كيف خلق ابليس ؟.وماعلاقته مع الانسان وماعلاقة الانسان معه ؟.عندما نفكر جميعا بعلاقة تقوم بين شيئين في عالمنا الانساني ، فاننا وبلا شعور متردد نرى ان هناك عملية تقابل تقوم طبيعيا لهذه العلاقة المراد رصد فعالياتها في هذه الحياة ، فهنا نحن امام مكانين ، ووجودين ، وحركتين .
هما من قاما بعملية انشاء تلك العلاقة المراد معرفتها هنا ، ومن ثم وبعد ذالك ومن خلال ردات فعل كلا الطرفين نفهم ماهية هذه العلاقة وهل هي علاقة سلبية او ايجابية .. متجانسة او متنافرة ،.. متناسقة او متضاربة ..... الخ ، وهذا كله نراه في حياتنا الانسانية وحسب قوانينها الكونية والطبيعية !.لكن الامر مختلف نوعا ما في (( عالم الامر والخلقة )) الالهية المقدسة كما يسميه المتدينون القائم على قانون (( كن فيكون )) الكلي ، حيث لا توجد هناك تراتبية في الخلق ، ولاتقابلية حركية في علاقات الاشياء مع بعضها والبعض الاخر ، وليس هناك عوامل ونواميس العالم الانساني الذي ندركه نحن البسطاء من بني ادم ، بل هناك (( علاقة الوجود )) المباشر التي لاتبنى على الحركة بقدر بناءها على الوجود الخلقي نفسه هذاوالذي يبلور عملية تسمى علاقة فيما بعد !؟.نعم تحدد علاقات اشياء العالم الخلقية في عالم الامر والخلقة الالهيين بمجرد وجودها بقانون (( كن )) لتأخذ الاشياء صفاتها مباشرة من وجودها الفعلي الذي يعطيها هذا الوجود ماهيتها وقابليتها وامكانياتها وعلاقاتها ...... مع الاخر الخلقي الذي يتميز بنفس الصفات هنا ، وليكون نفس الوجود هو هو الماهية بنفس اللحظة والهوية بنفس الوجود ، فالانسان وبمجرد وجوده الخلقي اكتسب هويته بالاضافة الى علاقاته مع الاشياء الخلقية الاخرى ، وكذا باقي مخلوقات العالم الالهي العظيم من ارض وسماء وجماد وحيوان وشيطان وملائكة ..... ومالاتعلمون ؟.في الفلسفة الوجودية (( لسارتر وغيره )) تدرّس موضوعة الوجود والماهية للانسان وليطرح فيما بعد سؤال : هل الوجود الانساني هو من يخلق الماهية (( الهوية )) الانسانية ؟.أم ان الماهية الانسانية سابقة للوجود الانساني وراسمة لملامحه وصفاته في هذا العالم وما وجوده الا حركة ماشية على خطة الماهية هذه ؟.انه موضوع مختلف مما نحن بصدده لكنه متأثر بموضوعنا الاصلي الذي اشرنا اليه في اختلاف القوانين بين ماهو الاهي وما هو عالمي انساني ، ولكنه يبقى في نفس الرؤية التي ينبغي ان توضح بين ان يكون وجود الشيئ هو هو نفس ماهيته ، وبين ان يخلق الشيئ وبعد فترة من الحركة والتطور تتبلور لديه الماهية والهوية والعلاقة !.على اي حال : الرؤية الاسلامية وباعتبار ان عظمتها انها فكرة الاهية (( تتناول عالم الامر والخلقة الاعلى في جانب من رؤيتها الكونية )) مصاغة بلغة وقانون انساني ، تقول : ان العالم يخلق كدفعة واحدة بالقانون الموجود بين هذه ال ( ك .. و .. ن )) سماء وارض وانسان وابليس وملائكة وحيوان ...... ومالاتعلمون ، وفي لحظة الوجود هذه اخذ كل وجود موقعه من الماهية تماما وترتبت جميع علائق الخلقة (( بواحدة كلمح بالبصر )) لتكون علاقة وجود ارض وسماء بانسان على اساس (( التسخير: فقال لها وللارض أئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين / 11/ فصلت )) ولتكون علاقة ملائكة بادم (( اتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ..)) وتكون علاقة ابليس بانسان (( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) وهكذا باقي اعضاء المجموعة الخلقية العالمية الاخرى بالنسبة لوجودها وبالنسبة لعلاقات بعضها مع البعض الاخر ، وكل هذه الصورة قدمت لنا من خلال النص القرءاني المخاطب للعقل البشري حسب قوانينه الفكرية والنفسية والانسانية ، لتترتب امام الانسان هذه الرؤية القرءانية بشكل يفهم حيثياتها العلمية بصورة غير مهيئ لها اي شيئ اخر غير القرءان الكريم ونصه المقدس العظيم هذا !.اذن : العلاقة التي يتحدث عنها القرءان بلغة الانسان وقانونه العالمي بين ابليس والملائكة والانسان والارض والسماء ....الخ ، كل هذه وغيرها هي اتت على مبدأ (( الوجود )) ولم تأتي على اسس ومبادئ وميكانيكة الطبيعة والكون وتراتبيته الزمانية المعروفة لدينا وهذه نقطة جوهرية لفهم عملية الخلق العامة وكيفية ابتدائها الفعلي ، ولنبتعد بعد ذالك في رؤيتنا للمشروع الخلقي او لنتخلص من الاغلال القانونية التي تفرض على تصوراتنا نوع الحركة والمكانية التي تسيطر على انماط تفكيرنا الطبيعية في هذه الحياة الانسانية ، فنحن هنا امام عالم مختلف عندما نريد التقاط لحظة الخلق الاولى للاشياء العالمية ، لندرك من خلال الرؤية القرءانية : ان لاتراتبية مطلقا في العملية الخلقية الكونية الاولى ، بل هناك (( دفعة )) موحدة (( سميه عملية انفجار خلقي ليقترب المعنى لذهني وذهنك الانساني البطيئ )) هي التي ساهمت في ايجاد العالم ككتلة موحدة من الخلق تضم داخل لوحتها كل الاسماء القرءانية المذكورة انفا من انسان الى سماء ومن ملائكة الى شيطان ومن ارض الى حيوان ....