الأربعاء، يناير 28، 2009

ابليس ذالك المخلوق المعقد ... رؤية قرءانية من اجل ثقافة دينية ‏ج 2


هل فكرة ابليس جيدة وايجابية للحياة الانسانية ؟.‏ أم هي وبالعكس سيئة ومضرة لهذا الوجود البشري في العالم ؟.‏ كثيرا وعندما يتناول الفكر الديني بصورة عامة موضوعة اساس الشرور ومصدره ‏الاعمق في هذا العالم (( ابليس او الشيطان )) فان التناول يميل الى زاوية الانقباض ‏والتمترس عن هذه الفكرة ، ودفع فكرة (( ابليس )) الى الزاوية المظلمة تماما‏
ليحوّل فيما بعد هذا الابليس الى رمزية غامضة تستحق وبالفعل تجنب كل كيانها ‏والابتعاد حتى عن التفكير بها او تناول الاحساس بوجودها السيئ ، ومن ثم تكون ‏الاستعاذة بالله العلي العظيم من شرورها القاتلة فحسب هي الطريق الاسلم للانسان ‏المؤمن وغير المؤمن في هذه الحياة المليئة بالاخطار الشيطانية !.‏صحيح : هل الكيفية الصحية بالتعامل مع فكرة (( ابليس الشيطاني هذا )) هي ‏الاستعاذة واللعن والطرد من حياتنا الفكرية والشعورية فحسب، حتى نصل الى مرحلة ‏عدم التفكير ونهائيا بهذا العدو الخطير ؟.‏أم ان الطريقة الاسلم والاكثر واقعية هو التعرّف على ملامح وصفات وسمات ‏العدوالاول للانسانية كي تكون لدينا الارضية التي من خلالها نفهم عدونا لنتجنبه ‏بوعي وبلا خوف او خشية من تسلطه الوهمي ، مع اضافة الاستعاذة بالله بعد ذالك ‏؟.‏في المدرسة الاسلامية رؤية خاصة ترى او تقول : بوجوب التعرف على العدو مهما ‏يكن هذا العدو حاملا من معنى او ماهية للتمكن من الاحتراز من مكائده وشروره ، ‏لاسيما ان هذا العدو وبالخصوص ان كان (( ابليس )) الشيطاني المرصود فكريا ‏اسلاميا ونصيا قرءانيا على اساس انه العدو الذي ان فهمت اساليب وانماط افكاره ‏وسلوكياته ومخططاته الشريرة فانه سيصبح من الاعداء الضعفاء جدا امام الانسان ‏الواعي بكافة حيثيات وجوده الشيطاني هذا ، يقول القرءان موضحا هذا المعنى حول ‏الشيطان :(( ان كيد الشيطان كان ضعيفا / 76/ النساء ))‏هذه الرؤية القرءانية بعكس باقي الرؤى الدينية الاخرى التي ترى وتعطي لابليس ‏الشيطاني قوى وصفات ترتقي بسلطته لان تكون قاهرة للقوة الانسانية ومتسلطة ‏عليها ، كالذي نجده ونراه كثيرا في المسيحية واليهودية والثنوية التي طغت في ‏الفكرة الى ان اوصلت قوى الشر الشيطانية لان تكون الاها اخر يحرك العالم بشره ‏مع الاه الخير المطلق في الثنوية ، وكذا مانراه في ابليس الانجيل الذي له هيمنة على ‏الصحة الانسانية العقلية والنفسية وغير ذالك ، بحيث ان هذا الابليس الشيطاني ‏بامكانه الدخول الى العالم الانساني الجسدي والعبث به كيفما شاء ، ليحول الانسان ‏فيما بعد الى جثة هامدة وضعيفة ومنهزمة امام السلطة الابليسية هذه ، مما يتطلب ‏ارسال رسول او نبي او ابنا لله سبحانه ليشفي مرضى وضحايا ابليس اللعين ، بان ‏يشفي كل من تلبسه ابليس ليسلب عقله او ليهيمن على صحته النفسية او الجسدية ‏كما تروي لنا اناجيل المسيحية الاربعة حول معجزات ابن الله وحربه العالمية على ‏السلطة الشيطانية هنا !.