الاثنين، فبراير 02، 2009

العلاقة الايرانية المصرية بين التنافر والتجاذب ؟ حميد الشاكر


(( اذا استعملت تعبيرا عسكريا لتصوير الوضع الان ، فانني أظن انك بسلاح الدين ))
(( تستطيع أن تقوم بدور المدفعية البعيدة المدى وأن تهدم نظام الشاه فوق رؤوس ))
( أصحابه . لكن ذالك لايحقق النصر . تحقيق النصر - في الثورة كما في الحرب - )
يتحقق بالمشاة الذين يحتلون المواقع ويتولون تطهيرها ويتحملون مسؤولية المحافظة عليها . انني أسمع دوي مدافعك ، ولكني لا أرى أثرا لمشاتك ؟.
- محمد حسنين هيكل / ديسمبر : 1978 / لقاء مع آية الله الخميني / كتاب : مدافع آية الله -
.......................................................................
في محاولتنا تناول موضوعة ( العلاقة المصرية الايرانية ) ، فاننا وبلا شعور مفتعل ننتقل الى اللحظة الاولى التي ساهمت في اللقاء الايراني المصري من ثلاثينيات القرن العشرين المنصرم ، عندما قدحت الفكرة في ذهن ذاك الرقيب من فرقة الفوزاق الفارسية والمنحدر من العائلة الفقيرة ، والذي لعب الدهر لعبته ليرشحه لان يكون شاها لايران ، وامبراطور جغرافيتها الواسعة الشاه ( رضا ميزرا خان ) بان يزوج اكبر ابناءه ( محمد رضا ) من اعرق السلالات الملكية في الشرق الأوسط ، وهي أسرة محمد علي في مصر ، وكانت تلك الفكرة نتاج خليط من الشعور بحاجة الارتباط بالاسر الملكية المرموقة من جهة ، ونتاج حاجة التوسع بالعلاقات السياسية الخارجية من جهة اخرى ؟.
وفعلا تمت مفاتحة القصر الملكي في مصر من خلال رئيس الديوان الملكي علي ماهر باشا ، وسرعان ما اختمرة الفكرة عند الملك فاروق الذي ورث حلم الخلافة بعد سقوط الخلافة العثمانية من ابيه الملك فؤاد ، كما ان الملك فاروق كان يرى وجوب ان يكون نصف عرش ايران مصريا بعد ان تتم المصاهرة ويكون ولي العهد الجديد ل ( محمد رضا ) بهلوي نصفه مصريا والاخر ايرانيا لتكتمل دائرة الخلافة المصرية للعالم الاسلامي في المستقبل ، فكان زواج الاميرة فوزية اخت الملك فاروق من ولي العهد ( محمد رضا ) بهلوي - في 15/ مارس / 1938م - ، ولكن سرعان ما انهارت كل المخططات المصرية الايرانية ، فلا الاميرة فوزية انجبت ذكرا ، ولا الخلافة المصرية تحققت على اي حال ، وانتهى المشروع بطلاق الاميرة فوزية ورجوعها الى مصر مع ورقة طلاق سياسية في العلاقة المصرية الايرانية ؟.
هذه هي البداية في العلاقة المصرية الايرانية او الايرانية المصرية في العصر الحديث ، بداية زواج لم تكتمل اهدافه السياسية ، وسرعان ما انهارت كل مخططات الزواج السياسي لتطلعات القرن العشرين المنصرم ، المتبلورة في مصر باسترجاع حلم خلافة انتهت ، وفي ايران توسع سياسي واقتران بنسب امبراطوري متوارث ؟.
وبعد ثورة 1952 م المصرية على ايدي الضباط الاحرار ، وقيادة جمال عبد الناصر لمسيرة الثورة فيما بعد ، وحرب 1967م ، مع اسرائيل ، ايضا فتحت ايران كلمة الحب لمصر مع الاختلاف والتباين في الرؤى وهي تحمل مشاعر التعاطف هذه المرة ، كما انه كان هناك شعورا مصريا حقيقيا بعد الحرب بالحاجة الى الانفتاح الاسلامي على كل الدول الغير عربية التي من شأنها ان تدعم الموقف المصري اسلاميا في الحرب مع اسرائيل ، وكانت ايران الشاه هي البوابة الطبيعية للعالم الاسلامي من وجهة نظر المصريين ، ولكن ايضا مع بقاء فكرة الانفتاح المصري على ايران ، قيد الدرس للخلافات الحادة التي كانت موجودة مع ايران انذاك بسبب حلف بغداد الذي ساهم بقطع العلاقات بين البلدين ، ولكن شيئا فشيئا يذكر ان جمال عبد الناصر وابان وفاته كان مقتنعا بضرورة عودة العلاقات المصرية الايرانية ؟.
