه خطر على يوسف ، ولهذا فهم يعقوب مقولة ابناءه :(( مالك لاتأمنا على يوسف )) باعتبارها :اولا : نقد موجه بشكل مباشر لسلوكه تجاه يوسف بشكل يستفز مشاعر الباقين ، ويعقوب حريص ان لاتكون علاقته بيوسف مثار اشكال بينه وبين اخوته ، فهو لذالك وتأكيدا لعدم صحة مدعى الحرص الزائد سمح ليوسف بالذهاب مع اخوته ليقول يعقوب لابنائه بصورة عملية : ان حرصي على اخيكم يوسف هو من الغريب العدو وليس من الاخوة والاشقاء ولهذا سمحت لكم بالذهاب به غدا يرتع ويلعب !.وثانيا : باعتبار ان كلمة ابناء يعقوب :(( مالك لاتأمنا على يوسف )) بالنسبة للاب يعقوب كانت بمثابة تحدي بالنسبة لابناءه وبمقدرتهم على حماية العائلة اليعقوبية برمتها ، فليس من الشيئ البسيط في الاعراف القبلية البدوية عدم ثقة الاب الكبير بقدرة ابنائه المقاتلين والمدافعين عن حمى القبيلة !.ولهذا كان منطوق النص القرءاني (( مالك لاتأمنا على يوسف )) يشير بمضمونه الى مامعناه بسؤال الابناء لابيهم : ما الشيئ الذي يدفعك بعدم الثقة بنا لحماية صبي صغير مثل يوسف ؟.هل هو الخوف عليه ؟.وكيف تخاف عليه ونحن اصحاب القدرة والكفاءة لحماية الاهل والعائلة كلها ؟.وهل شككت يوما بقدرتنا على حماية الديار او القيام بحفظ الجار او توفير المعيشة للصغار وللكبار ؟.فما معنى عدم أيمانك بمقدرتنا على حفظ اخانا الصغير ؟.مالك لاتأمنّا على يوسف ؟.وفي مثل هذه الحالات وتحت وطأة شعور الابناء وغضبهم من نظرة ابيهم لهم ، ما على الاب الا ان يثبت العكس ، وهو ان يقول بلسانه وافعاله انه على ثقة عالية بمقدرة ابنائه وكفائتهم بادارة شؤونه وشؤون اسرته الكبيرة ، ولهذا كان قرار يعقوب بالسماح لهم باصطحاب يوسف معهم يرتع ويلعب، ليدلل لهم ان حاله على غير ما اعتقد الابناء في ثقة ابيهم بهم ، وكأنما جاء فعل يعقوب ع بارسال يوسف معهم جوابا لسؤال ابنائه :(( يابانا مالك لاتأمنا على يوسف ))؟ !.الان اتضح مطلوب النص القرءاني وغاية مقاصده من قوله في قصة يوسف :(( قالوا يأبانا مالك لاتأمنا على يوسف وانا له لناصحون )) باعتبار انها الطريقة المثلى لابناء يعقوب في استخلاص يوسف من بين اصابع يعقوب القابضة عليه بقوة ، فليس هناك حجة للاب بالامتناع امام هذا المنطق الا موافقة الاب على السماح ليوسف بالذهاب مع اخوته يرتع ويلعب ، ولكن هل هذا هو كل شيئ في كلمة الاخوة :(( مالك لاتأمنا على يوسف وانا له لناصحون )) ام ان هناك الحجج الاخرى في مضمون المنطوق القرءاني دفع يعقوب على الموافقة على ارسال يوسف مع اخوته ؟.
