الأربعاء، يناير 28، 2009

الصورة العربية كما يطرحها العقل الاسلامي ؟ - 4


.......................................................................... 1
لاشك ان الرجوع لأصول وجذور اي أمة او قومية من القوميات والامم الانسانية ، سيوفر لنا نوعا من الرؤية لاساس ومنطلق هذه القوميات والامم الانسانية ، وربما تختلف ونحن نبحث عن الاصول والجذور لهذه الامة او تلك القومية الدوافع من وراء هذه العملية البحثية ، فهناك من يستهدف القول بالاقدمية القومية ، باعتبار ان هذه الاصالة في الاقدمية تعطي نوعا من المميز القومي لهذه الامة العريقة - مثلا - ، والتي لم تستطع صروف الزمان والتاريخ من ابادتها لسّر ما ؟.
وهناك طبعا من يستهدف البحث المعرفي فحسب ليطلع على مسار الانسان وكيفية تقلباته ومدى امكانياته وقدراته البشرية في الصراع مع الحياة ، وليرى من ثم كيفية البداية لهذه الامم والقوميات وكيفية تمكنها من بناء المعالم الانسانية القديمة وكيفية معالجاتها للظروف الصعبة ........، ليخرج برؤية توضح له بعض الملامح لمسيرة الانسان على هذه الارض ( احب أن اعلم الخطوات التي سارها الانسان في طريقه من الهمجية الى المدنية ./ فولتير ) ؟.
كما ان هناك من يستهدف الابعاد السياسية للبحث عن الجذور والاصول القومية الانسانية لشعب من الشعوب ، كالذي حاولته الصهيونية من بث ثقافة العنصر القومي اليهودي واسبقيته الوجودية في الارض الفلسطينية على وجود العنصر والقومية العربية ( ان الشعب اليهودي نزح الى فلسطين من بلاد الرافدين في حدود الالف الرابعة قبل الميلاد ولم يكن عددهم آنذاك يتجاوز الاربعة الاف شخص .../ مردخاي ا سولف )
وهناك من نظر للموضوعة من زاوية عقائدية تبتعد قليلا او كثيرا عن مجمل الموضوعة القومية لتنطلق وتؤسس لمنظومة فكريا للجذور والاصول الانسانية ( ماكان ابراهيم يهوديا ولانصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين . / 67 / آل عمران ) فتدبر ؟.
ومن خلال اختلاف تلك الدوافع البحثية سواء كانت بدوافع عنصرية او دينية او علمية او فكرية او سياسية ....الخ ، تكّونت لدينا وتبلورت ملامح الصور القومية ، وتكاملت في الذهن الانساني موضوعة القومية والهوية والشخصية ... لكل امة او شعب او قومية ، تنتسب مرة لأب اسطوري او تاريخي واحد بالدرجة الاولى ، او تنتسب لفكرة عقائدية موحدة ، او تنتسب لجذور واصول دماء نقية فريدة .............، او تنتسب لاي عنوان يتمكن من توحيد اصول وجذور هذه الامم والشعوب والقوميات ويعطيها مميزات هوية وشخصية انسانية من خلالها تعرف ويتعرف عليها الاخر القومي ( لتعارفوا / قران كريم ).
وبهذه المعاني الفكرية وغيرها لمسيرات الامم والشعوب ، تتكون شيئا فشيئا مفهومة وموضوعة ( القومية ) لتتكامل من مجرد تكونات تاريخية من هنا وهناك وتطورات انسانية طبيعية الى ملامح وقسمات وصور وممونات ....( فكرية ) لتصل الى اساليب فكرية وتوجهات نفسية وروحية ومميزات فنية وقدرات عقلية ..... الخ ، لهذه القومية عن تلك ولهذه الامة عن تلك ولهذه الشخصية الاجتماعية عن تلك ، لنتعامل من ثم مع مفهومة وموضوعة القومية والشخصية الاجتماعية على اساس ان هذه الامة او القومية او الشخصية الاجتماعية تمثل كائنا مفكرا له توجهاته الفكرية واساليبه التعبيرية الفنية والاسطورية ومزاجه النفسي والروحي المختلف عن الاخر القومي والاجتماعي ( ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولايزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذالك خلقهم ..../ قران كريم ).