‏كذا الحال اكثر غموضا فكريا في الديانة اليهودية التي ترى لابليس الشيطاني هذا ‏مكانة ندية مع الله سبحانه وتعالى ، بل ولابليس ربما في بعض المواضع التوراتية (( ‏قصة ايوب مثالا في العهد القديم )) حيل ومكائد وخروقات ترتقي لان تصل الى ‏مرحلة اللعب مع الاله المطلق الله سبحانه وتعالى ليوقع انبياء عظاما في شباك حيله ‏الشيطانية تلك !.‏ولايقل الحال سوءا بالنسبة لنا على الاقل عندما نقرأ ونسمع عن الديانة الايزيدية ‏ايضا عندما وصلت الى مرحلة الايمان بضرورة اتقاء شرور ابليس الكبيرة بأقامة ‏علاقة ودية معه وربما الارتقاء بهذه العلاقة الى كتابة معاهدة سلام ابدية تضمن ‏عدم غضب ابليس علينا نحن البشر الضعفاء والمساكين امام قوة وهيمنة طاووس ‏الملائكة كما تعتقدة الايزيدية هذه !. ‏وعليه ندرك ان فكرة : الخوف والرعب وضرورة تجنب وعدم التفكير ....الخ ، ‏بابليس المخلوق المعقد والاكتفاء بالاستعاذة والهروب من الشعور به .....الخ ، كل ‏هذه الافكار والتصورات المضطربة قد تسللت الى العقل الاسلامي من خلال هيمنة ‏العقل الديني الاخر على منابع التفكير الاسلامي اليوم ، ودفع فكرة ابليس وبناءها ‏على الاسس الدينية الاخرى التي تجعل من سلطة هذا المخلوق شيئا فوق التصور ‏البشري ، هو مادفع بالعقل الاسلامي للاستسلام لفكرة الاكتفاء بالاستعاذة من ابليس ‏اللعين فحسب ، والهروب من التفكير به والتعرف عليه بدلا من ذالك !.‏نعم الطرح القرءاني يرى : ان هذا المخلوق المسمى ابليسا والموصوف بالشيطان ‏الرجيم ، هو كباقي المخلوقات العالمية الاخرى ، لايمتلك من الامر الانساني او ‏الكوني العالمي اي شيئ يذكر سوى ما ملكه الله سبحانه وتعالى من خلال ما ارتضاه ‏الشيطان نفسه من وظيفة لكيانه ، ونعم له سلطة ضعيفة على الجانب المعنوي ‏الفكري للانسان باعتبار انه (( ابليس )) يملك فن (( التزيين )) والدعوة والاغراء ‏والتمنيات ، وهذه بحد ذاتها لاتختص بالملكية الابليسية بقدر ما هي طبائع ركبت في ‏الفرد الانساني خلقيا ، ومن ثم ليستغل مفاعيلها الروحية والنفسية والفكرية ، ابليس ‏الماكر ليوظفها لصالح الجانب السلبي للحياة الانسانية والذي يراه ابليس انه عدوه ‏الاول والاخير في هذا الوجود العالمي ، قال الله سبحانه في محكم كتابه العظيم ‏القرءان الكريم :(( يعدهم ابليس ويمنيهم ومايعدهم الشيطان الا غرورا / قرءان ‏كريم )) !.‏وتمام تتضخم السلطة الابليسية وتتمكن قوتها القاهرة ، وتظهر بشكل ملفت للنظر ‏على اتباعه واولياءه كما يذكره القرءان العظيم ، عندما يقع الانسان تحت هيمنة ‏السلطة الابليسية ليصبح ابليس حاكما فعليا وامرا وناهيا ومتحكما تماما في حياة ‏الانسان الذي استسلم الى شهواته الشيطانية ، أما في الجانب الاخر من البشرية ‏والتي ادركت ان قوة الانسان في السيطرة على رغباته المعنوية والمادية ، وان ‏تحرره في ان يكون انسانا متساميا على غواية الجريمة وحب الاعتداء على الحقوق ‏، فمثل هذا الانسان هو الاقوى في معادلة حكومة ابليس الذي تمرد عليها هذا ‏الانسان واستهزأ بكل سلطتها وقوانينها المجحفة ، عندئذ يمكننا القول :(( ان كيد ‏الشيطان كان ضعيفا )) ولم يزل ضعيفا هذا ؟!.