الخ !.ان فهمنا جميعا هذه الرؤية ادركنا (( كيفية )) خلق ابليس وباقي الاشياء العالمية الاخرى مضافا اليها نوع العلاقة التي ترتبت تلقائيا على هذا الوجود الكلي فيما بين المخلوقات بعضها مع البعض الاخر !.صحيح : عندما يسرد لنا القرءان الكريم عملية الخلق الاولى فانه يتحدث بلغتنا الانسانية وحسب مفهومنا الزماني والمكاني لنقرأ كل المشهد الخلقي على اساس لا تنفر منه الذاكرة والعقل البشري ، ومن بعد ذالك تطرح الرؤية القرءانية العملية بشكلها التراتبي الذي يضمن وضوح الصورة للانسان الخليفة من جهة ، وبلورة القصة الى مشاهد مؤنسنة يستطيع الانسان الاستفادة منها اجتماعيا وانسانيا ايضا ، لذالك جاءت لغة الايام في خلق السموات والارض :(( فقضهن سبع سموات في يومين ...)) و :(( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين ...)) الخ . على اعتبار تقريب وانسنة عملية الخلق الاولى التي تحرق عامل الزمان تماما بسرعة مذهلة (( كلمح بالبصر )) ليصبح يوم العالم الامري الخلقي :(( ويوم عند ربك بالف سنة مما تعدون )) وقوله سبحانه :(( ويوم عند ربك بخمسين الف سنة مما تعدون )) فافهم ذالك بوضوح ليتسنى لك فهم الفاصله بين هذا العالم الامري الخلقي المختلف بكلية قانونه الضوئي ، وبين فاصلة (( فاهبطوا منها جميعا / قرءان كريم )) التي فصلت الانسان والارض والسماء وابليس والحيوان .... وباقي الاشياء العالمية عن ذالك العالم الى عالمنا الانساني المعاش التي تتحكم فيه قوانين الزمان والمكان ويوم الاربعة والعشرين ساعة المحدودة هذه !.ان الكثير منا ربما يتساءل عن سر التشنج المبكر في العلاقة الادمية الانسانية من جهة والعلاقة الابليسية الشيطانية من جهة اخرى وحسب ماتطرحه الرؤية القرءانية بالخصوص ، وليقول : لماذا وبمجرد وجود هذا الانسان في العالم انهالت عليه النظرات السلبية من اكثر من جانب ، وليتهم من الوجود الملائكي انه مخلوق (( فاسد وسفاك دماء )) وليعترض عليه من الوجود الابليسي انه انسان (( طيني )) لاخير فيه ولاميزة تذكر ليوجد بهذه الصفة ؟.ولماذا عندما أتت الحكومة الالهية على هذه العلاقة كان نصيب ابليس الطرد واللعن والغضب الالهي المطلق عليه ، بينما رأينا الكيفية التي اتى بها الحكم الالهي حنونا على اسألة الملائكة حول الوجود الانساني هنا ؟.ان العلاقة التي قامت بين ابليس والانسان بصورة خاصة وكما ذكرناه انفا ، هي ليست علاقة حركة ، وانما انحصرت فقط بعلاقة الوجود اي ان وجود الكائن المسمى انسانا ، وتزامنه اللحظي الكلي مع الوجود الابليسي الشيطاني بلور العلاقة الجوهرية على اساس الرفض المطلق من قبل ابليس للمخلوق الاخر المسمى ادم او انسان ، فكانت الذاتية والجوهرية الابليسية وبخلقتها الاصلية (( النارية )) جوهرية وذاتية بالنقيض تماما مع جوهرية وذاتية المخلوق الاخر المسمى انسانا ، فانتجت هذه الضدية الذاتية علاقة :(( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) اما العلاقة التي رسمها الوجود الملائكي مع الوجود الانساني فكانت علاقة وظيفية وليست علاقة ذاتية ، لذالك جاءت العلاقة ليست تقريرية حكميا متنافرة ..، بل جاءت تساءلية استفهامية استشعارية تعارفية تقاربية بين الملائكة والمخلوق المسمى انسانا :(( قال اني جاعل في الارض خليفة ، قالوا اتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ونحن بهذا السؤال نسبح بحمدك ونقدس لك ..)) عند هذا تبينت ملامح العلاقة الاولية بين الانسان من جهة وبين باقي الموجودات الكونية من الجهة الاخرى ، علاقة توتر ورفض ومناقضة شديدة بين الوجود الابليسي الشيطاني من جهة والوجود الانساني من الجهة الاخرة ، وعلاقة تعارف واستفهام وتسخير وتجاوب .... بين الوجود الانساني وباقي الوجود الكوني والعالمي من الجهة الاخرى !.انها علاقة يبنيها وجود الشيئ وليس حركته وردة فعله كما نحن نألفه في عالمنا الانساني المعاش هنا في عالم الميكانيكة والطبيعة والزمان والمكان والقانون !.