ثم انتقلت دراما العلاقة الايرانية المصرية الى اوجها في حرب 1973م بين مصر واسرائيل لتقف ايران موقفا عاطفيا قويا مع مصر ، مع وجود علاقتها القوية مع اسرائيل ، ومن ثم لتحفظ مصر هذا الموقف الايراني ، وباعتبار ان البوصلة بعد هذه الحرب المصرية الاسرائيلية غيرت من معادلة السياسية المصرية الخارجية ، ووضعت منطلقات جديدة للسياسة المصرية الخارجية تجاه اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية ، فقد كانت النوايا المصرية عازمة هذه المرة على الانخراط في النادي الاميركي تماما بدلا من السوفيتي ، فكان لايران السعودية المغرب ومصر ، استراتيجية التقاء ومصالح مشتركة ومترابطة وقوية كاعضاء في النادي الامريكي في المنطقة ، ثم كانت سنة 1979م منعطفا متأخرا جدا في عالم يستعد للتبلور بصورة مختلفة لمصر وللعالم بشكل عام ، كان عام الثورة الاسلامية الايرانية ، والتي كانت بمثابة الصرخة الاخيرة لعالم الثورات الشعبية ، التي تحمل شعار انتصار الدم على الدبابة ومقاومة العين للمخرز ؟.
الثورة الاسلامية في ايران الذي فاجئة العالم الانساني ككل برصاصة انطلقت من فم التاريخ الاسلامي الحسيني القديم ، لتستقر في قلب ايران الشاه وكل امبراطورية الشر التي كانت موجودة في ايران ماقبل 1979 م لتودي بها والى الابد ولتقيم مكان الشاهنشاهية الايرانية جمهورية الموت لاسرائيل ؟.
نعم قد تفاجأ العالم باسره بهذه الثورة التي لم تكن تسير وفق قوانين الثورات الحديثة مطلقا ، بل هي آخر ثورة شعبية حقيقية للقرن العشرين الذي عاصر الكثير من التحولات الثورية في العالم ككل ، ولكنها هذه المرة ثورة تنطلق في العالم الثالث المهيمن عليه سياسيا وعسكريا واقتصاديا ومخابراتيا من قبل قوى الهيمنة الحديثة اميركا والاتحاد السوفيتي ونوعا ما بريطانيا العظمى انذاك ؟.
انها الثورة التي هددت مصالح القوى العظمى بصورة مباشرة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، لابل اكثر من ذالك ، انها الثورة التي تحركت في اهم بقعة مخابراتية عالمية امريكية في منطقة الشرق الاوسط ، فمن ايران كانت خلايا المخابرات الامريكية تتحرك وتخطط وتقرر مصير الشرق الاوسط بكل ابعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية والامنية ، اضف الى ذالك ايضا ان تحرك ثورة في ايران ونجاح تحركها يعني تخلخل لكل المفاهيم القائلة والقائمة على ان اميركا العظمى هي الاقدر بلا جدال على الحفاظ على النظام السياسي القائم في منطقة الشرق الاوسط ، والموالي لها بطبيعة الحال من أمارات وملكيات ونظم فاشستية في المنطقة العربية وغير العربية والتي تتلقى الدعم الامريكي في استقرارها ، فما الحال اذا كان شرطي المنطقة والداعم الاساس للادارة الاميركية في منطقة الشرق الاوسط الشاه الايراني قد اسقطته هذه الثورة ، لتحل محله النظام الاكثر عدائية او الاصح القول ( وهذا مفهوم واحد عند الادارة الامريكية الاستقلال في القرار الوطني لاي دولة يعني العداء للادارة الامريكية ) الاكثر استقلالية في القرار عن الادارة الامريكية مكانه ؟.
عند ذاك لابد ان تدخل ايران الثورة بأزمة مع كل العالم المنخرط تحت عباءة قوى الهيمنة الغربية والشرقية ، من منطلق التهديد الحقيقي الذي مثلته تلك الثورة على استقرار المنطقة الذي كان ينبغي لها ان تكون مستقرة انذاك ، والحقيقة انه لو كان هناك أمل لقوى الهيمنة الغربية والشرقية في استمالت الثورة الجديدة في ايران ، او كان للثورة الاسلامية في ايران عام 1979م استعداد ملموس للاستمرار في اخذ وظيفة شاه ايران كشرطي يعمل لحساب الادارة الامريكية على المنطقة ، لكانت بوصلة الاحداث قد تغيرت تماما في تلك الحقبة من القرن المنصرم ، ولكن وباعتبار ان قوى الهيمنة ادركت خطر الثورة الايرانية بعمق فكان لزاما القضاء الفوري على ايران الثورة ، اما من خلال تفتيت ايران من الداخل بتحريك الاقليات في شمال وجنوب ايران ومطالبتها بالانفصال ومن ثم قتل الثورة من الداخل ، او بشن حرب خارجية مضادة تطيح بالنظام الداخلي الذي لم يزل غير ناهض او قائم ؟.
وعلى اي حال استمرت ايران الثورة ، واستمرت معها اجندة قوى الهيمنة في حصار ايران وتحويل ثورتها من خيال واحلام الانتشار السريع ، الى خنقها في دائرة الثورة الشيعية الايرانية المحلية فحسب وهذا ماحصل فعلا حتى هذه اللحظة ؟.