‏ومن هنا نفهم التصور الاسلامي القرءاني لأبليس ومدى اختلافه عن باقي التصورات ‏الاخرى الدينية لنفس هذا المخلوق الغامض ، ونعتبر ان الرؤية القرءانية رؤية ‏تدعوا الى اقتحام عقبة الخوف من ابليس ، وضرورة التعرف من خلال الطرح ‏القرءاني لها على عوالمه الفكرية والمعنوية والسلوكية ايضا ليتسنى لخليفة الله ‏سبحانه الانسان ان يدخل معركته المصيرية مع ابليس وهو واع ومدرك ومخطط ‏بشكل جيد لسير واساليب ومحاور المعركة بينه وبين ابليس هذا ، والذي هو مرة ‏حالة معنوية واخرى حالة مؤنسنة بشرية ايضا .‏ولكن ومع هذه الرؤية الاسلامية الواقعية للمخلوق النفسي والمعنوي والمادي ابليس ‏الشيطاني هنا ، فهل من فائدة تذكر على المستوى الفكري العام لفكرة ابليس هذا ؟.‏نعم ربما يتساءل البعض صحيح ان فكرة (( التعرف )) الفكرية على مخلوق ‏يسمى في الفكر الديني (( ابليس )) وفي علم النفس الاخلاقي (( امراض نفسية ‏وخلقية )) تكون جيدة في جوانبها الروحية الاخلاقية والنفسية للانسان وحياته ‏الفردية والاسرية والاجتماعية ، ولكن وعلى المستوى العام للفكرة (( فكرة ابليس ‏والشيطان ومصدر الشرور في هذا العالم )) هل هي ضرورية وجيدة لفكر الانسان ‏ومشاعره في هذه الحياة ؟.‏أم انها فكرة سيئة او غير ذات قيمة واقعية على مستوى الحياة الانسانية ، ولذالك ان ‏بقيت هذه الفكرة او الغيت فسيان في معادلة النفس البشرية ، وربما لانغالي ان قلنا ‏ان رفع الفكرة من الاساس واعتبارها مجرد اسطورة دينية فحسب تكون اكثر فائدة ‏من ان لو قلنا انها فكرة واقعية وتملك رصيدا من الحقيقة العلمية هنا ؟.‏هل فكرة (( ابليس )) الدينية وخصوصا الاسلامية هي فكرة ايجابية على الحياة ‏الانسانية ؟.‏واذا رفعت هذه الفكرة ماهي سلبيات ومنعكسات هذا الرفع نفسيا او روحيا او ماديا ‏على الحياة الانسانية ؟.‏الحقيقة ان فهم ايجابية فكرة (( ابليس )) الدينية هذه على الحياة الروحية والفكرية ‏والنفسية على الانسان ، هو ماسوف يهيئ معرفة لماذا هذا الاهتمام المبالغ فيه من ‏قبل الاديان بفكرة (( ابليس )) الشيطاني ووجوده السلبي الذي سيلد الوجود الايجابي ‏للحياة الانسانية هنا !.‏هل حقا ان فكرة الاسلام الفلسفية الكبيرة التي تقول : ان الخير موجود في باطن ‏الشر وان الشرّ موجود في باطن الخير !. هي فكرة لها من الواقعية الشيئ الكثير ، ‏لنصل الى ادراك الكيفية التي يكون فيها :(( ان مع العسر يسرا )) وكذا ان مع ‏الوجود الشيطاني خيرا للانسان هي ايضا فكرة واقعية ؟.‏وما واقعية هذه الخيرية التي تاتي من قبالة الابليسي الشيطاني هنا ؟.‏ان فرضية رفع الفكرة (( فكرة الشيطان وابليس او مصدر الشرور العالمية ...الخ )) ‏‏ من قواميس حياتنا الانسانية ، سيدفعنا كبشر مفكرين الى التساؤل حول مصدر هذه ‏الشرور العالمية الانسانية من جديد ان رفعت مصدريته الدينية الممثلة بابليس ‏وشياطينه ، لنبحث مرّة اخرى بهذا السؤال : اذا لم يكن ابليس هو مصدر الشر ‏الموجود في حياتنا الانسانية ، او هو على الاقل عامل مهم من العوامل المساعدة ‏على وجود الشرور في عالمنا الانساني ، اذن من اين تاتي هذه الشرور التي ‏يمارسها الانسان كل لحظة من لحظات حياته البشرية ؟.