انها علاقة رسمتها يد الخلقة الالهية في لحظة ايجاد العالم الكلي ، عندما قررت ان ترسم لوحة يكون الانسان سيد الوانها الرحمانية وليكون الاخر العالمي جزءا متمما لهذا الوجود الخلقي الكامل !.نعم : يعرف جميع المؤمنين بالاسلام والقرءان ان لله سبحانه الخالق المبدع صفات كمالية لاتحصى ولاتعد لهذا الاله الكامل ، لكنهم ايضا يعرفون ان لهذا الاله العظيم تسع وتسعين صفة هذه لتقريب المعنى الى الذهن البشري فحسب كانت ولم تزل هي صفاته الكمالية والجمالية ...الخ ، ومن خلالها نتعرف بشيئ بسيط على صفات خالقنا العظيم سبحانه وتعالى ، ومن ثم ندرك مفاهيم ان يكون (( خالقا )) على اساس ان وجوده المقدس هو الخلق والابداع والانشاء والعطاء والفيض الاكثر من كثير ، وعليه فعندما اتساءل عن خالقي ب : لماذا هو يخلق هذا ؟. فانني ادرك ضآلة تفكيري وسذاجته عندما تخبرني صفته (( الخالق )) بانه هو الخالق ولو لم يخلق لما استحق صفة الخالق هذه !.تمام : ان الله سبحانه وجوده فيض وعطاء وخلق دائم ودائم ولحظي وكلي ....الخ ، وكما ان عالمي الانساني هذا المكون من العالم الكلي هو جزء بسيط جدا من عملية الخلق والانشاء والابداع الالهية الغير منتهية او محدودة الزمان والمكان ، كذالك خلق عالمي هو قطرة وربما اصغر في بحر وربما اكبر خلق الله سبحانه وتعالى لما لانعلم من خلق واسع وواسع جدا !؟.هذه الصفات الالهية المقدسة والتي يحدثنا عنها القرءان هي هوية تعارف بين الله سبحانه والانسان ، كما انها وبنفس اللحظة الوان اللوحة الخلقية العامة ، فصفة العلم والتنزيه هي لون الملائكة ، وصفة الرحمة والرأفة والعفو هي لون الانسان ، وصفة الغضب والانتقام والشدة هي لون ابليس الشيطاني !.بكل تأكيد ان ابليس خلقا من مخلوقات الله سبحانه وتعالى ، ولكن بكل تأكيد ايضا ان هذا المخلوق رسم وجوده بريشة صفة الغضب والانتقام والشدة ... وباقي الصفات الالهية الجبارة والجليلة ، ليصبح وجود ابليس بحد ذاته وجوهريته الحيوية هي القسوة والتكبر والتمرد والغضب والانتقام ، مما انعكس بعلاقة لاتوافقية مع المخلوق الطيني الانساني الذي وجد من فوهات صفات الله سبحانه الرحمانية الرؤفة الرحيمة العفوة التائبة .... وباقي صفات الجمال والرحمة الالهية ، وهنا لابد من الاستنتاج ان العلاقة الابليسية الانسانية ستؤول حتما الى التناقض والندية والتوتر فيما بين ذاتية الصفات الالهية الرحمانية التي انتجت الانسان مع صفات الذات المقدسة الغضبية والانتقامية التي انتجت ابليس الشيطان ، والله سبحانه مع انه الرحمان الرحيم الا انه وبنفس اللحظة المنتقم الجبار سبحانه والذي يعاقب بالنار الابليسية الحارقة !؟.يذكر في علم العرفان الاسلامي ، ان الانسان الذي يتخذ الشيطان ابليس وليّا من دون الله سبحانه لايحتاج الى عقاب ليعذبه ولكن كفاية جدا عليه العذاب الذي يشعر به وهو مع علاقة مع ابليس الشيطاني هذا باعتبار ان وجود ابليس نفسه هو حالة تعذيب للانسان مستمرة او هو ممارسه فعلية لغضب الله وانتقامه على الانسان بمجرد ولايته للشيطان ، وهذا صحيح !.كذا عندما يغضب الله على المخلوق الابليسي المخلوق هو بالاساس من صفة الغضب والانتقام الالهي ، فماهي العملية الا غضب على غضب وانتقام على انتقام ، وليست هي عملية غضب على رحمة او انتقام على علم ونظافة ، وهنا تتبين ربما الصورة لفهم الاتي :ان ابليس خلق بوجود قابل ومستقبل للطرد واللعن والغضب والانتقام منه ، لتعتدل كفة الميزان في لوحة الخلقة الكونية ، وما وجوده الا غضب محض وانتقام صافي وتكبر جوهري وذاتي ووجودي فحسب ، لذا كانت الحكومة الالهية بالطرد عادلة تماما عندما حكمت على المخلوق الناري ابليس بالطرد المطلق من الرحمة الالهية ، باعتبار انها حاكمت الجوهر والوجود والذات الابليسية المتمردة التي ليست لوجودها اصلاح يرتجى ، وهذا بعكس الحكومة الالهية على تساؤل الملائكة واستفهامهم عن الانسان في (( اتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء )) !؟.تمام : ان خلقة وجود الانسان اثارت الوجود الابليسي وابرزت كل صفاته وماهيته الوجودية لتتبلور بشكل عدم انصياعه للامر الالهي بالسجود لادم عندما قال الله سبحانه :(( واذ قال ربك للملئكة اني خالق بشرا من صلصل من حمأ مسنون ، فأذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ، فسجد الملئكة كلهم اجمعون ، الا ابليس أبى أن يكون مع الساجدين ، قال ياابليس مالك ألاتكون مع الساجدين ، قال لم أكن لآسجد لبشر خلقته من صلصل من حماء مسنون ، قال فاخرج منها فانك رجيم .../ قرءان كريم ))هي الذاتية والوجود ..