al_shaker@maktoob.com
ليوسف من قصّ الرؤيا على أخوته وكيدهم ، وبعد مشهد الاخوة فيما بينهم والبين الاخر وهم يأتمرون بشأن الاب يعقوب وولده يوسف ، والان نحن في هذا المشهد أمام ابناء يعقوب وابيهم وهم يطلبون بشكل تسائل استنكاري وغريب حول :(( قالوا يأبانا مالك لاتأمنا على يوسف ...)) مع التفاتة لم يذكرها النص القرءاني لاتمام غرضها في نفس هذا النص :(( قالوا يابانا ..)) وهي لفتة اتفاق ابناء يعقوب ايضا على الحجة والاسلوب الذي من خلاله يتم استدراج يوسف الى فخ التغييب من جهة ، واستخلاصه من يد الاب يعقوب القابضة عليه بقوة من جهة اخرى ، ففي النص القرءاني لاذكر لهذه النقطة في النص ولكننا فهمناها من خلال نص (( قالوا يابانا مالك لاتأمنا على يوسف ..)) اجماع قولهم على هذا المقترح ، وكأنما هذا النص جمع بين الغايتين معا بلا موجب لتكرار الصورة في مشهدين متتاليين ، الاولى غاية سؤال افتراضي يسأل : وهل اتفق ابناء يعقوب في مؤتمرهم ايضا على الكيفية التي من خلالها يتم تنفيذ المؤامرة ؟.وسؤال كيف سيتم تنفيذ المخطط التآمري الذي سيطيح بيوسف في غيابة الجب ؟.فجاء النص :(( قالوا يابانا مالك لاتأمنا على يوسف ..)) ليشير الى الصيغة والى توافق الاخوة عليها والى الكيفية معا ؟!.نعم يبقى في نفس هذا النص من المشهد الثالث لقصة يوسف ع الكثير من الدلالات الفكرية والنفسية والتوضيحية لزوايا وخبايا القصة الانسانية ليوسف ومنها :اولا : هل في هذا النص :(( قالوا يأبانا مالك لاتأمنّا على يوسف وانا له لناصحون )) دلالة على خوف يعقوب من ابناءه على يوسف كما نقل صاحب التفسير الكبير الرازي ؟.الحقيقة ان هذا النص يشير بقوة اكثر ليس الى خوف يعقوب من ابناءه بقدر ماهو شك من قبل الابناء في ثقة الاب بهم ، وكأنما النص يريد ان ينقل لنا الحالة النفسية للابناء قبالة والدهم العجوز اكثر من نقله لخوف الوالد يعقوب منهم !.وربما هناك من يعتقد ان المسألة واحدة لكن بوجهين ، وهذا غير صحيح بسبب أنّنا نتحدث الان في توجه النص القرءاني ومقاصده التي هي المحدد الاساس للفهم الصحيح للنص ، وهل هو ذاهب لاظهار خوف الاب من ابنائه أم انه ذاهب لاظهار قلق الحالة النفسية للابناء قبالة والدهم ؟.الجواب نعم : ان النص القرءاني ذاهبٌ بقوة لاظهار مقولة الابناء بالذات ، وتقديمها على خوف الاب منهم في احدوثة يوسف!. وصحيح ان للاب يعقوب سوابق في :(( فيكيدوا لك كيدا )) ولكن الاب على شرطه مع يوسف (( لاتقصص رؤياك )) ويقينه بان يوسف لايخون وعده وهو مطمئن القلب ان لاشيئ قد تسرب من أمر الرؤية فهو لهذا لم يكن قلق الفؤاد بعدُ من قبل ابنائه لعدم معرفتهم بشيئ او لعدم اصطدامهم بشيئ يثير شكوكهم الباعثة على حياكة الكيد !.ومن هنا جاء النص القرءاني بدقته المعروفة لينقل لاقلق الاب يعقوب وتوجسه خيفة في هذا المشهد الزمني بالذات قدر ماهو ناقل لانزعاج الابناء وتسائلهم حول العناية الغير مبررة للصبي يوسف وتقييده لحد الاعاقة بين قبضة الوالد الحريص ، ولماذية عدم ارساله كباقي الصبية !؟.