الأربعاء، يناير 28، 2009

ابليس ذالك المخلوق المعقد .... رؤية قرءانية من اجل ثقافة دينية ‏‏-1-‏


تتميز الشخصية الابليسية في الرؤية القرءانية الاسلامية ، بأنها من الشخصيات ‏الثرية جدا في الطرح الدرامي القرءاني للقصة الانسانية المتكاملة ، ولعل منشأ هذا ‏الثراء الدرامي للقصة الابليسية متأتيا من الصياغة العظيمة للمفردة الالهية القرءانية ‏والتي تتميز بالدقة من جهة وبالعمق من جهة اخرى بالاضافة للجمال الفني التي ‏تتميز به الرواية الاسلامية
من الجانب الثالث ، ولذالك فعند تناولنا لقصة ابليس من ‏خلال تتبعها في الطرح القرءاني فاننا سنجد اكثر من زاوية لهذه الشخصية المعقدة ‏حقا واكثر من مشهد واكثر من التفاتة في هذه الشخصية المثيرة للجدل الانساني على ‏مر العصور وحتى يومنا هذا !.‏نعم ربما هناك مدخلية درامية هي ما تجذب كل الشعور الفني للانسان عندما يتناول ‏قصة المخلوق الغريب ابليس تكمن في كون دراما (( الشرّ)) هي الاقرب تفاعلا مع ‏المشاعر والاحاسيس الانسانية منها لدراما (( الخير )) والتي بدورها لاتكون بنفس ‏المنزلة من اثارة المشاعر الانسانية الشريرة التي تلعب على تحفيز الانتباه الانساني ‏اكثر من الخير باعتباره الجانب الذي يأمن من جهته الانسان على كيانه الانساني ، ‏وهذا بعكس الجانب الشرير من الحياة البشرية والتي تتمثل بجبهة الخطر الدائم على ‏الكينونة الانسانية الوجودية مما يجعل هذه الكينونة على درجة عالية من الاتنباه ‏والتركيز والحذر من الشخصية الشريرة اكثر منها ان كانت شخصية اسطورية خيرة ‏في واقع حياة الانسان الفكرية او النفسية او الروحية او الاسطورية وغير ذالك .‏ان هذه الرؤية للمخلوق المعقد (( ابليس )) وما طرحته الاسطورية الانسانية حوله ، ‏وكذا ما طرحته الاديان السماوية والانسانية مما يتعلق بالمخلوق المسمى (( شيطانا ‏‏)) كل هذا وغيره جعل من مفردة ابليس او الشيطان لغزا محيرا للذهنية الانسانية ، ‏لاسيما ان بعض الاديان (( كالمسيحية واليهودية والثنوية والايزيدية وغيرها )) قد ‏اعطت لابليس من القوة والسلطان مايجعل من هذا المخلوق شيئا مرعبا للمخيلة ‏البشرية ، مما دفع بهذه المخيلة الى تضخيم الشخصية الابليسية ، بل واعتبارها من ‏الشخصيات اللاعبة والحيوية في حياة الانسان الواقعية والنفسية والروحية كذالك ، ‏وهذه الرؤية بعكس مايطرحه الاسلام عن دراسة هذه الشخصية والكيفية الصحية ‏للتعرف عليها ومن ثم الحذر منها واجتناب الوقوع في ملابساتها الفكرية والسلوكية ‏، مما يجعل للطرح القرءاني الاسلامي لابليس خصوصية معينة ورؤية مختلفة عن ‏باقي المدارس والاديان والافكار البشرية الاخرى يرشحها لان تكون رؤية تستحق ‏البحث والتعمق في اهدافها وزواية طرحها للشخصية الابليسية تلك ، وذالك ليس ‏باعتبار كونها اسلامية فحسب ، ولكن لكون الرؤية الاسلامية للشخصية الابليسية ‏رؤية (( مؤنسنة )) لتلك الشخصية الغريبة والمعقدة ايضا ، وهذا بعكس من يطرح ‏الشخصية الابليسية على اساس انها مخلوق غيبي او اسطوري فحسب وهذا هو ‏الفرق الجوهري لاختلاف الرؤى الفكرية لهذه المدارس المتعددة والتي تريد ان تجيب ‏وتلامس وتبحث وتناقش هذه الزواية من قصة ابليس الغريبة : ‏ماهو ابليس ؟.‏من هو ابليس ؟.‏ماعلاقته بالانسان ؟.‏ماعلاقة الانسان به ؟.‏ماهي حدود سلطان وهيمنة ابليس السلطوية على الوجود الانساني ؟.‏لماذا خلق ابليس ؟.‏وهل لابليس ابليس يغويه ؟.‏لماذا فتحت ساحة المعركة بين ابليس والانسان ؟.‏كيف يفكر ابليس ؟.‏واين تكمن مشكلة ابليس مع خالقه من جهة ومع الانسان من جهة اخرى ؟.‏هل مشكلته فكرية عقدية ام سلوكية عملية ؟.‏ولماذا هذه القسوة الالهية بطرد ابليس من الرحمة مطلقا ؟.‏لماذا عندما يعترض ب(( انا خير منه )) ابليس يطرد من الرحمة وعندما تعترض ‏الملائكة ب (( اتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء )) لاتعاقب بنفس القسوة والطرد ‏؟.‏ماهو فضل الانسان الطيني على ابليس الناري ؟.‏هل فكرة ابليس نافعة ومفيدة للانسان ؟.‏أم هي مضرة ومشاغبة على الوجود الانساني ؟.‏هل يوجد ابليس فعلا ؟.‏ام هي مجرد فكرة خيالية خلقها الانسان ليرمي عليها شروره الواقعية ؟.‏هذه المحاور من الاسألة وغيرها تجيب عليها الرؤية القرءانية باسلوب لايوجد له ‏نظيرا في عالم الفكر الانساني ، لتضيف هذه الرؤية بعدا جديدا من ابعاد الوجود ‏الانساني المعنوي والذي يبني الجدارية الروحية الخلفية لحياة الانسان وهي تتصارع ‏مع عالمي الخير والشر داخل النفس الانسانية هذه ‏‏