، الخلقة والكيان الابليسي لاتسمح له لاتقبل منه ان يسجد لادم يحيه يرحب به ، او يقيم العلاقة التوافقية معه :(( لم أكن لاسجد لبشر خلقته من صلصل من حمأ مسنون )) لم يكن ليفكر او لم يكن ليستطيع ان يغير وجوده الغضبي المتكبر بان يسجد لبشر او ليرحب به او ليحيه في وجوده الجديد الانساني ، مع ان الكون كله والعالم برمته حيا بعضه البعض بميلاد خلق جديد اسمه العالم والانسان والملائكة والارض وابليس والارض والسماء .... ولكنه ومع ذالك انفردت الذاتية الوجودية لابليس بان لاتتوافق مع مخلوقات العالم الجديد لاسيما ادم او الانسان الطيني الذي يبدو ان عنصره لم يكن ليعجب ذوق ابليس وفاعليته الطينية المسنونة اذت من الوجود الابليسي هذا ؟.شيئ جميل جدا ان تطرد صفة الانتقام والغضب والتكبر والحقد من الخلقة العالمية اليس كذالك ؟.ولكن طرد هذه الصفات المرعبة لايعني الغاء وجودها من العالم ، ونعم ربما يكفي ان نحذر من هذه الصفات وندعى الى اجتناب الوقوع في شباكها ، ونؤمن ان (( التكبر رداء الله سبحانه ملعون من لبسه غير الله تعالى )) باعتبار ان الدعوة الى التواضع هي دعوة الى التوافق بين مخلوقات العالم الكونية ، والله سبحانه خلق العالم ليتوافق ويتعايش ويتجانس ويتخادم ويتحاب ... فيما بينه والبن الاخر ، اما ان وجد مخلوق يعشق صفة التمرد ويمارس لعبة التكبر على المخلوقات الاخرى التي لاتفرق عن خلقته شيئ ، فنحن مدعوون جميعا لطرد هذا المخلوق ولعنه ورجمه كي لايفسد علينا مملكة التاخي والتوافق العالمية هذه ؟.ان علاقة الانسان وكما يرسمها القرءان الكريم مع الاخر الكوني والعالمي ، باستثناء ابليس الشيطاني المعقد كانت علاقة ودية وسلسة وتوافقية ، وسرعان ما انعكس وجود الانسان على الوجود الكوني والعالمي الاخر بصورة ايجابية تماما ، وحتى العلاقة الابتدائية التي رسمت لنا قرءانيا على اساس انها استفهام ملائكي (( اتجعل فيها من يفسد ...)) حتى هذه سرعان ما تحولت الى علاقة ودية تماما عندما اكد الخالق سبحانه وتعالى للملائكة : ان الانسان هذا وجد بضميمةانه يملك (( الاسماء كلها )) ولم يحلق مجردا بنزواته وصفاته الضعيفة كي يماري الفساد وسفك الدماء على طول الخط !.لا ... انما الانسان بوجوده الجيد يصبح جيدا ورحمانيا وفاعلا عندما يلتزن بخطة العمل المخلوقة معه من شرائع واتباع للرسل والانبياء والائمة والكتب والشرائع السماوية ، عندئذ يكون الانسان بدلا من ان يكون مفسدا يكون مصلحا ، وبدلا من ان يكون قاتلا يكون محييا للنفس والارض والسماء ومعمرا للعالم ، وصحيح عندما نأخذ الوجود الانساني منفصلا عن وجوده الشرعي القرءاني الارشادي الاخلاقي المحمدي العلوي .....الخ يكون وجودا اجراميا مفسدا ، اما ان اخذنا وجود الانسان مع الاسماء التي علمها الله له واكتسبها بمجهوده الانساني عندئذ سيكون وجود الانسان عظيما حقا ، وهنا تبلورت العلاقة الملائكية مع الانسان بعد فهم هذه الحقيقة الانسانية بقولهم (( سبحانك لاعلم لنا الا ماعلمتنا انك انت العليم الحكيم )) والفرق ضوئي بين (( انا خير منه )) وبين (( فسجد الملاءكة كلهم اجمعون )) بلا ادنى تردد من الخلقة او الفطرة او الوجود القابل للطاعة الالهية والتعايش السلمي مع العالم بكل ودية !.الخلاصة : هي ان العلاقة التي اقيمت بين ابليس اللعين من جهة وبين الله سبحانه والانسان من جهة اخرى ، علاقة خلقها الوجود الذاتي لهذا المخلوق المعقد المسمى ابليس والمخلوق البسيط المسمى انسانا ، وبالتاكيد نحن نفهم مغزى الروايات والنصوص التي تؤنسن هذه العلاقة لترتقي بها الى نوع من الحكاية الاجتماعية لتصبح درسا من ضمن الدروس الكثيرة التي يستفيد منها الانسان في حياته الفردية والاسرية والاجتماعية هذه ، كالتي تروى لعبادة ابليس لالاف من السنين ووصوله الى مرتبة الملائكة في العبادة وغير ذالك الكثير ، ولكننا نفهم من خلال رؤيتنا المتواضعة هذه ان الحكاية اعمق من ذالك وانها ترجع بجذورها الى لغة الوجود اكثر من رجوعها الى لغة الاجتماع الانساني لذا تقرر ان نرى الزاوية الفعلية للعملية الخلقية وليست الزاوية الاجتماعية الانسانية المؤنسنة فحسب والتي سوف ندخل اليها بسؤال : ماهي الخطيئة التي تضمنت مقولة ابليس العلائقية مع ادم في قوله :(( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) ؟.وسوف نتناول محاور عشرة انشاء الله تعالى تدلل على فساد عقيدة هذا المخلوق المسمى ابليس وفساد وجوده وفساد نظرته وعدم قابلية انسجامها واتلافها مع الوجود الكوني والعالمي ككل ، لنصل الى نتيجة : ان من عظم رحمة الله بالعالم والانسان انه طرد ولعن ابليس تماما وجعله من المرجومين الى الابد !.