ومن هذا المنطلق تبلورت المفهومة القومية لكل الامم والشعوب من مفرداتها الفطرية الى منظوماتها الفكرية والايدلوجية ، لتصبح الموضوعة القومية موضوعة مدرسية فكرية وايدلوجية سياسية يحملها الانسان حتى مع تحوله الجغرافي من امة الى اخرى ، او انتقاله العقائدي الايدلوجي من معتقد الى اخر ، وكأنما تحولت عوامل الجغرافية واللون والعرق واللغة ....، وباقي العناوين القومية الاخرى الى الهوية الاصيلة للانسان مهما حاول من تقمص او تمرد على واقعه القومي الفطري ، وهذا يعني من جانب اخر قوة الموضوعة القومية وقدرتها على التكامل من مجرد عناوين فطرية انسانية الى كونها ممون ايدلوجي عقائدي او سياسي او فني او روحي ....الخ ؟.
وهذا التكامل والتطور الطبيعي للمفهوم القومي هو ما فرض النموذج الايدلوجي القومي للشعوب والامم قديما وحديثا ، ليكون ويمثل مدار انتماء وولاء سياسي وعقائدي في العصر الحديث بالخصوص و ليبلور المفهوم القومي بكل حدته السياسية والعقائدية اليوم ؟.
نعم ربما كان ما يجمع الافراد لتكوين مجتمع ما هي المصالح الاقتصادية ، او السياسية ، او العقائدية او العرقية ......، ولكن وعلى اي حال بالأمكان الجزم بان عامل الزمن والتطور الانساني كفيل بخلق نوع من (العقل الجمعي ) الذي يبلور الشخصية القومية لكل شعب او امة او قومية او مجموعة انسانية يكون لها شخصية مميزة تنظر الى واقعها الجغرافي والسياسي والاقتصادي والعقائدي .... بصورة مختلفة ؟.
.................................................................................. 2
في موضوعة الجذور والاصول القومية لكل الشعوب والامم يكمن منحى معرفي مهم لعملية البحث هذه الا وهي ( كتابة التاريخ ) لكل امة وشعب يريد ان يحتفظ بذاكرته وخلفيته الوجودية على هذه الارض ، وربما كان الحق بجانب من أكدوا مرارا انه ( ليس في تواريخ الامم الراقية أسقم من تاريخ العرب قبل الاسلام ..... / جرجي زيدان / عن د طيب تزيني ج2 الفكر العربي ) وهذا صحيح لاعتبارات فنية بحته ، ففي معرض دراسة ظاهرة الضعف الملموسة للتاريخ العربي ، يخفق كثيرا هذا الكادر الفكري الذي يحاول دراسة ظاهرة ضعف التاريخ العربي ، ليعلقوا كل سلبيات هذا الضعف المذكور على عامل الايدلوجيا الاسلامية أ والاسلاموية ، والتي مارست نوعا من المصادرة والتهميش لهذا التاريخ والذي سمي ( بالجاهلي ) في الادب الاسلاموي (أفحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون . 50 / المائدة ) و ( اذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ..../ 26 / الفتح ) .....الخ .
والحقيقة ان ضعف التاريخ ( المكتوب ) العربي لم يكن من جراء ممارسة الايدلوجية الاسلامية وادانتها للعصر الجاهلي فحسب ، وانما كان لعوامل اكثر عمقا مما يذكره الباحثون والمفكرون المؤدلجون سياسيا ضد الاطروحة الاسلامية كمعتقد ديني يفترض له اساس الشر في العقلية القومية العنصرية او الماركسية المادية او الليبرالية المتحللة ؟.
نعم كان هناك العامل الجغرافي العربي وما يفرضه على الانسان العربي من قسوة طبيعية ( على اساس من ينظر للموقع العربي في شبه جزيرة العرب فحسب ) تعيق من البناء الزراعي او الاستقرار الاجتماعي والذي يوفر التفرغ او الالتفات للشؤون الترفية الاخرى والتي من ضمنها الاهتمام بالتاريخ المكتوب ، وهناك عامل الامية الكتابية واستمرار المسيرة الفطرية للانسان العربي في المنشأ الجغرافي العربي هو ايضا عامل لضعف التاريخ العربي ( المكتوب ) واعتماده فقط على الذاكرة الاسطورية لهذه الامة .....الخ ؟.
