الأربعاء، يناير 28، 2009

ابليس ذالك المخلوق المعقد ... رؤية قرءانية من اجل ثقافة دينية‏- الجزء الاخير : حميد الشاكر

(( قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ))‏حاولنا خلال البحث في المحاور السابقة التي تناولناها عن الشخصية المعقدة ابليس ‏ان نلامس اكثر من زاوية لمعرفة هذا الكائن
الغريب الذي يعيش معنا في كل لحظة ، ولكن بصورة لاتشعر فيه جميع حواسنا ‏المادية الظاهرة ، وكان ولم يزل مبتغانا من هذا التناول الفكري ان نصل الى حالة (( ‏المعرفة والتعرف )) على عدو الانسانية الاول ، في تركيبته الفكرية والنفسية ‏والروحية ، وكيفية تناوله للاشياء ورؤيته حول العالم والانسان .....الخ ، وذالك كله ‏كان منطلقا من ان هذه المعرفة للشخصية المعقدة ابليس من خلال الرؤية القرءانية ‏لاتقتصر مطلقا على اساس انها معرفة لشخصية اسطورية خيالية ، بقدر ماهي ‏معرفة يطرحها الفكر القرءاني على اساسها المؤنسن الذي يتبلور ليعيش كحالة ‏انسانية طبيعية تماما داخل الاجتماع الانساني ، ولهذا مثلّ ابليس في المنظومة ‏الفكرية القرءانية الوجه الاخر للعملة الانسانية مع وجه التقوى المقابل الى وجه ‏الفجور البشري :(( ونفس وماسواها فالهمها فجورها وتقواها ))‏ان شخصية بهذا الحجم من الخطورة العالمية على الانسان تستحق وبالفعل ان ‏نتناولها بصورة اعمق من ذالك بكثير ، ولكن وبما ان الشخصية الابليسية وخاصة ‏من خلال الطرح القرءاني العظيم شخصية ثرية جدا وواسعة بامتياز فكان من الصعب ‏الاحاطة بكل ملامحها الفكرية وزواياها النفسية والروحية والحركية ولكن مالايدرك ‏كله لايترك جله !؟.‏نعم تكون خطوة التعرف على ابليس الشيطاني هذا ، خطوة اولى في الاتجاه المعاكس ‏للرغبة او للكيانية او للوجود الابليسي كما يذكره لنا القرءان الكريم ، باعتبار ان ‏ابليس هذا من اهم ملامح شخصيته المعقدة هي (( التقوقع )) او التحرك في الظلام ‏وبخفية وبعيدا عن الانظار الانسانية الفكرية والنفسية وحتى المادية ، لذا هو ومن ‏اسمى صفاته حسب الطرح القرءاني انه (( الوسواس الخنّاس )) اي الذي يتحرك ‏بهدوء ويتجنب الظهور الى العيان الفكري والنفسي والمادي ، فهو خنّاس كملمح من ‏ملامح شخصيته الوجودية المعقدة التي تتسرب الى حياة الانسان بكل انسيابية ‏ولطافة ، وعنئذ تكون اي خطوة لاظهار الشخصية الابليسية الى العلن او فضح ‏تحركاتها الى العالم او الكتابة عنها الى الجمهور ... كل ذالك هو من اعدى اعداء ‏الشخصية الابليسية التي ركبت وجودها العملي على التخطيط بهدوء والعمل بسرية ‏للوصول الى اهدافها اللا نبيلة في النيل من الانسان الادمي مضافا الى هذا ان التعرف ‏على ملامح الشخصية الطاغوتية الابليسية الشيطانية سيساهم وبشكل مباشر الى ‏كشف الاعداد الحقيقية لجند هذا المخلوق المعقد وكوادره الحزبيه من البشر الذين ‏انخرطوا بارادتهم الفاسدة في المخطط العدواني لابليس الشرير في مقابلة الاجتماع ‏الانساني الذي رفض الانصياع لحكومة هذا الملعون واعوانه من الانس ايضا ؟.