الاثنين، فبراير 02، 2009

قصة يوسف ع رحلة حلم من سجن البادية الى عرش مصر-6


( قال يابني لاتقصص رُءياك على أخوتك فيكيدوا لك كيدا ، أن الشيطن للأنسن عدو ٌ مبين ) ********** فصل آخر من مشهد قصة يوسف الصديق عليه السلام ، ولكنّ من جانبه الاخر في بطولة هذه القصة آلا وهو جانب الابوة في يعقوب الحكيم ع وهو يعطف على يوسف بحنو كامل يطالعنا بعنفه في كلمة (( يابنيّ )) التي تدلل على التصغير من جهة ، وتدلل على ان الابوّة الصادقة ومهما كبر الابناء ستظل تنظر اليهم بعاطفة الرقة والضعف ... وباقي الابويات الحنونة !. يعقوب هذا الشيخ المجرّب يستمع في الاية التي تقدمت هذه الاية لأحد
ابناءه الكثر انه : رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رآهم له ساجدين !. فيدرك على الفور ان وصيه على الرسالة والنبوة قد ظهر بشخص يوسف الصغير ع من خلال فهمه لتأويل معنى هذه الرؤيا من جانب ، وربما من خلال الوحي الذي كان يتحرك في حياة يعقوب النبي ع والذي على اساسه وضع ليعقوب مواصفات الخليفة من بعده والوصي على رسالته والوارث لنبوته من جانب آخر ، فاصبح الثقل على عاتق يعقوب مضاعفا لرعاية وحماية .... هذا الصبي من مكاره الدنيا وعادياتها المفاجئة الا ماقدّر الله سبحانه وتعالى ، فبادر وعلى الفور وقبل ان يحدّث يوسف الصغير ع بتأويل رؤياه هذه الى تحذيره من :(( يابني لاتقصص رؤياك على أخوتك فيكيدوا لك كيدا )) !.فياترى ما الشيئ الذي كان يخشاه يعقوب الحكيم ع من قصّ يوسف لرؤياه وحلمه الغامض ؟.ولماذا وقبل ان يبيّن يعقوب السيد الحكيم ع رؤيا الفتى الصغير له حذ ّر بقوة هذا الفتى من اخوته بالخصوص ومن غيرهم على الاولوية ؟.هل كان يشعر يعقوب بقوة ان هناك فجوة نفسية كبيرة بين يوسف وأخوته اضطرته للفت نظر يوسف ع لهذه المحنة ؟.وهل اراد يعقوب ع ان ينبه الفتى الغافل حول ما كان يحاك ضده من عالم الكبار الى ان هناك مشاكل كبيرة يجب على يوسف الانتباه لها في قادم الايام ؟.ولماذا وبالفعل كانت رؤيا يوسف ع محركة لهواجس يعقوب ع وما تنتجه مثل هذه الرؤيا من اشكالات اسرية داخل عائلة يعقوب الكبيرة نوعا ما ؟.اخيرا : هل كان اخوة يوسف من اهل العلم بالتأويل ولهذا خشيَ يعقوب ان يوسف قص رؤياه على اخوته فانهم سيدركون معناها ويضمرون الشرّ لاخاهم الصغير على خلفية فهم هذه الرؤية ؟.أمّ ان يعقوب لم يكن ملتفتا لعلم ابناءه الكبار بتأويل الاحاديث لانه يبدو فيما سنوضحه لاحقا ان هؤلاء الاخوة كانوا على مستوى عالي من الغفلة وعدم العلم وانما ما كان يخشاه يعقوب من ابنائه تطلعهم لخلافة يعقوب في السلطة القبلية لعائلة يعقوب واملاكه فحسب مما يدفع الاعتقاد عندهم بمزاحمة يوسف ع لهم في هذه السلطة ؟.أسألة كثيرة أثارها هذا النص اليعقوبي القرءاني داخل افكارنا عندما قال :(( يا بني لاتقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا ..)) !.