ان ادانه الايدلوجيا الاسلامية للتاريخ الجاهلي ساهمت - من هنا وهناك - باضعاف كتابة التاريخ العربي في العصر الاسلامي ما بعد ( الجاهلي ) صحيح ، ولكن هذا المنحى يكون قويا ان كانت الامة العربية امة كتابية قبل ظهور الاسلام كايدلوجيا وساهم الاسلام في اضعاف التحضر الكتابي او منع من ممارسة الكتابة او عدم انتشار ظاهرة التثقيف الكتابي ، الا ان العكس هو صحيح في هذا الجانب ، وكان المفروض ممن تناولوا ظاهرة ضعف التاريخ الكتابي العربي ان يشيدوا ب ( انقاذ ) الاسلام لما تبقى من التاريخ العربي قبل الاسلامي وذكره لتاريخ العرب قبل الاسلام وان كان باسلوب نقدي كتسمية ذاك التاريخ بالجاهلي وبصيغة ادبيه لاتنم عن مشروع ادانه مسبقة ؟.
فالصيغة الادبية والفنية الاسلامية ، وتوضيف هذه الصيغ الادبية لصالح المشروع العقائدي الاسلامي ، في وصف المرحلة او بعض المسالك الاخلاقية او بعض المعتقدات الاسطورية للصورة العربية ب ( الجاهلية ) في الخطاب الاسلامي ، ماهو الا عملية توضيف اصلاحية فحسب ولم تكن مشروع ادانه او تصفية كاملة للتاريخ العربي ما قبل الاسلامي ، وان فهم بعض الاسلامويون هذه اللفتات الفنية الاسلامية على اساس انها مشاريع ادانه لتاريخ امة يجب ان تموت وتحيا بنفس اللحظة ؟.
وربما لم يتساءل ( اسلامويون ونقاد للاسلاموية ) عن الكيفية المتناقضة التي يطرحونها للصورة العربية اسلاميا ، فكيف والحال ان الخطاب الاسلامي يستهدف ادانة التاريخ العربي الجاهلي والنيل من مقوماته القومية ، وبنفس اللحظة يعلن هذا الخطاب الاسلامي باجتباءه وانتخابه لهذا النموذج القومي كي يحمل رسالة سماء هي بامس الحاجة لامة تتوق الى التطلع الحضاري والتكون المعرفي ومن ثم الى أمة اكثر حضارية من أمم الجهل العقائدي الاخرى ؟.
بمعنى اخر : ان الجاهلية المطروحة في الخطاب القراني الاسلامي حول التاريخ العربي ماقبل الاسلامي ، هي جاهلية عقائدية في المنظور الاسلامي ، كما انها موجودة في الاساطير والسلوك والنظام السياسي القائم في التراث العربي ، كذالك هي نموذج وان كان قومي الصورة الا انه عمومي المنهج ، فالامم الباقية هي الاخرى أمم لها تراثها الجاهلي - في نظر الاطروحة الاسلامية - ولكن وبما ان النموذج العربي هو المنتخب والمجتبى لعملية حمل رسالة السماء ، فقد كان نموذجا لباقي الجاهليات الاخرى المتواجدة فعلا في تواريخ الامم والشعوب الباقية الاخرى - حسب منظور الاسلام للجاهلية - ؟.
من هذا المنطلق كانت عملية وصف بعض ملامح التاريخ والتراث والسلوكيات والاساطير ..... العربية ب ( الجاهلية ) ، وليست بمعنى كون ذاك التاريخ عارا يجب نفيه ومصادرته والغائه ؟.
اما ان كان الاسلامويون فهموا من مجرد مصطلح ( الجاهلية ) باعتبار انه اشارة لتصفية وتشويه وتدمير التراث العربي ماقبل الاسلامي ، فنفس هذا الفهم ( الاعجمي ) للفكر الاسلامي لايعتبر مبررا لوصف الاطروحة الاسلامية بانها اطروحة ادانة مسبقة للتاريخ العربي وهي التي ساهمت باضعاف التاريخ العربي كتابيا ؟.