‏صحيح وحسب هذه الرؤية سنتعرف على الكثير من البشر الذين ومع الاسف ‏استهوتهم اللعبة الشيطانية ليبيعوا انسانيتهم لمخططات هذا الشرير الكبير ليصبحوا ‏من حزبه والسائرين في ركابه والمميزين بصفاته ومميزاته ، لنرى المستكبرين ‏والحاسدين والحاقدين والساعين والمتكبرين والمجرمين والسارقين والغادرين ‏والمستهزئين ....... الخ ، وكل هؤلاء وهم يهتفون بالموت للانسان والحياة للشيطان ‏‏:(( أستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألآ ان حزب ‏الشيطان هم الخسرون )) انها معرفة لكوادر حزبية تبدو انها عريضة !.‏وبعكس هذا من يدعونا الى الخوف من معرفة هذا المخلوق المعقد ، والاكتفاء ‏بالتعوذ بالله العظيم منه فحسب والغاء التفكر في كينونته من منطلق الخوف من ‏الانزلاق في مكائده الشريرة ، وكأن صاحب هذه الدعوة من غير ان يشعر او يدرك ‏يعين ويناصر المخطط الشيطاني الهادف الى تدعيم الشخصية الغامضة والبعيدة عن ‏الاضواء والمتحركة ب (( خنس )) شديد كي لايلتفت او ينتبه الانسان الى مواقع ‏حركته الخطرة جدا على مصير البشرية !.‏تمام ان من اخطر المهلكات الانسانية هو ان يلتفت الانسان عن ذكر عدوه في كل ‏لحظة ، او ان ينسى الانسان وجود عدوه في هذه الحياة !.‏في العادة فان رجال الدين يؤكدون على ضرورة ذكر الله سبحانه دائما وخطورة ان ‏ينسى الانسان ذكر ربه ولو للحظة ، وهذا صحيح تماما ، ولكنهم ومع الاسف ‏لايذكرون المعادلة كاملة في الشأن الديني او هم المتدينون يذكرون وجها واحدا ‏من العملة الدينية وينسون الوجه الاخر المتمم للعملية ، ونعم من الخطر جدا ان ‏يلتفت الانسان عن ذكر ربه او ينسى ذكر الوجود الالهي المقدس ولو للحظة واحدة ‏في حياته ، ولكن وبنفس المنزلة من الخطرية يكون نسيان الانسان لذكر وجود عدوه ‏او الالتفات وعدم الفطنة والانتباه لهذا الوجود الشيطاني الابليسي ايضا ، فان خطر ‏نسيان الله سبحانه للانسان هو وبنفس خطرية منزلة نسيان الانسان لعدوه الشيطاني ‏والمسألة فيها جدلية قائمة !.‏اذكر الله سبحانه كي تراقبه عن كثب بما يريد منك ان تعمله في هذه الحياة ، واذكر ‏ابليس في كل لحظة كي لاتدع نافذة مفتوحة في وجودك الانساني ليدخل منها ابليس ‏خلسة والى بيت الله القلبي ليعيث به فسادا وانت غافل عنه ؟.‏ان الغفلة هنا عن مكامن الشر الابليسية هي كالغفلة هناك عن اوامر الله سبحانه ‏العظيمة ، كما ان عدم الانتباه الى الله سبحانه هو وبنفس المشكلة الطريق الى دخول ‏ابليس على الخط ليستغل عدم ذكر الله كسبيل لدخول الشيطان الى النفس الانسانية ‏‏!؟.‏يقال ان من مكامن الضعف البشري الطبيعية انه انسان ، وقد سمي انسان لنسيانه ‏الكثير لاعداءه واحباءه مما يسبب له المشاكل الكثيرة والمتكررة ؟.‏ويقال ان ابليس الناري انتهج سياسة التحرك بالظلام لادراكه ان من مواصفات ‏الانسان الطبيعية السلبية انه ينسى كثيرا ، وقد نسى ادم من قبل عدوه لبرهة فكانت ‏الكارثة ، فهو لذاك ابليس شديد الحرص على عدم الظهور المتكرر في حياة ‏الانسان الفكرية والشعورية ، وهذه كآلية لينسى الانسان عدوه ابليس ولسيتغل فيما ‏بعد هذه الذاكرة الضعيفة ليوقع الانسان في مخططاته الشريرة ؟.‏الخلاصة : تذكر ايها الانسان دائما وفي كل حركة في حياتك المعاشة ان هناك ‏وجهتان لعملك هذا وجهة الاهية لاينبغي مطلقا ان تنساها ووجهة شيطانية ابليسية ‏من الخطر ان تغفل عنها !.‏