ان من الطبيعي وبمثل هذه الاجواء السياسية ان تكون علاقات ايران الخارجية محجمة دوليا من قبل قوى الهيمنة الغربية ، ولكن مايلفت النظر ان اجندة هذا التحجيم تختلف من هنا او هناك ، فهناك تحجيما لايران كدور في المنطقة والعالم ، وهناك تحجيما لايران كفعل وممارسة ونشاط وتنمية وتقدم علمي او عسكري ، كما ان هناك تحجيما لايران كعلاقة بالمحيط الاقليمي والعالمي ، وهذا التحجيم الاخير هو ما نريد تسليط الاضواء عليه من خلال العلاقة الايرانية المصرية وارادة قوى الهيمنة تحجيم اي علاقة مصرية ايرانية وعلى كل المستويات التي ذكرت سابقا من سياسية او اقتصاديا او علميا او ثقافية ....الخ ؟.
ان مصر وباعتبار انها بوابة العالم العربي الكبيرة ، وباعتبار انها منبت الحلم العربي ، وباعتبار انها الامل الحقيقي لعالم عربي قوي ومتقدم ،.........الخ ، كل تلك المفاهيم جعلت من مصر المفتاح الحقيقي للعالم العربي ، ولكنها وبنفس الوقت جعلت من مصر بؤرة توتر ايضا للعالم الغربي والامريكي بالتحديد في العصر الحديث ؟.
والحقيقة ان قدر مصر العربية الاسلامية الثورية ، لايختلف عن قدر ايران الفارسية الثورية الاسلامية ، الا ان الفرق هو فرق الزمن وفرق الاشكاليات والمواقع فحسب ، فلمصر وحسب السياقات التاريخية والسياسية الحديثة ، من الاهمية ما يرشحها لان تكون الخطر المتوقع للعالم الغربي الاستعماري ، وبالفعل كانت لمصر الريادة الثورية في المنطقة العربية والتي غيرت من المعادلة الغربية برمتها لاستنزاف المنطقة العربية وجعلها البقرة الحلوب على طول خط التاريخ المعاصر ، ولكن وبفضل النقلة القومية في 1952 م ، كانت مصر منبر اشعاع وتطلع حقيقي للاسقلال العربي ، وسرعان ماتوالت الاحداث السياسية لتربك كل المخططات الاستعمارية الغربية للمنطقة العربية ، ومن ثم كان هناك الالتفات السريع من قبل قوى الهيمنة الاستعمارية لخطر مصر الثوري والتغييري على مستوى المنطقة العربية ، وسرعان ماكانت الضربة الغربية العسكرية الاولى لمصر قبل ان يشتد عود مصر الثورية في خمسينات القرن العشرين المنصرم ، وكان للتدخل الغربي على خط الحرب في 1967 م ، بين اسرائيل ومصر الدور البارز لمخطط ضرب الثورة المصرية من الخارج بعد ان ايقن المستعمر الغربي بصلابة الجبهة الداخلية في مصر والتفاف الشعب المصري حول الثورة المصرية ؟.
ومع ذالك وعلى الرغم من شدة الضربة للثورة المصرية استمرت مصر كنظام للثورة الوليدة ، ولكن بخطى اكثر حذرا وواقعية سياسية ، ومع الزمن وبعد حرب 1973م المصرية ارتأى المصريون ان تكون تطلعاتهم لابعد مدى ممكن من الحفاظ على مصر الدولة والموارد والبناء وكذالك مصر النظام العروبية ، ومن ثم كان التوجه المصري السياسي واضحا والمتبلور في :
اولا : الابتعاد الكلي عن اي مغامرة عسكرية اخرى تدخل مصر في استنزاف لمواردها العسكرية او الاقتصادية او البشرية .
ثانيا : اعتماد عملية السلام مع الكيان الصهيوني كخيار استراتيجي .
ثالثا : تأجيل او تعطيل الشعارات الثورية الناصرية من ( ما اخذ بالقوى فلا يسترد الابالقوة ) او ( الوحدة العربية كمصير حتمي ) او ....الخ .
رابعا : ايمان النظام المصري انه غير مسموح للعالم العربي التفوق العسكري او الاقتصادي او العلمي في هذه الحقبة التي يتواجد فيها الكيان الصهيوني الذيل الامريكي في المنطقة .................الخ ؟.
وعليه كانت الرؤية المصرية ، وباعتبار انها مرة بالمرحلة الثورية ، قبل ايران الثورية ، وضربت غربيا قبل ان تضرب ايران ، ودخلت مرحلة الواقعية السياسية قبل ان تدخلها ايران ......الخ ، كل هذا وغيره جعلت من الرؤية المصرية للاحداث العالمية والاقليمية العربية والاسلامية ، رؤية مختلفة تماما ( لااقول انضج ) عن الرؤية الايرانية لمثل تلك الاحداث بل وربما كانت رؤية متناشزة في بعض الاحيان ومتناقضة في البعض الاخر مع الرؤية الايرانية او ملابسات الوضع الداخلي او الخارجي لكل بلد ؟.