وكيف يكون الطرح الاسلامي مدمرا ونافيا للتاريخ العربي ماقبل الاسلامي ومعظم التاريخ القراني هو متحدثا وناقدا ومرمما وذاكرا ومشيدا ..... لهذا التاريخ وما به من ملابسات وصور تراثية ، لاتفهم الا اذا كان التاريخ العربي ما قبل الاسلامي حاضرا ومدعما اسلاميا ، بل ان العملية برمتها - حسب الرؤية الاسلامية - ان لتراث وتاريخ كل امة سلطة كبيرة على الفكر الانساني والعقل البشري تعيقه من الانطلاق لافاق عقائدية وحضارية جديدة ان لم ينتقد ذاك التراث الاسطوري وتلك الصور التاريخية بصورة فنية بليغة ومؤثرة ، وهذا ما قام به النص والخطاب الاسلامي بنقد التاريخ والتراث العربي ووصفه ب ( الجاهلي ) كتعبير استطاع حلحلة وفك قبضة التراث والتاريخ من حول العقل العربي وانطلاقه من ثم لعملية التفكير المتحررة من تلك السلطة المعنوية للتاريخ والتراث ( السلطة الابوية والمعتقدية في الصورة العربية - أتنهانا ان نعبد مايعبد اباؤنا ... أصلاتك تأمرك ان نترك ما يعبد اباؤنا ... أولو كان اباؤهم لايعقلون شيئا ولايهتدون ../ قران كريم ) ؟.
وعليه كانت الاشكالية في ضعف التاريخ العربي الكتابية منتج طبيعي لم تساهم الاطروحة والعقل الاسلامي الا بنهضته وليس بالغائه او بتعميق ازمته الطبيعية من هذا الجانب المعرفي ، بالاضافة الى ان ضيقي الافق الفكري ينظرون الى موضوعة التورخة لهذه الامة او تلك بانه موضوعة منحسرة في الجانب التدويني فقط ( الكتابي بالتحديد ولذالك فمنهم من يرى ان التراث والتاريخ العربي له منفذ واحد لدراسته واستكشاف اسراره وهو منفذ الشعر العربي ) وهذا منحى معرفي ضيق بالاضافة الى انه غير عصري ، ففي العصر الحديث وبعد تطور العقلية الانسانية وتكاملها المعرفي النسبي اصبحت موارد التورخة للحياة البشرية اكبر افقا من حيز المدونات الكتابية ، فهناك الاثريات وبقايا ما خلفه الانسان من وجوده البشري على هذه الارض هو الاخر كفيل بتوضيح الصورة الانسانية مجتمعة ، فلربما كان الانسان العربي الجزيري المنشأ اميا ( لم يدون تراثه كتابيا ) في تراثه التاريخي ، ولكن لهذا الانسان امتدادات اكثر عمقا جغرافيا وعنصريا وعقائديا ... توفر له نوع من الصورة الحضارية والتي تهيئها الجغرافية الطبيعية لهذا الانسان وتحرمها عن ذاك ؟.
وللجغرافية الطبيعية التي يسكنها الانسان العربي ويستوطن ملامحها ، والتي كانت المنطلق الانساني العام لانسان الشرق ...، مدخل جوهري في دراسة التاريخ والتراث العربي ، بكل اشكاليات وتعقيدات الصورة العربية ، تاريخيا واسلاميا ، ولكننا سنعرض عن هذا المدخل المعرفي لجغرافية الانسان العربي لندع اهل الاختصاص يخوضون مضماره ؟.
.............................................................................................. 3
هناك من يطرح من المفكرين الصورة العربية تاريخيا من الواقع اللغوي ، فالامة العربية امة مكونها الاجتماعي لغوي ( انا انزلناه قرانا عربيا ..) ، وهناك من المفكرين ماركسيين وقوميين وليبراليين من يتعامل مع الصورة العربية على اساس انها امة ترجع وترتد بجذورها الى جنس او رس او اب ... واحد موحد مثل ( سام ) التي تعود له الشعوب السامية في الشرق او الهلال الخصيب بالتحديد ، او الى اب واحد مثل ( ابراهيم ) العقائدي الابوة لليهود والمسيحيين والمسلمين العرب خاصة ( ملة ابيكم ابراهيم .. ) ؟.
وهناك من تعامل مع الصورة العربية على اساس انها اطار جغرافي ينحصر في شبه ووسط الجزيرة العربية بالتحديد ( لايلاف قريش الافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت ....) .
كما ان هناك من نظر للصورة العربية على اساس انها اطار ثقافي يضم داخله كل منتسب لروح الثقافة العربية وذوقها الروحي والنفسي والفكري ، ليشكل أمة بهوية قومية موحدة ( ان هذه امتكم امة واحدة ...) .