هما من قاما بعملية انشاء تلك العلاقة المراد معرفتها هنا ، ومن ثم وبعد ذالك ومن خلال ردات فعل كلا الطرفين نفهم ماهية هذه العلاقة وهل هي علاقة سلبية او ايجابية .. متجانسة او متنافرة ،.. متناسقة او متضاربة ..... الخ ، وهذا كله نراه في حياتنا الانسانية وحسب قوانينها الكونية والطبيعية !.لكن الامر مختلف نوعا ما في (( عالم الامر والخلقة )) الالهية المقدسة كما يسميه المتدينون القائم على قانون (( كن فيكون )) الكلي ، حيث لا توجد هناك تراتبية في الخلق ، ولاتقابلية حركية في علاقات الاشياء مع بعضها والبعض الاخر ، وليس هناك عوامل ونواميس العالم الانساني الذي ندركه نحن البسطاء من بني ادم ، بل هناك (( علاقة الوجود )) المباشر التي لاتبنى على الحركة بقدر بناءها على الوجود الخلقي نفسه هذاوالذي يبلور عملية تسمى علاقة فيما بعد !؟.نعم تحدد علاقات اشياء العالم الخلقية في عالم الامر والخلقة الالهيين بمجرد وجودها بقانون (( كن )) لتأخذ الاشياء صفاتها مباشرة من وجودها الفعلي الذي يعطيها هذا الوجود ماهيتها وقابليتها وامكانياتها وعلاقاتها ...... مع الاخر الخلقي الذي يتميز بنفس الصفات هنا ، وليكون نفس الوجود هو هو الماهية بنفس اللحظة والهوية بنفس الوجود ، فالانسان وبمجرد وجوده الخلقي اكتسب هويته بالاضافة الى علاقاته مع الاشياء الخلقية الاخرى ، وكذا باقي مخلوقات العالم الالهي العظيم من ارض وسماء وجماد وحيوان وشيطان وملائكة ..... ومالاتعلمون ؟.في الفلسفة الوجودية (( لسارتر وغيره )) تدرّس موضوعة الوجود والماهية للانسان وليطرح فيما بعد سؤال : هل الوجود الانساني هو من يخلق الماهية (( الهوية )) الانسانية ؟.أم ان الماهية الانسانية سابقة للوجود الانساني وراسمة لملامحه وصفاته في هذا العالم وما وجوده الا حركة ماشية على خطة الماهية هذه ؟.انه موضوع مختلف مما نحن بصدده لكنه متأثر بموضوعنا الاصلي الذي اشرنا اليه في اختلاف القوانين بين ماهو الاهي وما هو عالمي انساني ، ولكنه يبقى في نفس الرؤية التي ينبغي ان توضح بين ان يكون وجود الشيئ هو هو نفس ماهيته ، وبين ان يخلق الشيئ وبعد فترة من الحركة والتطور تتبلور لديه الماهية والهوية والعلاقة !.على اي حال : الرؤية الاسلامية وباعتبار ان عظمتها انها فكرة الاهية (( تتناول عالم الامر والخلقة الاعلى في جانب من رؤيتها الكونية )) مصاغة بلغة وقانون انساني ، تقول : ان العالم يخلق كدفعة واحدة بالقانون الموجود بين هذه ال ( ك .. و .. ن )) سماء وارض وانسان وابليس وملائكة وحيوان ...... ومالاتعلمون ، وفي لحظة الوجود هذه اخذ كل وجود موقعه من الماهية تماما وترتبت جميع علائق الخلقة (( بواحدة كلمح بالبصر )) لتكون علاقة وجود ارض وسماء بانسان على اساس (( التسخير: فقال لها وللارض أئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين / 11/ فصلت )) ولتكون علاقة ملائكة بادم (( اتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ..)) وتكون علاقة ابليس بانسان (( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) وهكذا باقي اعضاء المجموعة الخلقية العالمية الاخرى بالنسبة لوجودها وبالنسبة لعلاقات بعضها مع البعض الاخر ، وكل هذه الصورة قدمت لنا من خلال النص القرءاني المخاطب للعقل البشري حسب قوانينه الفكرية والنفسية والانسانية ، لتترتب امام الانسان هذه الرؤية القرءانية بشكل يفهم حيثياتها العلمية بصورة غير مهيئ لها اي شيئ اخر غير القرءان الكريم ونصه المقدس العظيم هذا !.اذن : العلاقة التي يتحدث عنها القرءان بلغة الانسان وقانونه العالمي بين ابليس والملائكة والانسان والارض والسماء ....الخ ، كل هذه وغيرها هي اتت على مبدأ (( الوجود )) ولم تأتي على اسس ومبادئ وميكانيكة الطبيعة والكون وتراتبيته الزمانية المعروفة لدينا وهذه نقطة جوهرية لفهم عملية الخلق العامة وكيفية ابتدائها الفعلي ، ولنبتعد بعد ذالك في رؤيتنا للمشروع الخلقي او لنتخلص من الاغلال القانونية التي تفرض على تصوراتنا نوع الحركة والمكانية التي تسيطر على انماط تفكيرنا الطبيعية في هذه الحياة الانسانية ، فنحن هنا امام عالم مختلف عندما نريد التقاط لحظة الخلق الاولى للاشياء العالمية ، لندرك من خلال الرؤية القرءانية : ان لاتراتبية مطلقا في العملية الخلقية الكونية الاولى ، بل هناك (( دفعة )) موحدة (( سميه عملية انفجار خلقي ليقترب المعنى لذهني وذهنك الانساني البطيئ )) هي التي ساهمت في ايجاد العالم ككتلة موحدة من الخلق تضم داخل لوحتها كل الاسماء القرءانية المذكورة انفا من انسان الى سماء ومن ملائكة الى شيطان ومن ارض الى حيوان ....