ثانيا : وهل كان هذا النص القرءاني يشير فحسب الى الحالة النفسية القلقة للابناء قبالة والدهم وشكهم في ثقة الوالد بهم ؟.أم ان النص يشير ايضا الى حالة من النقد لحرص الاب الزائد عن الحد للصبي يوسف ؟.الواقع ان النص ايضا يشير الى حالة نقد بشكل سؤال يفترض شيئين قبالة حالة الاب ويوسف :الشيئ الاول : هو ان يعقوب ليس له ثقة بأبناءه بشأن يوسف :(( مالك لاتأمنّا على يوسف )) !.والشيئ الثاني : هو ان يعقوب قد ارتقى بحالة الحرص على يوسف بشكل يبدو في ظاهره للاخوة ولغيرهم ايضا انه شكل مرضي اكثر منه شكل صحي ، ومن هذا جاء سؤال الابناء لاليؤكد ان هناك شكوك من قبل يعقوب ع او عدم أطمئنان قلبي تجاههم ، بقدر مايؤكد نقد الابناء لتصرفات ابيهم العجوز وهو يحيط صبيه يوسف بنوع من العناية المثيرة للتساؤل ولهذا جاء الاستنكار ب (( مالك لاتأمنّا على يوسف وانا له لناصحون )) فمن حقك يايعقوب الحرص من الغريب ولكنّ مامبرر الحرص الزائد امام الناصح الحفيظ ؟.ثالثا : ماذا قصد النص في قول الابناء :(( مالك لاتأمنّا على يوسف )) ؟. هل قصد الدلالة على ان هناك سوابق بين يعقوب وابنائه تدلل على عدم الثقة المتبادلة بين يعقوب وابنائه ؟.أم قصد الدلالة على ان يعقوب يثير بعنايته المبالغة تساؤلات غاية في الغرابة ، وانه لايأمن جميع البشر على يوسف وليس فحسب ابنائه المخلصين ؟.أم قصد مجرد حالة نقد من قبل الابناء لابيهم فحسب ؟.القصد الاول لادليل عليه ، بل العكس هو الصحيح باعتبار انه لوكانت هناك سوابق تشير الى يعقوب بعداء ابنائه ليوسف لكان واجبا عليه عدم ارسال يوسف معهم وعدم الخضوع لطلبهم ، ففي مثل هذه الحالة المفترضة لعلم يعقوب بكيد ابنائه لاخيهم ومع ذالك قبل بطلبهم يكون يعقوب مفرطا في يوسف اذا علم او شكّ ان ابناءه يضمرون الشرّ ليوسف ع ومن ثم وبعد ذالك سهّل لهم امر اخذ يوسف والاستفراد به ، فيعقوب صاحب عزيمة ويقين وهو نبي من المكرمين ، فكيف يكون على يقين من محاولة ابناءه للايقاع باخيهم يوسف ، ويسهل لهم الامر ويشاركهم في المرمى ويسلمهم يوسف ليقضوا عليه ؟. ومن هنا كان المقصد الاول الذي بنى عليه جميع المفسرين مقولتهم في تبيين :(( مالك لاتأمنا على يوسف )) وان يعقوب كانت له سوابق مع ابناءه وخيفة منهم كله بناء واه ولايستند على بينة او دليل فكري قاطع !.نعم قال يعقوب :(( فيكيدوا لك كيدا )) لكنه مقول يفترض الحالة بعد معرفتهم بالرؤيا والتأويل ليوسف ، ولكنه لايبني الحقيقة على ذاك الافتراض ، ومن هنا كان سلوك الاب يعقوب مع ابنائه طبيعيا جدا وغير متأثر بوصية ويكيدوا لك كيدا !.