ان ايران القرن الواحد والعشرين وبعد ان اكملت دورتها الثورية تماما لتنتقل الى دورتها التاسيسية بنوع من الاطمئنان بالامكان تصنيفها في خانة الدول القليلة جدا والتي تمتلك ساحة سياسية واقتصادية واجتماعية غير مخترقة غربيا مئة بالمئة ، مما يعني ان لايران الثورة ميزة افتقدت في دول كثيرة تؤهلها لان تكون من الدول المتوقع لها الدخول في مرحلة الدول الاكثر تقدما من النامية على المستوى العسكري والعلمي والاقتصادي وذالك لما تتمتع به ايران الجديدة من السيطرة المنظمة والحرة على مواردها الاقتصادية والتصنيعية والعسكرية ، اي ليس هناك ما يحجم ايران داخليا باعتبار انها تتمتع بنوع من عدم الاختراق الغربي لكيانها الداخلي ، من ان تتطور علميا وعسكريا واقتصاديا ، ومن المتوقع اذا لم تتعرض ايران خلال العشرة سنوات القادمة الى ضربة عسكرية من الخارج الاستعماري ان تحوز ايران على التكنلوجية المتطورة التي بامكانها ان تنتقل بايران نقلة كبيرة جدا بالتكنلوجية الحديثة ، وهذا مايمثل كارثة حقيقية لمعادلات الغرب الاستعماري للمنطقة ، فعليها وعلى هذا الاساس ( على الدول الاستعمارية ) ان تعيد كل صياغة معادلاتها السياسية للمنطقة باعتبار ان هناك لاعب مستقل وقوي برز في منطقة الشرق الاوسط الكبير ، وعلى هذا الاساس لابد من التفاهم السلمي مع هذا اللاعب الجديد سياسيا في المنطقة العربية بالخصوص ، مايعني ان هذا اللاعب الجديد سيطالب بحصة محترمة من غنيمة العالم المعاصر ولاسيما العربية منها ، وكل هذا لاترغب به الادارات الغربية الاستعمارية مطلقا والاميركية بالخصوص ، لاسيما ان اخذنا بنظر الاعتبار انه ربما تتقبل قوى الاستعمار الغربي فكرة الشريك الجديد المتطلع لتقاسم الثروة المنهوبة من دول الشرق الاوسط ، ولكن ياترى هل ايران ان قدر لها الوصول الى مرحلة مابعد التكوين الجنيني للقوة الفعلية ، سوف تكون مستعدة لتقبل القسمة السياسية للكعكة المنهوبة غربيا من الدول المستضعفة ، أم ان هناك نوايا اكبر واوسع لايران النووية في المنطقة والعالم ؟.
هذه هي ايران القرن الواحد والعشرين في المعادلة الغربية المعاصرة ، ولا تمتلك حتى اللحظة الانية المعادلة الغربية اي اوراق ضغط فعلية على ايران الثورة سوى ممارسة المزيد من الضغوط السياسية لتحجيم تطلعات ايران المشروعة في حيازة التكنلوجيا المتطورة ، والتي ان تمكنت من حيازة هذه التكنلوجية ستتغير حتما خارطة العالم العربي ايضا ، وربما خارطة الكيان الصهيوني ، وحصص البترول ، الى ما لانهاية من التغيرات الفعلية في حال حصول ايران على التكنلوجية المتطورة ؟.
اما مصر القرن الواحد والعشرين فمختلفة ، مخترقة خارجيا وغربيا بالتحديد وامريكيا بالخصوص ، ولكنه ليس بالاختراق الذي يعجز مصر كدولة ونظام وشعب من ممارسة الاستقلال الداخلي الكبير ، كالاختراق الحاصل مثلا في كثير من الدول العالمية والعربية ، وانما هناك اختراقا لبنية الدولة المصرية من خلال انفتاحها الاقتصادي الذي فرضته الظروف القاسية والضرورية لمصر بشكل عام ، وماتفرضه معاهدة السلام الموقعة مع الكيان الصهيوني ، وما لضرورة كون مصر دولة مواجهة مع الكيان الصهيوني ، مما يضع مصر بزاوية تفرض عليها الانفتاح القسري امام الضغوط العالمية ، وهذا شيئ لم يكن مفروضا على ايران الاسلام كما هو الحال على مصر العربية ، مما يعني ان عملية الضغوطات التي تمارسها الدول الغربية الاستعمارية على ايران كي تنغلق على ذاتها وتحجم تطلعاتها وعلاقاتها مع العالم ، هي بالعكس تماما في النموذج المصري ، فمفروض على مصر العربية ان تنفتح على الخارج ، بل وان تعمق علاقاتها بالخارج الاقليمي لاسيما مع الكيان الصهيوني والا اعتبرت من الدول الداعية لمقاطعة اسرائيل ، او ربما اعتبرت من الدول التي لاتفي بتعهداتها نحو عملية التطبيع والانفتاح مع اسرائيل ؟.