‏في معرض الجواب نحن امام خيارين :‏الاول : هو ان الانسان بخلقته وبفطرته الطبيعية مخلوق على اساس انه مخلوق ‏شرير وبالفطرة وبالطبع ولذالك هو المصدر الاول والاخير لكل الشرور العالمية !.‏والثاني : هو ان نعود ونبحث من جديد على مصادر اخرى تقاسم الانسان بمصادر ‏الشرور الموجودة عنه ، ولنسمها باي مبررات وتسميات اخرى غير التسميات ‏الدينية كابليس او الشيطان او اي شيئ اخر !.‏الخيار الثاني يعود ولايضيف شيئا جديدا للمعادلة الدينية بصورة عامة ، الا اختلاف ‏التسميات بين ماهو ديني واخر غير ديني !.‏أما الخيار الاول فانه سينعكس سلبيا على رؤية الانسان لنفسه وروحه ووجوده ، مما ‏يدخله في انفاق مظلمة وخطيرة ليتساءل عن عدالة القانون الانساني والالهي ايضا ‏الذي سوف يساءله عن جرائمه التي هي موجودة معه وفي خلقته ومن ضمن فطرته ‏الانسانية ، ليصل اخيرا بالكفر بكل عدالة او قانون او موازين تريد ان تحاسبه ‏وتساءله على اخطاءه الطبيعية والفطرية هنا !.‏بكل تأكيد ان رفعنا فكرة (( ابليس او الشيطان )) من الحياة الفكرية والانسانية ‏والروحية والمعنوية من الوجود البشري فلا يتبقى امامه سوى اتهام ذاته الانسانية ‏بانها مولّدة الشرور العالمية ووالدة الجرائم الشيطانية والاخلاقية ، مما يدفع الانسان ‏اخيرا الى القبول بالجريمة والشرّ على اساس انها قوانين من ضمن القوانين ‏الانسانية الطبيعية مما يدفعه فيما بعد لاعادة النظر في القوانين والدساتير ‏والاخلاقيات الفطرية التي تجرم الجريمة بحد ذاتها ورفع هذه الاشكالية بان يقبل ‏الانسان بالجريمة والذنب والكوارث على اساس انها قوانين السيكلوجيا والفسلجة ‏البشرية الطبيعية التي لاينبغي تجريمها باعتبارها من ضمن القوانين الطبيعية لحياة ‏البشر !.‏أما ان قلنا ان الفطرة الانسانية فطرة اخلاقية ونظيفة وبريئة ولاتقبل على الشرور ‏والجرائم البشعة الا بمساعدة العوامل الخارجية والداخلية والتي من اهمها ابليس ‏الشيطاني المذكور بالقوانين الدينية والاساطير الانسانية .....الخ ، عندئذ من حق ‏البشرية الانسانية ان تحترم القانون وتقدس الاخلاق وتدعوا للعدالة والقصاص ، ‏باعتبار كل ذالك : ان الفطرة البشرية فطرة لاتقبل الاجرام والشر بالطبيعة الانسانية ‏هذه ، وعليه هي ليست مولدة ومنتجة للشر والجريمة بالخلقة والفطرة ، وانما هناك ‏العوامل التي بالامكان التغلب عليها انسانيا هي التي انتجت الشرور والجريمة في ‏عالم الانسان ، ومن هنا يرحب الانسان بالقوانين والعدالة والدساتير والحقوق ...الخ ‏، عندما يدرك ان طبيعته وفطرته وجبلّته وكينونته ولدت على الفطرة الاخلاقية التي ‏لاتقبل ان يعتدي انسان على اخر ، وان اعتدى انسان على حقوق الاخرين او سلب ‏حياتهم او مارس الاجرام بحقهم او ......الخ ، كل ذالك هو خارج نطاق الفطرة ‏والخلقة الانسانية مما يتطلب العقاب والردع للروح الشيطانية الشريرة التي تهيمن ‏على داخل وخارج الانسان المجرم هذا !.