الخ !.ان فهمنا جميعا هذه الرؤية ادركنا (( كيفية )) خلق ابليس وباقي الاشياء العالمية الاخرى مضافا اليها نوع العلاقة التي ترتبت تلقائيا على هذا الوجود الكلي فيما بين المخلوقات بعضها مع البعض الاخر !.صحيح : عندما يسرد لنا القرءان الكريم عملية الخلق الاولى فانه يتحدث بلغتنا الانسانية وحسب مفهومنا الزماني والمكاني لنقرأ كل المشهد الخلقي على اساس لا تنفر منه الذاكرة والعقل البشري ، ومن بعد ذالك تطرح الرؤية القرءانية العملية بشكلها التراتبي الذي يضمن وضوح الصورة للانسان الخليفة من جهة ، وبلورة القصة الى مشاهد مؤنسنة يستطيع الانسان الاستفادة منها اجتماعيا وانسانيا ايضا ، لذالك جاءت لغة الايام في خلق السموات والارض :(( فقضهن سبع سموات في يومين ...)) و :(( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين ...)) الخ . على اعتبار تقريب وانسنة عملية الخلق الاولى التي تحرق عامل الزمان تماما بسرعة مذهلة (( كلمح بالبصر )) ليصبح يوم العالم الامري الخلقي :(( ويوم عند ربك بالف سنة مما تعدون )) وقوله سبحانه :(( ويوم عند ربك بخمسين الف سنة مما تعدون )) فافهم ذالك بوضوح ليتسنى لك فهم الفاصله بين هذا العالم الامري الخلقي المختلف بكلية قانونه الضوئي ، وبين فاصلة (( فاهبطوا منها جميعا / قرءان كريم )) التي فصلت الانسان والارض والسماء وابليس والحيوان .... وباقي الاشياء العالمية عن ذالك العالم الى عالمنا الانساني المعاش التي تتحكم فيه قوانين الزمان والمكان ويوم الاربعة والعشرين ساعة المحدودة هذه !.ان الكثير منا ربما يتساءل عن سر التشنج المبكر في العلاقة الادمية الانسانية من جهة والعلاقة الابليسية الشيطانية من جهة اخرى وحسب ماتطرحه الرؤية القرءانية بالخصوص ، وليقول : لماذا وبمجرد وجود هذا الانسان في العالم انهالت عليه النظرات السلبية من اكثر من جانب ، وليتهم من الوجود الملائكي انه مخلوق (( فاسد وسفاك دماء )) وليعترض عليه من الوجود الابليسي انه انسان (( طيني )) لاخير فيه ولاميزة تذكر ليوجد بهذه الصفة ؟.ولماذا عندما أتت الحكومة الالهية على هذه العلاقة كان نصيب ابليس الطرد واللعن والغضب الالهي المطلق عليه ، بينما رأينا الكيفية التي اتى بها الحكم الالهي حنونا على اسألة الملائكة حول الوجود الانساني هنا ؟.ان العلاقة التي قامت بين ابليس والانسان بصورة خاصة وكما ذكرناه انفا ، هي ليست علاقة حركة ، وانما انحصرت فقط بعلاقة الوجود اي ان وجود الكائن المسمى انسانا ، وتزامنه اللحظي الكلي مع الوجود الابليسي الشيطاني بلور العلاقة الجوهرية على اساس الرفض المطلق من قبل ابليس للمخلوق الاخر المسمى ادم او انسان ، فكانت الذاتية والجوهرية الابليسية وبخلقتها الاصلية (( النارية )) جوهرية وذاتية بالنقيض تماما مع جوهرية وذاتية المخلوق الاخر المسمى انسانا ، فانتجت هذه الضدية الذاتية علاقة :(( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) اما العلاقة التي رسمها الوجود الملائكي مع الوجود الانساني فكانت علاقة وظيفية وليست علاقة ذاتية ، لذالك جاءت العلاقة ليست تقريرية حكميا متنافرة ..، بل جاءت تساءلية استفهامية استشعارية تعارفية تقاربية بين الملائكة والمخلوق المسمى انسانا :(( قال اني جاعل في الارض خليفة ، قالوا اتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ونحن بهذا السؤال نسبح بحمدك ونقدس لك ..)) عند هذا تبينت ملامح العلاقة الاولية بين الانسان من جهة وبين باقي الموجودات الكونية من الجهة الاخرى ، علاقة توتر ورفض ومناقضة شديدة بين الوجود الابليسي الشيطاني من جهة والوجود الانساني من الجهة الاخرة ، وعلاقة تعارف واستفهام وتسخير وتجاوب .... بين الوجود الانساني وباقي الوجود الكوني والعالمي من الجهة الاخرى !.انها علاقة يبنيها وجود الشيئ وليس حركته وردة فعله كما نحن نألفه في عالمنا الانساني المعاش هنا في عالم الميكانيكة والطبيعة والزمان والمكان والقانون !.انها علاقة رسمتها يد الخلقة الالهية في لحظة ايجاد العالم الكلي ، عندما قررت ان ترسم لوحة يكون الانسان سيد الوانها الرحمانية وليكون الاخر العالمي جزءا متمما لهذا الوجود الخلقي الكامل !.