وهكذا فمصر القرن الواحد والعشرين ، ايضا من الدول القليلة التي حافظت على استقلالها السيادي الداخلي والخارجي ، وان كان ذالك الاستقلال ليس بالمساحة التي تتمتع به جمهورية ايران الاسلامية للاعتبارات التي ذكرناها انفا ، الا ان مصر العربية ومع ذالك هي الاخرى فهمت الدور السياسي بصورة واضحة ، فهي مما لاريب فيه تستشعر خطر ادراجها في لائحة الدول المتوقع خطرها على اسرائيل مستقبلا او حيازتها على التكنلوجية المتطورة ، وذالك من خلال ان مصر وان قدر لها ان تستمر مستقرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، فان نهضتها التكنلوجية غير مستبعدة ، لاسيما انه رغم المظهر الاقتصادي المتعب لمصر ، الا ان هناك بوادر انتعاش حقيقي يوفره الاستقرار الاجتماعي للاقتصاد المصري ، بالاضافة الى ان الانسان المصري كفوء علميا وله تطلعاته الكبيرة والتي تليق بمستوى مصر العربية كقوة عربية تكنلوجية ، ولكن مثل هذه التطلعات المشروعة لاي دولة في العالم ، هي الاخرى مقلقة جدا للعالم الغربي ، حتى وان كانت من مصر العربية المسالمة والملتزمة باللعبة الدولية الحديثة والموالية للادارة الامريكية ظاهريا ، فالاسباب الداعية لقلق الغرب الاستعماري لايرتبط بهذه الدولة او تلك بل هو قلق من منطقة عربية واسلامية لايراد لها ان تنهض تكنلوجيا او عسكريا او تنمويا على الاطلاق ، باعتبار ان تلك النهضة وفي اي مستوى هو ومن جانبه الاخر نكسة لاطمئنان الكيان الصهيوني من جهة ، وقلق للهيمنة الامريكية والغربية على المنطقة ، مما يضع مصر او غيرها في خانة المشتبه بهم امريكيا وغربيا ، لحيازة التكنلوجيا المتطورة او القوة العسكرية المهددة للكيان الصهيوني في المنطقة ؟.
ومن هنا كانت الرؤية المصرية مختلفة او متناشزة او متناقضة مع الرؤية والتوجه الايراني في المنطقة ، . ان مصر هي بحاجة فعلا لرفع اي قلق غربي بشانها للحفاظ على استقرارها السياسي والامني والاقتصادي والذي يمثل بوجهة نظرها البوابة الحقيقية للتقدم خطوة نحو مستقبل اكثر قوة لمصر ، وهذا يعني عدم الاقتراب او ممارسة اي لون يوحي للغرب الاستعماري بان هناك توجها مصريا سياسيا او عسكريا او اقتصاديا او امنيا او حتى ثقافيا .....الخ ، يسير خارج النص المكتوب امريكيا للعلاقة المصرية مع اي دولة غير منخرطة في اللعبة الامريكية ، ومن ضمنها الجمهورية الاسلامية الايرانية ، فمصر مدركة ان اي اقتراب مصري ايراني هو ليس بصالح مصر مطلقا ( حسب رؤية مصر السياسية ) باعتبارها علاقة غير مرغوب فيها امريكيا او صهيونيا، او هي علاقة ستفسر حتما اميركيا وصهيونيا على اساس التنصل المصري الكامل من عملية السلام القائمة في المنطقة ، وهذا بعكس رؤية ايران الغير مقيدة بمعاهدات سلام او مكبلة بمساعدات امريكية ، فانها تسعى جاهدة لفتح العلاقة مع مصر المواجهة والتي تعتبرها ايران الذراع الاخرى التي بامكانها ارعاب وارهاب الكيان الصهيوني بشكل مباشر ان اقيمت علاقة بين مصر وايران ، ولكن وبما ان مصر غير مستعدة مطلقا بالمغامرة بمثل هكذا تطلعات ايرانية ، كما انها غير مستعدة باستعداء الولايات المتحدة في هذا الظرف فعلى ايران نفسها ان تدرك حساسية الموقف المصري من دعوتها لعلاقة مفتوحة ، وان كانت ايران هنا اكثر حرصا على مصر فلتعمل لاقامة علاقة مع مصر بعيدة عن الاضواء المفتوحة ؟.
وهنا تكمن اشكالية مصر وايران كعلاقة ربطتها الظروف التاريخية والمصالح المتنافرة ، برؤى واشكاليات مختلفة ، لتجعل من الوضع العالمي الخارجي الحجر القوي الذي يقف بين علاقة ان اريد لها ان تقوم لكانت من العلاقات التي تغير مجرى السياسة في منطقة الشرق الاوسط الكبير والصغير ؟.