والحقيقة انه رغم الضعف المذكور انفا للتاريخ العربي والسقم المزعج لتراث الامة العربية المفقود كتابيا ، افلحت المحاولات البحثية التاريخية والفكرية في الاطر المذكورة ( لغوية وابوية وجغرافية وثقافية ) من صياغة ملامح هذه الصورة العربية تاريخيا ، ورغم اختلاف الاجتهاد البحثي من ان :
1 - الامة العربية والتي مستقرها في شبه الجزيرة العربية هي الامة الاساس للفرع السامي العام والذي انتشر ليكون حضارات سهل الفرات الادنى ؟. ( ل دولابورت - بلاد مابين النهرين حضارة بابل واشور ) .
2 - الامة العربية فرع من الفروع السامية التي استوطنت شبه الجزيرة العربية منسلخة عن اخواتها الاخريات من ( سورية وبابلية وعبرية ..... ) .
فان الشيئ الذي اثاره البحث التاريخي هو العلاقة الملموسة لانسان الجزيرة العربية بكل من انسان الشمال السوري والشرق العراقي والغرب المصري لهذا الانسان العربي ، والذي شكل مصطلح ( السامية والحامية ) التوراتي المنِشأ ، للعبة القوميات والاجناس المتعددة ؟.
وعليه وحتى على المستوى العلمي لموضوعة التواريخ القومية سننتهي حتما بعد الصعود العمودى لعنصر او الى حلقة تكون هي الموحد للقومية الانسانية كما يطرحه العقل الاسلامي ( كلكم لادم وادم من تراب ).
الحقيقة ان العقل الاسلامي يطرح موضوعة القومية وتواريخ نشأتها واصولها العتيدة على اساس النتيجة النهائية لموضوعة ( التقوقم ) باعتبارها عملية طبيعية تطورية لحياة الانسانية ، وهي على هذا الاساس لاتصلح ان تكون ايدلوجيا فكرية وعقائدية ، بقدر ما تصلح لكونها معلم ومميز ... يجب اخذه بعين الاعتبار في كل دراسة للمجتمع الانساني تستهدف التعرف على شخصيات الامم والشعوب ؟.
اي ان العقل الاسلامي يطرح القومية وبكل عناصرها الاجتماعية على اساس انها مفتاح لسرّ التكون الاجتماعي ، وكيفية قراءته وادراك ملامح شخصيته ، فلا يمكن والحال هذه من فهم الشخصية الاجتماعية بدون الرجوع وفهم المفردات القومية لهذه الامة او تلك ، وهذا الفهم المستهدف من خلال قراءة المفردات القومية لهذا الشعب او ذاك ماهي الا عملية معرفية غير خاضعة لميزان تقييمي ايدلوجي عقائدي او سياسي او اقتصادي او اجتماعي ...الخ ؟.
فليس هناك تفاضل قيمي في هذه العملية المعرفية للقوميات الانسانية ، وليس هناك فرع قومي هو اكثر جينات حيوية من ذاك الفرع او هذا الاصل القومي ، بل هناك ادراك ووعي ومعرفة .... بالكيفية التي نستطيع من خلالها تحريك هذه المفردات القومية للابداع والانتاج والتجدد الحضاري ، فالعوامل القومية هنا بالامكان ان تكون رافدا لحركة هذه الامة او تلك ، وعامل نمو وتطور ....، الا انها لايمكن ان تكون مميزا عنصريا او عائقا لهذه الامة التي تريد ان تكون شيئا في الحياة ولكن جيناتها القومية لاتسمح بذالك ؟.
نعم المفردات القومية وحسب مايطرحه العقل الاسلامي ، مفردات لها اهمية وحيوية باعتبارها هوية وشخصية ملاصقة لحياة اي شعب وامة ، ليس بالامكان التنازل عنها طوعيا ، ولكنها بنفس الوقت لاتملك مفاعيل تطورها الى ايدلوجيا مقدسة بامكانها ان تهب الهدف السامي لوجود الانسان في هذه الحياة ، ولذالك كانت القومية العربية معلم معرفي لاغنى عنه لفهم الاسلام بل ووجوده على هذه الارض ، ولكنه لم ولن يكون معلما ايدلوجيا مقدسا بامكانه ان يهب الانسان فلسفة وجوده في هذه الحياة ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ../ قران كريم )