ان هذا الشيخ العجوز يعقوب والنبي المحترم والرسول الكريم عليه السلام كان يدرك باستشعاره الدقيق لحركة الحياة من حوله تطلّع ابناءه الكبار لخلافته في قيادة العائلة اليعقوبية بعدما ينتقل هو من هذه الدنيا ، ولربما كلّ الاباء الواعين في هذه الدنيا ينظرون الى هذه المسألة في ابناهم بعين من الاهمية ، فلكلّ أب رزقه الله سبحانه الذريّة الكبيرة مضافا اليها الجاه المادي والمعنوي ، فأنه حتما سيفكر في سنن الحياة وانه سينتقل من هذه الدنيا وان لابناءه تطلعات من بعده وآمال يريدون تحقيقها على انقاضه المنتهية ....الخ ، وبدوره الاب الواعي يفكر بحذر حتى الوصول الى هذه النتيجة ، فترى الاباء تفكرّ في كيفية بقاء لحمة ابنائهم متماسكة بعد رحيلهم من هذا العالم ، بنفس اللحظة التي يرقب فيها الوالد الذكي الشفيق كل شخصية من شخصيات ابنائه وماهية تطلعاتهم وكيفية تكتلاتهم وانجذابات بعضهم لبعض ، وبُعد الطبائع فيما بين بعضهم والبعض الاخر ، لاسيما ان كان لهذه العائلة أكثر من أم والدة ، وأكثر من طبقة تنحدر منها هذه الام الفقيرة او ربما الخادمة او تلك الام الثريّة او السيدة ، عندئذ يكون حمل الاباء ثقيلا تجاه ابنائهم والله المستعان !.نعم يعقوب بن اسحاق ع كان احد الاباء الذين امتحنوا في ابنائهم الكثر مع اختلاف الامهات وتباين مستواهن الطبقي ، وتكتلات ابنائهم فيما بينهم والبين الاخر ، وتنافر بعض طباعهم الطبيعية التي توجد في البعض وتنتفي من الاخر !.فأم ستة من ابناء يعقوب ع الكبار مختلفة عن والدة يوسف واخيه بنيامين حسب ماتذكر بعض المصادر التاريخية ، وولدين ليعقوب بلا ذكر اسمائهم لعدم ورود تأكيد من قبل المعصوم بذكر هذه الاسماء هما من أم جارية لسيدة هي أم للستة الكبار اصحاب العصبة الذي يذكر النص القرءاني مقالتهم :(( ونحن عصبة )) داخل عائلة يعقوب ع ، وأما الاثنين الذكور الباقين فهما لأم جارية أخرى لأم يوسف ع و أخيه بنيامين ... وهكذا كان يعقوب يرقب كل هذه الاشكاليات الاسرية داخل اسرته الكريمة بلا اظهار لاي حركة تؤكد للابناء ميل يعقوب لهذه الجهة او تلك !.لكنّ يعقوب ع بالاضافة لكونه ابا لأحد عشر ابنا هو كذالك رسولا نبيا في هذه الحياة الاجتماعية الانسانية ومكلّف بوظيفة صيانه وحفظ الشريعة الابراهيمية الالهية المقدسة لاباءه الكرام عليهم السلام جميعا ، ولابد ان له اولويات مهمة جدا في هذه الحياة ترتقي فوق مستوى التفكير الكبير في تطلعات ابناءه الدنيوية التي لاتنتهي ، ومن ضمن هذه الاولويات المهمة ليعقوب وهو يشارف الموت لابد ان تكون مسألة خلافته للنبوة والرسالة الالهية في هذه الحياة الدنيا !.وهنا وعند هذه النقطة فحسب كان يبحث يعقوب ع بين ابنائه عن خليفته في الرسالة والنبوة على التحديد ، والذي سوف ينتخبه الله سبحانه وتعالى ويجتبيه ليحمل عبئ الرسالة والنبوة الالهية بعده ، فجاءه يوسف يوما من الايام ليقول له : يأبت أني رايت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين !............. للحديث بقية ________________________
al_shaker@maktoob.com