هذا حقيقة مايتعلق باشكالية العلاقة الايرانية المصرية الخارجية ، اما مايتعلق بباقي المعوقات الداخلية لمد جسور مثل هذه العلاقة التي بامكانها ان تقدم للبلدين الشيئ الكثير ، فهناك عدم الاطمئنان الكلي من قبل الدولة المصرية لتوجهات ايران الاسلامية ، فمما لاريب فيه ان هناك معوق مصري داخلي يفرض على الدولة المصرية ان تؤجل من هذه العلاقة المراد لها ان توصل ، فالحكومة المصرية وحسب تجربتها مع منعكسات الثورة الايرانية الاسلامية ابّان قيامها واجهت مشكلة التحرك الاسلامي داخل كيانها السياسي والاجتماعي ، وللسلطة المصرية الكثير في هذا الملف التي تحاول تلطيف ازماته السياسية الداخلية على مصر بعد ان لم تستطع اغلاقه مع الجماعات الاسلامية المصرية ، فالاخوان المسلمون وغيرهم باعتبار انهم هاجس امني خطير للحكومة المصرية ، ايضا هو ملف مصري داخلي يعيق حقيقة من انفتاح مصر النظام والسياسة على ايران الاسلامية ، باعتبار ان علاقة كهذه مع جمهورية ايران الاسلامية ستحرك المياه الاسلامية المصرية الراكدة وتعطيها شحنة تحرك اكبر وضوء اخضر لقيام علاقة مع الجمعهورية الاسلامية الايرانية ، وكل ذالك تتوجس منه - حقيقة - خيفة السلطة المصرية اولا على استقرارها كسلطة مناوءة للحركات الاسلامية لارضاء الغرب الاستعماري من جهة ، وثانيا لخوف السلطة المصرية من انعكاس تحرك اسلامي داخلي على الاستقرار المصري بصورة عامة ؟.
اذا للعلاقة المصرية الايرانية او الايرانية المصرية اشكالاتها الواقعية ، وعلى كل المستويات السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية الثقافية ، ولكن وعلى اي حال لاننسى ان علاقة من هذا النوع بين البوابة العربية من جهة والبوابة الاسلامية من جهة اخرى وبغض النظر عن كل المعوقات التي ذكرناها ، هي من نوع العلاقات المصيرية للمنطقة العربية والاسلامية والمصرية والايرانية بالخصوص ايضا ؟.
نعم ان مصر وتحت وطأة هذه الظروف الدولية القلقة ، وتحت وطأة الكابوس الصهيوني الاقليمي الضاغط والمراقب حتى لانفاس مصر ، وتحت وطأة التخوف السلطوي المصري الداخلي المشروع ، وتحت وطأة طلب الاستقرار والابتعاد عن كل مايثير الازمات ....الخ ، كل تلك الضغوطات تدفع بالرؤية المصرية السياسية للجزم بان فتح علاقة حقيقية مع ايران لم يأن أوانها بعد ، وهذا مع تبلور ادراك مصري ينمو مع الزمن وشيئا فشيئا ان علاقة مع ايران القرن الواحد والعشرين بامكانها من جوانب كثيرة ان تنفع مصر تماما لو اتيحت الفرصة لذالك ، ولكن حتى وقت اتاحة تلك الفرصة فلا شيئ ينبغي ان يتحرك على هذا الصعيد ؟.
ولكن ومن جانب اخر ربما لم تلتفت اليه الرؤية المصرية السياسية بعد لعدم بروزه بشكل واضح ، وهو جانب السؤال الذي ربما يعيد الحسابات السياسية المصرية من جديد للتفكير بتأسيس هذه العلاقة مع ايران ، والقائل : هل ان مصر متيقنة تماما انها بمعزل عن الاجندة الغربية الاستعمارية والتي تبوبها حسب قائمة المشتبه بهم من ضمن الدول التي ينبغي تحجيم تطلعاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية .....، ومن ثم وجوب ارجاع مصر كلما حاولت التقدم للمربع الاول في رقعة الشطرنج السياسية ؟.
بمعنى : ماهي ضمانات مصر الحقيقية التي تؤكد لها نية اميركا والغرب الاستعماري بصورة عامة من ترك الاستقرار المصري يأخذ دورته الطبيعية لتحصيل التنمية والتقدم للكيان المصري ؟. وماذا لو اثيرت قضايا مفتعلة من هنا او هناك لضرب مصر اقتصاديا او امنيا او سياسيا او علميا ، فما هي القوى التي بامكان مصر ان تتمترس بها للدفاع عن نفسها امام هذا التوجه الغربي الاستعماري المحتمل بل والاكيد ضد اي دولة عربية بالتحديد ، بغض النظر عن دول المواجهة مع اسرائيل ؟.
أليس التفكير المصري ذاك يكشف مصر تماما ، ويضعف من كل اوراقها السياسية ، ليحولها ومع الزمن الى كيان يراوح مكانه بلا تنمية او تقدم او قوة او اي مفردة بامكانها ان تقدم لمصر الموقع المناسب لحجمها العربي ؟. وماذا لو انتقلت ايران الاسلامية الى مرحلة مابعد الدول النامية ودخلت في نادي الدول الحائزة على التكنلوجيا المتقدمة ، اليس هذا سيجعل من مصر دولة مهمشة تماما في المنطقة ؟.....الخ
كل هذا الاسئلة على مصر العربية ان تلتفت الى مضامينها بجدية ، لاسيما ان كان ليس هناك أمل حقيقي لمصر الموالية للغرب بان تتعطف هذه الدول الاستعمارية على مصر لمنحها نوع من المساعدات التي تطور من القدرة المصرية التكنلوجية ، اي بمعنى ان من حق مصر ان تطالب بدعم حقيقي من قبل الدول الغربية الاستعمارية والتي تراهن على ولائها من ان تطالبها بثمن هذه الموالاة وليكن بمساعدات علمية وتكنلوجية ترفع من المستوى المصري التكنلوجي والعسكري والاقتصادي ، فمصر وحسب السياقات السياسية الحديثة تلعب اكثر من دور الوسيط واكثر من عامل الاستقرار ، بل ولاريب ان مصر اليوم معادلة صعبة في المنطقة بامكانها ومن خلال الدور الذي تلعبه ان تبتز القوى الغربية حقيقة بالمطالبة بمساعدتها لان تدخل الى مرحلة الدول الاكثر من نامية ، ولكن ومع الاسف نجد ان هناك جمود وموت حقيقي للسياسة المصرية الداخلية والخارجية ، بل ونرى ان هناك شيخوخة بارزة في العمل السياسي المصري الخارجي بالتحديد ، ولا نعرف لماذا هذه السياسة المصرية الخارجية التي تقدم الخدمات الكبيرة مقابل فتاة حقير من المساعدات التي يعود عمرها لايام الحرب الباردة ؟.