‏هنا تتبين وبوضوح مدى ايجابية فكرة (( ابليس الشيطاني )) على الحياة الفكرية ‏والنفسية للانسان بصورة عامة ، لاسيما ان اخذنا زاوية : ان الانسان يشعر مع هذه ‏الفكرة ان الشرور البشرية منتج من خارج الطبيعة الانسانية وليس من داخل هذه ‏الفطرة البشرية ، واذا اضفنا الرؤية الاسلامية القرءانية لهذه الرؤية الانسانية العامة ‏، وثبتنا مبدأ :(( مامن مولود الا ويولد على الفطرة .../ محمد رسول الله ص )) فقد ‏اضفنا له البعد النظري الذي يساعده على فهم ان يكون الانسان انسانا وبالخلقة هو ‏انسان جيد ومعتدل وطيب ...الخ ، ولكن بعض العوامل الخارجية اقصد الخارجة ‏عن النفس والطبيعة والفطرة الانسانية هي التي تساهم في خلق الانسان الشرير ‏والمجرم والمنحرف ، ثم ياتي بعد ذالك دور (( ابليس والشيطان ومصدر الشر ‏العالمي الكبير )) ليعمق من عزلة الانسان عن ذاته وفطرته وليبعده اكثر فاكثر عن ‏نفسه هنا تفهم سيادتكم عزيزي القارئ مضمون معنى الحديث المشهور : من ‏عرف نفسه فقد عرف ربه ، ومن ثم لسيتولي على وجوده وطاقته ولينظمه الى ‏حزبه ومن ضمن رعايا دولة الشيطان الاكبر ليتحول الانسان شيئا فشيئا من ولاية ‏الله والانسانية والاخلاق والانبياء والائمة الاطهار ...، الى ولاية الشيطان واللعب ‏على حبائله الخبيثة :(( ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ‏‏/ قرءان كريم ))‏صحيح : ان اخذنا فكرة (( ابليس )) من زاوية انه المصدر الاكبر لغواية الانسان ، ‏ودعوته للضلال ، وتشجيعه على فعل الاجرام وعدم احترام القانون ....الخ ، فان ‏الفكرة هنا توحي لنا بان الوجود (( وليس الفكرة بحد ذاتها )) الابليسي هو من اسوأ ‏الوجودات العالمية للوجود والعالم الانساني الادمي ، وهذا صحيح تماما باعتبار ان ‏العدو الاول للبشر هو ابليس اللعين ، ولكن كون ابليس الشيطاني هو العدو الاول ‏للانسانية لاينفي ان تكون فكرته تحمل نواة الفائدة والايجابية للوجود الانساني من ‏جوانبها الاخرى ، لاسيما ماذكرناه من منعكسات ايجابية روحية وفكرية ونفسية على ‏الرؤية الانسانية من هذه الفكرة ، وكذا ان اضفنا لها الابعاد الفلسفية العميقة ايضا ‏للخلقة الالهية العظيمة التي تخلق كل ماهو جميل في هذا العالم ، لنصل الى نسبة ‏جمال الفكرة الابليسية التي تنعكس على تبرئة الحياة الانسانية من فطرية الجريمة ‏والذنب والخطيئة والشر ، لنرى اللوحة ومن قبلنا الانسانية من زاويتها الجميلة في ‏الخلقة الالهية وليس من جانبها المظلم والسيئ فحسب !.‏النتيجة : ان فكرة (( ابليس الشيطاني )) وحسب الطرح القرءاني الاسلامي ، ومن ‏زاويتها الغير مسبوقة لرؤية اشياء العالم الخلقية الجمالية ، هي فكرة ايجابية بصورة ‏عامة على الفكر والنفس والروح الانسانية ، وذالك باعتبار انها بعكس الرؤية ‏الانجيلية لخطيئة الانسان الفطرية برأة الفطرة والخلقة الانسانية تماما من لوثة ‏فطرية الشرّ للكينونة البشرية ، ورمي هذا الشر على المصدر الخارجي المسمى ‏ابليسا او شيطانا باعتباره من اهم المصادر الخلقية للشر العالمي الموجود في الحياة ‏الانسانية ، مما يجعل الباب مفتوحا تماما امام الانسان الشرير للعودة والانخراط في ‏الحياة الانسانية النظيفة من الهيمنة والسلطة الشيطانية تسمى العملية دينيا اسلاميا ‏بالتوبة كما انها فرعت الكثير من التشريعات الفكرية والقانونية لمصلحة الحياة ‏البشرية ايضا .‏