أمّا القصد الثاني والثالث فهما المقصدين الاقرب لمنطوق ومضمون النص القرءاني :(( مالك لاتأمنا على يوسف )) الذي يبرر لنا شرعيا دينيا وعقليا تصرف يعقوب النبي ع وسماحه ليوسف بالذهاب مع اخوته باعتبار ان ليس هناك شبهة شك في نوايا الابناء الكبار من قبل يعقوب ، وليس هناك مايشير في تصرفاتهم لسلوك يثير الشك والريبة لدى يعقوب وعليه كان يعقوب موافقا لذهاب يوسف معهم ليرتع ويلعب على حسب مارآه يعقوب بانه شيئ ليس فيه خطر على يوسف ، ولهذا فهم يعقوب مقولة ابناءه :(( مالك لاتأمنا على يوسف )) باعتبارها :اولا : نقد موجه بشكل مباشر لسلوكه تجاه يوسف بشكل يستفز مشاعر الباقين ، ويعقوب حريص ان لاتكون علاقته بيوسف مثار اشكال بينه وبين اخوته ، فهو لذالك وتأكيدا لعدم صحة مدعى الحرص الزائد سمح ليوسف بالذهاب مع اخوته ليقول يعقوب لابنائه بصورة عملية : ان حرصي على اخيكم يوسف هو من الغريب العدو وليس من الاخوة والاشقاء ولهذا سمحت لكم بالذهاب به غدا يرتع ويلعب !.وثانيا : باعتبار ان كلمة ابناء يعقوب :(( مالك لاتأمنا على يوسف )) بالنسبة للاب يعقوب كانت بمثابة تحدي بالنسبة لابناءه وبمقدرتهم على حماية العائلة اليعقوبية برمتها ، فليس من الشيئ البسيط في الاعراف القبلية البدوية عدم ثقة الاب الكبير بقدرة ابنائه المقاتلين والمدافعين عن حمى القبيلة !.ولهذا كان منطوق النص القرءاني (( مالك لاتأمنا على يوسف )) يشير بمضمونه الى مامعناه بسؤال الابناء لابيهم : ما الشيئ الذي يدفعك بعدم الثقة بنا لحماية صبي صغير مثل يوسف ؟.هل هو الخوف عليه ؟.وكيف تخاف عليه ونحن اصحاب القدرة والكفاءة لحماية الاهل والعائلة كلها ؟.وهل شككت يوما بقدرتنا على حماية الديار او القيام بحفظ الجار او توفير المعيشة للصغار وللكبار ؟.فما معنى عدم أيمانك بمقدرتنا على حفظ اخانا الصغير ؟.مالك لاتأمنّا على يوسف ؟.وفي مثل هذه الحالات وتحت وطأة شعور الابناء وغضبهم من نظرة ابيهم لهم ، ما على الاب الا ان يثبت العكس ، وهو ان يقول بلسانه وافعاله انه على ثقة عالية بمقدرة ابنائه وكفائتهم بادارة شؤونه وشؤون اسرته الكبيرة ، ولهذا كان قرار يعقوب بالسماح لهم باصطحاب يوسف معهم يرتع ويلعب، ليدلل لهم ان حاله على غير ما اعتقد الابناء في ثقة ابيهم بهم ، وكأنما جاء فعل يعقوب ع بارسال يوسف معهم جوابا لسؤال ابنائه :(( يابانا مالك لاتأمنا على يوسف ))؟ !.الان اتضح مطلوب النص القرءاني وغاية مقاصده من قوله في قصة يوسف :(( قالوا يأبانا مالك لاتأمنا على يوسف وانا له لناصحون )) باعتبار انها الطريقة المثلى لابناء يعقوب في استخلاص يوسف من بين اصابع يعقوب القابضة عليه بقوة ، فليس هناك حجة للاب بالامتناع امام هذا المنطق الا موافقة الاب على السماح ليوسف بالذهاب مع اخوته يرتع ويلعب ، ولكن هل هذا هو كل شيئ في كلمة الاخوة :(( مالك لاتأمنا على يوسف وانا له لناصحون )) ام ان هناك الحجج الاخرى في مضمون المنطوق القرءاني دفع يعقوب على الموافقة على ارسال يوسف مع اخوته ؟.
al_shaker@maktoob.com