كان لشاه ايران قبل الثورة دور يلعبه لموالاة القوى الغربية - صحيح - وهو دور وحسب المنطق السياسي من الادوار الغير وطنية او قومية ايرانية ، بل هو دور شخصي ونفعي وواطئ ، ولكنه مع ذالك كانت للشاه مطالب واثمان يتقاضاها مقابل تلك الخدمات المقدمة للغرب الاستعماري تصل الى مستوى تتوازن فيه الاثمان مع الخدمات ، بل وكانت لشاه ايران تطلعات شخصية يفرضها على الادارة الاميركية بالخصوص ، في موضوعة التكنلوجية النووية والمساعدات الغربية على ذالك ؟.
فهل مصر العربية وبغض النظر عن كل مانريد قوله بهذا المضمار ، هي بنفس القيمة عند الغربيين الاستعماريين ، ام ان السياسة المصرية تقدم كل تلك التنازلات والخدمات والتي لم يستطع حتى شاه ايران المقبور تقديمها او توفيرها للادارة الامريكية واستقرار الكيان الصهيوني ، بدون ان تفكر تفكيرا نفعيا للكيان المصري ككل ؟.
على هذا بامكان مصر العربية ان تجعل من ورقة الانفتاح على ايران الاسلامية ورقة ضغط سياسية على الادارة الاميركية وعلى الكيان الصهيوني ايضا ، فليس من المنطق السياسي ان تغامر مصر بالعلاقة مع ايران بدون مقابل حقيقي وواقعي يعود على مصر بشكل مباشر وملموس تكنلوجيا واقتصاديا ، اما والحال انه ليس هناك بوادر حقيقية لتقديم الدعم الى مصر والنهضة بها تكنلوجيا واقتصاديا من خلال المساعدة الغربية الحقيقية ، فان انفتاح مصر بعلاقة عالية المستوى على ايران الاسلامية اكثر نفعا ومردودات سياسية ايجابية على الدولة المصرية ، فليس هناك مايجعل مصر الذكية ان تعزف عن علاقة تمكنها حتى تكنلوجيا ان اريد لهذه العلاقة ان تتطور الى علاقة علمية وتكنلوجية ومن ثم عسكرية ؟.
نعم ايران الاسلامية وبغض النظر عن كل رؤاها المتناشزة مع الرؤية المصرية ، وبغض النظر عن بعض سلوكياتها السياسية الشاهنشاهية التي ورثتها من العهود السابقة ، وبغض النظر عن تطلعاتها الكبيرة على حساب التطلعات العربية .......الخ ، لكنها تبقى دولة ذات ثقل حقيقي في معادلة الشرق الاوسط الكبير والصغير ، ولو فرضنا حسن نوايا ايران السياسية تجاه العالم العربي وهذا واضح ، بالاضافة الى ضماننا لتنسيق قوي يضمن السير في مصير اسلامي مشترك ، فبالامكان ان نوظف العامل الايراني لصالح القضايا العربية وليس العكس في الوقت الراهن ، ولكن ان قدّر للمعادلة العربية الايرانية ان تسير على هذا المنهج من التذبذب واللاستقرار في هذه العلاقة فان العالم العربي سيفاجأ في المستقبل القريب ب ( ايران نووية ) كحقيقة تفرض نفسها في المنطقة ، ومن ثم بدلا من ان تكون ايران الاسلامية مستعدة اليوم لفتح ذراعيها لاقامة علاقة قوية مع العالم العربي ، نجد انفسنا كعالم عربي نلهث في المستقبل لخطب ود ايران النووية والتكنلوجية كسيد بامكانه ان يقدم لنا الدعم ان تعرضت مصر او غيرها لمؤامرة اميركية صهيونية قوية الاحتمال لارجاع عقارب العالم العربي الى الوراء كلما ظهرت بوادر تقدم عربي ؟.