نعم : يعرف جميع المؤمنين بالاسلام والقرءان ان لله سبحانه الخالق المبدع صفات كمالية لاتحصى ولاتعد لهذا الاله الكامل ، لكنهم ايضا يعرفون ان لهذا الاله العظيم تسع وتسعين صفة هذه لتقريب المعنى الى الذهن البشري فحسب كانت ولم تزل هي صفاته الكمالية والجمالية ...الخ ، ومن خلالها نتعرف بشيئ بسيط على صفات خالقنا العظيم سبحانه وتعالى ، ومن ثم ندرك مفاهيم ان يكون (( خالقا )) على اساس ان وجوده المقدس هو الخلق والابداع والانشاء والعطاء والفيض الاكثر من كثير ، وعليه فعندما اتساءل عن خالقي ب : لماذا هو يخلق هذا ؟. فانني ادرك ضآلة تفكيري وسذاجته عندما تخبرني صفته (( الخالق )) بانه هو الخالق ولو لم يخلق لما استحق صفة الخالق هذه !.تمام : ان الله سبحانه وجوده فيض وعطاء وخلق دائم ودائم ولحظي وكلي ....الخ ، وكما ان عالمي الانساني هذا المكون من العالم الكلي هو جزء بسيط جدا من عملية الخلق والانشاء والابداع الالهية الغير منتهية او محدودة الزمان والمكان ، كذالك خلق عالمي هو قطرة وربما اصغر في بحر وربما اكبر خلق الله سبحانه وتعالى لما لانعلم من خلق واسع وواسع جدا !؟.هذه الصفات الالهية المقدسة والتي يحدثنا عنها القرءان هي هوية تعارف بين الله سبحانه والانسان ، كما انها وبنفس اللحظة الوان اللوحة الخلقية العامة ، فصفة العلم والتنزيه هي لون الملائكة ، وصفة الرحمة والرأفة والعفو هي لون الانسان ، وصفة الغضب والانتقام والشدة هي لون ابليس الشيطاني !.بكل تأكيد ان ابليس خلقا من مخلوقات الله سبحانه وتعالى ، ولكن بكل تأكيد ايضا ان هذا المخلوق رسم وجوده بريشة صفة الغضب والانتقام والشدة ... وباقي الصفات الالهية الجبارة والجليلة ، ليصبح وجود ابليس بحد ذاته وجوهريته الحيوية هي القسوة والتكبر والتمرد والغضب والانتقام ، مما انعكس بعلاقة لاتوافقية مع المخلوق الطيني الانساني الذي وجد من فوهات صفات الله سبحانه الرحمانية الرؤفة الرحيمة العفوة التائبة .... وباقي صفات الجمال والرحمة الالهية ، وهنا لابد من الاستنتاج ان العلاقة الابليسية الانسانية ستؤول حتما الى التناقض والندية والتوتر فيما بين ذاتية الصفات الالهية الرحمانية التي انتجت الانسان مع صفات الذات المقدسة الغضبية والانتقامية التي انتجت ابليس الشيطان ، والله سبحانه مع انه الرحمان الرحيم الا انه وبنفس اللحظة المنتقم الجبار سبحانه والذي يعاقب بالنار الابليسية الحارقة !؟.يذكر في علم العرفان الاسلامي ، ان الانسان الذي يتخذ الشيطان ابليس وليّا من دون الله سبحانه لايحتاج الى عقاب ليعذبه ولكن كفاية جدا عليه العذاب الذي يشعر به وهو مع علاقة مع ابليس الشيطاني هذا باعتبار ان وجود ابليس نفسه هو حالة تعذيب للانسان مستمرة او هو ممارسه فعلية لغضب الله وانتقامه على الانسان بمجرد ولايته للشيطان ، وهذا صحيح !.كذا عندما يغضب الله على المخلوق الابليسي المخلوق هو بالاساس من صفة الغضب والانتقام الالهي ، فماهي العملية الا غضب على غضب وانتقام على انتقام ، وليست هي عملية غضب على رحمة او انتقام على علم ونظافة ، وهنا تتبين ربما الصورة لفهم الاتي :ان ابليس خلق بوجود قابل ومستقبل للطرد واللعن والغضب والانتقام منه ، لتعتدل كفة الميزان في لوحة الخلقة الكونية ، وما وجوده الا غضب محض وانتقام صافي وتكبر جوهري وذاتي ووجودي فحسب ، لذا كانت الحكومة الالهية بالطرد عادلة تماما عندما حكمت على المخلوق الناري ابليس بالطرد المطلق من الرحمة الالهية ، باعتبار انها حاكمت الجوهر والوجود والذات الابليسية المتمردة التي ليست لوجودها اصلاح يرتجى ، وهذا بعكس الحكومة الالهية على تساؤل الملائكة واستفهامهم عن الانسان في (( اتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء )) !؟.تمام : ان خلقة وجود الانسان اثارت الوجود الابليسي وابرزت كل صفاته وماهيته الوجودية لتتبلور بشكل عدم انصياعه للامر الالهي بالسجود لادم عندما قال الله سبحانه :(( واذ قال ربك للملئكة اني خالق بشرا من صلصل من حمأ مسنون ، فأذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ، فسجد الملئكة كلهم اجمعون ، الا ابليس أبى أن يكون مع الساجدين ، قال ياابليس مالك ألاتكون مع الساجدين ، قال لم أكن لآسجد لبشر خلقته من صلصل من حماء مسنون ، قال فاخرج منها فانك رجيم .../ قرءان كريم ))هي الذاتية والوجود ..