والحقيقة انه لاريب ان علاقة مصرية ايرانية عالية المستوى في هذا الوقت بالذات ( وحسب رؤيتنا الشخصية ) هي لصالح مصر اكثر منها لصالح ايران ، ونعم بالامكان القول ان علاقة من هذا النوع ستكون بمثابة ثورة مصرية حقيقية على كل الوضع السياسي الاميركي بالتحديد ، والذي يضع كل الامكانيات لخنق ايران من جهة ، ولابعاد اي تقارب مصري ايراني من جهة اخرى ، ولكن ومع ذالك ما تحتاجه مصر هو اللعب الذكي على ورقة الديمقراطية التي تطرحها الادارة الامريكية بشدة على العالم العربي كبوابة للتدخل في شؤون الدول العربية والاسلامية بالتحديد ، والدور سيأتي على مصر بهذه الورقة الاميركية ولكن بعد ان تهدأ جبهات اخرى ساخنة في اجندة الادارة الاميركية ، وعليه فليس هناك مخرج للسياسة المصرية من مأزقية التهميش والانتظار للمقصلة الامريكية ، الا ان تقوم الادارة المصرية السياسية بتشكيل عملية سياسية داخلية تقوم هي وكمظهر ديمقراطي بفتح قنوات الاتصال المصري الايراني ، اذا لم تستطع الادارة المصرية السياسية الحالية بالقيام بهذه المهمة لكثرة قيودها وتعهداتها السياسية التي تعيق من التقارب الايراني المصري ، وبهذا وحده تكون السياسة المصرية قد ضربت عصفورين بحجر واحد ، الاول هو اقامة عملية ديمقراطية داخلية ترشخ كوادر سياسية وطنية مصرية تقوم بعملية طرح برنامج سياسي ينفتح على الجمهورية الاسلامية الايرانية كخيار ليس للحكومة المصرية ان تتدخل فيه ، وثانيا تتجنب السياسة المصرية المصادمة المباشرة مع الادارة الامريكية الداعية لخنق العلاقة المصرية الايرانية ، وبهذا تكون العملية الديمقراطية المصرية مفوتة لفرص كثيرة لخنق مصر ايضا سياسيا ، ورافعة لمبرر ان تتدخل القوى الاجنبية لفرض اجندة الديمقراطية لصالح مخططاتها الاستعمارية الجديدة في المستقبل ؟.
ان بامكان مصر كبوابة للعالم العربي ان تبلور موقفا مسؤولا تجاه الجمهورية الاسلامية يلزم الجمهورية الاسلامية الايرانية من لعب دور اكثر تفهما للواقع العربي وكمية الضغوط التي يتعرض لها هذا العالم المستضعف ، ولاريب ان هناك توجها ايرانيا لدعم وتقوية الجبهة الاسلامية المعارضة للتوجهات الصهيو امريكية للمنطقة العربية والاسلامية ، ومثل هذه التوجهات سوف لن تتبلور الى اجندة عمل حقيقية اذا لم تكن هناك شفافية بالطرح ونوايا حسنة في فتح العلاقات المسؤولة بين الطرفين الايراني والعربي الممثل بمصر ؟.
والحقيقة انه قبل كل تلك الرؤى السياسية والتي نراها للتوجهات السياسية الايرانية او المصرية ، ينبغي للانسان العربي او الايراني ، ان يدرك ان قدره السياسي والاقتصادي والوجودي والاسلامي والتنموي في هذه المنطقة هو قدر مشترك ، تفرضه وفرضته الجغرافية والمصالح والوجود الانساني ، وعليه سيكون هناك دورا حيويا لانسان الشارع المصري العربي بصورة عامة ولانسان الشارع الايراني ايضا سيساهم بعملية دفع العمل السياسي في التقارب والعمل المشترك ، باعتبار ان العدو الذي يحاول استمرار ان يبقى انسان المنطقة العربية والاسلامية مهمشا ومستضعفا وضعيفا ومهانا ....، هو عدو مشترك واحد ، وهو العنوان القديم الحديث للعالم الغربي والاميركي الاستعماري ، وعليه فهناك الى جانب العمل السياسي ، عمل اجتماعي وثقافي وديني ونفسي بالامكان للانسان العربي او الايراني لعبه في هذه المرحلة ، كما ان هذا الدور هو - حقيقة - من اخطر الادوار التي تخشاها قوى الطغيان والاستعمار الحديثة والصهيواميركية بالتحديد .
ان ليس هناك مصيرا حقيقيا لايران الاسلام بلا مصر العربية ، كما ان ليس لمصر العربية رديفا وظهرا اقوى من ايران الاسلامية وهذا هو الواقع ؟.
( خاتمة ) :-
كان للعراق باعتباره الجار المزعج لايران ، والمشاغب الصغير لمصر ، دوما المواقف الغير مناسبة في الاوقات الغير ملائمة بالنسبة للعلاقة المصرية الايرانية ، وقد آن الاوان للعراق الجديد ان يكون حلقة الوصل المنفتحة والمحبة لعلاقة ايرانية مصرية تصب بصالح الوجود العربي والاسلامي ككل وبصالح التقدم والتنمية والتكاتف لعلاقات المنطقة ومصالحها ومصيرها المشترك ، لهذا كانت هذه الرؤية بوابة وخطوة نحو مثلث عراقي مصري ايراني مستقبلي ؟.