، الخلقة والكيان الابليسي لاتسمح له لاتقبل منه ان يسجد لادم يحيه يرحب به ، او يقيم العلاقة التوافقية معه :(( لم أكن لاسجد لبشر خلقته من صلصل من حمأ مسنون )) لم يكن ليفكر او لم يكن ليستطيع ان يغير وجوده الغضبي المتكبر بان يسجد لبشر او ليرحب به او ليحيه في وجوده الجديد الانساني ، مع ان الكون كله والعالم برمته حيا بعضه البعض بميلاد خلق جديد اسمه العالم والانسان والملائكة والارض وابليس والارض والسماء .... ولكنه ومع ذالك انفردت الذاتية الوجودية لابليس بان لاتتوافق مع مخلوقات العالم الجديد لاسيما ادم او الانسان الطيني الذي يبدو ان عنصره لم يكن ليعجب ذوق ابليس وفاعليته الطينية المسنونة اذت من الوجود الابليسي هذا ؟.شيئ جميل جدا ان تطرد صفة الانتقام والغضب والتكبر والحقد من الخلقة العالمية اليس كذالك ؟.ولكن طرد هذه الصفات المرعبة لايعني الغاء وجودها من العالم ، ونعم ربما يكفي ان نحذر من هذه الصفات وندعى الى اجتناب الوقوع في شباكها ، ونؤمن ان (( التكبر رداء الله سبحانه ملعون من لبسه غير الله تعالى )) باعتبار ان الدعوة الى التواضع هي دعوة الى التوافق بين مخلوقات العالم الكونية ، والله سبحانه خلق العالم ليتوافق ويتعايش ويتجانس ويتخادم ويتحاب ... فيما بينه والبن الاخر ، اما ان وجد مخلوق يعشق صفة التمرد ويمارس لعبة التكبر على المخلوقات الاخرى التي لاتفرق عن خلقته شيئ ، فنحن مدعوون جميعا لطرد هذا المخلوق ولعنه ورجمه كي لايفسد علينا مملكة التاخي والتوافق العالمية هذه ؟.ان علاقة الانسان وكما يرسمها القرءان الكريم مع الاخر الكوني والعالمي ، باستثناء ابليس الشيطاني المعقد كانت علاقة ودية وسلسة وتوافقية ، وسرعان ما انعكس وجود الانسان على الوجود الكوني والعالمي الاخر بصورة ايجابية تماما ، وحتى العلاقة الابتدائية التي رسمت لنا قرءانيا على اساس انها استفهام ملائكي (( اتجعل فيها من يفسد ...)) حتى هذه سرعان ما تحولت الى علاقة ودية تماما عندما اكد الخالق سبحانه وتعالى للملائكة : ان الانسان هذا وجد بضميمةانه يملك (( الاسماء كلها )) ولم يحلق مجردا بنزواته وصفاته الضعيفة كي يماري الفساد وسفك الدماء على طول الخط !.لا ... انما الانسان بوجوده الجيد يصبح جيدا ورحمانيا وفاعلا عندما يلتزن بخطة العمل المخلوقة معه من شرائع واتباع للرسل والانبياء والائمة والكتب والشرائع السماوية ، عندئذ يكون الانسان بدلا من ان يكون مفسدا يكون مصلحا ، وبدلا من ان يكون قاتلا يكون محييا للنفس والارض والسماء ومعمرا للعالم ، وصحيح عندما نأخذ الوجود الانساني منفصلا عن وجوده الشرعي القرءاني الارشادي الاخلاقي المحمدي العلوي .....الخ يكون وجودا اجراميا مفسدا ، اما ان اخذنا وجود الانسان مع الاسماء التي علمها الله له واكتسبها بمجهوده الانساني عندئذ سيكون وجود الانسان عظيما حقا ، وهنا تبلورت العلاقة الملائكية مع الانسان بعد فهم هذه الحقيقة الانسانية بقولهم (( سبحانك لاعلم لنا الا ماعلمتنا انك انت العليم الحكيم )) والفرق ضوئي بين (( انا خير منه )) وبين (( فسجد الملاءكة كلهم اجمعون )) بلا ادنى تردد من الخلقة او الفطرة او الوجود القابل للطاعة الالهية والتعايش السلمي مع العالم بكل ودية !.الخلاصة : هي ان العلاقة التي اقيمت بين ابليس اللعين من جهة وبين الله سبحانه والانسان من جهة اخرى ، علاقة خلقها الوجود الذاتي لهذا المخلوق المعقد المسمى ابليس والمخلوق البسيط المسمى انسانا ، وبالتاكيد نحن نفهم مغزى الروايات والنصوص التي تؤنسن هذه العلاقة لترتقي بها الى نوع من الحكاية الاجتماعية لتصبح درسا من ضمن الدروس الكثيرة التي يستفيد منها الانسان في حياته الفردية والاسرية والاجتماعية هذه ، كالتي تروى لعبادة ابليس لالاف من السنين ووصوله الى مرتبة الملائكة في العبادة وغير ذالك الكثير ، ولكننا نفهم من خلال رؤيتنا المتواضعة هذه ان الحكاية اعمق من ذالك وانها ترجع بجذورها الى لغة الوجود اكثر من رجوعها الى لغة الاجتماع الانساني لذا تقرر ان نرى الزاوية الفعلية للعملية الخلقية وليست الزاوية الاجتماعية الانسانية المؤنسنة فحسب والتي سوف ندخل اليها بسؤال : ماهي الخطيئة التي تضمنت مقولة ابليس العلائقية مع ادم في قوله :(( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) ؟.وسوف نتناول محاور عشرة انشاء الله تعالى تدلل على فساد عقيدة هذا المخلوق المسمى ابليس وفساد وجوده وفساد نظرته وعدم قابلية انسجامها واتلافها مع الوجود الكوني والعالمي ككل ، لنصل الى نتيجة : ان من عظم رحمة الله بالعالم والانسان انه طرد ولعن ابليس تماما وجعله من المرجومين الى الابد !.